جلسة 25 من مايو سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم، ومحمد البهنساوى محمد، وحسن عبد الحميد البرعى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد الدكتور/ محمد عبد المجيد إسماعيل
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6248 لسنة 45 قضائية عليا:
دراسات عليا ــ منح الدرجة العلمية يعد قراراً كاشفاً عن استحقاق الطالب لها ــ أثر ذلك.
المادة (40) من دستور جمهورية مصر العربية.
علاقة الطالب بالجامعة هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح والقرارات والنظم والقواعد التى تضعها ويخضع لها الطالب بأثر فورى ومباشر، وكما أنه ليس للطالب أن يتمسك بأن تطبق عليه قرارات أو نظم أو قواعد سابقة تم إلغاؤها أو تعديلها أو نسخها بقرارات جديدة فإنه ليس للجامعة أن تطبق عليه تلك القواعد والنظم الجديدة بأثر رجعى بحيث إنه إذا توافرت كافة الشروط فى الطالب لمنحه الدرجة العلمية تعين منحه إياها إذا اكتملت تلك الشروط فى ظل قواعد معينة، ولا يجوز حجب هذه الدرجة العلمية عنه بحجة صدور قرارات أو قواعد أو نظم جديدة والتى تسرى بالنسبة للمستقبل، ويخضع الطالب بالتالى للقرارات والقواعد السارية وقت توافر كافة شروط منحه الدرجة العلمية فى ظلها فى النطاق الزمنى لها، لاسيما وأن توافر تلك الشروط وتكاملها يرتب مركزاً قانونياً ذاتياً للطالب لا يجوز المساس به أو الانتقاص منه ــ منح الدرجة العلمية هو المحصلة النهائية لمجموعة من الإجراءات أو الاختبارات أو التصحيح أو العرض على اللجان المتخصصة ويأتى تتويجاً لها باعتباره كاشفاً عن استحقاق الطالب تلك الدرجة وليس منشئًا لحقه فى الحصول عليها، وإذا توافر شرط منح الدرجة العلمية للطالب تكون سلطة الجامعة ــ بعد استيفاء كافة الإجراءات المطلوبة قانوناً ــ مقيدة بضرورة منحه إياها وعدم حجبها عنه بحجة صدور قواعد أو قرارات أو نظم جديدة ــ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 23/6/1999 أودع الأستاذ/ عبد الوهاب عرابى (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 3676 لسنة 48 ق والذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفى موضوعها بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجامعة المدعى عليها أن تؤدى للمدعى مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض وإلزامها المصروفات.
وطلب الطاعن ــ بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه ــ للأسباب الواردة به ــ إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجامعة الطاعنة المصروفات.
ونظرت الدائرة الأولى “فحص طعون” بالمحكمة الإدارة العليا الطعن بعدة جلسات، ثم أحالته للدائرة السادسة عليا “فحص” للاختصاص، حيث نظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها.
وبجلسة 4/5/2004 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره بجلسة 30/6/2004، ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسة المذكورة، وبجلسة 23/2/2005 قررت إصدار الحكم بجلسة 25/5/2005 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 3/3/1994 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 3676 لسنة 48 ق طالبًا فى ختامها الحكم أولاً: بإلزام المدعى عليه الثانى (عميد كلية طب الأزهر بنين بصفته) بتنفيذ القرار رقم 341 بتاريخ 5/5/1993 الصادر من المدعى عليه الأول بصفته (الطاعن) والقاضى بالموافقة على منحه درجة الدكتوراه. ثانياً: إلزام المدعى عليه الثانى بصفته بمبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضًا له عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته مع إلزامه المصروفات.
وقال المدعى ــ شارحاً دعواه ــ إنه حصل على بكالوريوس الطب جامعة القاهرة عام 1969، ودبلوم النساء والتوليد جامعة القاهرة عام 1972، وشهادة عضوية الكلية الملكية بلندن عام 1979، وأنه صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للجامعات رقم (2) لسنة 1986 بالسماح للحاصلين على شهادة الزمالة فى جميع تخصصات الطب والتى تصدر من المملكة المتحدة بتسجيل رسالة فى إحدى كليات الطب بالجامعات المصرية لمدة سنتين على الأقل بعد اجتياز مناقشتها بنجاح وتعتبر معادلة لدرجة الدكتوراه التى تمنحها الجامعات المصرية سواء تمت مناقشة الرسالة قبل أو بعد الحصول على درجة الزمالة، وأنه بتاريخ 20/5/1992 صدر قرار لجنة الدراسات العليا والبحوث بجامعة الأزهر رقم (8) والمعتمد محضرها من رئيس الجامعة، ثم تصدق عليه من مجلس الجامعة بجلسة برقم (331) فى 20/6/1992 ووافق هذا القرار على منح هؤلاء درجة العالمية (الدكتوراه) التى تمنحها جامعة الأزهر بشرط نجاحهم فى السنة التأهيلية للمواد الإسلامية وذلك لغير خريجى جامعة الأزهر. وأضاف المدعى أنه بناءً على هذين القرارين سجل رسالة للحصول على الدكتوراه من كلية طب الأزهر فى أمراض النساء والتوليد وتم قبولها فى 19/12/1992 وأنه اجتاز امتحانات المواد الإسلامية دور أغسطس عام 1992 وبالتالى استوفى كافة الشروط القانونية اللازمة لمنحه درجة الدكتوراه وأن الاكتفاء بمعادلة شهادته بالدكتوراه فيه مخالفة للقرارين المشار إليهما لاسيما وأنه تم منح هذه الدرجة لسبع حالات مماثلة (أورد بعضها بصحيفة الدعوى) وأن تظلمه من هذا التعسف أحيل للإدارة العامة للدراسات العليا بالجامعة التى أرسلت خطابها إلى المدعى عليه الثانى (عميد كلية طب الأزهر بنين) بتاريخ 30/3/1993 مرفقاً به صورة نموذج بالموافقة على منح درجة الدكتوراه لحالة مماثلة تمامًا معتمدًا من عميد الكلية. وذلك حتى يتسنى إعادة عرض الموضوع على مجلس الكلية للموافقة على منح المدعى الدكتوراه أسوة بالحالات المماثلة وتنفيذاً لقرار مجلس الجامعة رقم (331) لسنة 1992 المشار إليه، غير أن الكلية وافقت فقط على معادلة شهادته بالدكتوراه دون إعداد النموذج الخاص بمنحه الدرجة فتم عرض الموضوع على مجلس الجامعة الذى أصدر قراره رقم (341) بتاريخ 5/5/1993 بالموافقة على منح المدعى درجة الدكتوراه غير أن المدعى عليه الثانى رفض تنفيذ هذا القرار الصادر من المدعى عليه الأول مما أصابه بأضرار مادية وأدبية من جراء عدم تنفيذ القرار رقم (341) لسنة 1993 المشار إليه، وقرر المدعى أن الغرض من اختصام المدعى عليه الأول بصفته فقط ليصدر الحكم فى مواجهته.
واختتم صحيفة دعواه بطلب الحكم بطلباته.
وتولت هيئة مفوضى الدولة إعداد تقرير بالرأى القانونى فى الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض طلب التعويض وإلزام المدعى وجامعة الأزهر المصروفات مناصفة.
وبجلسة 11/5/1999 أصدرت حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن المدعى توافرت فيه كافة شروط منحه درجة الدكتوراه وقد أسفرت المكاتبات المتبادلة بين الجهات المعنية بجامعة الأزهر أن مجلس الجامعة قرر بجلسة رقم (341) فى 5/5/1993 منح الطبيب المذكور (المدعى) درجة العالمية (الدكتوراه) فى أمراض النساء والتوليد من كلية الطب بنين أسوة بمنح بعض الأطباء والطبيبات المماثلة حالاتهم لحالته هذه الدرجة، وأنه تم تبليغ هذا القرار إلى كلية الطب وبناءً على ما ارتآه عميد هذه الكلية شفاهة قرر مجلس الجامعة إعادة عرض الموضوع على لجنة الدراسات العليا والبحوث التى أصدرت قرارها فى 20/7/1993 واعتمده رئيس الجامعة ثم تصدق عليه من مجلس الجامعة بجلسة رقم (343) فى 4/9/1993 بالموافقة على قرار المجلس الأعلى للجامعات بمعادلة درجة الدكتوراه للمدعى.
واستطردت المحكمة أنه ولئن كانت علاقة الطالب بالجامعة علاقة تنظيمية تطبق عليه قراراتها بأثر فورى غير أنه يشترط ألا يكون للطالب حق مكتسب أو مركز قانونى اكتمل فى ظل النظام السابق، وعليه فإن المدعى وإذ صدر قرار بمنحه درجة العالمية (الدكتوراه) لاكتمال مركزه القانونى فى ظل هذا القرار فلا يسرى بشأنه أى تعديل لاحق حيث توافرت وتكاملت شروط منحه هذه الدرجة العلمية فى ظل النظام السابق لا سيما وأنه وبإقرار الجامعة تم منح هذه الدرجة للعديد من الحالات المماثلة لحالة المدعى خاصة وأنه لم يثبت سحب قرار منحه هذه الدرجة ولا يخضع فى الوقت ذاته للقرار الجديد بمنح الطالب درجة معادلة للدكتوراه حتى لا يكون تطبيقه عليه بأثر رجعى.
وعليه خلصت المحكمة إلى أن قرار الجامعة بالامتناع عن منح المدعى درجة العالمية (الدكتوراه) فى الطب قد بنى على أسباب لا تبرره قانوناً جدير بالإلغاء وما يترتب على ذلك من آثار أخصها منح المدعى درجة العالمية (الدكتوراه) فى الطب وإعطاؤه الشهادات الدالة على منحه هذه الدرجة.
وفى مجال التعويض استعرضت المحكمة عناصر مسئولية الجامعة عن قرارها الخاطئ الذى وانتهت لإلغائه والأضرار التى أصابت المدعى بسبب هذا القرار وخلصت للقضاء له بالتعويض الذى قدرته.
وانتهى الحكم المطعون فيه إلى قضائه المتقدم.
لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الجامعة الطاعنة فأقامت طعنها الماثل ناعية عليه الخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله والإخلال بحق الدفاع، حيث إن قرار مجلس الجامعة رقم 343 لسنة 1993 اعتبر شهادة الزمالة فى جميع تخصصات الطب معادلة لدرجة الدكتوراه وليست درجة دكتوراه وهذا القرار تم تطبيقه على المطعون ضده، وهذا المجلس هو المختص قانونًا بمنح الدرجة العلمية، ولا يجوز الاستناد إلى قرار مجلس الجامعة رقم 341 لسنة 93 (السابق) بمنح المطعون ضده درجة الدكتوراه، حيث إن علاقته بالجامعة هى علاقة تنظيمية يخضع لقراراتها التى تصدرها متى تشاء بأثر فورى، ولا يجوز له التمسك بحالات المثل أو بنظام دراسى سابق وهو ليس له حق مكتسب أو مركز قانونى؛ حيث إنه منذ صدور قرار مجلس الجامعة الأخير وعلاقة المطعون ضده تحت البحث والدراسة، ولم تستقر حتى صدر القرار رقم 343 لسنة 93 بالمعادلة المشار إليه عملاً بقرار المجلس الأعلى للجامعات فى هذا الخصوص حتى لا تختلف كل جامعة عن الأخرى.
وأضافت الجامعة الطاعنة أن الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها أعيدت للمحكمة بعد إيداع تقرير مفوضى الدولة فى موضوعها وتدوولت بجلستى مرافعة فى 26/1/1999 و23/3/1999 وفيهما قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 11/5/1999، كل ذلك دون أن تخطر الجامعة الطاعنة بميعاد الجلسة وبورود التقرير لتعقب عليه لا سيما وأن المطعون ضده قدم مذكرة بدفاعه بجلسة 26/11/1999 ولم تخطر الجامعة للرد عليها مما يعد إخلالاً جسيمًا بحق الدفاع.
وأضافت أن المحكمة تناولت أركان المسئولية فى جانب الجامعة الطاعنة فى حين أنها لم ترتكب خطأ وإنما هى أصدرت قرارها رقم 343 لسنة 1993 بمعادلة شهادة المطعون ضده لدرجة الدكتوراه وفقًا لصحيح حكم القانون وقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم (2) لسنة 1986 المشار إليه مما ينفى عنها ركن الخطأ وكذلك ركن الضرر.
واختتمت الجامعة الطاعنة تقرير طعنها بطلب الحكم بطلباتها.
ومن حيث إن محور الطعن الماثل يدور حول البحث فى أى من قرارى مجلس جامعة الأزهر هو الواجب التطبيق على المطعون ضده رقم (341) الصادر فى 5/5/1993 بمنحه درجة الدكتوراه أم رقم (343) الصادر فى 4/9/1993 بمعادلة شهادة الزمالة بدرجة الدكتوراه؟
ومن حيث إن المادة (40) من الدستور تنص على أن “المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك…”.
ومن حيث استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن “مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون رددته الدساتير المصرية جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساساً للعدل والسلام الاجتماعى وغايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها وباعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة للحقوق جميعًا، إلا أن مجال إعماله لا يقتصر على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات بل يمتد فوق ذلك إلى تلك التى يقررها المشرع، وإذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفريق أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو إنقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونًا للانتفاع بها، ومن ثَمَّ إذا قام التماثل فى المراكز القانونية التى تكونها استلزم ذلك وحدة القاعدة القانونية التى ينبغى أن تنظمها، ولازم ذلك أن المشرع عليه أن يتدخل دومًا بأدواته لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة أو لمداركة ما فاته فى هذا الشأن”.
(القضية رقم 192 لسنة 28ق دستورية ــ جلسة 7/3/2004)
ومن حيث إنه ولئن كانت علاقة الطالب بالجامعة هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين، واللوائح والقرارات والنظم والقواعد التى تصنعها يخضع لها الطالب بأثر فورى ومباشر، وكما أنه ليس للطالب أن يتمسك بأن تطبق عليه قرارات أو نظم أو قواعد سابقة تم إلغاؤها أو تعديلها أو نسخها بقرارات جديدة، فإنه ليس للجامعة أن تطبق عليه تلك القواعد والنظم الجديدة بأثر رجعى، بحيث إنه إذا توافرت كافة الشروط فى الطالب لمنحه الدرجة العالمية تعين منحه إياها إذا اكتملت تلك الشروط فى ظل قواعد معينة ولا يجوز حجب هذه الدرجة العالمية عنه بحجة صدور قرارات أو قواعد أو نظم جديدة، والتى تسرى بالنسبة للمستقبل ويخضع الطالب بالتالى للقرارات والقواعد السارية وقت توافر كافة شروط منحه الدرجة العلمية فى ظلها فى النطاق الزمنى لها لا سيما وأن توافر تلك الشروط وتكاملها يرتب مركزاً قانونياً ذاتياً للطالب لا يجوز المساس به أو الانتقاص منه، حيث إن منح الدرجة العلمية هو المحصلة النهائية لمجموعة من الإجراءات أو الاختبارات أو التصحيح أو العرض على اللجان المتخصصة ويأتى تتويجًا لها باعتباره كاشفاً عن استحقاق الطالب لتلك الدرجة وليس منشئاً لحقه فى الحصول عليها، وإزاء توافر شروط منح الدرجة العلمية للطالب تكون سلطة الجامعة بعد استيفاء كافة الإجراءات المطلوبة قانوناً مقيدة بضرورة منحه إياها وعدم حجبها عنه بحجة صدور قواعد أو قرارات أو نظم جديدة، والتى ينحسر تطبيقها عن هذا الطالب الذى استوفى جميع الاشتراطات فى ظل القواعد والقرارات السابقة، وفى كل الأحوال يجب أن تكون القرارات والقواعد والنظم متسمة بصفة العمومية والتجريد وليست تفصيلاً للتطبيق على حالات معينة، فإذا لم تكن عامة ومجردة سقطت فى حمأة اللامشروعية وفقدت الغاية الحقيقية التى يتغياها أى قرار إدارى وهى تحقيق الصالح العام وأضحت فى حومة إساءة استعمال السلطة والإغراق بها، فليس للجامعة أن تمنح هذا وتمنع ذاك وتطبيق قواعد قانونية مختلفة أو متعددة على من تماثلت مراكزهم القانونية وإنما يجب أن تخضع الجميع لذات القاعدة.
ومن حيث إنه هديًا بما تقدم وبالتطبيق على وقائع الطعن الماثل، فإن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده حصل على بكالوريوس الطب من جامعة القاهرة عام 1969 ودبلوم النساء والتوليد عام 1972 وشهادة زمالة الكلية الملكية بلندن عام 1979 واجتاز بنجاح امتحانات المواد الإسلامية بجامعة الأزهر دور أغسطس عام 1992 وتمت الموافقة على رسالة الدكتوراه التى تقدم بها إلى كلية الطب بجامعة الأزهر واعتمدت من مجلس الكلية فى 9/2/1993 وكان قد صدر قرار مجلس جامعة الأزهر بجلسة رقم (331) فى 30/6/1992 ينص على أن الأطباء والطبيبات الحاصلين على شهادة الزمالة فى جميع تخصصات الطب التى تصدر من المملكة المتحدة وأيرلندا الجنوبية والسابق صدور قرار بمعادلتها من لجنة المعادلات الرئيسية بالجامعة، والذين سجلوا الرسالة لمدة سنتين واجتازوا مناقشتها بنجاح، يمنحون درجة العالمية (الدكتوراه) التى تمنحها جامعة الأزهر سواء تمت مناقشة الرسالة قبل أو بعد الحصول على درجة الزمالة وبشرط نجاحهم فى السنة التأهيلية للمواد الإسلامية، وذلك لغير خريجى جامعة الأزهر .. ولما كانت كافة الشروط تنطبق على المطعون ضده ــ على النحو سالف البيان ــ فإنه كان يتعين تنفيذًا لهذا القرار منحه درجة العالمية (الدكتوراه) التى تمنحها جامعة الأزهر غير أن كلية الطب امتنعت عن منحه هذه الدرجة رغم أنها منحت هذه الدرجة العلمية تنفيذاً لهذا القرار للعديد من زملاء المطعون ضده الذين يتماثلون معه فى المركز القانونى وتوافرت بشأنهم شروط تطبيق القرار ومنهم الدكتور/ …………………. عميد كلية الطب، والدكتور/ ………………………، والدكتور/ ………………………….، ولذلك تقدم المطعون ضده بالتماس لمنحه تلك الدرجة العلمية أسوة بزملائه فتم عرض الموضوع على مجلس جامعة الأزهر الذى أصدر قراره بجلسته رقم (341) فى 5/5/1993 بالموافقة على منحه الدكتوراه وعليه يكون تمسك المطعون ضده بتنفيذ قرار مجلس الجامعة الأخير (341) ومنحه درجة الدكتوراه مطلباً مشروعاً يتعين إجابته إليه ومنحه هذه الدرجة العلمية والشهادة الدالة على منحه إياها.
أما ما ساقته الجامعة الطاعنة من أنه أعيد عرض الموضوع على مجلس الجامعة الذى أصدر قرارًا فى وقت لاحق بجلسة (343) بتاريخ 4/9/1993 متضمنًا اعتبار شهادة الزمالة فى تخصصات الطب معادلة لدرجة الدكتوراه ــ وليست درجة دكتوراه ــ وتطبيق هذا القرار على المطعون ضده باعتبار أن علاقته بالجامعة تنظيمية تخضعها لما تشاء من قرارات تصدرها فى أى وقت تشاء، فيه مخالفة للتطبيق الصحيح لأحكام القانون وإهدارٌ لمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص اللذين كفلهما الدستور ومساس بالمركز القانونى الذاتى الذى استقر بمنحه درجة الدكتوراه بموجب قرار مجلس الجامعة رقم (341) فى: 5/5/1993 سالف الإشارة إليه والواجب التطبيق على المطعون ضده لتوافر كافة الشروط القانونية لمنحه هذه الدرجة فى ظله تنفيذًا لقرار مجلس الجامعة رقم (331) المشار إليه والذى يمنح درجة العالمية (الدكتوراه) فى الطب للحاصلين على شهادة الزمالة من الكلية الملكية بلندن أسوة بزملاء المطعون ضده المذكورين، ولا يجوز بحال من الأحوال منح درجة الدكتوراه لزملاء المطعون ضده والذين تماثلت مراكزهم القانونية معه، وينفرد هو وحده دونهم بالحرمان من منحه هذه الدرجة العلمية بمقولة: “إن ذلك فيه تحقيق للصالح العام” وهو فى الحقيقة افتئات عليه، إذ ليس من الصالح العام فى شيء التمييز غير المبرر بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة والمتطابقة وإخضاعهم لقواعد قانونية مختلفة.
ولا يحاج هنا بقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم (2) لسنة 1986 بمعادلة شهادة الزمالة بدرجة الدكتوراه حيث إن زملاء المطعون ضده المذكورين تم منحهم هذه الدرجة تنفيذًا لقرار مجلس الجامعة رقم (331) المشار إليه وهو ذاته الواجب التطبيق على المطعون ضده وهو ما أكده قرار مجلس الجامعة رقم (341) المشار إليه، ولم يثبت من الأوراق أن هذين القرارين تم إلغاؤهما أو سحبهما، ومن ثَمَّ يتعين القضاء بإعمال هذين القرارين بمنح المطعون ضده درجة العالمية (الدكتوراه) فى الطب وتخصص النساء والتوليد وبإعطائه الشهادة الدالة على منحه هذه الدرجة، فضلاً عن مبلغ التعويض الذى قضت به المحكمة المطعون فى حكمها والذى قدرته بخمسة آلاف جنيه لثبوت خطأ الجامعة الطاعنة بإصدار قرار خاطئ سبّب أضرارًا مادية وأدبية جسيمة للمطعون ضده أقلها اضطراره اللجوء للقضاء طلبًا للحماية القضائية لحقه فى منحه هذه الدرجة العلمية أسوة بزملائه.
وحيث انتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة ذاتها؛ فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه مفتقراً سنده من الواقع أو القانون جديراً بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما ساقته الجامعة الطاعنة فى تقرير الطعن من إخلال محكمة أول درجة بحقوق الدفاع لعدم إخطارها بإيداع تقرير الخبير وتاريخ جلسات المرافعة حتى تتمكن من إبداء دفاعها، حيث إن ذلك يخالف الواقع لما ثبت لهذه المحكمة من وجود توقيع محامى الجامعة (الأستاذ على عبد القادر) مؤرخ 28/1/1999 على الغلاف الداخلى لملف القضية يفيد علمه بالجلسة أى بجلسة المرافعة التى تحدد لها جلسة 23/3/1999، فضلاً عن أن محكمة أول درجة حينما قررت حجز الدعوى للحكم بجلسة 11/5/1999 صرحت بتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع غير أن الجامعة هى التى تقاعست عن الحضور بجلسة المرافعة التى علمت بها وعن تقديم أية مذكرات أو مستندات خلال الأجل المضروب مما يكون القول بالإخلال بحق الدفاع مجافيًا للحقيقة تلتفت عنه هذه المحكمة.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصاريفه عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجامعة الطاعنة المصروفات.