جلسة 14 من يناير سنة 2012
الطعن رقم 6508 لسنة 54 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
– تأديب- دعوى تأديبية– سلطة المحكمة التأديبية في تعديل وصف التهمة- لا تتقيد المحكمة التأديبية بالوصف الذي تسبغه النيابة الإدارية على الوقائع المسندة إلى العامل- يجوز للمحكمة تغيير الوصف القانونى للمخالفة، متى رأت أن ترد تلك الوقائع بعد تصحيحها إلى الوصف القانوني السليم.
– تأديب- الطعن في أحكام المحاكم التأديبية- التناقض بين مقدار العقوبة التي قررها الحكم المطعون فيه في الأسباب، وتلك التي وردت في منطوقه- العبرة في تحديد العقوبة التي يقضي بها الحكم هي بما يرد في منطوق ومسودة الحكم، وفي (رول) رئيس المحكمة- ما يرد في أسباب الحكم من عقوبة مغايرة لا يعدو أن يكون سهوا من المحكمة أغفلت شطبه بعد أن أسفرت مداولتها عن العقوبة التي تضمنها منطوق حكمها.
– تأديب- الطعن في أحكام المحاكم التأديبية- رقابة المحكمة الإدارية العليا على أحكام المحاكم التأديبية هي رقابة قانونية لا تعني استئناف النظر بالموازنة والترجيح بين الأدلة إثباتا أو نفيا- تَدَخُّلُ المحكمةِ الإداريةِ العليا وفرضُ رقابتها على الحكم مرهونٌ بأن يكون الدليل الذي اعتمد عليه قضاء الحكم المطعون فيه غير مستمد من أصول ثابتة في الأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة على المحكمة.
– تأديب- الطعن في أحكام المحاكم التأديبية- للمحكمة الإدارية العليا سلطة تعديل الحكم المطعون فيه وإلغائه، أو الحكم بالعقوبة المناسبة لحقيقة ما ارتكبه العامل من ذنب.
بتاريخ 22/1/2008 أودع الأستاذ/… المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في حكم المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بجلسة 22/11/2007 في الدعوى التأديبية رقم 114 لسنة 11 ق، الذي قضى بمجازاة/…و… بخصم شهر من أجر كل منهما، وبمجازاة/… بخصم خمسة عشر يوما من أجره.
وطلب الطاعنون –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الأمر بوقف تنفيذ الحكم الطعين رقم 114 لسنة 11ق تأديبية الإسماعيلية، ثم الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا ببراءتهم مما هو منسوب إليهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام الدائرة الرابعة (فحص) بجلسة 22/12/2010، وبالجلسات التالية لها، حيث قدم الحاضر عن النيابة الإدارية مذكرة دفاع طلبت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وبجلسة 27/4/2011 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة عليا (موضوع)، وحددت لنظره جلسة 21/5/2011 وفيها نظر، وبالجلسة التالية لها المنعقدة بتاريخ 1/10/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/11/2011، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 22/11/2007، وأقام الطاعنون طعنهم الماثل بتاريخ 22/1/2008 أي في اليوم الحادي والستين، إلا أنه إعمالا لنص المادة (16) من قانون المرافعات بإضافة ميعاد مسافة بين محل إقامة الطاعنين بمدينة الزقازيق ومقر المحكمة الإدارية العليا بالجيزة، فإن الطعن يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يغدو مقبولاً شكلاً.
وحيث إن الفصل في الطعن يغني عن التصدي للشق المستعجل منه.
وحيث إن عناصر الطعن تخلص –حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه– في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 114 لسنة 11ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسماعيلية في 31/12/2005 متضمنة ملف قضيتها رقم 963 لسنة 2005 الزقازيق أول وتقرير اتهام ضد: 1-… (مندوب صرف بمكتب تأمينات الزقازيق ثان بالدرجة الثالثة) و2-… (مندوب صرف بمكتب تأمينات الزقازيق أول بالدرجة الأولى) 3… 4-… (مندوب صرف بمكتب تأمينات الزقازيق ثان بالدرجة الأولى)؛ وذلك لأنهم خلال عامي 2003 و2004 بمكتب تأمينات أول وثان الزقازيق بمحافظة الشرقية، وبوصفهم السابق لم يؤدوا العمل المنوط بهم بأمانة وسلكوا مسلكا معيبا وخالفوا القواعد والأحكام المالية بأن:
(الأول) قام بالاستيلاء على مبلغ 366 جنيها قيمة معاشات عن شهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر 2003 للمواطنين/… و… و…، رغم وفاتهم قبل واقعة الصرف، وعلى النحو الموضح بالأوراق.
و(الثاني) قام بالاستيلاء على مبلغ 832 جنيهاً قيمة معاشات عن شهري إبريل ومايو 2004 للمواطنين/… وآخرين، رغم وفاتهم قبل واقعة الصرف… وعلى النحو الموضح بالأوراق.
و(الثالث)…
و(الرابع) قام بالاستيلاء على مبلغ 832 جنيهاً قيمة المعاشات عن شهري ديسمبر 2003، وفبراير 2004 للمواطنين/… وآخرين، رغم وفاتهم قبل واقعة الصرف على النحو الموضح بالأوراق.
وارتأت النيابة الإدارية أن المخالفين ارتكبوا المخالفة المالية المنصوص عليها بالمواد 76/1 و3 و77/1 و78/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والقوانين المعدلة له، وطلبت محاكمتهم بتلك المواد وبالمادتين (80) و(82) من القانون المشار إليه وباقي مواد القوانين المشار إليها بتقرير الاتهام.
………………………………
وبجلسة 22/11/2007 قضت المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بمجازاة/… و… بخصم شهر من أجر كل منهما، وبمجازاة/… بخصم خمسة عشر من أجره.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من ثبوت المخالفة المنسوبة إلى كل منهم في حقه ثبوتاً كافياً بما جاء بالأوراق والتحقيقات، وبشهادة/… عضو إدارة المراجعة بمنطقة تأمينات الزقازيق أول وثانٍ، وما انتهت إليه اللجنة المشكلة لمراجعة بعض حالات المعاشات بمكتب تأمينات الزقازيق أول وثانٍ بعضويته، وهو ما تأكد باعتراف كل منهم بأنه قام بذلك عن طريق الخطأ، مما يشكل في حقهم ذنبا تأديبيا يستوجب مجازاتهم، ولا ينال من ذلك ما دفع به كل منهم من أن الصرف حدث خطأ نتيجة وجود طمس بالبطاقات الخاصة بأصحاب هذه المعاشات، وأنهم قاموا برد المبالغ المستولى عليها فور اكتشاف الواقعة؛ لأن ذلك مردود بأنه كان يتعين عليهم التحري عن أصحاب البطاقات المطموسة والتأكد من أنها تخص أصحاب المعاشات أو رفض صرف تلك المعاشات إلا بعد تجديد البطاقات المشار إليها، كما أن قيامهم برد المبالغ المستولى عليها لا ينفي عنهم ارتكاب واقعة الاستيلاء على معاشات بعض المواطنين دون وجه حق رغم وفاة أصحابها، إذ إنه لولا اكتشاف واقعة الاستيلاء عن طريق لجنة المراجعة بمنطقة تأمينات الزقازيق أول وثانٍ ما تم رد هذه المبالغ، هذا فضلا عن أن صحيفة جزاءات المتهم الأول (المودعة ملف التحقيقات) ثابت بها توقيع أكثر من جزاء عليه، ومن بينها سبق الإبعاد عن الأعمال المالية والاتصال بالجمهور، وهو ما ينم عن اعوجاج سلوكه مما يتعين معه الالتفات عن دفاعه المثار وأخذه بالشدة، في حين أن صحيفة جزاءات المتهمين الثاني والثالث خلت من توقيع جزاءات متعلقة بالنواحي المالية والاتصال بالجمهور في تاريخ سابق على الواقعة محل التحقيق، وهو ما يتعين معه التماس الرأفة لهما في توقيع العقوبة، وأن ما ثبت في حقهم جميعا يعد خروجا على مقتضى الواجب الوظيفي وما تتطلبه وظيفة كل منهم من القيام بمهامها على وجه الدقة والأمانة، مما يكونون معه مرتكبين ذنبا إداريا يستوجب مؤاخذتهم تأديبيا طبقا لنص المادتين (78) و(80) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ومجازاتهم بإحدى الجزاءات المقررة قانونا والتي تقدرها المحكمة بخصم عشرة أيام من أجر المتهم الأول، وخصم خمسة أيام من أجر كل من المتهمين الثاني والرابع.
………………………………
وحيث إن مبنى الطعن المقام من/… و… و… يقوم على تناقض الحكم المطعون فيه بين الأسباب والمنطوق، والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، والخطأ في الإسناد، وذلك على سند من أن الحكم اختتم في أسبابه بأن الجزاء الذي تقدره المحكمة هو خصم عشرة أيام من أجر كل من المتهم/… والمتهم/ … وبخصم خمسة أيام من أجر المتهم/… ، ثم عاد وتناقض مع نفسه وقضى في منطوقه بمجازاة/… و… بخصم شهر من أجر كل منهما، وبمجازاة/… بخصم أجر خمسة عشر يوما من أجره، وهو ما يثبت اختلال عقيدة المحكمة، وإن كان ذلك شكا فإنه يفسر لمصلحة المتهمين.
كما أقام الحكم قضاءه على ما تكون لديه من قناعة في الإهمال، وليس في الاستيلاء على تلك المبالغ، حيث اتخذ من قناعته بتوفر الإهمال دليلا على توفر واقعة الاستيلاء، وهو تناقض يدل على اختلال عقيدة المحكمة؛ إذ إن الإهمال أو الخطأ لا يدل على الاستيلاء وليس الأول نتيجة للثاني.
كما انتهى إلى نتيجة ليس لها أصل بالأوراق، فقد بنى قضاءه بالإدانة عن واقعة الاستيلاء على أساس أن الطاعنين قاموا بصرف معاشات لمواطنين رغم وفاتهم قبل واقعة الصرف، دون أن يذكر كيف انتهى إلى ذلك، ولم يتوفر في الأوراق ما يؤكد واقعة الاستيلاء، حيث لم تضبط أي مبالغ معهم ولم يقل أحد بأنهم وقعوا بأنفسهم على استمارات الصرف بدلاً من المواطنين، إنما تم الاستدلال على واقعة الاستيلاء من مجرد الصرف، ومن ثم يكون الحكم قد جاء دون تحديد للوقائع محل المؤاخذة التأديبية، فلا تلازم بين الصرف الخطأ بفرض ثبوته والاستيلاء، ومن ثم يكون الحكم منتزعا من أمور لا تنتجه.
كما اتخذ الحكم من واقعة وفاة المواطنين قبل الصرف ومن شهادة/… عضو إدارة المراجعة بمنطقة تأمينات الزقازيق دليلا على الاستيلاء، في حين لم تشر في حقيقتها إلا إلى توفر الخطأ والإهمال، ومن ثم حَمَّلَ الشهادة ما لم تحتمل واتخذ منها دليلا على الاستيلاء، كما استند في ذلك إلى اعتراف المحالين ولم يعترف أيٌ منهم بأنه استولى على شيء، وإنما ما يفيد الخطأ فقط.
كما استند الحكم الطعين إلى أمور ليست من واجبات وظيفتهم حيث إن التحري عن أصحاب تلك البطاقات المطموسة ليس من بين واجباتهم، كما أن الحكم أصابه الشطط في الجزاء عن المخالفة التي تشير إليها الأوراق والتي إن صَحَّتْ تتمثل في الخطأ، وقد قام الحكم على افتراض التهم وليس ثبوتها فاستند إلى أمور ظنية إن أكدت شيئا إنما تؤكد الخطأ والإهمال، وهو ما كان يقتضي عدم أخذهم بالقوة المفرطة، كما استند الحكم فيما قضى به فيما يتعلق بالمحالين… و… إلى وجود سوابق مالية بشأنهم، حال أن الرابع لم توقع عليه جزاءات مالية، كما أن الصرف قد تم في بعض الحالات بموجب توكيلات ظاهرها يوحي بصحتها. وخلص الطاعنون إلى طلب الحكم بطلباتهم المبينة سالفاً.
………………………………
وحيث إنه فيما يتعلق بنعي الطاعنين على الحكم التناقض بين مقدار العقوبة التي قررها في الأسباب، وتلك التي وردت في منطوقه، فإنه لما كانت العبرة في تحديد العقوبة التي يقضي بها الحكم هي بما يرد في منطوقه الوارد في مسودته، وفي رول رئيس المحكمة، وأن ما يرد في أسبابه من عقوبة مغايرة لا يعدو أن يكون سهواً من المحكمة أغفلت شطبه بعد أن أسفرت مداولتها عن العقوبة التي تضمنها منطوق حكمها، ومن ثم فإنه يتعين الالتفات عن هذا النعي.
وحيث إنه عن مدى صحة الحكم الطعين فيما قضى به، فإنه من المقرر بقضاء هذه المحكمة:
(أولا) أن الطعن أمامها يثير المنازعة برمتها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار ما إذا كانت به حال أو أكثر من الأحوال التي تعيبه، وللمحكمة الإدارية العليا سلطة تعديل الحكم المطعون فيه وإلغائه أو الحكم بالعقوبة المناسبة لحقيقة ما ارتكبه العامل من ذنب، وبمراعاة الظروف والأسباب المحيطة بواقعة الطعن.
و(ثانيا) أن المحكمة التأديبية لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة الإدارية على الوقائع المسندة إلى العامل؛ لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن تَرُدَّ تلك الوقائعَ بعد تصحيحها إلى الوصفِ التي ترى هي أنه الوصفُ القانوني السليم متى كانت الوقائعُ المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحةً على المحكمة هي بذاتها التي اتُّخِذَتْ أساساً للوصف الجديد.
و(ثالثا) أن المحكمة التأديبية إذا استخلصت من الوقائع الدليل على أن المتهم قد قارف ذنبا إداريا يستأهل العقاب، وكان هذا الاستخلاص سليما من وقائع تنتجه وتؤدي إليه، فإن تقديرها للدليل يكون بمنأى عن الطعن، كما أن رقابة المحكمة الإدارية العليا لا تعني أن تستأنف بالنظر والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتا أو نفيا، إذ إن ذلك من شأن المحكمة التأديبية وحدها، وتدخل هذه المحكمة أو رقابتها لا يكون إلا إذا كان الدليل الذي اعتمدت عليه تلك المحكمة في قضائها غير مستمد من أصول ثابتة في الأوراق، أو كان استخلاصها لهذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة عليها، فهنا فقط يكون التدخل لتصحيح حكم القانون؛ لأن الحكم في هذه الحالة يكون غير قائم على سببه.
وحيث إن الثابت من الأوراق وتحقيقات النيابة الإدارية بالزقازيق–القسم الأول، والتحقيقات التي أجرتها إدارة الشئون القانونية بمنطقة الشرقية للتأمين الاجتماعي، وتلك التي أجرتها الإدارة المركزية للشئون القانونية بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي أرقام 31 لسنة 2004 حصر منطقة الشرقية و41 لسنة 2004 و453 لسنة 2004 رئاسة الهيئة، ومذكرة إدارة المراجعة بمنطقة الشرقية للتأمين الاجتماعي أنه نسب إلى كل من/… (أخصائي اشتراكات بمكتب الزقازيق ثان وصرف معاشات بذات المكتب سابقا، وحاليا أخصائي صادر عام بمكتب الزقازيق ثالث)، و/… (مندوب صرف المعاشات بمكتب أول الزقازيق)، و/… (مندوب صرف بمكتب تأمينات الزقازيق ثانٍ لوحدتي العصلوجي وبيشة فايد ومختص اشتراكات وأمين مخزن لهاتين الوحدتين)، أنهم لم يؤدوا العمل المنوط بهم بأمانة وسلكوا مسلكاً معيباً وخالفوا القواعد والأحكام المالية وذلك خلال عامي 2003 و2004 بمكتب تأمينات أول وثاني الزقازيق بمحافظة الشرقية، وذلك لاستيلاء كل منهم على المبالغ المالية المبينة بتقرير الاتهام بدون وجه حق، قيمة معاشات عن بعض الشهور عام 2003 و2004 لبعض المواطنين، برغم وفاتهم قبل واقعة الصرف، وذلك لعدد سبع حالات.
وحيث إن الثابت من التحقيقات المشار إليها خاصة التحقيقات الإدارية التي أجرتها الجهة الإدارية برئاسة الهيئة، ومذكرة العرض على مدير عام منطقة الشرقية، بشأن التحقيق رقم 31 لسنة 2004 حصر منطقة الشرقية، أنه تم صرف معاشات من وحدة صرف مكتب الزقازيق أول وثان بطريق الخطأ وإصدار شيكات بصرف معاشات على البنك بدون عناوين، وتبين أن الخط المكتوب به طلبات تعديل جهة الصرف لحالات المعاش المذكورة هو نفس الخط الذي كتبت به طلبات صرف المرتدات التي قدمت لمكتب الزقازيق أول، وعدم توخي الدقة في كتابة العناوين بطلبات التعديل لجهة الصرف، وتعديل جهة الصرف لتلك المعاشات دون مبرر إلى مكتب الزقازيق أول، وتعديل جهة الصرف للمستفيدة/… أكثر من مرة، ونزع صفحات من المعاشات الستة، وذلك من تقرير إدارة المراجعة، وأنه بسؤال السيدة/… (مختصة الوارد العام بمكتب تأمينات الزقازيق أول) عن طلبات المرتدات المذكورة بالتقرير محل التحقيق قررت بأن الذي قدم لها طلبات المرتدات هو الزميل/… الذي يعمل بمكتب الزقازيق ثالث وهي تعرف هذا الشخص، وأنه بسؤال/… (رئيس قسم المعاشات بمكتب الزقازيق أول) قرر أنه تسلم طلبات المرتدات الواردة بالتقرير، وبالاستعلام على الحاسب الآلي تبين أن هذه المرتدات وعددها سبع مرتدات من اختصاص مكتب الزقازيق ثان وتم إرسال المرتدات إلى مكتب الزقازيق ثان، كما أن الثابت بالتحقيقات الإدارية أن/… (مندوب صرف مكتب الزقازيق ثان) قرر لدى مواجهته باستيلائه على المبالغ التي صرفها معاشات لبعض المواطنين رغم وفاتهم وذلك عن شهور ديسمبر 2003 ويناير وفبراير 2004 وقيمتها 832 جنيها، بأنه كان يقوم بصرفها عن طريق زميله/… الذي كان يساعده في الصرف بأمر من مدير المكتب/… في ذلك الوقت، وذلك نظرا إلى أنه (أي المحال الرابع) كان يقوم بعمل مختص قسم الاشتراكات وأمين مخزن لوحدتي صرف بيشة فايد والعصلوجي، فالذي استولى على هذه المبالغ هو/… لأنه كان يعرف الناس أصحاب هذه المعاشات بالوحدتين المذكورتين، ولأنه كان يصرف لهم منذ أكثر من ثلاث سنوات، والدليل على ذلك أنه بعد نقله من مكتب الزقازيق ثان إلى مكتب الزقازيق ثالث قام بتحويل هذه الحالات إلى مكتب الزقازيق أول بموجب طلبات تحويل بخط يده، وهي موجودة بإدارة المراجعة وبتحقيقات منطقة الشرقية، وأجرى المحقق مواجهة بينهما بشأن ذلك القول فتمسك كل منهما بأقواله، كما نفى مندوب الصرف بمكتب تأمينات الزقازيق ثان/… استيلاءه على مبالغ المعاشات التي اختص بصرفها بمكتب تأمينات الزقازيق ثان، وقرر أن هذه المبالغ تم صرفها لأصحابها بموجب البطاقات والأختام الخاصة بهم، ولم يتحر عن شكل ووجه صاحب البطاقة والقائم بالصرف لقدم صدور البطاقات، وكبر سنهم، ومن ثم فإنه يستخلص من تلك الأقوال المبينة سالفا الدليل القاطع على أن المتهم/… (مندوب صرف بمكتب الزقازيق ثان، الطاعن الأول) صرف المبالغ قيمة المعاشات المنصرفة منه بمعرفته بصفته مندوب صرف، ومن المختصين بالصرف الآخرين بذات مكتب تأمينات الزقازيق ثان وهما/… و/…، وذلك للمواطنين المذكورين بالتحقيقات وعن الشهور المبينة بها، واستولى عليها لنفسه، ومن ثم تكون هذه المخالفة ثابتة في حق المخالف الأول المذكور على وجه القطع واليقين بشهادة ما قررته/… (مختصة الوارد العام بمكتب تأمينات الزقازيق أول)، و/… (رئيس قسم المعاشات بذات المكتب الأخير).
كما لا ينال من ذلك أيضا نفيه بتحقيقات النيابة استيلاءه على المبالغ بأقوال لم يقم على صحتها دليل، مما يكون معه المتهم/… (مندوب صرف بمكتب تأمينات ثان) قد خالف أحكام المواد 76/1 و3 و7 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة السابق الإشارة إليه، ولم يؤد العمل المنوط به بأمانة، كما خان الثقة التي أولياها إليه زميلاه المتهمان الثالث والرابع بصرفه معاشات للأشخاص الذين يحمل بطاقاتهم وأختامهم وثبت وفاتهم قبل الصرف، ولم يحافظ على كرامة الوظيفة، وهو ما يشكل في حقه ذنباً تأديبياً يستوجب مجازاته عنه بالجزاء المناسب لقدر المخالفة التي اقترفها.
وإذ ثبت أن المخالف المذكور سدد ما استولى عليه من مبالغ هو مختص بصرفها وسدد المتهمون الثاني والثالث والرابع المبالغ التي صرفوها إليه قيمة معاشات مواطنين ثبتت وفاتهم قبل الصرف، ولثبوت سبق إبعاده من الأعمال المالية والتي لها صلة بالجمهور بالقرار رقم 19 في 13/1/1997، فمن ثم فإنه لا معدى أمام المحكمة إزاء الطاعن من تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاته بخصم أجر شهر من راتبه، محمولاً على الأسباب التي يقيمها حكمها الماثل، ورفض طعن الطاعن الأول.
وحيث إنه عن المخالفة المنسوبة للمتهم الثاني (الطاعن الثاني/…) فإن الثابت من التحقيقات الإدارية ومذكرتها وتحقيقات النيابة الإدارية أن المتهم المذكور (مندوب صرف مكتب تأمينات الزقازيق أول) قام بصرف مبالغ المعاشات المنسوب إليه الاستيلاء عليها بموجب توكيلات رسمية عامة لشخص يدعى/… وثبت تزوير التوكيلات، كما ثبت تزوير البطاقات الشخصية للمدعو/…، كما ثبت للجنة المراجعة أن أصحاب المعاشات المذكورين بتقرير المراجعة قد توفوا إلى رحمة الله تعالى قبل صرفها، وذلك من واقع أقوال/… عضو إدارة المراجعة بمنطقة تأمينات الشرقية وعضو اللجنة التي راجعت صرف المعاشات بمكتب تأمينات الزقازيق أول وثان، وكذلك أقوال/… عضو إدارة المراجعة ورئيس اللجنة التي راجعت صرف المعاشات بالمكتبين المذكورين، حيث قرر الأول أنه انتقل إلى مكتبي توثيق الشهر العقاري بالزقازيق للتأكد من مدى صحة التوكيلات وحصل على إفادة من المكتبين تفيد بأن هذه التوكيلات غير صحيحة ولا سند قانوني لها، وأن أرقامها تخص أسماء أخرى غير اسم الوكيل/… وأيضاً أسماء الموكلين، كما انتقل إلى سجل مدني الزقازيق للتأكد من بيانات صور البطاقة الشخصية للوكيل/…، وحصل على إفادة من سجل مدني قسم أول الزقازيق تفيد أن الاسم الصحيح هو/… ورقم البطاقة الصحيح هو 9341 وليس 930465، وكذا العنوان الصحيح هو 15 شارع خالد بن الوليد– قسم أول الزقازيق وليس 35 شارع خالد بن الوليد قسم النحال أول الزقازيق، وهو ما جاء بأقوال المتهم/…، حيث نفى استيلاءه على مبالغ قيمة المعاشات لمواطنين ثبت وفاتهم قبل الصرف والثابت قيمتها وأصحابها بالتحقيقات الإدارية وتقرير لجنة المراجعة، وأضاف أنه صرف هذه المبالغ لأصحابها بموجب توكيلات لشخص يدعى/…، وأنه قد تحرر محضر أقوال لـ/… بتاريخ 31/8/2004 أخذت منه بداخل مكتب الزقازيق أول بمعرفة/… (مديرة المكتب) و/… (رئيس قسم المعاشات بالمكتب)، كما أن صورة بطاقة الوكيل المذكور مذيلة بإقرار موقع منه بأنه قام بصرف معاشات شهري إبريل ومايو 2004 لأصحاب المعاشات المشار إليهم، وأنهم مازالوا على قيد الحياة، ومن ثم فإن الوكيل المذكور يكون هو الذي قام بالاستيلاء على مبالغ المعاشات التي صرف قيمتها من المتهم/…، وأنه لم يشك في شخصية الوكيل المذكور حيث قدم جميع المستندات التي تبيح له الصرف، ومن ثم يكون وصف المخالفة المنسوبة للطاعن الثاني/… بالاستيلاء على مبالغ المعاشات التي قام بصرفها لأصحابها والذين ثبت وفاتهم قبل الصرف، إنما هو وصف لا يتفق مع التكييف السليم للوقائع الثابتة في التحقيقات، وغير مستخلص استخلاصا سائغا من الأوراق، ورغم ذلك قام المحال المذكور بسداد المبالغ التي صرفها للوكيل/…، ومن ثم فإنه ليست هناك مخالفة في حق المحال المذكور، مما تقضي معه المحكمة ببراءته مما هو منسوب إليه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإدانته عن المخالفة المنسوبة إليه ومجازاته عنها بخصم خمسة عشر يوماً من أجره، فإنه يكون قد جانبه الصواب في قضائه الأمر الذي تقضي معه المحكمة ببراءته مما هو منسوب إليه.
وحيث إنه عن المخالفة المنسوبة للطاعن الثالث/… (المحال الرابع بتقرير الاتهام)، وإذ كان الثابت بالتحقيقات الإدارية ومذكرتها المشار إليها سالفا أن/… هو الذي استولى على المبالغ قيمة المعاشات للمواطنين الذين ثبت وفاتهم قبل الصرف، وكان المختص بصرفها هو الطاعن الثالث/…، وكان يقوم بصرفها لزميله/… الذي كان يساعده في الصرف بأمر من مدير المكتب/… في ذلك الوقت، حيث إنه كان يقوم بعمله بقسم الاشتراكات وأمين مخزن وحدتي صرف بيشة فايد والعصلوجي، وأن/… كان يقوم بالصرف لهم في الوحدتين المذكورتين منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبعد نقله من مكتب تأمينات الزقازيق ثان إلى مكتب تأمينات الزقازيق ثالث قام بتحويل حالات هؤلاء المواطنين إلى مكتب تأمينات الزقازيق أول، وتأيد ذلك بأقوال/… و/… بمكتب تأمينات الزقازيق أول، ومن ثم فإن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن الثالث والموصوفة بالاستيلاء على مبالغ لبعض المواطنين بعض الشهور في نهاية عام 2003 والنصف الأول من عام 2004 وثبت وفاتهم قبل الصرف تكون منتفية في حق الطاعن الثالث بهذا الوصف؛ بحسبان أن جريمة الاستيلاء من الجرائم العمدية، وأن القدر المتيقن الذي ينسب إليه هو أنه صرف قيمة المعاشات لمواطنين ثبت وفاتهم قبل الصرف لزميله/… الذي كان يساعده في الصرف وذلك منذ ثلاث سنوات سابقة على وفاة أصحاب المعاشات دون تقديمه سند وكالة في الصرف وإقرار منه أنهم مازالوا على قيد الحياة، وهذا يشكل مخالفة تأديبية في حق الطاعن الثالث قوامها الإهمال وعدم الدقة في صرف مبالغ المعاشات لأصحابها شخصيا أو بموجب توكيلات في الصرف، بالمخالفة لأحكام المواد 76/1 و3 والمادة 77/4 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وهو ما يستوجب مجازاته عنها تأديبيا بأحد الجزاءات المنصوص عليها بالمادة (80) من القانون المشار إليه، وتقدر المحكمة مجازاته بخصم عشرة أيام من أجره، وإذ قضى الحكم المطعون فيه في منطوقه بمجازاته بخصم شهر من أجره فإنه يتعين القضاء بتعديله والاكتفاء بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون ببراءة الطاعن الثاني، وبخصم أجر عشرة أيام من راتب الطاعن الثالث، وبرفض طعن الطاعن الأول.