جلسة 27 من أغسطس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح, ويحيى خضرى نوبى محمد, وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 657 لسنة 44 قضائية عليا
ـ قواعد تخصيص أراضى الدولة لإنشاء المجتمعات العمرانية ـ توسيع أو مد الأراضى المخصصة لذات الغرض.
المادة 9 من القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.
ناط المشرع برئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس سلطة تخصيص الأراضى المملوكة للدولة والتى يقع عليها الاختيار لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والطرق الموصلة إليها وذلك بغير مقابل ـ يكون هذا القرار ملزماً لجميع الوزارات والجهات والهيئات المعنية بأملاك الدولة على اختلاف أنواعها ـ أثر ذلك ـ أن توسيع أو مد الأراضى المخصصة لذات الغرض يجب أن تتم بالأداة ذاتها، وذلك بحسبان أن من يملك الأكثر فهو يملك الأقل وحتى يكون القرار الصادر بالتوسع أو بمد الأراضى ملزمًا لجميع وزارات وهيئات الدولة المختلفة وأجهزتها المعنية بأملاك الدولة ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 30/10/1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 657 لسنة 44ق . عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 4/9/1987 فى الدعوى رقم 6048 لسنة 49 ق والقاضى منطوقه “بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات” .
وطلب الطاعن بصفته ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا أصلياً: بعدم قبول الدعوى, واحتياطياً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعاً, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 6/12/1999 وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، حيث حضر الخصوم. وبجلسة 2/4/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة 16/6/2001، حيث جرى تداوله أمامها بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، حيث حضر الخصوم وقدمت الجهة الإدارية الطاعنة مذكرة دفاع.
وبجلسة 20/4/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/8/2002 ومذكرات فى شهر، وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 18/5/1995 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 6048 لسنة 49ق. بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 47 لسنة 1995 الصادر فى 1/4/1995 من وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة.
وذكر شرحاً لذلك أنه بناءً على قرار وزير الزراعة رقم (514) لسنة 1994 تقدم بطلب تملك واستصلاح 700 فدان إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية, وحصل على موافقات الجهات المختصة منها القوات المسلحة والإسكان والتعمير, وقام ومعه مجموعة من شركائه المستثمرين بعمل البنية الأساسية للمشروع وحفر عدد 2 بئر أعماق إلا أنه فوجئ بالقرار المطعون فيه وأعقبه قيام جهاز مدينة الشروق بتدمير وإزالة شبكات الرى وذلك بالمخالفة لأحكام القانون.
تدوول نظر الشق العاجل بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر, وبجلسة 4/9/1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار الإدارى المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن البادى من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتحديد الأراضى التى تمتد إليها الكتلة العمرانية لمدينة الشروق وقد صدر من وزير الدولة للمجتمعات العمرانية الجديدة فى حين أن رئيس مجلس الوزراء هو المختص بإصداره, ومن ثَمَّ فإن هذا القرار يكون قد صدر من غير مختص بإصداره بالمخالفة لأحكام القانون, ويتحقق بذلك ركن الجدية اللازم لوقف التنفيذ, فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى إزالة البنية الأساسية التى أقيمت على الأرض محل الدعوى وتدمير وسائل الري وإتلاف المزروعات بالمخالفة لأحكام القانون.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن بصفته فقد بادر إلى إقامة الطعن الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره وذلك على سند من القول أن الأرض محل النزاع قد آلت إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إعمالاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1991 بالتنسيق مع القوات المسلحة التى سلمتها تلك الأرض بموجب محضر تسليم بعد تقاضيها ما لزمها من تعويضات, وأن صدور القرار المطعون فيه قد صدر من وزير الدولة للمجتمعات العمرانية الجديدة وهو المختص بإصداره قانوناً باعتبار أن أرض النزاع تدخل فى الملكية الخاصة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة, فضلاً عن أن القرار الطعين لا يعدو أن يكون عملاً تمهيدياً أو تحضيريًا يتم فى إطار التناسق القائم بين أجهزة الدولة المختلفة ويدور وجوداً وعدمًا مع تحقيق سياستها وتكون دعوى إلغائه جديرة بعدم القبول .
ومن حيث إن الطاعن بصفته يطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليًا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى, واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 47 لسنة1995 الصادر من وزير الدولة للمجتمعات العمرانية الجديدة بتاريخ 1/4/1995 فيما تضمنه من مد الكتلة العمرانية لمدينة الشروق على النحو المبين بهذا القرار.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بصفته بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى بحسبان أن القرار الطعين بمد الكتلة العمرانية لمدينة الشروق عملاً تمهيديًا أو تحضيريًا, فإن القرار المطعون فيه يشكل إفصاحًا من الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح فى إحداث أثر قانونى ممكن وجائز بغية تحقيق مصلحة عامة تتمثل فى مد الكتلة العمرانية لمدينة الشروق, ومن ثَمَّ فإن القرار المطعون فيه له كافة أركان وشروط القرار الإدارى القابل للطعن عليه بالإلغاء ويكون الدفع المبدى من الطاعن بصفته فى هذا الشأن قد قام على غير أساس سليم، جديرًا بالرفض.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن المادة (9) من القانون رقم (59) لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة تنص على أنه “يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس بتخصيص الأراضى المملوكة للدولة التى يقع عليها الاختيار لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والطرق الموصلة إليها, وكذلك الأراضى المنصوص عليها فى المادة السابقة وذلك بغير مقابل ويكون هذا القرار ملزمًا لجميع الوزارات والهيئات والأجهزة المعنية بأملاك الدولة على اختلاف أنواعها, وتعتبر هذه الأراضى من أراضى البناء وكذا الأغراض الأخرى التي يقوم عليها المجتمع العمراني الجديد ….”.
ومن حيث إن مفاد هذه المادة أن المشرع قد أناط برئيس مجلس الوزراء ـ بعد موافقة
المجلس ـ سلطة تخصيص الأراضى المملوكة للدولة والتى يقع عليها الاختيار لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والطرق الموصلة إليها, وذلك بغير مقابل, ويكون هذا القرار ملزمًا لجميع الوزارات والجهات والهيئات المعنية بأملاك الدولة على اختلاف أنواعها, وبالتالي فإن توسيع أو مد الأراضى المخصصة لذات الغرض يجب أن تتم بالأداة ذاتها وذلك بحسبان أن من يملك الأكثر فهو يملك الأقل. ومن ناحية أخرى لكي يكون القرار الصادر بالتوسع أو بمد الأراضى ملزمًا لجميع وزارات وهيئات الدولة المختلفة وأجهزتها المعنية بأملاك الدولة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على وقائع المنازعة الماثلة, وكان البادى من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الطلب العاجل من الدولة ـ ودون التعول على طلب الإلغاء ـ أن القرار المطعون فيه رقم (47) لسنة 1995 الصادر بتاريخ 1/4/1995 قد نص فى مادته الأولى على مد الكتلة العمرانية لمدينة الشروق من ناحية الشرق حتى الحد الغربى لمدينة بدر فى المنطقة الواقعة بين طريق القاهرة ـ الإسماعيلية الصحراوى شمالاً وطريق القاهرة ـ السويس جنوباً, وذلك لاستيعاب الزيادة السكانية المتوقعة بمدينة القاهرة حتى
سنة 2010, مع ترك مسافة 500 متر من الأراضى المخصصة لمدينة بدر لتكون حزامًا أخضر بين المدينتين وفقاً للحدود الموضحة على الخريطة المرافقة لهذا القرار, ولما كان المختص بإصدار مثل هذا القرار هو رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس, ومن ثَمَّ فإن القرار المطعون فيه وقد صدر من وزير الدولة للمجتمعات العمرانية الجديدة يكون صادراً ممن لا يملك إصداره ومعيباً بعيب عدم الاختصاص وهو الأمر الذى يرجح إلغاءه عند الفصل فى الموضوع مما يوفر لطلب وقف تنفيذ هذا القرار ركن الجدية ـ فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ هذا القرار من حرمان المطعون ضده من استكمال زراعة الأرض المخصصة له ـ والتى يستغرقها هذا القرار ـ وإزالة وهدم كافة الأعمال التي قام بها لغرض زراعة هذه الأرض من حفر عدد 2 بئر أعماق وغرس أشجار، وهى أضرار يتعذر تداركها, وإذ توافر ركن طلب وقف التنفيذ فإنه يتعين القضاء به.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ذكرته الجهة الإدارية الطاعنة من أن أرض النزاع تدخل فى نطاق الملكية الخاصة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طبقًا للقانون رقم (7) لسنة 1991 فى شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة لأن المادة الثانية من هذا القانون تنص على أنه ” تكون إدارة واستغلال والتصرف فى الأراضى الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية وفقًا للأوضاع والإجراءات الآتية:
أ ـ يصدر رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء بناءً على عرض وزير الدفاع قرارًا بتحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضى الصحراوية التى
لا يجوز تملُّكها ويتضمن القرار بيان القواعد الخاصة بهذه المناطق .
ب ـ وفيما عدا الأراضى المنصوص عليها فى البند (أ) يصدر رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص ـ حسب الأحوال ـ قراراً بتحديد المناطق التى تشملها خطة مشروعات استصلاح الأراضى أو مناطق إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة أو المناطق السياحية…………..
وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف فى الأراضى التى تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع, كما تتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إدارة واستغلال والتصرف فى الأراضى التى تخصص لأغراض إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وتمارس كل هيئة من الهيئات المشار إليها سلطات المالك فى كل ما يتعلق بالأملاك التى يعهد إليها بها, وتباشر مهامها فى شأنها بالتنسيق مع وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة ……. “.
ولما كان البادى من الأوراق أن الأرض محل النزاع تخضع لولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والتى فوضت محافظ القاهرة للتصرف فيها طبقاً للقرار الوزارى رقم (514) لسنة 1994 والتى آلت إلى مديرية الزراعة بمحافظة القاهرة بموجب قرار محافظ القاهرة رقم (291) لسنة 1994 وتم تخصيصها للمطعون ضده بعد حصوله على الموافقات اللازمة وثبوت جديته فى استصلاح الأرض وزراعتها ـ كتاب مديرية الزراعة ـ محافظة القاهرة ـ لرئيس الشئون القانونية بوزارة التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة المؤرخ 16/4/1995 ـ المرفق طى حافظة مستندات الطعون هذه أمام محكمة أول درجة بجلسة 5/3/1996 وكذا
ما ورد بهذا الكتاب من أن أى إجراءات تتخذ من شأنها الإضرار بالزراعات وبنيتها الأساسية
أو تلفها أو إزالتها تكون على مسئولية مرتكب هذه الأفعال لوقوعها ضمن خطة الاستصلاح والاستزراع.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك أيضًا ما ذكرته الجهة الإدارية الطاعنة بأن الأرض قد آلت إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ـ من القوات المسلحة بعد سداد التعويضات اللازمة فإن البادى من كتاب أمين وزارة الدفاع ـ المرفق طى حافظة المستندات المشار إليها ـ إلى الهيئة المشار إليها فى 26/12/1994 ردًا على طلب هذه الهيئة لأرض النزاع هو وجوب سداد مبلغ سبعمائة ألف جنيه لتنفيذ ميدان رماية بديل للميدان الموجود بالأرض المطلوبة …….
ثانياً: التنسيق مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بشأن إلغاء التخصيصات الصادرة منها لبعض المواطنين لاستصلاح أجزاء من هذه المساحة؛ حيث سبق أن حصلت الهيئة المذكورة على موافقات من القوات المسلحة فى هذا الشأن, ويؤكد ذلك
ما جاء بكتاب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة لوزير الدولة للمجتمعات العمرانية الجديدة بتاريخ 14/9/1995 طالباً منه تنفيذ توصيات مجلس الوزراء بجلسة 20/6/1995 بعدم التعرض للمساحات المنزرعة التى لها تعاقد ثابت التاريخ حفاظاً على الأموال التى تم استثمارها فى هذه الأنشطة وحفاظاً على مصداقية أجهزة الدولة واحتراماً لها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد واكب الصواب ويكون الطعن عليه قد جاء دون سند من الواقع أو القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.