جلسة 3 من يناير سنة 2009
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 6782 لسنة 49 القضائية عليا.
ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- نظر الطعن على القرارات الصادرة عن اللجنة المختصة بالطعن في بيانات الحيازة الزراعية.
بين المشرع في القانون المذكور من هو حائز الأرض الزراعية, وضوابط تدوين بيانات الحيازة الزراعية وما يطرأ عليها من تعديلات, وأناط بوزير الزراعة إصدار قرار بتحديد طرق الطعن في بيانات الحيازة الزراعية, واللجنة التي تقوم بالفصل في الطعون– القرارات الصادرة عن هذه اللجنة هي قرارات إدارية نهائية- ترتيبا على ذلك: ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بها, بحسبانه صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية.
بتاريخ 3/4/2003 أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضى الدولة بصفته , قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا , تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم المشار إليه أعلاه, طعناً على الحكم الصادر بجلسة 2/2/2003 من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) فى الدعوى رقم 224 لسنة 20 ق, الذى قضى فى منطوقه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة مركز المنصورة الجزئية للاختصاص, وأبقت الفصل فى المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لنظرها والفصل فيها للاختصاص.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل فيها بهيئة مغايرة , وإلزام من يخسر الدعوى المصروفات.
وقد نُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المشار إليه بمحاضر الجلسات , وبجلسة 5/2/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 5/5/2007 , حيث نُظر الطعن بهذه الجلسة أمام الدائرة الأولى موضوع والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 15/11/2008 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم , وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة مستقاة من أوراقها تجمل -وبالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم على أسبابه- فى أنه بتاريخ 30/10/1997 أقـــام/ علي …, الدعوى رقم 224 لسنة 20 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية المدعى عليها بنقل حيازة الأرض الزراعية ومساحتها 10 س و 10 ط و 5 ف بناحيـــة ميت خيرون مركز المنصورة, من اسمه إلى اسم السيد …, مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم فى تلك الدعوى بدفع مبلغ خمسين ألف جنيه كتعويض.
وبسط شرح دعواه قائلا إنه يمتلك مساحــــة الأرض المذكورة بموجب عقد بيع محرر بتاريخ 22/6/1986, ثم زعم المدعى عليه الأول فى تلك الدعوى السيد … أنه قد قام بشرائها بالمخالفة للحقيقة, رغم أنه صدر حكم نهائى ببطلان التوقيع على عقد بيعها, كما أنه (المدعى) هو الحائز الفعلى لها, إلا أن مدير الإدارة الزراعية بالمنصورة أصدر قراراً بنقل حيازة تلك المساحة إلى المدعى عليه الأول المنوه إليه، وقام مدير جمعية ميت خيرون الزراعية بنقل الحيازة بسجلات الجمعية تنفيذاً لذلك, لذلك فقد أقام دعواه للحكم لـه بالطلبات آنفة الذكر. وقد أودعت هيئة المفوضين بمحكمة القضاء الإداري تقريراً بالرأى القانونى فى الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعا, وإلزام المدعى المصروفات, ونظرت المحكمة الدعوى بجلساتها وبجلسة 2/2/2003 أصدرت حكمها المطعون فيه المشار إليه آنفاً , وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه بنقل حيازة الأرض الزراعية محل النزاع ليس قراراً إدارياً مما تختص بنظره محكمة القضاء الإداري ولائياً , وإنما هو يتعلق بأوضاع وحقوق تقع فى منطقة القانون الخاص , وينظمها هذا القانون , وتختص بنظرها محاكم القضاء العادي.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن بصفته , فقد قام بالطعن عليه بموجب الطعن الماثل , ناعياً على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تأويله وتطبيقه حيث ناط قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 بوزير الزراعة إصدار قرارات فى عدة مسائل منها نماذج السجلات وبطاقات الحيازة الزراعية وطرق القيد فيها وطرق الطعن فى بيانات الحيازة الزراعية والجهة التى تفصل فى الطعن والإجراءات التى تتبعها , وتنفيذاً لذلك فقد أصدر وزير الزراعة القرار رقم 59 لسنة 1985 الذى وضع نظاماً لبطاقة الحيازة الزراعية وأجاز لكل ذى شأن أن يطعن فى بيانات تلك الحيازة وعهد إلى لجنة تختص بنظر تلك الطعون , واعتبر بيانات الحيازة المعتمدة من تلك اللجنة نهائية , والقرارات الصادرة عن تلك اللجنة هى قرارات إدارية يتوافر لها مقومات القرار الإداري مما يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بها , من ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك , فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله وتطبيقه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 يبين أنه ينص فى المادة 90 منه على أن: “يعتبر حائزاً…”، وينص فى المادة 91 منه على أن: “… تعد وزارة الزراعة بطاقة الحيازة الزراعية ويدون بها البيانات الخاصة بكل حائز…”، وينص فى المادة 93 منه على أنه: “يجب على كل حائز… أن يقدم فى المواعيد التى يحددها وزير الزراعة إلى الجمعية التعاونية بيانا بمقدار ما فى حيازته من أرض زراعية… وما يطرأ على هذه البيانات من تغيير… وعلى الجمعية أن تعرض تلك البيانات على لجنة تشكل من…”، وتنص المادة 93 من ذات القانون على أن: “يصدر وزير الزراعة قرارات فى المسائل الآتية: أ– تحديد نماذج السجلات وبطاقات الحيازة والأوراق التى تتطلبها وطـــرق القيد فيها… وقواعد إثبات ما يطرأ على بيانات البطاقة من تغيير, وتعتبر السجلات وبطاقات الحيازة أوراقاً رسمية. ب– طرق الطعن فى بيانات الحيازة… والجهة التى تفصل فى الطعن وكيفية تشكيلها والإجراءات التى تتبعها…”. وتنفيذاً لما تقدم فقد أصدر وزير الزراعة القرار رقم 59 لسنة 1985 بشأن نظام الحيازة الزراعية, ونص فى المادة 1 منه على أن: “يعمل بنظام الحيازة الزراعية المرفق تنفيذاً لأحكام قانون الزراعة”، وتنص المادة 2 منه على أن: “تعد بطاقة الحيازة الزراعية وفقاً للنموذج المعتمد… وتقوم مديرية الزراعة بترقيــــم بطاقات الحيازة بأرقــــام مسلسلة قبل تسليمهـــا للجمعيات الزراعية…”، وتنص المادة 10 منه على أن: “لكل ذى شأن أن يطعن فى بيانات الحيازة… وتفصل فى الطعن لجنة تشكل فى كل مركز إداري بقرار من مدير مديرية الزراعة المختص…”، وينص فى المادة 13 منه على أن: “تعتبر البيانات المتعلقة بالحيازة التى اعتمدت من اللجنة… بعد انقضاء مواعيد الطعن أو بعد الفصل فى الطعون المقدمة نهائية…”.
والمستفاد من جميع النصوص المتقدمة أن المشرع فى القانون المذكور قد بيّن من هو حائز الأرض الزراعية, وضوابط تدوين بيانات الحيازة الزراعية وما يطرأ عليها من تعديلات, وأناط بوزير الزراعة إصدار قرار بتحديد طرق الطعن فى بيانات الحيازة الزراعية, واللجنة التى تقوم بالفصل فى الطعون, وقد أصدر وزير الزراعة قراره المنوه إليه، وحدد اللجنة التى يطعن أمامها فى بيانات الحيازة الزراعية, وجعل القرارات الصادرة عن هذه اللجنة نهائية.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن موضوع النزاع على حيازة الأرض الزراعية المشار إليها كان قد عرض على لجنة الطعون المذكورة بالطعن رقم 375 لسنة 1977 وقررت اللجنة بشأنه قبول الطعن شكلاً وتعديل بيانات الحيازة من المدعى/ على … إلى المدعى عليه / السيد… , ولما كانت هذه اللجنة فيما يعرض عليها من أنزعة على الحيازة تصدر قرارات إدارية, وهذه القرارات هى قرارات إدارية نهائية, صادرة عنها بمقتضى السلطة المخولة لها قانونا, بقصد إحداث أثر قانونى معين بتحديد وضع حائز الأرض الزراعية, ومن ثم فإن هذه القرارات تتوافر لها مقومات القرارات الإدارية , مما ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بها, بحسبانه صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات الإدارية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه, وإذ ذهب إلى غير ما تقدم, فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون, مما يجعله حقيقاً بالإلغاء, مع إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة, مع إبقاء الفصل فى المصروفات عملاً بمفهوم المخالفة لنص المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى, وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة, للفصل فيها مجدداً من هيئة مغايرة, وأبقت الفصل فى المصروفات.