جلسة 28 من ديسمبر سنة 2011
الطعن رقم 6737 لسنة 52 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– تكييف الطلبات– تكييف طلبات الخصوم وتحديد حقيقتها أمر تستقل به المحكمة؛ لتتقصى النية الحقيقية للخصوم دون الوقوف عند ظاهر ما استخدموه من ألفاظ وما أبدوه من طلبات.
– مدير الصيدلية– يشرط فيمن يتولى إدارة مؤسسة صيدلية أن يكون صيدليا مضى على تخرجه سنة على الأقل أمضاها في مزاولة المهنة، وأن يكون مقيدا بسجلات وزارة الصحة، وبنقابة الصيادلة- الامتناع عن تسجيل صيدلي كمدير مسئول عن صيدلية استنادا إلى تهمة تمت تبرئته منها يشكل قرارا سلبيا مخالفا للقانون.
– المواد (14) و(19) و(78) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، معدلا بموجب القانون رقم 7 لسنة 1956.
في يوم الثلاثاء الموافق 20/12/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 6737 لسنة 52ق0عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) بجلسة 25/10/2005 في الدعوى رقم 6377 لسنة 55 القضائية، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلا، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن قانونا. وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بالمحكمة جلسة 19/1/2010، وبها نظر وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 3/5/2011 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره أمامها بجلسة 22/6/2011، وفي هذه الجلسة والجلسات التالية نظر الطعن أمام المحكمة على نحو ما هو مبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 19/10/2011 إصدار الحكم في الطعن بجلسة 23/11/2011 وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء من الخصوم خلال أسبوعين، وانقضى هذا الأجل دون إيداع مذكرات، وبجلسة 23/11/2011 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 15/5/2001 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 6377 لسنة 55 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) ضد الطاعنين ومدير إدارة الصيدلة بالجيزة والمفتشة المختصة بالمنطقة، طالبة فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن إصدار التصريح لها بالتعامل مع الجمهور بمؤسستها الصيدلية (صيدلة…) الكائنة بشارع الجمهورية بأوسيم.
وقالت المدعية تبيانا لدعواها إنها حصلت على بكالوريوس الصيدلة عام 1985، وإنها عضو بالنقابة العامة للصيادلة، وتقدمت بطلب لترخيص مؤسسة صيدلية باسمها بالمحل المؤجر لها بأوسيم، وتمت الموافقة المبدئية، وإبان فترة صدور الترخيص فوجئت بإحالتها إلى نقابة الصيادلة لمحاكمتها تأديبيا عما نسب إليها من إعارة اسمها الشخصي لغير صيدلي، وصدر قرار مجلس التأديب بالنقابة ببراءتها من هذه التهمة، وبعد صدور هذا القرار تقدمت بطلب لاستكمال إجراءات الترخيص لها في الصيدلية المذكورة، وتمت المعاينة النهائية، وصدر لها الترخيص في هذه الصيدلية بتاريخ 29/11/2000 برقم 2573 لسنة 2000، وبعد أن أتمت تجهيز الصيدلية تقدمت بطلب إلى الجهة الإدارية بتاريخ 24/2/2001 خلال الميعاد المحدد قانونا للتصريح لها بالبيع للجمهور، إلا أن الجهة الإدارية لم ترد على هذا الطلب، فتظلمت من هذا القرار السلبي بالامتناع بتاريخ 22/3/2010، وخلصت المدعية إلى طلب الحكم لها بطلباتها المذكورة سالفا.
………………………………..
وبجلسة 25/10/2005 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بعد أن كيفت طلبات المدعية على أنها مطالبة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن اعتماد اسمها كمديرة مسئولة للصيدلية المملوكة لها المسماة بصيدلية… بشارع الجمهورية بأوسيم. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن سبب امتناع الجهة الإدارية عن الموافقة على الطلب المقدم من المدعية بتاريخ 24/2/2001 باعتمادها مديرة مسئولة عن الصيدلية المذكورة هو أن المدعية ليست صاحبة الصيدلية حقيقة، وأنها أعارت اسمها لطبيب بيطري يدعى/… ، وهذا السبب فضلا عن كونه جاء قولا مرسلا عاريا عن الدليل، فإنه لا يصلح مبررا لمنع اعتماد اسم المدعية مديرة مسئولة عن الصيدلية؛ إذ لم يشترط المشرع في مدير الصيدلية سوى أن يكون صيدليا مضى على تخرجه مدة سنة على الأقل أمضاها في مزاولة المهنة، وخلصت المحكمة إلى إصدار حكمها المتقدم في هذه الدعوى.
………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الماثل هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تأويله؛ لأن المطعون ضدها أسندت إدارة الصيدلية إلى طبيب بيطري يدعى/…، ودلت التحريات على أنه هو الموجود بالصيدلية، وأن الشكاوى المقدمة ضدها تفيد بيع اسمها لهذا الطبيب، وأن ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري من أنها تقدمت بطلب بتاريخ 24/2/2001 لاعتمادها مديرة مسئولة عن الصيدلية ليس صحيحا، إذ إنها لم تتقدم بهذا الطلب، ولم تطلب ذلك في عريضة دعواها، وإنما تقدمت بطلب للبيع للجمهور، وليس اعتمادها مديرة مسئولة عن الصيدلية، وبذلك تكون محكمة القضاء الإداري قد أخطأت في تحديد طلبات المطعون ضدها على نحو أخرج هذه الطلبات عن حقيقتها، والحقيقة أن المطعون ضدها مارست مهنة الصيدلة دون إخطار الجهة الإدارية، ودون تعيين مدير مسئول عن الصيدلية، وخلصت الجهة الإدارية في تقرير طعنها إلى طلب الحكم لها بالطلبات المبينة سالفا.
………………………………..
وحيث إن المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، معدلا بالقانون رقم 7 لسنة 1956، تنص على أن: “تلغى تراخيص المؤسسات الخاضعة لأحكام هذا القانون في الأحوال الآتية:
وتنص المادة (19) من هذا القانون على أن: “يدير كل مؤسسة صيدلية صيدلي مضى على تخرجه سنة على الأقل أمضاها في مزاولة المهنة في مؤسسة صيدلية حكومية أو أهلية…”.
وتنص المادة (78) من القانون نفسه على أن: “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مئتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص، أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحايل، أو باستعارة اسم صيدلي، ويعاقب بنفس العقوبة الصيدلي الذي أعار اسمه لهذا الغرض، ويحكم بإغلاق المؤسسة موضوع المخالفة، وإلغاء الترخيص الممنوح لها”.
وحيث إنه طبقا لهذه النصوص، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها تقدمت بطلب للجهة الإدارية في غضون عام 2000 لترخيص صيدلية باسمها تسمى صيدلية… بشارع الجمهورية بأوسيم محافظة الجيزة، وإبان استيفاء الإجراءات اللازمة لإصدار هذا الترخيص، وبناء على الشكوى المقدمة ضدها، أحيلت المذكورة إلى هيئة التأديب الابتدائي بنقابة الصيادلة بتاريخ 5/5/2000 لمساءلتها تأديبيا عما هو منسوب إليها من محاولتها فتح الصيدلية المذكورة لشخص آخر غير صيدلي يعمل طبيبا بيطريا يدعى/…، وقيدت ضدها الدعوى التأديبية رقم 9 لسنة 2000، وبتاريخ 30/8/2000 صدر قرار هيئة التأديب في هذه الدعوى ببراءتها مما هو منسوب إليها، واستكملت الطاعنة بعد ذلك الإجراءات اللازمة للترخيص لها في الصيدلة المذكورة، وصدر لها بتاريخ 26/11/2000 الترخيص في هذه الصيدلة، ثم تقدمت بطلب للجهة الإدارية بتاريخ 24/2/2001 للتصريح لها بالتعامل مع الجمهور وتسجيل اسمها كمديرة مسئولة عن هذه الصيدلية نفاذا لحكم المادتين (14) و(19) من القانون المذكور سالفا، بيد أن الجهة الإدارية امتنعت عن إصدار هذا التصريح لها استنادا إلى التهمة نفسها التي أحيلت بسببها إلى المحاكمة التأديبية، وهي أن الصيدلية المذكورة لا تخصها، والتي صدر قرار الهيئة التأديبية بتبرئتها منها.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد تمت تبرئتها من هذه التهمة، ورخص لها في الصيدلية المذكورة، وإن هذه الصيدلية يتعين أن يكون لها مديرٌ مسئولٌ على وفق حكم المادة (19) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المذكور سالفا، وإن المطعون ضدها تتوفر فيها الشروط اللازمة لتعيينها مديرة لهذه الصيدلية، بحسبان أنه قد مضى على تخرجها عند الترخيص لها في هذه الصيدلية ما يزيد على سنة أمضتها في مزاولة المهنة، ومقيدة بسجلات وزارة الصحة، وبنقابة الصيادلة، فمن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن الموافقة على تعيينها مديرة لهذه الصيدلية يشكل قرارا إداريا سلبيا منها بالامتناع غيرَ مشروعٍ، مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا القرار، وإذ قضى بذلك الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد أصاب الحق والصواب في قضائه.
وحيث إنه لا وجه للاحتجاج في هذا الصدد بما ورد بتقرير الطعن من أن المطعون ضدها لم تطلب في عريضة دعواها الأصلية إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعيينها مديرة مسئولة عن الصيدلية المذكورة، وإنما طلبت إلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن التصريح لها بالتعامل مع الجمهور؛ ذلك لأن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن تكييف طلبات الخصوم وتحديد حقيقتها أمر تستقل به المحكمة، وعليها في هذا الشأن أن تتقصَّى النية الحقيقية للخصوم دون الوقوف عند ظاهر ما استخدموه من ألفاظ وما أبدوه من طلبات، ومن ثم فلا جناح على محكمة القضاء الإداري إن هي كيفت طلبات المطعون ضدها بأنها تطلب إلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن تعيينها مديرة مسئولة عن الصيدلية المذكورة؛ بحسبان أن ما تجهر به الأوراق وما ذكرته المطعون ضدها صراحة في تظلمها المقدم للجهة الإدارية بتاريخ 28/3/2001 والمودع بملف ترخيص الصيدلية أنها تتظلم من عدم التصريح لها بالتعامل مع الجمهور وتسجيل اسمها كمديرة مسئولة عن الصيدلية الخاصة بها، مما يتعين معه الالتفات عما ذكرته الجهة الإدارية في عريضة طعنها في هذا الشأن.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن الماثل على غير سند سليم، متعين القضاء برفضه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
([1]) كذا ورد النص بالحكم، وهو نص المادة (14) من القانون المذكور لدى صدوره، لكن الحالة المذكورة في البند الأول قد ألغيت، وأصبح نص هذه المادة بعد تعديلها بموجب القانون رقم 7 لسنة= =1956(المشار إليه بالحكم) هو: “تلغى تراخيص المؤسسات الخاضعة لأحكام هذا القانون في الأحوال الآتية: (1) إذا أُغلِقَت المؤسسة بصفة متصلة مدة تجاوز سنة ميلادية. (2) إذا نُقِلت المؤسسة من مكانها إلى مكان آخر…”.