جلسة 9 من نوفمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامة وهم: أ.د/ محمد عادل أحمد يحيى،
وأ.د/ طه محمد عبد المنعم لبيب، وأ. محمد فتحى أحمد حسن، وأ. محمد عونى عبدالمجيد عجور، وأ.د/ زكريا إبراهيم محمد جاد.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو.
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6852 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ دائرة شئون الأحزاب السياسية ـ تأييد الحكم الصادر منها لأسباب قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية برفض تأسيس الحزب لا يصلح سندًا لدعوى البطلان الأصلية.
ولاية المحكمة القضائية تحتم عليها مراقبة صحة الأسباب التى تستند إليها لجنة شئون الأحزاب السياسية فى إصدار قرارها برفض تأسيس الحزب فإن هى اقتنعت بها بعد وزنها بميزان المشروعية وتقديرها بما لها من سلطة تقديرية أيدت القرارالطعين، وإن هى لم تقتنع بسلامة الأسباب التى قام عليها القرار قضت بإلغائه ـ الطاعن أثار نقطة معينة فى برنامج حزب السادات المطلوب تأسيسه وهى أن هذا الحزب يعد أول حزب يطالب باستعادة واحة جغبوب إلى أرض الوطن، ويرى من وجهة نظره أنها تعد سبباً لتميز برنامج الحزب المذكور، وقد رأت لجنة شئون الأحزاب السياسية فى ردها على هذه النقطة أن هذا الطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية, وتحد بها كثرة المنازعات الحدودية التى دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ـ لا تثريب على المحكمة إن هى اقتنعت برد لجنة شئون الأحزاب وارتأت فى نطاق سلطتها التقديرية أن هذه الجزئية لا تصلح أن تكون عنصراً مميزاً لبرنامج الحزب المذكور ـ أساس ذلك ـ أن ما اعتنقه حكم دائرة شئون الأحزاب هو وليد قناعة وفى إطار سلطة المحكمة التقديرية، وليس فيه ما ينحدر بالحكم إلى حمأة الانعدام ـ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 14/7/1999 أودع الأستاذ/ محمد أبو الفضل الجيزاوى المحامى بالنقض وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا ـ دائرة الأحزاب السياسية ـ تقريراً بدعوى بطلان أصلية قيد بجدولها تحت رقم 6852 لسنة 45 ق. عليا وذلك فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا “دائرة الأحزاب السياسية” فى الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا بجلسة 6/2/1999 والقاضى منطوقه:ـ أولاً: بقبول الطعن شكلاً، ثانياً: برفض الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977. ثالثاً: برفض الطعن موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته فى ختام تقرير دعوى البطلان الأصلية ــ للأسباب الواردة به ـ القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه وبإعادة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للفصل فيه مجددا من دائرة أخرى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات .
وجرى إعلان تقرير دعوى البطلان الأصلية للمطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ـ دائرة الأحزاب السياسية المشكلة وفقاً لحكم المادة (8) من القانون المشار إليه ـ وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
تتحصل واقعات النزاع الماثل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن بصفته وكيلاً عن مؤسسى حزب السادات كان قد أقام الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 7/3/1996 طعناً على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية المشكلة طبقاً للمادة (8) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والذى جاء نصه “الاعتراض على الطلب المقدم من السيد / محمد محمود عبد الوهاب بتأسيس حزب باسم حزب السادات” وطلب فى ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء قرار الاعتراض على تكوين حزب السادات” وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر الطاعن شرحاً لطعنه أنه بصفته وكيلاً عن مؤسسى حزب سياسى جديد باسم حزب السادات تقدم بتاريخ 8/10/1995 بإخطار إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب الموافقة على تأسيس هذا الحزب وأرفق بالإخطار برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسى وكشفاً بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 73 عضواً منهم 23 من الفئات و50 من العمال والفلاحين مصدقاً رسمياً على توقيعاتهم جميعاً والبيان السياسى للحزب إلا أن اللجنة المذكورة أصدرت القرار المطعون عليه بالاعتراض على تأسيس الحزب المذكور استنادا إلى أنه قد تبين لها أن برنامج حزب السادات يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية التى تشكل إضافة جادة للعمل السياسى وتميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة فبرامجه كلها تتناول مجالات مطروحة سلفاً من قبل أحزاب أخرى أو ترديداً لبرامج وخطط قائمة ويجرى تنفيذها فعلاً، وأن ما يؤمن به الحزب ويقترحه من مطالب منصوص عليه فى الدستور ومطبق فعلاً عملاً وواقعاً.
ونعى الطاعن بصفته على القرار المطعون فيه مخالفته للدستور والقانون لأسباب حاصلها :
أولاً: عدم دستورية أى تقييد تشريعى لحرية تكوين الأحزاب وعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية.
ثانياً: بطلان تشكيل لجنة الأحزاب حيث يرجح فيها الطابع الحزبى بما يفقدها حيادها بما يبطل القرار المطعون فيه.
ثالثًا: انتماء غالبية أعضاء اللجنة للحزب الوطنى الذى لم يتم ظهوره بشكل شرعى .
رابعاً: عدم صحة الأسباب التى استند إليها القرار المطعون فيه وسرد الطاعن لذلك عدد 21 نقطة يراها إضافة هامة وتميز برنامج الحزب عما هو موجود فى برامج حزبية فى الساحة وعلى رأسها أنه أول حزب سياسى يطالب باستعادة واحة جغبوب المصرية بالطرق السلمية والتحكيم العربى والدولى حفاظاً على تراب الوطن المقدس وآخر تلك النقاط الدعوة إلى الاهتمام بالريف وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطعن.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات ثم أتبعته بتقرير تكميلى انتهت فيه إلى رفض الدفع بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.
تدوول نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية ـ دائرة الأحزاب السياسية المشكلة وفقاً لحكم المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية ـ على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 6/2/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الطعن موضوعاً . وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت برنامج حزب السادات ورد لجنة شئون الأحزاب ـ على أنه يبين مما تقدم جميعه أن المشروعات والأفكار التى عرضها الحزب طالب التأسيس
لا تعدو أن تكون أفكاراً مطروحة على الساحة السياسية ومحل تطبيق فى الكثير منها فى خطط الحكومة التنفيذية ومحل ترديد فى الكثير من برامج الأحزاب القائمة مما يفقد البرنامج ملامح الشخصية الحزبية المتميزة والتى من شأنها أن تشكل إضافة جادة للعمل السياسى أو تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة ومن ثم يكون ما انتهت إليه لجنة شئون الأحزاب السياسية من افتقاد برنامج الحزب لشرط التميز الظاهر الذى يتطلبه البند ثانياً من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وبالتالى الاعتراض على الطلب المقدم من وكيل مؤسسى حزب السادات يكون قائماً على سببه الصحيح ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض وأضافت المحكمة أنه لاينال من ذلك ما عقب به الطاعن على رد لجنة شئون الأحزاب السياسية من وجود (21) نقطة سبق بيانها وتعد فى نظره سبباً للتميز وعلى رأسها ما أثاره بالنسبة لواحة جغبوب وأنه أول حزب يطالب باستعادتها إلى أرض الوطن، فإن ذلك المطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية، وتحد بها من كثرة المنازعات الحدودية التى دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ولا تصلح أن تكون عنصراً مميزاً لبرنامج الحزب فضلاً عن تعارض هذا الطلب مع توجهات الحزب ذاته من مطالبة بتضامن عربى ووحدة بين الدول المتجاورة كما لايصح أن يكون ذلك منهجاً حزبياً لما فيه من إثارة على الساحة السياسية.
وأردفت المحكمة بأنه عن بقية النقاط الأخرى التى يراها الطاعن محل تميز فقد اتضح أنها جميعاً ليست جديدة على الساحة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية التى تطبقها الحكومة وأن الكثير منها موجود فى برامج الأحزاب القائمة وكانت محل طرح منها فلذلك جميعه يضحى الطعن على قرار الاعتراض على تأسيس حزب السادات غير قائم على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن على حكم المحكمة الإدارية العليا ـ دائرة الأحزاب السياسية ـ سالف الذكر بدعوى البطلان الأصلية الماثلة يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم الطعين انطوى على خطأ بيّن غير مستور كاشف بذاته عن أمره بما ينحدر به إلى درجة الانعدام لإهداره العدالة المكفولة دستورياً لكل مواطن ـ مثل الطاعن ـ حيث إن المحكمة قد تخلت عن ولايتها وما هو منوط بها من اختصاص قضائى إلى القيادة السياسية وذلك فيما أثاره تقرير الطعن بشأن واحة جغبوب ولا شك فى أن القيادة السياسية هى بحكم اللزوم وفى موضع الخصم بالنسبة للطاعن نظراً لقيام لجنة شئون الأحزاب السياسية على تشكيل أغلبه من تلك القيادة السياسية فخضوع الحكم الطعين لإملاء من جانب القيادة السياسية هو خضوع ينتفى به الاستقلال الواجب توافره فى القاضى الطبيعى ويجرد الحكم الطعين من ضمانة الاستقلال المكفولة دستورياً وهو عيب جسيم يؤدى إلى إهدار العدالة ويفقد الحكم الطعين وظيفته.
ثانياً: إن الحكم المطعون فيه لم يرد على الدفع ببطلان لجنة شئون الأحزاب لبطلان تمثيل الحزب الوطنى فيها والذى لم يتم ظهوره بشكل شرعى وهو دفاع جوهرى لم يرد عليه الحكم الطعين مما يعد إهداراً للعدالة ينحدر بالحكم إلى درجة الانعدام.
ومن حيث إنه من المسلم به أن الحكم القضائى متى صدر صحيحاً يظل منتجاً لآثاره، فيمتنع بحث أسباب العوار التى تلحقه إلا عن طريق الطعن فيه بإحدى طرق الطعن التى حددها القانون على سبيل الحصر، فإذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهداره بدعوى بطلان أصلية لمساس ذلك بحجيته وأنه وإن كان قد أجيز ـ استثناء من هذا الأصل ـ الطعن بدعوى بطلان أصلية فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية إلا أن هذا الاستثناء فى غير الحالات التى نص عليها المشرع، كما فعل فى المادة (147) مرافعات ـ يقف عند الحالات التى تنطوى على عيب جوهرى جسيم يصيب كيانه، ويفقده صفته كحكم وذلك بفقد أحد أركانه الأساسية والتى حاصلها أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية وأن يصدر بما لها من سلطة قضائية فى خصومة وأن يكون مكتوباً.
ومن حيث إن من المستقر عليه أن المحكمة الإدارية العليا ـ بما وسد لها من اختصاص فى الرقابة على أحكام مجلس الدولة تحقيقاً للشرعية وسيادة القانون وبما تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالته بغير معقب على أحكامها ـ تستوى على القمة فى مدارج التنظيم القضائى لمجلس الدولة فلا يكون من سبيل إلى إهدار أحكامها إلا استثناء محضاً بدعوى البطلان الأصلية وهى دعوى لها طبيعة خاصة توجه إلى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وطريق طعن استثنائى وفى غير حالات البطلان المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية التجارية، يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التى تنطوى على عيب جسيم يمثل إهداراً للعدالة على نحو يفقد معها الحكم وظيفته وبه تتزعزع قرينة الصحة التى تلازمه أما إذا قام الطعن على أسباب موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب فى تفسير القانون وتأويله فإن هذه الأسباب لاتمثل إهداراً للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته وبالتالى لاتصمه بأى عيب ينحدر به إلى درجة الانعدم وهى مناط قبول دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن المبادئ المتقدمة هى ما يتعين الأخذ بها كذلك ولذات الأسباب فى الأحكام الصادرة من هذه المحكمة بتشكيلها الخاص المنصوص عليه فى المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية وهى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التى يرأسها رئيس مجلس الدولة منضماً إلى تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة وعلى النحو الذى أشار به القانون سالف البيان.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن بدعوى البطلان الأصلية على حكم المحكمة الإدارية العليا “دائرة الأحزاب السياسية” المطعون فيه من انطوائه على خطأ بيَّن غير مستور ينحدر به إلى درجة الانعدام بتخلى المحكمة عن ولايتها القضائية إلى القيادة السياسية وذلك بالنسبة إلى ما آثاره الطاعن بشأن واحة جغبوب بخضوع الحكم الطعين لإملاء من جانب القيادة السياسية يجرده من ضمانة الاستقلال ويفقده وظيفته فإن هذا القول من جانب الطاعن فى غير محله ومردود عليه بأن ولاية المحكمة القضائية تحتم عليها مراقبة صحة الأسباب التى تستند إليها لجنة شئون الأحزاب السياسية فى إصدار قرارها برفض تأسيس الحزب المذكور فإن هى اقتنعت بها بعد وزنها بميزان المشروعية وتقديرها بما لها من سلطة تقديرية أيدت القرار الطعين وإن هى لم تقتنع بسلامة الأسباب التى قام عليها القرار قضت بإلغائه،ولما كان الطاعن قد أثار نقطة معينة فى برنامج حزب السادات المطلوب تأسيسه وهى أن هذا الحزب يعد أول حزب يطالب باستعادة واحة جغبوب إلى أرض الوطن ويرى من وجهة نظره أنها تعد سبباً لتميز برنامج الحزب المذكور وقد رأت لجنة شئون الأحزاب السياسية فى ردها على هذه النقطة أن هذا الطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية وتحد بها من كثرة المنازعات الحدودية التى دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ومن ثم لاتثريب على المحكمة الإدارية العليا ـ دائرة الأحزاب السياسية ـ إن هى اقتنعت برد لجنة شئون الأحزاب وارتأت فى نطاق سلطتها التقديرية أن هذه الجزئية لاتصلح أن تكون عنصراً مميزاً لبرنامج الحزب المذكور وقررت أن هذا الطلب يتعارض مع توجهات الحزب ذاته من مطالبته بتضامن عربى ووحدة بين الدول المتجاورة وأنه لايصح أن يكون ذلك منهجاً حزبياً لما فيه من إثارة على الساحة السياسية ومن ثم فإن ما اعتنقه الحكم المطعون فيه إنما هو وليد اقتناعها وفى إطار سلطتها التقديرية ومن منطلق ولايتها القضائية ولا معقب عليها فى هذا الشأن ويكون ما أورده الطاعن فى هذا الشأن هو مما يدخل فى باب الاجتهاد والتقدير وليس فيه ما ينحدر بالحكم إلى حمأة الانعدام وأن غاية ما يهدف إليه الطاعن من إثارة هذه الجزئية هو إعادة طرح طعنه فى قرار لجنة شئون الأحزاب وإعادة مناقشة ما قضى به الحكم الطعين فى شأنه بدعوى البطلان الماثلة وهو أمر غير جائز متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن السبب الثانى من أسباب دعوى البطلان الأصلية ــ الماثلة ــ المتمثل فى أن الحكم المطعون فيه لم يورد دفاعاً جوهرياً للطاعن ولم يرد عليه مما يعد إهداراً للعدالة ينحدر بالحكم الطعين إلى هاوية الانعدام وهو ما أوجزه الطاعن من بطلان لجنة شئون الأحزاب لبطلان تمثيل الحزب الوطنى فيها والذى لم يتم ظهوره بشكل شرعى فإن هذا النعى رغم كونه غير سديد ولا يصلح سنداً ترتكز عليه دعوى البطلان الأصلية الماثلة فمردود أولاً بأنه ليس صحيحاً ما أثاره الطاعن من تمثيل الحزب الوطنى داخل لجنة شئون الأحزاب فالمادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمى144 لسنة 1980 و 114 لسنة 1983 تنص على أنه “تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالى :
1ـ رئيس مجلس الشورى رئيساً 2ـ وزير العدل 3 ـ وزير الداخلية
4ـ وزير الدولة لشئون مجلس الشعب .
5 ـ ثلاثة من غير المنتمين إلى أى حزب سياسى من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يصدر باختيارهم قرار من رئيس الجمهورية أعضاء……”
أى أن المشرع اعتمد فى تشكيل لجنة شئون الأحزاب بالنسبة للرئيس والأعضاء من الثانى حتى الرابع بالمنصب الوظيفى وليس بالانتماء الحزبى ومن ثم فالوزراء ــ المشار إليهم ــ ممثلون فى اللجنة بحكم وظيفتهم أيا كان انتماؤهم الحزبى ومن ناحية أخرى فإن القانون رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس وأعضاء لجنة شئون الأحزاب المذكورين إلى أى حزب سياسى قائم أو أنه يتعين على أى منهم التنحى عن صفته الحزبية عند الانضمام إلى هذه اللجنة وذلك أمر قصده القانون ولم يكن غافلاً عنه بدليل وضعه لهذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين
أو نوابهم أو وكلائهم وهذا مما يدخل فى باب الجدل والخلاف القانونى مما لا يصلح سنداً لدعوى البطلان الأصلية.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما تقدم للرد على ما أثاره الطاعن أن لجنة شئون الأحزاب السياسية بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها فى البحث والتقصى هى لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لايعدو فى حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قراراً إدارياً شكلاً وموضوعاً وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه بالإلغاء أمام هذه المحكمة ومن ثم لايسرى بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحى والمنع من المشاركة فى الحكم فضلاً عن أنه لهذه المحكمة التحقق من الأسباب التى استندت إليها هذه اللجنة فى الاعتراض على تأسيس الحزب.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا ـ دائرة الأحزاب السياسية ـ محل دعوى البطلان الأصلية ـ قد صدر صحيحاً ومطابقاً للأوضاع والإجراءات الشكلية الجوهرية والموضوعية المنصوص عليها قانوناً ولم يعتوره أى سبب يفقده صفته كحكم أو يفقده أحد أركانه الأساسية كحكم قضائى صادر من قمة محاكم مجلس الدولة ومن ثم لايكون ثمة وجه للطعن ببطلان الحكم الصادر بجلسة 6/2/1999 فى الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا ويكون الطعن عليه بالبطلان على غير أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.
حكمت المحكمة
برفض الطعن ببطلان الحكم الصادر فى الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا وألزمت الطاعن المصروفات.