جلسة 25 من ديسمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبدالله عامر إبراهيم، ومصطفى محمد عبدالمعطى، وحسونة توفيق حسونة.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبدالستار محمد.
مفوض الدولة
وحضور السيد / عصام سعد ياسين.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5901 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ ترخيص التوقف عن العمل فى بيع السلع التموينية ـ إجراءاته وشروطه .
المادة (3 مكرر)، من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المستبدلة بالقانون رقم 109 لسنة 1980.
أجاز المشرع منح ترخيص التوقف عن العمل فى بيع السلع التموينية فى حالة ثبوت عدم استطاعة المرخص له الاستمرار فى العمل إما لعجز شخصى أو لخسارة تصيبه من الاستمرار فى العمل أو لأى عذر جدى تقبله السلطة المختصة التى ألزمها المشرع بالبت فى طلب الترخيص خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب ويتعين أن يكون قرارها فى حالة الرفض مسبباً ـ إذا انقضت هذه المدة دون صدور قرار صريح بالرفض اعتبر ذلك قراراً حُكْمِيًا بالترخيص ـ قرار السلطة المختصة فى هذا الشأن يرجع إلى سلطتها التقديرية المطلقة بما يكفل تحقيق الصالح العام ولا معقب عليها فى ذلك طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة ـ تطبيق .
فى يوم الخميس الموافق 27/4/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبةً عن الطاعنين بسكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 5901 لسنة 46 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الدائرة الثامنة بجلسة 29/2/2000 فى الدعوى رقم 10161 لسنة 53 ق والذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفى الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بتقرير الطعن تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع الزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوض الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
حدد لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص بجلسة 3/12/2000 وفيها قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة فحص للاختصاص حيث نظرت هذه الدائرة الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 4/7/2002 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 2/10/2002 وتنفيذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة وتدوول نظره أمامها وبجلسة 20/11/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولا شكلاً.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 10161 لسنة 53 ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الدائرة الثامنة ـ بتاريخ 19/8/1999 طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الجيزة باستمراره فى توزيع اسطوانات غاز البوتاجاز الكائن بشارع ناهيا رقم 31 قسم بولاق الدكرور وإلغاء العقد بينه وبين شركة الغازات البترولية وذلك على سند من القول بأنه صدر له عام 1969 ترخيص اسطوانات غاز بوتاجاز بالعنوان المشار إليه وقام بعمله إلا أنه منذ عام 1990 أجريت له جراحة مياه بيضاء مع زرع عدسة بالعين اليسرى وأصيب بذبحة صدرية نتيجة ارتفاع ضغط الدم وإصابته بمرض السكر وحالته تتطلب عدم التعرض للإجهاد أو الانفعال وفى عام 1999 تبين إصابة العين اليمنى بمبادئ المياه البيضاء وأعراض انسدادية نتيجة تضخم البروستاتا وهو ما يحتاج لفحوص طبية ومتابعة لفحوصات الكشوفات الشهرية وأدت جميع هذه العوامل لعدم قدرته على تداول هذه السلعة الخطيرة القابلة للانفجار لو أسئِ تداولها بما يعرضه لصدور أحكام ضده بالحبس والغرامة وهو يبلغ من العمر سبعين عاما وأنه حرر ضده عدة مخالفات لعدم تواجده وغلقه المستودع فى يوم إجازة رسمية للدولة وأنه طبقاً للمرسوم بقانون 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين وقرارى وزير التموين رقمى44، 63 لسنة 1972 قدم طلبًا لمحافظ الجيزة ومدير مديرية التموين بالمحافظة بتاريخ 4/4/1999 لتوقفه عن الاستمرار فى توزيع سلعة البوتاجاز إلا أنه لم يصله رد خلال شهر من تقديمه طبقا لنص المادة (3) مكررًا من القانون رقم 95 لسنة 1945 والمادة (2) من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 63 لسنة 1972 فقام بإنذارهم بتاريخ 23/6/1999باعتبار أن عدم الرد خلال المدة المحددة المنصوص عليها فى القانون يعد ترخيصا بالتوقف عن توزيع السلع التموينية وأضاف المدعى قائلاً بأنه فوجئ بتاريخ 20/7/1999 بإخطاره بكتاب مؤرخ 7/7/1999 صادر من مدير مديرية التموين يفيد بأن محافظ الجيزة أصدر قراره بالاستمرار فى العمل بإلزام من عدم الرد خلال المدة التى حددها القانون مما يحق له لما ألم به من أمراض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وبجلسة 29/2/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وشيدت قضاءها على أنه يشترط لطلب وقف تنفيذ القرار الإدارى المطعون فيه توافر ركنين مجتمعين أولهما ركن الجدية وأن يكون القرار حسب الظاهر من الأوراق غير مشروع مما يرجح معه الحكم بإلغائه وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه عند الفصل فى الموضوع وبعد استعراض المحكمة لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بالقانون رقم 109 لسنة 1980 أقامت قضاءها على أن المادة (3) مكررًا من القانون رقم 95 لسنة 1945 أجازت صراحة للجهات المختصة أو السلطات الإدارية المحلية بعد ذلك إصدار قرار بالتوقف عن العمل فى حالة العجز الشخصى وهو ما ثبت توافره فى المدعى لإصابته بالمياه البيضاء فى عينه اليسرى واليمنى والسكر وضغط الدم والذبحة الصدرية وتضخم البروستاتا ومن ثم يكون قد توافرت لديه إحدى الحالات التى تجيز إصدار ترخيص له بالتوقف عن العمل والقول بغير ذلك يؤدى لنتائج غير عملية وهى مطالبة المدعى المحمل بهذه الأمراض فى تلك السن المتأخرة حيث يبلغ السبعين من عمره بالإشراف الكامل على هذا المستودع وما يحمله من أنابيب بوتاجاز تحتاج لعناية وتواجد مستمر وجهد فائق وحرص شديد من المدعى خشية حدوث أى تسرب للغاز أو أى انفجارات نتيجة ضعف الإشراف كما يعنى من ناحية أخرى الاستمرار فى تحرير مخالفات ضده وتعرضه لعقوبة الحبس والغرامة بالرغم من الاعتبارات سالفة الذكر وذلك بالإضافة لقيام المدعى بتقديم طلب التوقف بتاريخ 4/4/1999 لمدير مديرية التموين بالمحافظة وعدم الرد عليه إلا بتاريخ 7/7/1999 وبعد مرور أكثر من شهر على تقديم الطلب بما يعنى طبقاً لصريح نص المادة3 مكررًا سالفة الذكر اعتبار الترخيص بالتوقف قائمًا بعد مرور أكثر من شهر.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنين فإنهم أقاموا طعنهم الماثل ناعين على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن المستودع المراد إنهاء ترخيصه يخدم مناطق كبيرة من قسم بولاق الدكرور ذات كثافة سكانية عالية ولم تمتد إليها شبكة الغاز الطبيعى وأن غلق هذا المستودع سوف يؤثر تأثيراً بالغًا مع احتياجات أهالى هذه المنطقة كما أن المطعون ضده قدم بتاريخ 27/1/1999 طلبًا إلى وزير التجارة والتموين لرفع حصته اليومية إلى 2100 اسطوانة طالبا فى حالة عدم الموافقة إلغاء نشاط المستودع ولما رفض هذا الطلب قدم بتاريخ 3/4/1999 طلبا بإلغاء نشاطه مستندا فى ذلك إلى بعض التقارير الطبية وتم الرد عليه بتاريخ 7/4/1999 بالاستمرار فى العمل حتى يتم العرض على محافظ الجيزة.
وأضاف الطاعنون أنه بفحص الطلب تبين عدم وجود أية أسباب من الأسباب المنصوص عليها بالقانون وأنه من غير المتصور إصابته بالأمراض المشار إليها في الفترة من 27/1/1999 حتى تاريخ طلب إلغاء نشاطه مما يعنى أن الموضوع ليس عدم القدرة والمرض بل الرغبة فى تحقيق ربح أكثر.
ومن حيث إن المادة (3) مكرر من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المستبدله بالقانون رقم 109 لسنة 1980 تنص على أن يحظر على أصحاب المصانع والتجار والذين يتجرون فى السلع التموينية التى يصدر بتعيينهم قرار من وزير التموين أن يوقفوا العمل في مصانعهم أو يمتنعوا عن ممارسة تجارتهم على الوجه المعتاد إلا بترخيص من وزير التموين ويعطى هذا الترخيص لكل شخص يثبت أنه لا يستطيع الاستمرار فى العمل إما لعجز شخصى
أو لخسارة تصيبه من الاستمرار فى عمله أو لأى عذر جدى يقبله وزير التموين .. ويفصل الوزير فى طلب الترخيص خلال شهر من تاريخ تقديمه ويكون قراره فى حالة الرفض مسبباً وإذا لم يصدر الوزير قرارًا مسببًا بالرفض خلال المدة المذكورة اعتبر ذلك ترخيصاً.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع قد أجاز منح ترخيص التوقف عن العمل فى حالة ثبوت عدم الاستطاعة في الاستمرار فى العمل إما لعجز شخصى أو لخسارة تصيبه من الاستمرار فى العمل أو لأى عذر جدى مقبول تقبله السلطة المختصة وإلزام المشرع السلطة المختصة بالبت فى طلب الترخيص خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب ويتعين أن يكون قرارها فى حالة الرفض مسببًا فإذا انقضت هذه المدة دون صدور قرار صريح بالرفض اعتبر ذلك قرار حكمياً بالترخيص ومما يجدر التنويه به أن قرار السلطة المختصة في هذا الشأن يرجع إلى تقديرها المطلق حسبما يتراءى لها من ظروف المنطقة التى بها المستودع ومدى حاجتها إليه وبما يكفل تحقيق الصالح العام ولا معقب عليها فى ذلك طالما خلا قراراها من اساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده صاحب مستودع بوتاجاز الكائن بشارع ناهيا بولاق الدكرور وأنه بتاريخ 27/1/1999قدم المطعون ضده طلبا إلى السلطة المختصة بالموافقة على رفع حصة المستودع إلى (2100) اسطوانة وأنه فى حالة عدم الموافقة إلغاء النشاط ولما رفضت السلطة المختصة زيادة حصة المستودع على أساس أن الحصة اليومية للمستودع تصل إلى 1500 اسطوانة فى أوقات الذروة كافية لتغطية احتياجات المنطقة فقد بادر المطعون ضده بتاريخ 3/4/1999 بتقديم طلب آخر لإعفائه من توزيع انابيب البوتاجاز وأرفق بطلبه بعض التقارير الطبية عن حالته الصحية.
وبتاريخ 7/4/1999 قامت السلطة المختصة بالرد عليه بالاستمرار فى عمله على الوجه المعتاد إلى أن يتم عرض الموضوع على محافظ الجيزة وبعرض الموضوع على المحافظ طلب الاستمرار فى العمل لحاجة المنطقة الشديد ذات الكثافة السكانية العالية ولأنه لم يتم إدخال غاز طبيعى بها ومن ثم فإن التقارير الطبية المقدمة من المطعون ضده وهى عبارة عن شهادة من عيادة خارجية غير مؤرخة تفيد أنه يعالج من حالة ذبحة صدرية وسكر وارتفاع ضغط الدم وشهادة من عيادة خارجية مؤرخة 16/3/1999 تفيد تضخم بروستاتا وشهادة من عيادة خارجية مؤرخة 15/3/1999 تفيد إصابته بكتاركا بالعينين لا تقطع هذه التقارير فى أن ثمة عجزا شخصيا قد حاق بالمطعون ضده يحول بينه وبين الاستمرار فى نشاطه وآية ذلك أنها قدمت بعد تقديمه طلبًا بزيادة حصته اليومية من الاسطوانات وإلا أَلْغَى نشاطه فى حالة عدم الموافقة مما يعنى أنه يشترط على السلطة المختصة زيادة حصته من الاسطوانات للاستمرار فى نشاطه وإلا ألغته وهو ما لا يجوز قانونا فضلا عن أن هذه التقارير الطبية لا يعول عليها لصدورها من جهات غير رسمية وصدورها بعد شهرين تقريبًا من تاريخ تقديم طلب زيادة الحصة اليومية من الاسطوانات فى 27/1/1999 وهو مالا يتصور عقلاً اصابته بكل هذه الأمراض خلال هذه الفترة القصيرة وبناء عليه يكون القرار المطعون فيه حسب الظاهر من الأوراق قائماً على أسبابه ومتفقًا مع أحكام القانون الأمر الذى ينتفى معه ركن الجدية دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع والقانون الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.