جلسة 11 من فبراير سنة 2012
الطعن رقم 6056 لسنة 58 القضائية (عليا)
(الدائرة الخامسة)
– الطعن في الأحكام- طرق رفع الطعن- وجوب الالتزام بطرق رفع الطعن التي حددها المشرع- إذا حدد المشرع الإجرائي طريقا معينا لرفع الطعن فإنه يتعين الالتزام بهذا الطريق وعدم الخروج عليه؛ بحسبان أن ذلك أصل من أصول التقاضي ارتآه المشرع لحسن سير القضاء وضمان العدالة بين الخصوم، فإذا ما تنكب الخصم هذا الطريق كان تقرير الطعن باطلا.
– الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- بيانات تقرير الطعن- أوجب المشرع رفع الطعن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، موقع عليه من محام من المقبولين للمرافعة أمامها، وأوجب تضمن التقرير البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم، وبيان الحكم المطعون فيه وتاريخ صدوره والأسباب التي يقام عليها الطعن، وكذا طلبات الطاعن- أجاز المشرع في حالة عدم حصول الطعن على الوجه المتقدم أن يحكم ببطلان التقرير.
– المادتان (44) و(45) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
– الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- عدم جواز الطعن على أكثر من حكم بتقرير طعن واحد- يتعين أن يقام الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على حكم واحد وينصب على أسبابه وما يراه فيه الطاعن من عوار، إذ يستقل كل طعن ببياناته وأسبابه- يبطل تقرير الطعن الذي يتضمن الطعن على أكثر من حكم- لا يسوغ قانونا افتراض التماثل والتطابق بين الأحكام- نظر الطعن المقام على أكثر من حكم والفصل فيه من شأنه الإخلالُ بالتناسقِ، والاضطرابُ، والإبهامُ في عناصر الطعن وبين الخصوم، بما قد ينصرف إلى الحكم الصادر فيه بالتجهيل والتناقض والاضطراب.
– الإشكال في تنفيذ الحكم- طبيعة الإشكال في الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا- الإشكال في الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا، سواء بوقف تنفيذها أو بالاستمرار في تنفيذها، تأخذ حكم الطعون المقامة أمام هذه المحكمة، خاصة فيما يتعلق بإجراءات إقامتها- يتعين أن تتوفر في إشكال تنفيذ الحكم الذي يقام أمام المحكمة الإدارية العليا المقومات التي تطلبها المشرع في الطعون بصفة عامة– مؤدى ذلك: يجب ألا تتناول صحيفة الإشكال في التنفيذ أكثر من حكم واحد ينصب عليه، وإلا كان الإشكال غير مقبول.
إنه في يوم الأحد الموافق 8/1/2012 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن المستشكل، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) صحيفة الإشكال الماثل في الحكمين الصادرين عن المحكمة الإدارية العليا، الصادر أولهما عن الدائرة الأولى (فحص الطعون) بجلسة 31/12/2011 في الطعن رقم 4230 لسنة 58 القضائية (عليا)، القاضي منطوقه بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الإبقاء على إدراج اسم الطاعن في كشف المرشحين لانتخابات مجلس الشعب لعام 2011/2012 عن الدائرة الأولى شمال القاهرة، وإلزام المطعون ضده الأول مصروفات هذا الطلب، وإحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره، وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعه، والصادر ثانيهما عن الدائرة الثانية (موضوع) بجلسة 4/1/2011 في الطعن رقم 5433 لسنة 58 القضائية (عليا)، القاضي منطوقه بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إدراج اسم المطعون ضده الثاني بكشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب على قائمة حزب الإصلاح والتنمية بالدائرة الأولى بمحافظة القاهرة ومقرها قسم شرطة الساحل لانتخابات مجلس الشعب لعام 2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استبعاد اسمه من هذه الكشوف، مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وطلب المستشكل -للأسباب المبينة في صحيفة الإشكال– الحكم بقبول الإشكال شكلا، وفي الموضوع وبصفة عاجلة: (أولا) بوقف تنفيذ الحكم الصادر عن الدائرة الثانية موضوع في الطعن رقم (5433) لسنة 58 القضائية (عليا) بجلسة 4/1/2012. (ثانيا) بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر عن الدائرة الأولى (فحص الطعون) في الطعن رقم (4230) لسنة 58 القضائية (عليا) بجلسة 31/12/2011، وذلك لحين الفصل في دعوى البطلان رقم 5900 لسنة 58 القضائية (عليا)، مع إلزام المستشكل ضدهما الأول والثاني المصروفات.
وأعلن الإشكال إلى المستشكل ضدهم وفقا للثابت من الأوراق.
ونظر الإشكال أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 8/1/2011 قررت التنحي عن نظر الإشكال ورفع الأمر إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة الذي أشر على ملف الإشكال بإحالته إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14/1/2012، والتي نظرته فيها، وبجلسة 28/1/2012 قررت إصدار الحكم في الإشكال بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
وحيث إن المستشكل يطلب الحكم بقبول الإشكال شكلا، وبصفة عاجلة: (أولا) وقف تنفيذ الحكم الصادر عن الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 4/1/2012 في الطعن رقم 5433 لسنة 58 القضائية (عليا)، (ثانيا) الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر عن الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 31/12/2011 في الطعن رقم 4230 لسنة 58 القضائية (عليا)، وذلك لحين الفصل في دعوى البطلان رقم 5900 لسنة 58 القضائية (عليا)، مع إلزام المستشكل ضده الثاني المصروفات.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص في أنه بتاريخ 27/11/2011 أقام المستشكل ضده الأول الدعوى رقم 8510 لسنة 66 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد المستشكل والمستشكل ضده الثاني، والتي قضى فيها بجلسة 11/12/2011 بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من قبول أوراق ترشح المدعى عليه الثاني (المستشكل)، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.
وإذ لم يرتض المستشكل هذا الحكم فقد قام بالطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4230 لسنة 58 القضائية (عليا)، فتدووِل الطعن أمام الدائرة الأولى عليا (فحص الطعون)، وبجلسة 31/12/2011 حكمت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الإبقاء على إدراج اسم الطاعن (المستشكل) في كشوف انتخابات مجلس الشعب لعام 2011/2012 عن الدائرة الأولى شمال القاهرة، وكان المستشكل ضده الثاني قد أقام الدعوى رقم 7923 لسنة 66 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري، والتي قضى فيها بجلسة 22/11/2011 بقبولها شكلا، ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات، وإذ لم يرتض المدعي (المستشكل ضده الثاني) هذا الحكم فقد قام بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 5433 لسنة 58 القضائية (عليا)، فتدووِل الطعن أمام الدائرة الأولى عليا ثم قررت إحالته إلى الدائرة الثانية عليا، وبجلسة 4/1/2012 أصدرت الدائرة الثانية (موضوع) حكمها في الطعن بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من إدراج اسم المطعون ضده الثاني (المستشكل) بكشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب على قائمة حزب الإصلاح والتنمية بالدائرة الأولى بمحافظة القاهرة ومقرها قسم شرطة الساحل لانتخابات مجلس الشعب لعام 2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استبعاد اسمه من هذه الكشوف، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وألزمت المطعون ضده المصروفات.
وحيث إن المادة (44) من قانون مجلس الدولة تنص على أنه: “… ويقدم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها، ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم على بيان الحكم المطعون فيه، وتاريخه وبيان بالأسباب التي بني عليها الطعن، وطلبات الطاعن، فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه”.
وتنص المادة (45) من القانون نفسه على أنه: ” يجب على قلم كتاب المحكمة ضم ملف الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها قبل إحالتها إلى هيئة مفوضي الدولة”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أوجب رفع الطعن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا موقعا عليه من محام من المقبولين للمرافعة أمامها، وأوجب المشرع تضمن التقرير –إضافة إلى البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم– بيان الحكم المطعون فيه وتاريخ صدوره والأسباب التي يقام عليها الطعن وكذا طلبات الطاعن، وقد أجاز المشرع في حالة عدم حصول الطعن على الوجه المتقدم أن يحكم ببطلان التقرير، بحسبان أن البيانات المتقدمة هي من العناصر الأساسية التي تتطلبها أصول التقاضي ويقتضيها حسن سير القضاء وضمانا لجدية الطعون، وحتى يمكن تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على واقعات الطعن، وقد أردف المشرع ذلك بتكليف قلم كتاب المحكمة بضم ملف الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها قبل إحالتها إلى هيئة مفوضي الدولة، مما يعني استقلال كل دعوى والحكم الصادر فيها بتقرير الطعن في هذا الحكم.
وحيث إن المستقر عليه أنه عندما يحدد المشرع الإجرائي طريقا معينا لرفع الطعن فإنه يتعين الالتزام بهذا الطريق وعدم الخروج عليه، بحسبان أن ذلك أصل من أصول التقاضي ارتآه المشرع لحسن سير القضاء وضمان العدالة بين الخصوم، فإذا ما تنكب الخصم هذا الطريق كان تقرير الطعن باطلا.
وحيث إن مقتضى ما تقدم وفي ضوء ما نصت عليه المادتان (44) و(54) من قانون مجلس الدولة أن تقرير الطعن ينبغي ألا يتناول أكثر من حكم واحد يدور عليه الطعن وينصب على أسبابه وما يراه فيه الطاعن من عوار، إذ يستقل كل طعن ببياناته وأسبابه، ويترتب على ذلك بطلان تقرير الطعن المقام على أكثر من حكم، إذ يتعين للطعن في الأحكام تقديم طعن قائم بذاته في كل حكم على الوجه المقرر قانونا لرفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، تأسيسا على أن نظر الطعن المقام على أكثر من حكم والفصل فيه من شأنه الإخلال بالتناسق، والاضطراب والإبهام في عناصر الطعن وبين الخصوم، بما قد ينصرف إلى الحكم الصادر فيها بالتجهيل والتناقض والاضطراب، ويضحى باطلا الطعن الذي يقام على أكثر من حكم، ولو كانت هذه الأحكام نمطية ومبنية على سبب واحد، إذ لا يسوغ قانونا افتراض التماثل والتطابق بين الأحكام، وعلى ذلك يتعين أن يقام الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على حكم واحد يبسط فيه الطاعن عناصر طعنه وأسانيده، بحسبان أن ذلك من الأصول التي يقتضيها حسن سير العدالة.
(حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4453 لسنة 44 القضائية عليا، بجلسة 6/6/2002، وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 10165 لسنة 51 القضائية عليا بجلسة 10/1/2009)
وحيث إن الإشكالات في الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا، سواء بوقف تنفيذها أو بالاستمرار في تنفيذها، تأخذ حكم الطعون المقامة أمام هذه المحكمة، وخاصة فيما يتعلق بإجراءات إقامتها، بحيث تكون بالإجراءات المعتادة لإقامة الطعون أمامها، ومن ثم فإنه يتعين أن تتوفر لإشكالات التنفيذ التي تقام أمام المحكمة الإدارية العليا المقومات نفسها التي تطلبها المشرع في الطعون بصفة عامة، وتأسيسا على ذلك يجب ألا تتناول صحيفة الإشكال في التنفيذ أكثر من حكم واحد ينصب عليه الإشكال، وإلا كان الإشكال غير مقبول.
وحيث إنه نزولا على ما تقدم ونفاذا له، وإذ كان المستشكل قد أقام الإشكال الماثل في تقرير واحد استشكالا في حكمين صادرين عن المحكمة الإدارية العليا على الوجه السالف بيانه، متنكبا الطريق الذي رسمه القانون للتقاضي أمام المحكمة الإدارية العليا، فمن ثم فإنه يكون قد أصابه عيب إجرائي جسيم ينحدر به إلى البطلان.
وحيث إن خاسر الإشكال يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة ببطلان صحيفة الإشكال، وألزمت المستشكل المصروفات.