جلسة 16 من أبريل سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 6266 لسنة 46 القضائية عليا.
– سلطة إزالة التعدي عليها- طرقها.
المادة (87) من القانون المدني– المادتان (26) و (31) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقرار بقانون رقم (43) لسنة 1979.
حمى المشرع أموال الدولة العامة والخاصة المملوكة لها أو للأشخاص الاعتبارية من تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها، أو التصرف فيها، أو الحجز عليها– خول المشرع المحافظ المختص أن يتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة، وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري– يجوز للمحافظ أن يفوض بعض اختصاصاته في إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري إلى نوابه أو إلى سكرتير عام المحافظة أو إلى السكرتير العام المساعد أو إلى رؤساء المصالح أو إلى رؤساء الوحدات المحلية الأخرى– للجهة الإدارية المالكة للأرض الحق في استرداد حيازة المساحة المعتدى عليها بأي طريق يحقق لها هذا الهدف ما دام مشروعا؛ فلها أن تلجأ إلى القضاء، ولها أن تستعمل أسلوب السلطة العامة بإصدار قرار بإزالة التعدي، ولها أن تلجأ إلى الطريقين معا- تطبيق.
في يوم الخميس الموافق 11/5/2000 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض تقريرا بالطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، قيد بجدولها برقم 6266 لسنة 46 ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدائرة الأولى في الدعوى رقم 3480 لسنة 53 ق بجلسة 14/3/2000 المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في تقرير طعنه ولما أورده به من أسباب تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بذات المحكمة لتقضي فيه بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم وذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في موضوع الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم الطاعن بجلسة 20/3/2007 مذكرة بدفاعه ردد فيها دفاعه الوارد بتقرير الطعن، ثم قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بذات المحكمة، حيث نظرته بجلسات المرافعة أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وصرحت بالاطلاع وتقديم مستندات ومذكرات خلال أربعة أسابيع، ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص- حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام ضد المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم 3480 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإداري بإيداع عريضتها قلم كتابها بتاريخ 14/1/1999 وطلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 18 لسنة 1998 الصادر عن الجهة الإدارية المدعى عليها بإزالة تعديه على أملاك الدولة بحوض خارج الزمام البحري رقم 53 ناحية البركة قسم المطرية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وذلك على سند من القول بأنه في عام 1952 قام والده باستصلاح واستزراع مساحة – س – ط 12ف بأرض النزاع الكائنة بالموقع سالف الذكر وتملكها في حينها عملا بحكم المادة 874/3 من القانون المدني قبل إلغائها، بعد أن وفر لها الري والصرف وبدأت الأرض تثمر في عام 1954، ثم لوفاة والده انتقلت حيازتها وملكيتها إلى ورثته وهو أحدهم، واستخرجوا بطاقات حيازة زراعية بها من الجمعية الزراعية بناحية (البركة) قسم المطرية، وبعد حدوث التعديل التشريعي للقانون المدني في عام 1981 أقام المدعي وباقي الورثة الدعوى رقم 4259 لسنة 1981 مدني كلي شمال ضد مصلحة الأملاك الأميرية لتثبيت ملكيتهم لأرض النزاع، إلا أنه قضي استئنافيا في الطعن رقم 3479 لسنة 106 ق. س في 31/7/1997 المقام من الجهة الإدارية على الحكم الصادر في الدعوى رقم 4259 لسنة 1981 بتثبيت ملكية أرض النزاع للجهة الإدارية.
وأضاف المدعي أنه حاول تسليم تلك الأرض إلى الجهة الإدارية المالكة تنفيذا لهذا الحكم بالطرق المقررة لتنفيذ الأحكام في قانون المرافعات وذلك دون جدوى رغم إنذارها على يد محضر في 13/5/1998، وبدلا من ذلك قام العاملون بالجهة الإدارية المالكة بإتلاف المزروعات وتشوين المعدات بها؛ فحرر ضدها محضرا بإثبات الحالة رقم 4450 لسنة 1998 حي السلام، ثم أقام دعوى إثبات حالة أمام القضاء المستعجل برقم 3944 لسنة 1998 وأثناء نظر تلك الدعوى وبجلسة 14/12/1998 علم بصدور القرار رقم 18لسنة 1998 بإزالة تعديه على هذه الأرض. وينعى المدعي على هذا القرار مخالفته للدستور والقانون ، وفقدانه ركن السبب وانطواءه على إساءة لاستعمال السلطة والتعسف في استعمالها؛ إذ كان في مقدور الجهة الإدارية تَسلم تلك الأرض تنفيذا للحكم الاستئنافي الذي ثبت ملكيتها للجهة الإدارية بدلا من إصدار قرار الإزالة سالف الذكر بإزالة ما تزعمه الجهة الإدارية تعديا بالطريق الإداري؛ الأمر الذي حدا المدعي على إقامة تلك الدعوى للحكم له بطلباته التي أوردها بعريضة دعواه.
وبجلسة 14/3/2000 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة- الدائرة الأولى حكمها الذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ قرار الإزالة سالف الذكر وإلزام المدعي (الطاعن في الطعن الماثل) المصروفات. وذلك على سند-بعد أن استعرضت نصوص المواد 87 من القانون المدني معدلا والمادتين 26 و 31 من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 معدلا- من أن المشرع خول المحافظ أو من يفوضه إزالة التعدي إداريا على أملاك الدولة العامة والخاصة، وأنه لما كان البين من ظاهر الأوراق ملكية الدولة لأرض النزاع، ومن ثم يكون التعدي الواقع من المدعي بوضع يده عليها وقيامه بزراعتها يستوجب الإزالة إداريا، وإذ أصدرت تلك الجهة الإدارية القرار المطعون فيه بإزالة هذا التعدي؛ فإنه يكون قد صدر مطابقا للقانون غير مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغائه، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار.
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولا من الطاعن فقد طعن عليه بالطعن الماثل ناعيا عليه مخالفة القانون، ووصمه بعيب إساءة استعمال السلطة وذلك للأسباب التي أوردها بتقرير الطعن وعريضة الدعوى المبتدأة.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه؛ فإن المادة 87 من القانون المدني تنص على أن: “1- تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
2- وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم”.
وتنص المادة 26 من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 على أن: “… وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري”.
وتنص المادة 31 من القانون سالف الذكر على أن: “للمحافظ أن يفوض بعض سلطاته واختصاصاته إلى نوابه، أو إلى سكرتير عام المحافظة، أو السكرتير العام المساعد، أو إلى رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات المحلية الأخرى”.
ومن حيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع استهدف حماية أموال الدولة والخاصة المملوكة لها أو للأشخاص الاعتبارية من تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها أو التصرف فيها أو الحجز عليها، وخول المشرع المحافظ المختص أن يتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري، وأجاز المشرع للمحافظ المختص أن يفوض بعض اختصاصاته في إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري إلى مساعديه أو إلى رؤساء الوحدات المحلية الأخرى.
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه أن مورث الطاعن كان قد وضع يده عام 1952 على قطعة أرض من أملاك الدولة بحوض خارج الزمام البحري رقم 53 (اكدستر) بناحية البركة قسم المطرية محافظة القاهرة، وقام باستصلاحها واستزراعها في الوقت الذي تدخل فيه هذه المساحة ضمن مشروع ترعة الطوارئ وصرفها وأحواض التنقية رقم 5218 وذلك منذ عام 1944، ومن ثم فإن ما قام به الطاعن ومورثه من قبله إنما يمثل تعديا على قطعة أرض من أملاك الدولة العامة المخصصة لمشروع ذي نفع عام، وذلك بالمخالفة لنص المادة 87 من القانون المدني سالفة الذكر التي بسطت حمايتها على هذه الأملاك وحظرت التعدي عليها، أو التصرف فيها أو تملكها بالتقادم مهما استطالت مدة وضع اليد وتوافرت شروطها، ورغم ذلك فقد قام الطاعن بإقامة الدعوى رقم 4259 لسنة 1981 مدني كلي شمال القاهرة ضد مصلحة الأملاك الأميرية ومحافظة القاهرة وحي السلام لتثبيت ملكية الطاعن لأرض النزاع، وأثناء نظر الدعوى تدخل مرفق الصرف الصحي بالقاهرة الكبرى، وبجلسة 31/1/1989 حكمت تلك المحكمة بعدم قبول تدخل تلك الهيئة وتثبيت ملكية المدعي (الطاعن في الطعن الماثل) لأرض النزاع. ونظرا إلى أن الجهات الإدارية المالكة لهذه الأرض لم ترض به فقد طعنت على هذا الحكم بالاستئناف رقم 2542 لسنة 106 ق. س حيث أصدرت محكمة الاستئناف حكما تمهيديا بندب مكتب الخبراء المختص لتحديد الوضع القانوني لأرض النزاع وذلك بجلسة 2/2/1990، وقد أعد الخبير تقريره وانتهى فيه إلى أن أرض النزاع من أملاك الدولة ووردت بسجلات مصلحة الأملاك ومسحت مساحة تفصيلية وثابتة على اللوح المساحية وذلك طبقا للوارد بدفاتر المساحة الحديثة، وأنه لا يجوز تملك تلك الأرض بالتقادم لأنها مخصصة لمشروع ترعة الطواري وأحواض الترسيب للمشروع رقم 5218 الصادر سنة 1944 والتي نقلت ملكيتها لمصلحة المنافع العمومية (أملاك أميرية). واستنادا إلى تلك النتائج قضت محكمة استئناف القاهرة الدائرة 82 عقارية بقبول الطعن بالاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم الابتدائي سالف الذكر وتثبيت ملكية المساحة سالفة الذكر للجهة الإدارية المستأنفة (المطعون ضدها في الطعن الماثل) وذلك بجلستها المعقودة بتاريخ 31/2/1997 ، ومن ثم يكون هذا الحكم قد قطع بملكية الجهة الإدارية المطعون ضدها لأرض النزاع، وبذلك أصبح يقينا أن وضع يد الطاعن على تلك الأرض ومن قبله مورثه يد متعدية على أرض مملوكة للدولة ملكية عامة، ومخصصة لمشروع ذي نفع عام، وبالتالي يكون للجهة الإدارية المالكة الحق في استرداد حيازة تلك المساحة من المتعدين عليها وذلك بأي طريق يحقق لها هذا الهدف ما دام مشروعا، سواء كان بتنفيذ الحكم الاستئنافي سالف الذكر بالطريق الذي رسمه المشرع في قانون المرافعات لتنفيذ الأحكام القضائية، أو باستعمال الجهة الإدارية المالكة أسلوب السلطة العامة الذي منحه لها المشرع بالمواد 87 من القانون المدني والمادتين 26 و 31 من قانون نظام الإدارة المحلية وإصدار قرار بإزالة وضع يد المدعي وبقية ورثة مورثه عنها، كما يكون لها أن تلجأ إلى الطريقين معا في وقت واحد، ولا تكون هناك أدنى مخالفة للقانون في جانبها إذا اختارت طريق السلطة العامة.
وبناء على ما تقدم فإذا اختارت أسلوب السلطة العامة وأصدرت القرار رقم 18 لسنة 1998 بتاريخ 17/3/1998 متضمنا إزالة وضع يد الطاعن على تلك الأرض وإزالة جميع الإشغالات التي شغلها بها، فإن هذا القرار يكون قد صدر مطابقا للقانون غير مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغائه، بما ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض هذا الطلب، وذلك دونما حاجة لاستظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه، مع مراعاة أن قيام الجهة الإدارية -بعد صدور الحكم الاستئنافي سالف الذكر وصدور القرار المطعون فيه- بإزالة جميع الإشغالات التي قام بها الطاعن ومورثه لا يمثل أية مخالفة للقانون؛ لأنه قام بهذه الإشغالات على أرض مملوكة ملكية عامة للدولة وهو على يقين بذلك، وبالتالي فإنها-أي تلك الإشغالات- تكون مستحقة الإزالة دون أن يشكل مسلك تلك الجهة الإدارية مخالفة للقانون.
ولا ينال من سلامة القرار المطعون فيه قيام الطاعن بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي سالف الذكر؛ إذ إن دائرة فحص الطعون بمحكمة النقض لم تأمر بوقف تنفيذ هذا الحكم المطعون فيه، وبالتالي أصبح الحكم سالف الذكر واجب النفاذ رغم الطعن عليه بالنقض، لأن هذا الطريق ليس من طرق الطعن العادية التي لا يجوز تنفيذ الحكم إلا بعد ولوجها وصدور حكم برفض الطعن أو تأييده.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تلك النتيجة فإنه يكون قد صدر مطابقا للقانون ولا مطعن عليه، وبالتالي يضحي الطعن عليه فاقدا سنده مخالفا للقانون خليقا بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن يكون بذلك قد خسر الطعن فمن ثم حق إلزامه مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.