جلسة 19 من يناير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف، وإبراهيم على إبراهيم، وعبدالمنعم أحمد عامر، ومحمد الشيخ أبوزيد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عمر.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6602 لسنة 44 قضائية عليا:
ـ عاملون بجهاز الخدمات العامة بالقوات المسلحة ـ شروط وضوابط الترقية.
المادة (5) من قرار رئيس الجمهورية رقم 195 لسنة 1981 بإنشاء جهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع.
المادة (57) من قرار رئيس مجلس إدارة الجهاز رقم 1 لسنة 1985 بشأن إصدار لائحة العاملين بالجهاز.
لائحة العاملين بجهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع أخذت بالمعيار الموضوعى الذى يقوم على استقلال المجموعات النوعية للوظائف فى مجال الترقية إلا أن مناط إعماله رهين باعتماد جداول ترتيب وتوصيف الوظائف التى يتضمنها الهيكل التنظيمى للجهاز وإلا تعذر الأخذ بهذا المعيار وتأبى على التطبيق العملى وصار الاستناد إليه عند المفاضلة بين المرشحين للترقية مخالفاً لأحكام القانون ـ مؤدى ذلك: ـ أن عدم اعتماد جداول ترتيب وتوصيف الوظائف التى يتضمّنها الهيكل التنظيمى للجهاز يجعل جميع العاملين بالجهاز منتمين إلى مجموعة وظيفية واحدة وتتم ترقيتهم إلى الدرجات الأعلى فى حدود النسب المقررة للترقية بالأقدمية على أساس الأقدمية المطلقة لكل منهم فى الدرجة المالية السابقة مباشرة على الدرجة المرقى إليها ـ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق 3/6/1998 أودع الأستاذ / أحمد خلف البيومى المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 6602 لسنة 44 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة الترقيات) بجلسة 9/5/1998 والذى قضى:
أولاً:بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا والزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 186 لسنة 1993 فيما تضمّنه من تخطى الطاعن فى الترقية إلى الدرجة الثانية التخصصية اعتبارًا من1/7/1993ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه لأسبابه ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا مع إلزام الطاعن المصاريف.
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة السابعة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إحالته إلى هذه الدائرة وحددت لنظره أمامها جلسة 26/8/2002. والجلسات التالية تداولت نظره وحتى قررت بجلسة 17/11/2002 إصدار هذا الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 7876 لسنة 49 ق بإيداع عريضتها ـ ابتداء ـ قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الدفاع بتاريخ 22/9/1993 طالبًا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بترقيته إلى الدرجة الثانية اعتباراً من 1/7/1993 وما يترتب على ذلك من آثار مالية.
وقال شرحاً لدعواه أنه عقب قضائه مدة عام فى الخدمة العامة عُين بتاريخ 2/12/1982 بوظيفة من الدرجة الثالثة التخصصية بجهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع، وأنه فوجئ بصدور القرار رقم 186 لسنة 1993 فى 11/6/1993 متضمناً ترقية زملاء له ـ أحدث منه فى تاريخ التخرج والأقدمية ـ إلى الدرجة الثانية منهم يوسف حربى أميرهم، وفتح محمد عبد العليم وسمير منير عبد الملك، ونعى على هذا القرار مخالفته للقانون ، ورأت هيئة مفوضى الدولة عدم اختصاص المحكمة الإدارية نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة للاختصاص والتى تداولت نظرتها حتى قضت فيها بجلسة 9/5/1998 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعًا.
وأقامت المحكمة قضاءها ـ باستعراض أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 195 لسنة 1981 بإنشاء جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة ولائحة نظام العاملين به ـ على أساس أنها تضمنت ضوابط الترقية للعاملين بالجهاز سواء بالأقدمية أو الاختيار وشروط الترقية من توافر المدد البينية للترقى للوظيفة الأعلى ووجود درجة خالية وممولة لترقية العامل فى ذات المجموعة النوعية التى ينتمى إليها وأن الترقية إلى الدرجة الثانية تكون بنسبة 50% بالأقدمية وكذا بالاختيار، وأن الثابتة بالأوراق أن القرار المطعون فيه تضمّن ترقية بعض العاملين من شاغلى الدرجة ومنهم يوسف حربى أميرهم وفتح محمد عبد العليم وسمير منير عبدالملك وأن الثابت من كشوف ترقية أقدمية العاملين بالجهاز المدعى عليه أن المطعون على ترقيتهم ينتمون إلى المجموعة النوعية والتخصصية “التجارى، المالى، الإدارى” بينما ينتمى المدعى إلى مجموعة الوظائف التخصصية القانونية والتى تختلف عن المجموعة النوعية لهؤلاء المرقين ومن ثم فإنه لا يجوز له مزاحمتهم، أما محمد عزام عبد السلام زميل المدعى فى ذات مجموعته القانونية والذى رقى بذات القرار إلى الدرجة الثانية فقد ثبت بالأوراق أنه أقدم من المدعى فى الدرجة السابقة (الدرجة الثالثة) ومن ثم يكون أحق منه فى الترقية إلى الدرجة الثانية وبالتالى يكون القرار المطعون فيه مطابقاً لأحكام القانون ولا ينال منه القول ببطلان تشكيل لجنة شئون العاملين بالجهاز لكون بعض أعضائها من العاملين بعقود خبرة مؤقتة لأن هذا القول ـ كما قررت المحكمة ـ جاء مرسلاً دون دليل عليه من الأوراق، وبالتالى تكون الدعوى بطلب إلغاء القرار المطعون فيه غير قائمة على سند من القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها:
أولاً: الفساد فى الاستدلال : إن استدلال المحكمة على أن الطاعن ينتمى إلى مجموعة تختلف عن المجموعة النوعية التى تم ترقية زملاؤه إليها بكشوف الترقية استدلال فاسد من أساسه لأن هذه الكشوف لا تقطع أن هناك هيكلاً تنظيمياً بالجهاز المطعون ضده وإنما تتم الترقية على درجات مالية فقط طبقًا للأقدمية وليس على وظائف نوعية، ويؤكد ذلك ما ورد بمحضر اجتماع لجنة شئون العاملين بشأن النظر فى ترقيات العاملين بتاريخ 12/5/1993 من أن الترقية تمت على درجات خالية فقط وليست بحسب الوظائف النوعية.
ثانيًا: بطلان قرار الترقية: وذلك لصدوره بناء على موافقة لجنة شئون العاملين بالجهاز بجلستها المنعقدة فى 12/5/1993 والمشكلة من خمسة أعضاء، ثلاثة منهم من الضباط المتعاقدين بعقود خبرة مؤقتة بالمخالفة لما ورد بقرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 بنظام توظيف الخبراء، وكذلك قرار رئيس الوزراء رقم 1585 لسنة 1985 بشأن ضوابط الاستعانة بالخبراء والمستشارين ومن عدم جواز توليهم سلطات تنفيذية أو إدارية.
ومن حيث إن المادة (5) من قرار رئيس الجمهورية رقم 195 لسنة 1981 بإنشاء جهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع تنص على أنه ” لمجلس الإدارة جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال والمشروعات والأنشطة التى يُناط به القيام بها دون التقيد بالقواعد الحكومية وللمجلس أن يتخذ ما يراه لازمًا من القرارات ….. وله على الأخص :
أ ـ …………………
ب ـ وضع اللوائح المتعلقة بتنظيم شئون العاملين بالجهاز وينطبق على العاملين المدنيين بالجهاز القواعد والأنظمة المقررة بالنسبة للعاملين المدنيين بوزارة الدفاع ………. وتنفيذًا لحكم هذا النص صدر قرار رئيس مجلس إدارة الجهاز رقم (1) لسنة 1985 بشأن إصدار لائحة نظام العاملين به بعد موافقة من الإدارة عليها فى 28/3/1984، وأفردت فى المادة (57) وما بعدها من الأحكام المنظمة للترقية وما يرد عليها من ضوابط من خلال التقسيمات النوعية للوظائف والسلطة المختصة بالترقية فى ضوء الشروط والضوابط المشار إليها باللائحة.
ومن حيث إنه ولئن كان مسلماً أن محكمة القضاء الإدارى قد أخطأت بقبولها الدعوى التى أحيلت إليها بمقتضى تقرير هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية دون أن تُحال إليها بمقتضى حكم من المحكمة الإدارية التى رفعت إليها الدعوى بداءة، إذ كان يتعين عليها أن تقرر من تلقاء نفسها باستبعاد الدعوى من الرول، ألاَّ أنها تصدت للدعوى وفصلت فى موضوعها واستنفدت فيها ولايتها فإن الطعن فى حكمها بطرح النزاع برمته على المحكمة الإدارية العليا التى تملك ـ وهى المختصة بنظر الطعن أن تزن الحكم المطعون فيه بميزان المشروعية من جميع جوانبه بما لا حاجة بها إلى إعادة الدعوى من جديد إلى محكمة القضاء الإدارى أو المحكمة الإدارية لتقضى فيها بعدم اختصاصها وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى ولا معدى فى هذه الحال ـ من التصدى لموضوع النزاع لبحث مدى أحقية صاحب الشأن فى طلباته.
ومن حيث إن المسلم به فى ضوء هذه المحكمة أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها ويفترض فى القرار غير المسبب أنه على سبب صحيح، وعلى من يدعى العكس أن يقيم الدليل على ذلك بل أنه إذا ذكرت جهة الإدارة أسبابًا من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب المحكمة أو كان القانون يلزمها بتسبيب قرارها فإن ما تبديه من أسباب يكون خاضعاً لرقابة القضاء وله فى سبيل إعمال رقابته أن يمحص الأسباب التى ذكرتها بغية التحقيق فى مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك فى النتيجة التى انتهى إليها القرار.
ومن حيث إنه ولئن كانت الجهة الإدارية لا تمارى فى أن المطعون فى ترقيتهم إلى الدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه وهم: يوسف حربى أميرهم وفتح محمد عبد العليم وسمير منير عبد الملك ـ أحدث من الطاعن فى أقدمية الدرجة السابقة (الثالثة) إلا أنها تستند فى ترقيتها لهم دونه على أنهم ينتمون إلى المجموعة النوعية التخصصية (التجارى، المالى، الإدارى) بينما ينتمى هو إلى مجموعة مغايرة وهى المجموعة القانونية، كما أن زميله محمد عزام عبد السلام المرقى بهذا القرار وإن كان ينتمى إلى ذات مجموعة الطاعن النوعية إلا أنه سابق عليه فى أقدمية الدرجة الثالثة التخصصية ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقًا لأحكام القانون وبصفة خاصة لائحة نظام العاملين المدنيين بجهاز خدمات القوات المسلحة والتى تؤكد نصوصها سالفة الذكر أنها تأخذ فى مجال الترقية بالمعيار الموضوعى القائم على الاعتداد بمسمى الوظائف وتقسيمها إلى مجموعات نوعية مختلفة تستقل كل منها عن الأخرى عند التعيين والترقية والنقل، إذ تشترط هذه النصوص للترقية سواء بالأقدمية أو بالاختيار وجود وظيفة خالية وممولة من نفس المجموعة النوعية التى ينتمى إليها العامل والتى تتضمنها الكشوف التى يعدها فرع شئون العاملين فى الجهاز لعرضها على لجنة شئون العاملين عند نظرها فى ترقية هؤلاء العاملين طبقًا لأحكام المواد: 60 ، 61 ، 62 من اللائحة المذكورة.
ومن حيث إن مفاد أحكام لائحة نظام العاملين المدنيين بالجهاز سالفة البيان الأخذ بالمعيار الموضوعى الذى يقوم على استقلال المجموعات النوعية للوظائف فى مجال الترقية إلاَّ أن مناط إعماله رهين باعتماد جداول ترتيب وتوصيف الوظائف التي يتضمنها الهيكل التنظيمى للجهاز وإلا تعذر الأخذ بهذا المعيار وتأبى على التطبيق العملى وصار الاستناد إليه عند المفاضلة بين المرشحين للترقية مخالفاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الأوراق قد خلت من أى دليل قطعى على اعتماد جداول ترتيب وتوصيف الوظائف بالجهاز المذكور فى 11/6/1993 تاريخ صدور قرار الترقية رقم 186 لسنة 1993 المطعون فيه، ومن ثَمَّ لم يكن العاملون المرقون بمقتضاه ينتمون إلى مجموعات نوعية مختلفة تبرر استبعاد من عداهم ويغدو قرار تخطى الجهة الإدارية للطاعن فى الترقية استنادًا إلى انتمائه إلى مجموعة نوعية مغايرة وترقية من هم أحدث منه فى أقدمية الدرجة السابقة على الترقية قد صدر مخالفاً لأحكام القانون خليقًا بالإلغاء يؤكد ذلك ويظاهره ما ورد بمحضر اجتماع شئون العاملين المحرر فى 22/5/1993 بشأن النظر فى الترقيات الصادر بشأنها القرار المطعون فيه من أن “اللجنة اطلعت على فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع الصادرة بتاريخ 5/4/1981 والتى انتهت إلى جواز شغل الدرجات المالية الخالية لحين اعتماد جداول ترتيب وتقييم الوظائف بالوزارات والهيئات العامة بإجراء حركة الترقيات على الدرجات الخالية بها.
هذا فضلاً عن أن ما قدمته الجهة الإدارية بجلسة 6/3/2002 أثناء نظر الطعن من الهيكل التنظيمى للمؤسسة العامة الاقتصادية للقوات المسلحة ليس إلاَّ تقسيمًا للإدارات والأقسام والقطاعات التي تحتوى عليها تلك المؤسسة ولا علاقة لها بترتيب وتوصيف وظائف جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة المطعون ضده.
الأمر الذى يتعين معه اعتبار جميع العاملين بالجهاز منتمين إلى مجموعة وظيفية واحدة وتتم ترقيتهم إلى الدرجات الأعلى فى حدود النسب المقررة للترقية بالأقدمية على أساس الأقدمية المطلقة لكل منهم فى الدرجة المالية السابقة مباشرة على الدرجة المرقى إليها، فإذا كان الثابت من الأوراق أن الطاعن يسبق فى أقدميته الدرجة الثالثة كلاً من يوسف حربى وفتح محمد عبد العليم وسمير منير عبد الملك الذين تمت ترقيتهم إلى الدرجة الثانية دونه بمقتضى القرار المطعون فيه ، فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون وأوردت قرارها موارد الطعن فيه بالإلغاء.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون مخالفاً لأحكام القانون متعينًا إلغاؤه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من تخطى الطاعن فى الترقية إلى الدرجة الثانية.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى الترقية إلى الدرجة الثانية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.