جلسة 22من مارس سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ويحيى خضرى نوبى محمد، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن، وعمر ضاحى عمر ضاحى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد إبراهيم عبدالصمد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6730 لسنة 47 قضائية . عليا:
عقد مقاولة ــ أولوية العطاء.
طبقًا لحكم المادة (80) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات رقم (9) لسنة 1983، تلتزم جهة الإدارة بمحاسبة المقاول المتعاقد معها على أساس كميات الأعمال المنفذة بالفعل وفقًا لأسعار عطائه بغض النظر عن الكميات الواردة بجدول الفئات ولو زادت أو قلت عنها وسواء ترتبت الزيادة أو العجز عن خطأ فى الحساب أو زيادة فى حجم الأعمال نتيجة تغيرات أدخلت فى العمل طبقًا لأحكام العقد شريطة ألا يؤدى ذلك إلى الإخلال بأولويته فى ترتيب عطائه باعتباره الأفضل شروطاً والأقل سعرًا ــ أساس ذلك: مراعاة العدالة فى التعامل وهو ما فطنت إليه المادة المذكورة وعنيت بأن ترد على المتناقص صاحب الأولوية الظاهرية قصده بالنص على أن تظل الأولوية التى رتبت العطاءات وأرست المناقصة مصاحبة للعقد حتى تمام التنفيذ؛ وأن يراعى إعمال هذا الشرط لدى حساب ختامى العملية بحيث إذا فقد هذه الأولوية تعين محاسبته عما قام بتنفيذه من أعمال على أساس قيمتها حسب أسعار العطاء التالى – تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق الثامن عشر من أبريل سنة 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 6730 لسنة 41ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 558 لسنة 17 ق . بجلسة 18/2/2001 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى باقى قيمة مستحقاته عن عملية إنشاء مستشفى قروى بناحية صدقا مركز السنبلاوين وقدره 708و27850جنيه على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ قبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بالغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى أرتأت فيه الحكم “بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات”.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/5/2002 حيث نظر بهذه الجلسة وما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 2/10/2002 قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع وبجلسة 19/2/2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ــ الدائرة الثالثة ــ لنظره بجلسة 2/9/2003حيث نظر بهذه الجلسة وماتلاها من جلسات وبجلسة 21/12/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيت إن عناصر هذه المنازعة ــ تخلص حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 1/1/1995 أقام المدعى (المطعون ضده) الدعوى رقم 558 لسنة 17 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة طلب فى ختامها الحكم بالزام الجهة الإدارية بأن تؤدى له مبلغ 708و27850جنيه وإلزامها المصروفات.
وقال ــ شرحا لدعواه ــ إنه بتاريخ 17/ 11/1992 تعاقد مع الجهة الإدارية على انشاء عملية المجموعة الصحية القروية بناحية صدقا مركز السنبلاوين بقيمة إجمالية 423034 جنيها وقد قام بتنفيذ العملية وتسليمها ابتدائيًا ونهائيًا إلا أنه فوجىء عند عمل الحساب الختامى للعملية بخصم مبلغ 870و27850 جنيه قيمة فروق أولوية العطاء بالنسبة للعطاء الذى يليه وذلك بالمخالفة لأحكام وشروط العقد ذلك لأنه وضع بالشروط التى وضعتها مديرية الإسكان والمرافق بالدقهلية والتى تم التعاقد على أساسها. أن مشروع الأساسات والتصميم تم على أساس أن جهد التربه 6 كجم /م2 وتقدم المدعى بعطائه على أساس ذلك واحتسبت فئات أسعاره على مقتضى ذلك ، إلا أن الذى يليه والمقدم من الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بالدقهلية أدرج به أن مشروع الأساسات والتصميم ثم على أساس أن جهد التربة 7 كجم /م2 وذلك بالمخالفة لاشتراطات الجهة الإدارية بالإضافة إلى أنه من المعلوم هندسيًا أنه كلما زاد جهد التربة قلت كميات الأساسات وكلما قل جهد التربة زادت كميات الأساسات، مما مفاده أنه لا يجوز لجهة الإدارة عند أعمال مبدأ أولوية العطاء أن تقارن عطائه بعطاء الجمعية لمخالفته لشروط التعاقد، كما أنه جاء بالشرط الثالت من شروط التعاقد أن الأساسات تمت على أساس أن عدد الأدوار أرضى أول علوى، إلا أنه بعد ترسيه العملية تم تعديل مشروع الأساسات ليكون أرضى + دورين علويين، وهو ما يعد تعديلاً جزريًا لمشروع الأساسات بل وللعملية بأكملها ولا يجوز أعمال مبدأ أولوية العطاءات مع الذى يليه، كما أنه من شروط العملية أن يضع مقدم العطاء فئات الأسعار على الكميات الواردة بالعطاء بالنسبة لبند الأساسات وهو ما التزم به المدعى ولم يلتزم به العطاء الذى يليه. واختتم المدعى صحيفة دعواه بالطلبات سالفة البيان.
وبجلسة 18/2/2001 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه وشيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة طرحت العملية موضوع الدعوى وضمنت شروطها أن يكون التأ سيس على أساس أن جهد التربة 6 كجم/م2 والتزام المدعى بهذا الشرط بينما تقدم العطاء الذى يليه بمشروع التأسيس على أساس أن جهد التربة 7 كجم/م2 ومن ثم كان من المتعين على الجهة الإدارية استبعاد العطاء فنيًا ولكنها قبلته وبالتالى يكون من المستحيل إعمال مبدأ أولوية العطاء لاختلاف النظام الخاص بمقايسة الأساسات بكلا العطاءين وهو ما لم تنكره الجهة الإدارية أو تقدم من المستندات ما يدحضه. بالإضافة إلى ما تقدم فإنه يفترض لأعمال مبدأ أولوية العطاء أن يكون العطاء المقارن قد حدد فئات أسعار بنود الأساسات حتى يمكن أعمال المقارنة بين العطاءين ومحاسبة العطاء المنفذ للعملية على أساس الأقل فيهما، ولما كان المدعى قد قدم بعطائه كميات وأسعار لبنود المقطوعية ولم يذكر العطاء المقارن كميات وأسعار للمقطوعية ومن ثم فإن قيام الجهة الإدارية بأعمال مبدأ أولوية العطاء بشأن العملية موضوع الدعوى وخصم مبلغ 870و27850 جنيهًا قيمة الفرق بين عطاء المدعى والعطاء الذى يليه يكون قد تم بالمخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه لخروجه على أحكام المواد 76، 80 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 والتى تجيز للجهة الإدارية زيادة حجم عقود الأعمال فى حدود 25% مع مراعاة أولوية العطاء. وإذ كان الثابت أن قيمة ختامى العملية حسب عطاء المطعون ضده يبلغ 496243.760 جنيهًا بينما بلغ قيمة العطاء التالى المقدم من الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير مبلغ 468392,890 جنيها ومن ثم يحق للجهة الإدارية خصم الفارق بين العطاءين والبالغ 27850,870 من مستحقات الطاعن إعمالاً لشرط أولوية العطاء.
ومن حيث إن المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 والذى يحكم واقعة النزاع تنص على أن «المقادير والأوزان الواردة بجدول الفئات هى مقادير وأوزان تقريبية قابلة للزيادة والعجز تبعا لطبيعة العملية والغرض منها هو بيان مقدار العمل بصفة عامة والأثمان التى تدفع للمقاول تكون على أساس الكميات التى تنفذ فعلاً سواء أكانت تلك الكميات أقل أم أكثر من الوارد بالمقايسة أو الرسومات.
وسواء نشأت الزيادة أو العجز عن خطأ فى حساب المقايسة الابتدائية أو عن تغيرات أدخلت فى العمل طبقًا لأحكام العقد وبمراعاة ألا يؤثر ذلك على أولوية المقاول فى ترتيب عطائه……..”
ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه وفقا لحكم المادة 80 سالفة الذكر فان جهة الإدارة تلتزم بمحاسبة المقاول المتعاقد معها على أساس كميات الأعمال المنفذه بالفعل وفقا لأسعار عطائه بغض النظر عن الكميات الواردة بجدول الفئات ولو زادت أو قلت عنها وسواء ترتبت الزيادة أو العجز عن خطأ فى الحساب أو زيادة فى حجم الأعمال نتيجة تغيرات أدخلت فى العمل طبقًا لأحكام العقد شريطة ألا يؤدى ذلك إلى الإخلال بأولويته فى ترتيب عطائه باعتباره الأفضل شروطًا والأقل سعرًا وأن الهدف من نص تلك المادة هو مراعاة العدالة فى التعامل وهو ما يستلزم مراعاة ألا تؤدى مغالاة صاحب العطاء فى أسعار الأعمال أو الفئات التى ينتظر زيادة حجمها أو كمياتها عند التنفيذ، وإنقاص أسعار الأعمال أو الفئات الأخرى التى يتوقع تخفيضها أو إنقاصها ينأى بها عن حقيقتها وصولاً إلى التعاقد معه، باعتبار أن العطاء فى جملته أقل العطاءات سعرًا ثم يستبين عند التنفيذ أنها محض أولوية خادعة استنفدت أغراضها ولا تصادف الحقيقة وفى المقابل استبعاد صاحب العطاء التالى له بسبب يرجع إلى طريقة اعداد عطائه رغم أن هذا العطاء كان الأصلح سعرًا والأكثر مطابقة للواقع، وفى هذه الحالة يبدوا جليا الأضرار بالمصلحة العامة التى لا يمكن أن تتحقق نتيجة التعاقد مع صاحب العطاء الأرخص ظاهريًا، وهو ما فطنت إليه المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات سالفة الذكر وعنيت بأن ترد على المتناقص صاحب الأولوية الظاهرية قصده بالنص على أن تظل الأولوية التى رتبت العطاءات وأرست المناقصة مصاحبة للعقد حتى تمام التنفيذ وأن يراعى إعمال هذا الشرط لدى حساب ختامى العملية بحيث إذا فقد هذه الأولوية تعين محاسبته عما قام بتنفيذه من أعمال على أساس قيمتها حسب أسعار العطاء التالى.
ومن حيث إنه متى استبان مما تقدم وكان الثابت من الأوراق إنه رست على المطعون ضده عملية المجموعة الصحية القروية بناحية صدقا مركز السنبلاوين نظير مبلغ 423034 جنيهًا وذلك على أساس أن العملية تشمل دورين أرضى وعلوى إلا أنه تم تعديل المشروع ليكون دور أرضى + دورين علويين وبلغ ختامى العملية 760و496243 جنيهًا حسب الأسعار التى وضعها المطعون ضده لكل بند من بنود هذه العملية ، إلا أنه يتبين أن قيمة هذه الأعمال ــ فيما لو نفذت بأسعار الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بالدقهلية التالية له تكون بمبلغ 468392.890 جنيهًا أى بفارق مقداره 870و27850جنيهًا. ومن ثَمَّ يحق للجهة الإدارية محاسبة المقاول المتعاقد معها (المطعون ضده) عن الفروق المشار إليها وخصمها من مستحقاته لديها.
ولا ينال مما تقدم ما ساقه المطعون ضده وسايره فيه الحكم المطعون فيه من أن العطاء التالى له والمقدم من الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير مخالف لشروط المناقصة والتى تتطلب أن يكون مشروع التأسيس قد وضع على أساس أن جهد التربة 6كجم/ م2 فى حين أن عرض الجمعية المذكورة قد تضمن أن مشروع التأسيس المقدم منها وضع على أساس 7 كجم/م2 وبالتالى كان يتعين استبعاد هذا العطاء فنيًا، فهذا مردود عليه بأن الثابت من الاطلاع على عطاء الجمعية المذكورة والمودع بملف الطعن أنه لم يتضمن هذا الشرط. هذا فضلاً عن أنه لم يثبت من الأوراق قيام الجهة الإدارية باستبعاد العطاء المقدم من الجمعية لهذا السبب أو لسبب آخر كما أن القول بأن عطاء الجمعية المذكورة لم يتضمن فئات أسعار لبنود الأساسات، ومن ثَمَّ يتعذر المقارنة بين العطاءين وإعمال مبدأ الأولوية فهذا القول مردود عليه بأن المقايسة الخاصة بالعملية محل الطعن والمرفقة بكراسة الشروط قد تطلبت أن يكون بند الأساسات بالمقطوعية وهو ما فعلته الجمعية المذكورة والمطعون ضده وقد تمت المقارنة بين العطاءين على أساس ذلك، ولم يحل ذلك دون إجراء مقارنة بينهما ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان قد استحق على المطعون ضده مبلغ 870و27850 جنيهًا والذى يمثل فروق أولوية العطاء المقدم منه عن تنفيذ العملية على النحو السالف بيانه، ومن ثَمَّ يكون قيام الجهة المتعاقدة بخصم قيمة هذه الفروق من مستحقات المطعون ضده عن ذات العملية قد صدر مطابقًا لحكم القانون وتكون دعوى المطعون ضده والحالة كذلك بطلب إلزام الجهة الإدارية برد هذا المبلغ غير قائمة على أساس من القانون.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر وقضى بإلزام تلك الجهة بأن ترد للمطعون ضده المبلغ المشار إليه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.