جلسة 18 من ديسمبر سنة 2010
الطعن رقم 6265 لسنة 57 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)
ما يخرج عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– قرار دعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب – هذا القرار يصدر عن رئيس الجمهورية بوصفه (سلطة حكم)، ويندرج من ثم ضمن أعمال السيادة– يستوي في هذا أن يكون الطعن موجها إلى القرار بطلب إلغائه إلغاء كاملا أو إلغائه إلغاء جزئيا في دائرة بذاتها ([1]).
المادة (11) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972.
تكييف الطلبات – للمحكمة الهيمنة الكاملة على الدعوى، واستظهار كافة عناصرها، وقوفا على جميع مناحيها، بما في ذلك ما يرمي إليه رافعها من وراء إقامتها، وصولا إلى لب هدفه منها وحقيقة طلباته فيها– سلطة المحكمة في تكييف الطلبات يتعين أن تسير في فلك طلبات مبديها، متى كانت قد أبديت بعبارات لا لبس في دلالتها، ولا غموض في فحواها.
بتاريخ 4/12/2010 أودع الأستاذ/ … المحامي، وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام بالرقم عاليه، طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة البحيرة) في الدعوى رقم 1775 لسنة 11 ق بجلسة 27/11/2010 الذي قضى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن– للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبوله شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ومن ثم بإلغائه، وببطلان كافة الإجراءات الحاصلة قبيل العملية الانتخابية لانتخابات مجلس الشعب 2010 لمقعد (الفئات) بالدائرة … ومقرها مركز شرطة… المحدد لها يوم الأحد الموافق 28/11/2010، والتي أعلنت نتيجتها يوم 30/11/2010، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عدم الاعتداد بكافة الإجراءات التي ترتب عليها إعلان النتيجة، وبطلانها، مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان. وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل الأتعاب عن درجتي التقاضي. وأرفق الطاعن بتقرير طعنه حافظة مستندات، طويت على صورة الحكم الصادر لمصلحته في الطعن رقم 3124 لسنة 57 ق.ع، والآخر الصادر في الإشكال رقم 4922 لسنة 57 ق.ع، والحكم الصادر في الدعوى رقم 1603 لسنة 11 ق.
وقد جرى إعلان الطعن على النحو الثابت بمحضر الإعلان.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 6/12/2010، وفيها مثُل نائبا طرفي الخصومة، وأبدى كل منهما دفاعه، حيث طلب الحاضر عن الدولة الحكم برفض الطعن، وأبدى ممثل هيئة مفوضي الدولة الرأي القانوني بشأن الطعن، على النحو الثابت بمحضر هذه الجلسة، حيث ارتأى الحكم برفض الطعن. وبذات الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 11/12/2010، وفيها نظر الطعن أمام هذه الدائرة، على النحو المبين بمحضر الجلسة، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص– حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 27/11/2010 أقام الطاعن الدعوى رقم 1775 لسنة 11ق أمام محكمة القضـــاء الإداري (دائرة البحيرة)، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الشعب لعام 2010 يوم الأحد الموافق 28/11/2010، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان إعلان نتيجة الانتخاب في حالة إجرائها بدائرة… محافظة …، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعى شارحا دعواه: إنه صدر لمصلحته حكم في الطعن رقم 3124 لسنة 57ق.ع عن المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/11/2010 بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تلقي أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 عن مقعد (الفئات) بدائرة … محافظة …، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها قبول أوراق ترشحه، وتمكينه من سداد قيمة التأمين، وأمرت المحكمة بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان، إلا أن جهة الإدارة لم تقم بتنفيذ الحكم؛ لأن ثَمَّةَ إشكالا في تنفيذه أقيم برقم 273 لسنة 2010 أمام محكمة بندر دمنهور، مما اضطره إلى إقامة الإشكال رقم 2922 لسنة 57 ق.ع، طالبا الاستمرار في تنفيذ الحكم المشار إليه، فقضت المحكمة الإدارية العليا بذلك بجلسة 25/11/2010، إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن التنفيذ، مما حداه على إقامة الدعوى رقم 1603 لسنة 11ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وفيها صدر الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بإجراء العملية الانتخابية لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 بالدائرة … ومقرها مركز شرطة … بمحافظة …، عن مقعد (الفئات)، والمحدد لإجرائها يوم الأحد 28/11/2010، وما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت المحكمة بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان، إلا أن جهة الإدارة لم تنفذ هذا الحكم أيضا، متذرعة بوجود إشكال في تنفيذه مقام أمام محكمة بندر دمنهور برقم 290 لسنة 2010. وإنه إزاء امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ جميع الأحكام الصادرة لصالحه، بما يترتب على ذلك من مصادرة حقه الدستوري، والإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين للترشح لعضوية مجلس الشعب، فقد أقام دعواه الماثلة طالبا الحكم بطلباته المذكورة آنفا.
ونظرت الدعوى أمام المحكمة بجلسة 27/11/2010، وفيها صدر الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات، مشيدة حكمها على أساس أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن القرار الذي يصدره رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب يعد عملا من أعمال السيادة، مما لا تختص بنظره محاكم مجلس الدولة؛ باعتبار أن هذا القرار هو فاتحة العلاقة بين الحكومة ومجلس الشعب.
وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم أقام طعنه الماثل لأسباب تتحصل في الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن طلباته طبقا لصحيح حكم القانون هي الطعن على قرار إجراء الانتخابات في موعدها بعد حصوله على الأحكام القضائية المقررة لحقه، التي لها الحجية المطلقة، والتي امتنعت اللجنة العليا للانتخابات عن تنفيذها، بما يلحق البطلان بالعملية الانتخابية وإجراءاتها بالنسبة لمقعد (الفئات) بدائرة … المحدد لها يوم 28/11/2010، وهو ما يختص برقابته مجلس الدولة، وبذلك فإن ما ذهب إليه الحكم من تكييف طلباته على أنها طعن في قرار دعوة الناخبين لانتخابات مجلس الشعب الصادر عن رئيس الجمهورية برقم 295 لسنة 2010 بتحديد يوم الأحد الموافق 28/11/2010 موعدا لإجراء انتخابات مجلس الشعب فيما يخص الدائرة … ومقرها مركز شرطة … بمحافظة …، جاء مخالفا لصحيح طلباته، خاصة في ضوء المستقر عليه من أن المحكمة، بما لها من سلطة، تبسط سلطانها في فهم عناصر الدعوى، وبالتالي تكييف الطلبات على وَفق صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه ولئن كانت للمحكمة الهيمنة الكاملة على الدعوى واستظهار كافة عناصرها، وقوفا على جميع مناحيها، بما في ذلك ما يرمى إليه رافعها من وراء إقامتها، وصولا إلى لب هدفه منها وحقيق طلباته فيها، إلا أن سلطانها في تكييف هذه الطلبات يتعين أن يسير في فلك طلبات مبديها، متى كانت قد أبديت بعبارات لا لبس في دلالتها ولا غموض في فحواها، وإلا لكان في تكييفها على نحو يغاير صريح دلالتها ويخالف وضوح فحواها ميل بها عن صحيح مطلوب مبديها، وهو ما يلزم أن تميل المحكمة وتنأى عنه.
وحيث إن الطاعن أنهى صحيفة دعواه رقم 1775 لسنة 11ق بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب لعام 2010 يوم الأحد الموافق 28/11/2010، مع ما يترتب على ذلك من آثار سابقة ولاحقة على القرار المطعون فيه، وأخصها بطلان إعلان نتيجة الانتخاب وفرز الأصوات في حالة إجرائها بدائرة … محافظة … . وذكر في شرح دعواه أنه حصل على عدة أحكام ومنها الحكم الصادر في الدعوى رقم 1603 لسنة 11 ق بوقف تنفيذ القرار الصادر بإجراء العملية الانتخابية لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 بالدائرة … ومقرها مركز شرطة … بمحافظة … عن مقعد(الفئات) والمحدد لها يوم الأحد 28/11/2010، ومن ثم فإن دعواه تلك تكون منصبة على قرار دعوة الناخبين لانتخابات مجلس الشعب بالدائرة المذكورة والمحدد لها يوم 28/11/2010، ولا يمكن الجنوح بهذه الطلبات – في ضوء جميع ما ذكره في شرح دعواه من وقائع وما أحاط بإقامتها من ظروف – إلى غير ما جاءت به صراحة، بحسبانها طعنا في ذاك القرار، وهو ما ينطق به صريح العبارة ووضوح الدلالة والفحوى. وإذ اعتمدت المحكمة عند فصلها في الدعوى على هذا التكييف فإنها تكون قد أصابت وجه القانون الحق، ولاسيما أن ما ساقه الطاعن من أن طلباته في الدعوى هي الطعن على قرار إجراء الانتخابات في موعدها بعد حصوله على الأحكام القضائية المقررة لحقه، التي لها الحجية المطلقة، والتي امتنعت اللجنة العليا للانتخابات عن تنفيذها، بما يلحق البطلان بالعملية الانتخابية وإجراءاتها بالنسبة لمقعد (الفئات) بالدائرة … بمحافظـــة … المحدد لها يوم 28/11/2010 – ما ساقه الطاعن قول عارٍ عن صحته، متناقض مع صحيح طلباته التي عبر عنها بعبارات لا لبس في دلالتها ولا غموض في فحواها، خاصةً أنه ذكر في معرض شرح دعواه حصوله على حكم بوقف تنفيذ قرار إجراء الانتخابات بالدائرة المشار إليها عن مقعد (الفئات) والمحدد لها يوم 28/11/2010، الأمر الذي لا يستقيم معه بحال أن تكون طلباته في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هي ذات ما قضي له به سابقا في الدعوى رقم 1603 لسنة 11 ق، ثم في الدعوى رقم 1767 لسنة 11ق بجلسة 27/11/2010 بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 1603 لسنة 11 ق، وما يترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودته.
ومن حيث إن المادة (11) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: ” لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة “. ولما كان المستقر عليه أن الأعمال التي تباشرها الحكومة باعتبارها (سلطة حكم) تعد من أعمال السيادة، بحسبان أنها تباشرها في نطاق وظيفتها السياسية، ومن ثم فلا تمتد إليها الرقابة القضائية، خلافا لما تباشره باعتبارها (سلطة إدارة) في نطاق وظيفتها الإدارية، فتخضع أصالة للرقابة القضائية ولا تنأى بحال عن نطاقها، فمن ثم فإن ما يكون بحسب تكييفه الصحيح من الأعمال الأولى كان لا مناص من النأي به عن نطاق رقابة محاكم مجلس الدولة.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب لعام 2010 المحدد لإجرائه بذات القرار يوم 28/11/2010 بالدوائر الانتخابية على مستوى الجمهورية، ومنها الدائرة … التي مقرها مركز شرطة … بمحافظة …، قد صدر عن رئيس الجمهورية بوصفه (سلطة حكم) وبحسبان وظيفته السياسية، فمن ثم يندرج هذا القرار ضمن أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، دون أن ينال من ذلك توجيه الطعن إلى هذا القرار فيما تضمنه من دعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب بدائرة بذاتها، إذ إن طبيعة القرار لا تتغير بحسب ما إذا كان المراد إلغاؤه كاملا أو إلغاؤه جزئيا، فطبيعته ثابتة له بداءة، دون تأثر بمدى الطعن الذي يوجه إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خلص إلى ذات هذه النتيجة، فلا يكون ثَمَّةَ مطعن مقبول عليه، ويتعين القضاء برفض الطعن، مع إلزام الطاعن المصروفات عملا بالمادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
(1) في المعنى ذاته: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2805 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 4/7/2004، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 49 القضائية، مكتب فني رقم 110 ص 876.