جلسة 11من ديسمبر سنة 2007
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 6512 لسنة 46 القضائية عليا.
– أثر صدور حكم جنائي ببراءة المخالف نافيا صفة الأرض الزراعية.
المادتان (151) و (155) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم (53) لسنة 1966 المعدل بالقانونين رقمي 116 لسنة 1983 و 2 لسنة 1985.
للجهة الإدارية الحق في إزالة أي تعديات من شأنها النيل من خصوبة الأرض الزراعية أو تبويرها أو تعطيل زراعتها خاصة إذا ما ثبت أن هذه التعديات لم تصل إلى حد المبنى الذي اكتمل بناؤه وصار صالحاً للاستخدام في الغرض الذي أقيم من أجله كالتشوينات والأسوار وأعمال الحفر والأساسات كالقواعد والسملات وغيرها من الأعمال التي تدل بذاتها على عدم اتمام البناء وتهيئته للاستخدام- إذا صدر حكم جنائي ببراءة المخالف من تهمة البناء على الأرض الزراعية، قاطع في نفي صفة الأرض الزراعية عن الأرض الصادر بشأنها قرار الإزالة، فلا مناص من احترام حجية هذا الحكم، ومن ثم يضحى قرار الإزالة مخالفاً للقانون حرياً بالإلغاء.
في يوم الخميس الموافق 18/5/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل حيث قيد بجدولها تحت رقم 6512 لسنة 46ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلسة 25/3/2000 في الدعوى رقم 1039 لسنة 2ق القاضي بقبولها شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان بصفتيهما للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا ووقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا. ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث حضر الطرفان كل بوكيل عنه وقدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة صمم في ختامها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 20/6/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا- موضوع – لنظره بجلسة 6/11/2007 وفيها نظرته المحكمة وحضر المطعون ضده وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بإيداع مذكرات خلال أسبوعين حيث انقضى الأجل دون أن يودع الطرفان شيئاً. وقد صدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعت بتاريخ 6/2/1997 قلم كتاب محكمة القضــاء الإداري بالإسماعيلية وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 35 لسنة 1997 الصادر عن محافظ الشرقية، وذكر المدعي شرحاً للدعوى أن هذا القرار صدر بتاريخ 11/1/1997 وتضمن إزالة منزله ومن ثم فإنه يطعن عليه استناداً إلى أن منزله أقيم مكان منزل قديم أزيل بسبب تصدعه وبعد اتخاذ إجراءات معاينته من الوحدة المحلية بالزرزمون التي أوصت بهدمه وإعادة بنائه كما قامت جمعية شرشيمة للإصلاح الزراعي التابع لها منزله بمعاينته وثبت لها أن المنزل مقام بالطوب الأحمر والطين وبه الأبواب والشبابيك كاملة ويقيم به مع أسرته والمباني آيلة للسقوط، وأضاف أنه سبق تحرير ثلاثة محاضر ضده عن هذا المنزل وقضى فيها كلها بالبراءة وفضلاً عن ذلك كان منزله داخل الكتلة السكنية وليس له سكن آخر بالجهة المذكورة.
وخلص المدعي إلى طلباته سالفة البيان.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت بجلسة 25/3/2000 الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب تخلص في أنه لما كان المشرع بنص المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 قد حظر إقامة أي مبان أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها واعتبر المشرع الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية في حكم الأراضي الزراعية وحدد المشرع في المادة 156 من القانون المذكور عقوبة جنائية هي الحبس والغرامة لمن يخالف نص المادة 152 المشار إليها ونص على أنه يجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف وأناط بوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف.
وخلصت المحكمة إلى أنه إعمالا لهذين النصين يكون من سلطة الجهة الإدارية فقط وقف الأعمال المخالفة دون أن تتجاوز ذلك إلى إصدار قرار بإزالتها لأن المشرع اختص القضاء الجنائي وحده بإزالة هذه الأعمال عند إدانة المخالف بحكم جنائي وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي المطعون ضده قام بالبناء على الأرض الزراعية فأصدرت الجهة الإدارية القرار المطعون فيه متضمنا إزالته فإن هذا القرار يكون صادراً من غير مختص ومشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم باعتبار أن سلطة الإزالة من اختصاص القاضي الجنائي عند الحكم بالإدانة وبالتالي يتعين إلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فأقامت ضده الطعن الماثل استنادا إلى أسباب حاصلها أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وخالف الثابت بالأوراق وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ذلك أن ما قام به المطعون ضده عبارة عن التعدي على الأرض الزراعية بالتبوير والشروع في أعمال البناء طبقاً لما هو ثابت بمحضر المخالفة المحرر ضده وهذه الأعمال من شأنها تبوير الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها ومن حق الجهة الإدارية طبقا لنص المادتين 151 و155 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المشار إليه وتعديلاته إصدار قرار بإزالة هذه الأعمال وإعادة الحال إلى ما كان عليه الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه صادرا من سلطة مختصة قانونا بإصداره ومتفقا وحكم القانون وقائما على ما يبرره من الأوراق مما كان يتعين معه على محكمة القضاء الإداري أن تقضي برفض الدعوى أما وأنها ذهبت إلى غير ذلك بمقولة إن إزالة المباني من سلطة القضاء الجنائي وحده رغم أن الأعمال التي قام بها المطعون ضده لا ينطبق عليها هذا الوصف فإن حكمها يكون مخالفا للقانون جديرا بالإلغاء والقضاء مجددا برفض الدعوى.
ومن حيث إنه وإن كان المشرع بنصي المادتين 151 و 155 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 معدلا بالقانونين رقم 116 لسنة 1983 ورقم 2 لسنة 1985قد حظر ترك الأرض الزراعية دون زراعة لمدة سنة أو القيام بأي عمل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها وحدد عقوبة جنائية لمن يخالف ذلك هي الحبس والغرامة وأجاز لوزير الزراعة – قبل الحكم في الدعوى الجنائية- أن يصدر قراراً بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف، وكان الثابت من الأوراق خاصة محضر المخالفة رقم 3612 لسنة 1997 المحرر ضد المطعون ضده بتاريخ 4/1/1997 أنه قام بهدم منزل قديم سبق تحرير محاضر له عند بنائه وأقام مكانه قواعد خرسانية مسلحة على مساحة 175 متراً دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة رغم أن هذه المساحة ضمن مساحة أكبر موزعة بطريق الانتفاع من أراضي الإصلاح الزراعي على المنتفع… بقرية شرشيمة مركز ههيا بمحافظة الشرقية حوض تل/ 2 دورة داير الناحية الأمر الذي يمثل خروجاً صارخاً على قانون الزراعة سالف الذكر فضلاً عن مخالفته لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 في شأن الإصلاح الزراعي وتعديلاته حيث توجب المادة 14 منه على من وزعت عليه مساحة من أراضي الإصــلاح الزراعي أن يتعهدها بالعناية اللازمة وأن يقــوم على زراعتها الأمر الذي يكون معه للجهة الإدارية كل الحق في إزالة أية تعديات من شأنها النيل من خصوبة هذه الأرض أو تبويرها أو تعطيل زراعتها خاصة إذا ما ثبت أن هذه التعديات لم تصل إلى حد المبنى الذي اكتمل بناؤه وصار صالحاً للاستخدام في الغرض الذي أقيم من أجله كالتشوينات والأسوار وأعمال الحفر والأساسات كالقواعد والسملات وغيرها من الأعمال التي تدل بذاتها على عدم إتمام البناء وتهيئته للاستخدام، الأمر الذي مؤداه أنه كان يتعين على الجهة الإدارية أن تصدر قراراً بإزالة الأعمال التي قام بها المطعون ضده على المساحة المذكورة طبقاً لما ثبت بمحضر المخالفة المشار إليه إلا أنه يبين من حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضده أمام هذه المحكمة أنه قد صدر حكم جنائي ببراءته من تهمة البناء على الأرض الزراعية وذلك في الجنحة رقم 63 لسنة 1997 جنح أمن دولة طوارئ ههيا بجلسة 5/12/1999 استناداً إلى أن الخبير الذي انتدبته تلك المحكمة خلص في تقريره إلى أن أرض الاتهام لم تكن أرضاً زراعية، وعلى الرغم من مخالفة ما ورد بأسباب هذا الحكم الجنائي لما ورد بتقرير الخبير الذي يبين من مطالعته أنه انتهى إلى أن المباني المخالفة تقع خارج الكتلة السكنية المصورة جواً حتى15/4/1985 إلا أنه لا مناص من احترام الحجية المقررة لذلك الحكم أمام القاضي المدني أو الإداري، خاصة أنه قطع في النفي عن الأرض الصادر بشأنها قرار الإزالة المشار إليه صفة الأرض الزراعية ومن المقرر أن حجية الأمر المقضي المقررة للأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام ولا مجال لإهدارها أو إصدار تصرف أو اتخاذ قرار يخالف مقتضاها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإن قرار الإزالة المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون وحرياً بالإلغاء وإذ خلصت إلى ذلك محكمة القضاء الإداري فإن الحكم المطعون فيه محمولاً على الأسباب السالف بيانها بالطعن الماثل يكون موافقاً لصحيح القانون مما يتعين معه رفض الطعن عليه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن من يخسر الطعن يلتزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.