جلسة 2 من ابريل سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد الشحات
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5942 لسنة 48 قضائية عليا
ـ حكم فى الدعوى ـ حجية الحكم الصادر بإلغاء القرار الإدارى.
الخصومة فى دعوى الإلغاء هى خصومة عينية مناطها رقابة شرعية القرار الإدارى فى ذاته ووزنه بميزان القانون، فإما أن يسفر الفحص عن شرعيته فترفض الدعوى أو تتقرر عدم مشروعيته فيحكم بإلغائه، والحكم الصادر بالإلغاء يعدمه فى ذاته فينقضى ذات وجوده ـ يترتب على ذلك:زوال القرار بالنسبة لكل الناس من كان قد صدر لصالحه أو ضده،من أفاد منه ومن أضر به، من طعن عليه ومن لم يطعن عليه، من كان طرفاً فى دعوى مهاجمة القرار ومن لم يكن أياً كانت الأسباب التى استند إليها فى مهاجمته ـ أساس ذلك: أن الحكم بالإلغاء حجة على الكافة لأنه يقوم على تقرير عدم مشروعية القرار من حيث هو ذاته بغض النظر عن المصالح التى يمسها، خاصة أن هذه الحجية المطلقة تمنع تسلسل الطعون إلى غير نهاية تبعاً لأصحاب المصالح التى مسها القرار المطعون فيه إيجاباً أو سلباً، ومن ثَمَّ إذا حُكم بإلغاء القرار الإدارى أو بوقف تنفيذه وهو مشتق من الإلغاء بحكم حاز قوة الشىء المحكوم فيه فلا يجوز المنازعة فى هذا القرار مرة أخرى ـ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 31/3/2002 أودع الأستاذ/ عبدالعزيز كمال الدين المحامى نائباً عن الأستاذ/ السعيد كامل سعيد المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 5942 لسنة 48ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا بجلسة 26/3/2002 فى الدعوى رقم 831 لسنة 3ق والقاضى منطوقه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وألزمت المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعنان ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم أولاً: قبول الطعن شكلاً.
ثانياً: وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بكافة ما يترتب عليه من آثار وأهمها وقف القرار السلبى لمحافظ القليوبية بالامتناع عن فتح باب الترشيح أمام مواطنى قسمى العبور والخصوص حتى يفصل فى موضوع الطعن. ثالثاً: وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق.
وقد أبدى السيد الأستاذ المستشار مفوض الدولة رأيه شفاهة فى محضر الجلسة ورأى فيه طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً تأسيساً على أن الطاعنين لم يقدما أوراق ترشيحهما فى خلال المدد المحددة بقرار محافظ القليوبية، كما أنهما ليسا طرفاً فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4494/48ق.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 1/4/2002، حيث حضر الطرفان وطلب الحاضر عن الطاعنين أن يكون فتح باب الترشيح لمدة ولو 48 ساعة نظراً لضيق الوقت وقرب موعد إجراء الانتخابات وأن ذلك يدخل فى اختصاص المحافظ الذى له تقصير المدد المنصوص عليها فى القانون الخاصة بعملية الترشيح إذا اقتضت الظروف ذلك، كما طلبا أن يكون تنفيذ الحكم بالمسودة وبغير إعلان. وفى ختام الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة خاصة يوم 2/4/2002
الساعة العاشرة صباحاً.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة الموضوع، حيث حضر الطرفان بجلسة 2/4/2002
ودفع الحاضر عن الدولة بعدم قبول الطعن لعدم اقتران طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون
فيه بطلب إلغائه. وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم آخر الجلسة اليوم.
وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 16/3/2002 أقام الطاعنان الدعوى رقم 831 لسنة 3ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بطنطا وطلبا فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى لمحافظ القليوبية بالامتناع عن إصدار قراره بفتح باب الترشيح لانتخابات المجلس الشعبى المحلى لمحافظ القليوبية لمدة ثمانية أيام تكمله لمدة العشرة أيام المنصوص عليها بالمادة 76 من قانون الإدارة المحلية، عن المقاعد المخصصة لقسمى العبور والخصوص بكل ما يترتب عليه من آثار.
وذكرا شرحاً لذلك أن رئيس الجمهورية قد أصدر قراره بدعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات المجالس الشعبية فى أنحاء الجمهورية يوم الاثنين الموافق 8/4/2002، ونفاذاً لذلك أصدر محافظ القليوبية القرار رقم 167 لسنة 2002 بفتح باب الترشيح لانتخابات هذه المجالس على كافة مستوياتها فى نطاق المحافظة لمدة عشرة أيام اعتباراً من يوم الثلاثاء الموافق 26/2/2002 حتى يوم الخميس الموافق 7/3/2002، وفى ذات التاريخ أصدر القرارين رقمى 169، 177 لسنة 2002 بتشكيل لجنتين الأولى لتلقى طلبات الترشيح لانتخابات المجلس الشعبى المحلى للمحافظة بالمراكز والأقسام الإدارية التى تتكون منها المحافظة ومنها قسما العبور والخصوص، والثانية لفحص الطلبات السابقة عن ذات المراكز والأقسام ومن ضمنها ـ أيضاً ـ القسمان سالفا الذكر، إلا أنه بتاريخ 28/2/2002 أصدر محافظ القليوبية قراره رقم 218 لسنة 2002 بحذف قسمى شرطة العبور والخصوص من عداد المراكز والأقسام الإدارية، فبادر بعض المرشحين من أبناء هذين القسمين بإقامة الدعوى رقم 719 لسنة 3ق أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا طعناً على هذا القرار الأخير، وبجلسة 5/3/2002 أصدرت المحكمة حكمها برفض طلب وقف التنفيذ، وإذ لم يرتض المدعون هذا القضاء فأقاموا الطعن رقم 4494 لسنة 48ق. عليا أمام المحكمة الإدارية العليا طعناً عليه، وبجلسة 7/3/2002 أصدرت المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الأولى فحص الطعون ـ حكمها بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها وقف تنفيذ القرار الطعين.
وأضاف المدعيان أنه تم إبلاغ محافظ القليوبية بهذا الحكم رسميًا لأعمال مقتضاه فأصدر قراره بفتح باب الترشيح مرة أخرى أمام مواطنى قسمى العبور والخصوص ولكن فى الساعات الأخيرة من انتهاء مهلة الترشيح المحددة بقراره رقم 167 لسنة 2002 فلم يتمكنا من التقدم بأوراق ترشيحهما، ولذلك ـ وإزاء مخالفة هذا القرار لأحكام القانون ولحجية الحكم الصادر فى هذا الشأن ـ فقد أقام المدعيان دعواهما بطلباتهما سالفة الذكر.
وقد عينت المحكمة لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 19/3/2002، حيث أودع الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة صحيفة بتدخله منضماً إلى جهة الإدارة، وبجلسة 26/3/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة.
وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن طلبات المدعيين هى الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ القليوبية السلبى بالامتناع عن فتح باب الترشيح لانتخابات المجلس الشعبى المحلى للمحافظة لمدة ثمانية أيام تكملة لمدة العشرة أيام المنصوص عليها بالمادة (76) من قانون الإدارة المحلية عن المقاعد المخصصة لقسمى العبور والخصوص بالتطبيق لحكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4494 لسنة 48ق وما يترتب على ذلك من آثار.
وإنه لما كان ذلك فإنه يلزم لقبول الدعوى وصحتها أن تكون موجهة من صاحب الشأن ذاته أو من صاحب الصفة فى تمثيله والنيابة عنه قانوناً أو اتفاقًا وإلا غدت الدعوى غير مقبولة لرفعها من غير ذى صفة، كما أنه من المستقر عليه أن حجية الحكم مقصورة على من كان طرفاً فى الخصومة الصادر فيها الحكم يستوى أن يكون مدعياً أو مدعى عليه ـ متدخلاً انضمامياً أو اختصامياً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعيين لم يكونا ضمن أطراف الخصومة الصادر فيها حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4494 لسنة 48ق ومن ثَمَّ لا يكون لهما أية صفة فى المنازعة فى ادعاء نكول جهة الإدارة عن تنفيذ الحكم المذكور تنفيذًا كاملاً، الأمر الذى يكون معه طلبهما غير مقبول لإقامته من غير ذى صفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى فهم القانون وتطبيقه وخالف الثابت بالأوراق للأسباب الآتية:
أولاً: استند قضاء الحكم الطعين إلى أن الطاعنين لم يكونا من ضمن أطراف الخصومة الصادر فيها حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4494 لسنة 48ق. عليا ومن ثَمَّ لا تكون لهما صفة فى المنازعة الحالية، وهذا الذى ذهب إليه الحكم خاطئ فى القانون لأن الحكم الذى صدر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 7/3/2002 بإيقاف تنفيذ قرار محافظ القليوبية رقم 218 لسنة 2002 ـ الذى كان قد أغلق باب الترشيح فى وجه مواطنى قسم العبور والخصوص جميعًا ـ يستفيد منه كل مواطنى القسمين المشار إليهما، الراغبين فى الترشيح لعضوية مجلس المحافظة ممن تنطبق عليهم شروط هذا الترشيح قانوناً ولا يستفيد منه الطاعنون الذين أقاموا الدعوى وحدهم ويتولد لكافة مواطنى القسمين حق فى أن يعاد باب الترشيح أمامهم عن فترة مساوية لفترة سريان قرار المحافظ الذى أوقف تنفيذه بموجب حكم المحكمة الإدارية العليا وتكون لهم بذلك صفة مؤكدة ومصلحة حقيقية فى رفع الدعوى.
ثانياً: إن الطاعنين فى الطعن الماثل لا ينعيان على محافظ القليوبية عدم تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا تنفيذاً كاملاً وإنما يقرران ويعترفان أن المحافظ فور اتصال علمه رسميًا بالحكم بادر إلى تنفيذه بأن أصدر قراره رقم 258 لسنة 2002 بإعادة فتح باب الترشيح أمام مواطنى القسمين ولكن تم ذلك فى الساعات الأخيرة من آخر يوم لفتح باب الترشيح يوم 7/3/2002 فلم يتمكن مواطنو القسمين ـ والطاعنان من ضمنهم ـ من التقدم بأوراق ترشيحهم لضيق الوقت ولعدم اتصال معظم المواطنين بصدور الحكم فى حينه قبل إغلاق باب الترشيح، ولذلك فإن طلباتهم ليست طلب تنفيذ الحكم ولكن طلب إعادة فتح باب الترشيح لمدة مساوية للمدة التى أغلق فيها هذا الباب فى الفترة من 28/2/2002 حتى 7/3/2002 تاريخ صدور حكم المحكمة الإدارية العليا، وذلك استناداً لحكم المادة (76) من قانون نظام الإدارة المحلية الذى نص على ألا تقل فترة فتح باب الترشيح عن عشرة أيام، وكذلك إعمالاً لمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه من المادة (40) من الدستور.
ثالثاً: الثابت من أوراق الطعن رقم 4494 لسنة 48ق. عليا ومن قبلها الدعوى المطعون فيها بهذا الطعن رقم 719 لسنة 3ق إدارى طنطا أن الذين كانوا أقاموها قد سبق لهم تقديم طلبات ترشيحهم فى 27/2/2002 وقدموا الإيصال الدال على ذلك وفى يوم 28/2/2002 صدر قرار لجنة فحص أوراق المرشحين بقبول أوراق ترشيحهم وفى ذات التاريخ صدر قرار محافظ القليوبية رقم 218 بإغلاق باب الترشيح، ولذلك لا تكون لهؤلاء صفة أو مصلحة فى إقامة مثل الدعوى الحالية بإعادة فتح باب الترشيح، لأنهم مرشحون بالفعل وأن الذين لهم صفة ومصلحة هم الذين لم يتقدموا بأوراق ترشيحهم للآن لضيق الوقت.
رابعاً: إن مبدأ نسبية الأحكام وإن كان من المبادئ المستقرة بغير خلاف إلا أنه من المستقر عليه أيضاً أنه إذا تناول الحكم قراراً عاماً للسلطة بالإلغاء أو التعديل أو حتى بالتثبيت فإن مؤدى ذلك حتمًا هو أن يستفيد من هذا الحكم كل من ينشئ له هذا القرار مركزاً قانونياً معيناً أو يلغى هذا المركز أو يعدل فيه بصرف النظر عما إذا كان طرفًا فى خصومة الحكم من عدمه لأن الذى ينشئ المركز القانونى للأفراد ليس هو الحكم وإنما هو القرار الذى تناوله الحكم وعلى ذلك فإن الطاعنين وإن لم يكونا طرفًا فى خصومة الطعن رقم 4494 لسنة 48ق. عليا إلا أنهما قد أنشأ لهما الحكم الصادر فى هذه الخصومة مركزاً قانونياً يتمثل فى حقهما فى الترشيح لعضوية مجلس المحافظة بعد أن كان قرار المحافظ قد أغلق فى وجههما هذا الباب قبل صدور الحكم وبذا يكون لهما صفة ومصلحة فى إقامة الدعوى الحالية.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحاضر عن الدولة بجلسة اليوم بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم اقتران طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بطلب إلغائه: فإن من المسلم به أن تكييف طلبات الخصوم فى الدعوى هو من تصريف المحكمة إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها وأن تعطى الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح على هدى ما تستنبطه من واقع الحال وملابساته، وذلك دون أن تتقيد فى هذا الصدد بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على صحيفة الطعن أن الطاعنين قد أوردا بختامها تحت البند (أولاً) عبارة “وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه بكافة ما يترتب عليه من آثار .. حتى يفصل فى موضوع الطعن” وتحت البند (ثالثًا) عبارة “وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار..”. ومن ذلك يتضح أن حقيقة ما يرمى إليه الطاعنان ـ وفقاً للتكييف القانونى الصحيح لطلباتهم ـ هو الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، يؤكد ذلك أن موضوع الطعن على القرار بالإلغاء لم يفصل فيه بعد من محكمة القضاء الإدارى، وأنه لن يتأتى للمحكمة الإدارية العليا التصدى لطلب وقف تنفيذ القرار إلا بعد إلغاء الحكم المطعون فيه، ومن ثَمَّ يكون المقصود بعبارة “إلغاء القرار المطعون فيه الواردة بصحيفة الطعن” إلغاء الحكم المطعون فيه “إذ العبرة بالمقاصد والمعانى وليس بالألفاظ والمبانى، الأمر الذى يضحى معه هذا الدفع غير قائم على أساس من القانون، خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن المادة (52) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه “تسرى فى شأن جميع الأحكام، القواعد الخاصة بقوة الشىء المحكوم فيه، على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الخصومة فى دعوى الإلغاء هى خصومة عينية مناطها رقابة شرعية القرار الإدارى فى ذاته ووزنه بميزان القانون، فإما أن يسفر الفحص عن شرعيته فترفض الدعوى أو تتقرر عدم مشروعيته فيحكم بإلغائه والحكم الصادر بالإلغاء يعدمه فى ذاته فينقضى ذات وجوده ويزول بالنسبة لكل الناس من كان قد صدر لصالحه أو ضده، من أفاد منه ومن أضر به، من طعن عليه ومن لم يطعن عليه، من كان طرفاً فى دعوى مهاجمة القرار ومن لم يكن راويًا الأسباب التى استندت إليها مهاجمته ولهذا كان الحكم بالإلغاء حجة على الكافة، لأنه يقوم على تقرير عدم مشروعية القرار من حيث هو فى ذاته بغض النظر عن المصالح التى يمسها وخاصة أن هذه الحجية المطلقة تمنع تسلسل الطعون إلى غير نهاية تبعاً لأصحاب المصالح التى مسها القرار المطعون فيه إيجاباً أو سلباً، ومن ثَمَّ إذا حكم بإلغاء القرار الإدارى أو بوقف تنفيذه وهو مشتق من الإلغاء بحكم حاز قوة الشىء المحكوم فيه فلا يجوز المنازعة فى هذا القرار مرة أخرى.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن محافظ القليوبية قد أصدر قراره رقم (167) لسنة 2002 بفتح باب الترشيح لانتخابات المجالس الشعبية المحلية على كافة مستوياتها فى نطاق محافظة القليوبية لمدة عشرة أيام اعتباراً من 26/2/2002، وبتاريخ 28/2/2002 أصدر قراره رقم 218 لسنة 2002 بوقف تنفيذ ما جاء بقراريه رقمى 169، 177 لسنة 2002 بشأن قسمى شرطة العبور والخصوص وحذفهما من عداد المراكز والأقسام الإدارية الخاصة بانتخابات أعضاء المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، وتم الطعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا بالدعوى رقم 719 لسنة 3ق وبجلسة 5/3/2002 أصدرت المحكمة حكمها برفض طلب وقف التنفيذ، وتم الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4494 لسنة 48ق. ع، فأمرت دائرة فحص الطعون بجلسة 7/3/2002 بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وتأيد ذلك بحكم هذه المحكمة بجلسة 30/3/2002 إذ قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ومن ثَمَّ يكون لهذا الحكم حجيته سواء لمن صدر لصالحه أم لغيره، ومن طعن عليه، ومن لم يطعن، ويكون لكل ذى شأن طلب الإفادة من حجيته، ومخاصمة الإدارة لتنفيذه أو إذا كان تنفيذها لهذا الحكم قد جاء مخالفاً لأحكام القانون دون أن يحال بينه وبين ذلك بدعوى أنه لم يكن خصماً فى الدعوى التى صدر فيها الحكم، ومن ثَمَّ يكون للطاعنين ـ وقد احتكما إلى محكمة القضاء الإدارى بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم، المشار إليه، وعدم فتح باب الترشيح ـ صفة ومصلحة فى الطعن على هذا القرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب، فمن ثَمَّ يكون قد جَانَبَه الصواب، وأضحى خليقًا بالإلغاء، وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
ومن حيث إن الدعوى ابتداءً مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إنه وفقًا لما جرى به قضاء هذه المحكمة يشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه توافر ركنين: الأول ركن الجدية بأن يكون القرار قد شَابَه عيب من عيوب المشروعية، وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (76) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدلة بالقانون رقم 84 لسنة 1996 تنص على أنه “يقدم طلب الترشيح لعضوية المجلس الشعبى المحلى كتابة إلى المحافظة… وذلك خلال المدة التى يحددها المحافظ على ألا تقل عن عشرة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح..”.
ومن حيث إن محافظ القليوبية قد أصدر قراره رقم 258 لسنة 2002 بتاريخ 7/3/2002 بوقف تنفيذ القرار رقم 218 لسنة 2002 غداة صدور أمر دائرة فحص الطعون المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/3/2002، المشار إليه، وتضمَّن القرار النص على استمرار سريان القرارين رقمى 169، 177 لسنة 2002، وتقبل أوراق المرشحين بقسمى شرطة العبور والخصوص خلال المواعيد المقررة، وكانت هذه المواعيد تنتهى عقب سويعات قليلة من صدور هذا القرار على وجه لم يتح للمواطنين بهذين القسمين استخدام حقهم الدستورى بالترشيح للمجالس الشعبية المحلية للمحافظة.
ولما كان تنفيذ الأحكام الصادرة بالإلغاء وكذلك تلك الصادرة بوقف تنفيذ القرار الإدارى يقتضى إعادة ما كان إلى ماكان بحيث تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الملغى أو المقضى بوقف تنفيذه، وهو الأمر الذى كان يتعين معه على المحافظ أن يراعى وهو بصدد إصداره قراره بإعادة فتح باب الترشيح أن يستكمل المدة المكملة للعشرة أيام المنصوص عليها قانونًا نفاذاً للحكم المشار إليه بيد أنه لم يراع ذلك على نحو ما تقدم، بل وامتنع عن إعادة فتح باب الترشيح نزولاً على رغبات الطاعنين، الأمر الذى يضحى معه قراره السلبى بالامتناع عن إعادة فتح باب الترشيح إعمالاً لصحيح التنفيذ القانونى للحكم المشار إليه مشوباً بعيب مخالفة القانون متعينًا لذلك القضاء بوقف تنفيذه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادة فتح باب الترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية على النحو المتقدم بعد أن توافر فى شأنه ركن الاستعجال الموجب لذلك، بيد أنه وإذ لم يتبق على موعد الانتخابات سوى أيام قلائل فللمحافظ وهو يصدر هذا القرار أن يستخدم الرخصة التى خوَّلها له المشرع فى المادة 84 بتقصير المدد المنصوص عليها فى المواد رقم 76، 79،83 من قانون نظام الإدارة المحلية المشار إليه ولو إلى 48 ساعة على نحو ما طلبه الطاعنان مراعيًا بذلك التوفيق بين حق المرشحين فى التقدم للترشيح وفحص طلباتهم وإعلان كشوف المقبولين منهم بحيث تكون جاهزة للانتخابات فى موعدها المحدد يوم 8/4/2002.
ومن حيث إن الطاعنين طلبا تنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان نظراً لظروف الاستعجال لقرب موعد الانتخابات عملاً بالمادة 286 مرافعات.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار السلبى المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بدون إعلان، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.