جلسة 9 من نوفمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبدالمجيد.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على محمد الششتاوى إبراهيم، وأحمد محمد حامد، ود. محمد كمال الدين منير، وسيد عبدالله سلطان.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين عبدالحميد حسين ريش.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد حسين.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6906 لسنة 44 قضائية عليا:
ـ لجان التظلمات والاعتراضات ـ طبيعتها ـ تنظيم عمل اللجان ـ كفالة حق الدفاع واحترام مبدأ المواجهة فى الإجراءات.
المادتان (59) ، (63) من القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمرانى.
لجان التظلمات والاعتراضات المنصوص عليها بالقانون وإن تعذر اعتبارها من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائى إلا أنه بحكم المهمة التى أوكلها المشرع إليها بالفصل تمهيديًًا فى منازعة إدارية تتعلق بقرارات التخطيط العمرانى قبل انتقال المنازعة لمرحلة التقاضى أمام المحكمة المختصة فإنها تعتبر جزءًا من مراحل عرض النزاع على القضاء ومن خلالها تتأثر مصالح الأطراف المعنية وذوى الشأن والجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ويتعين بالتالى أن يراعى فى الإجراءات أمامها كفالة حقوق الدفاع واحترام مبدأ المواجهة فى الإجراءات على نحو ما يتم أمام المحاكم ـ لا يصح للجنة التظلمات أو الاعتراضات أن تصدر قرارها إلا بعد أن تتحقق من إخطار الأطراف ذات الشأن بالنزاع المطروح أمامها وإتاحة الفرصة لهم للمثول أمامها وتمكينهم من الاطلاع والتعقيب على ما قدمه وأبداه الطرف الآخر وإلا كان القرار الصادر دون مراعاة ذلك باطلاً ـ يتعين على لجنة الاعتراضات ألا تصدر قرارها فى غيبة من كان طرفًا فى النزاع أمام لجنة التظلمات أو أن تغفل عن التحقق من تاريخ علم المعترضين على قرار لجنة التظلمات للتثبت من إقامة الاعتراض فى الميعاد القانونى بحسبان أن المشرع نظم كلا من مواعيد التظلم والاعتراض على القرارات التى تصدرها الجهة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم وكذا القرارات التى تصدرها لجنة التظلمات على نحو يكفل عدم زعزعة المراكز القانونية التى استقرت بانقضاء المواعيد المقررة للتظلم أو الاعتراض ـ تطبيق.
بتاريخ 16/7/1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الأولى) بجلسة 20/5/1998 فى الدعوى رقم 1255 لسنة 1 ق والقاضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب ورفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت المدعى وجهة الإدارة المصروفات مناصفة .
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى ) التى قررت بجلسة 5/6/2000 إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة فحص الاختصاص وقد نظرته تلك الدائرة وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة10/7/2001 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/ موضوع) وحددت لنظره جلسة 14/10/2001 وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 14/4/2002 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 7/7/2002وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة 13/10/2002 ثم عجل نظر الطعن إداريًا لجلسة 12/10/2002 وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/10/2002 لإتمام المداولة ثم لجلسة 9/11/2002 حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضده أقام دعواه ابتداء بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة سوهاج الابتدائية بتاريخ 13/3/1988 حيث قيدت بسجلاتها برقم 610/88 م سوهاج بغية الحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة الاعتراضات بمحافظة سوهاج المؤرخ 27/2/88 فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 10/1987 الصادر من لجنة التظلمات من قرارات التخطيط العمرانى لمركز ومدينة سوهاج بأن يكون الشارع رقم (4) ممتدًا إلى الشارع رقم (21) كما هو موضح بالرسم الصادر به قرار التخطيط رقم 214/1986 والقضاء بتنفيذ القرار رقم 10/1987 والذى يقضى بغلق الشارع رقم (4) عند تلاقيه بالشارع رقم (21) فى ملكه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعى شرحاً لدعواه أنه يمتلك قطعة أرض تقع بحوض الجزيرة رقم 13 ج 35 داخل كردون بمدينة سوهاج وقد صدر قرار محافظ سوهاج رقم 214/1986 بتخطيطها ضمن المنطقة الثانية لمدينة سوهاج وتضّمن هذا التخطيط شق أربعة شوارع بقطعة الأرض ملكه أرقام 4، 5، 6، 21 فبادر إلى التظلم من القرار المشار إليه أمام لجنة التظلمات المنصوص عليها فى المادة 59 من قانون التخطيط العمرانى رقم 3 لسنة 1982 وبتاريخ 14/6/1987 قررت تلك اللجنة بالإجماع غلق الشارع رقم 4 عند تلاقيه بالشارع رقم 21 الكائن بملك المدعى وأعقب ذلك تقدمه بطلب للحصول على ترخيص بناء طبقا للمادة (3) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء ونظرًا لمرور مدة الستين يومًا دون أن ترد عليه الجهة الإدارية بادر إلى تنفيذ أعمال البناء. وأضاف المدعى أنه فوجئ في يناير 1988 بالجهة الإدارية توقف أعمال البناء استناداً إلى أن هناك تظلمًا قدم من بعض المواطنين (المدعى عليهم من الرابع حتى الأخير) طعنًا على قرار لجنة التظلمات رقم 20 لسنة 1987 سالف البيان ـ ونظرًا لأن المذكورين قدموا تظلمهم لذات لجنة التظلمات فقد قررت فى 27/1/1988 بعدم اختصاصها بنظر الاعتراض فبادر المذكورون بتقديم اعتراض أمام لجنة الاعتراضات المنصوص عليها فى المادة 63 من قانون التخطيط العمرانى رقم 3 لسنة 1982 والتى قررت في 27/2/1988 قبول التظلم شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة التظلمات رقم 10/1987 سالف الذكر وعلى أن يكون الشارع رقم 4 ممتدًا حتى يصل إلى الشارع رقم 21 كما هو موضح بالرسم المرفق بالقرار رقم 284/1986.
ونعى المدعى على قرار لجنة الاعتراضات المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون لأنه لم يعلن أو يخطر بأى وسيلة من وسائل الإعلان القانونية بموعد ومكان انعقاد لجنة الاعتراضات حيث صدر قرارها فى غيبته دون أن يبدى أى دفاع على الرغم من أنه صاحب مصلحة أكيدة ومباشرة فى هذا الأمر لأن قرارها تضمََّن إلغاء قرار لجنة التظلمات الصادر لصالحه، ومن ناحية أخرى فقد كان من المتعين أن تنتهى لجنة الاعتراضات إلى عدم قبول الاعتراض شكلا لتقديمه بعد مرور مائتي يوم من صدور قرار لجنة التظلمات حيث إن المادة 63 نصت على أن تقديم الاعتراض فى قرار لجنة التظلمات يكون خلال 60 يومًا إضافة إلى ذلك فإن قرار لجنة الاعتراضات لا يحقق أى مصلحة للمعترضين لأن القطع ملكهم تقع فى أماكن بعيدة عن الشارع رقم 4 وفى ذات الوقت فقد أصابه ذلك القرار بأضرار جسيمة وخلص المدعى إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان .
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة سوهاج الابتدائية وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة31/12/1988 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات، وإعمالاً لذلك أحيلت الدعوى ابتداء إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ثم لمحكمة القضاء الإدارى بأسيوط نفاذاً لقرار المستشار رئيس مجلس الدولة رقم 121/1989 بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بأسيوط حيث قيدت فى سجلاتها برقم 1255/1ق. وجرى تحضير الدعوى بواسطة هيئة مفوضى الدولة حيث أودع الحاضر عن المدعى صحيفة تعديل طلبات بإضافة طلب الحكم بإلزام جهة الإدارة بتعويض المدعى بمبلغ (300000) ثلثمائة ألف جنيه وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض طلب التعويض.
وبجلسة 20/5/1998 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على أساس أن لجنة الاعتراضات أصدرت قرارها المطعون فيه دون اتباع الإجراءات وبالمخالفة للمواعيد المنصوص عليها فى قانون التخطيط العمرانى ولائحته التنفيذية لأن الأوراق قد خلت من أى دليل يفيد أن المدعى قد أعلن بمكان وتاريخ انعقاد لجنة الاعتراضات ولم يخطر بقرارها، فلم يعلم به إلا بمناسبة صدور قرار بإيقاف أعمال البناء التى شرع فيها فى الأرض ملكه بالرغم من أنه صاحب صفة ومصلحة شخصية ومباشرة فى هذا الشأن. وأضافت المحكمة أن قرار لجنة الاعتراضات خالف القانون فى وجه آخر إذا صدر بإلغاء قرار لجنة التظلمات الصادر لصالح المدعى بعد أن تحصن هذا القرار بمضى أكثر من ستين يومًا على صدوره، ولا ينال من ذلك القول بأن المعترضين لم يعلموا بقرار لجنة التظلمات لأن المادة 76 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 3/1982 حددت الوسيلة التى يتم بها إعلان تلك القرارات وبينت المحكمة أن لجنة الاعتراضات لم تتبع الإجراءات التى أوجبتها اللائحة التنفيذية من ضرورة إيداع الاعتراض سكرتارية اللجنة وإعلانه لذوى الشأن. وفيما يتعلق بطلب التعويض فقد قضت المحكمة برفضه تأسيساً على أن العيوب التى لحقت بالقرار المطعون فيه عيوب شكلية لا تصح سببا للتعويض. وخلصت المحكمة إلى القضاء بحكمها المطعون فيه .
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله فالمشرع ألزم لجنة الاعتراضات بأخطار المعترض فقط بالجلسة المحددة لنظر اعتراضه، ومن ثم فإن القول بوجوب إخطار المطعون ضده وإلا ترتب البطلان أمر في غير محله خاصة أنه لا بطلان إلا بنص. وكذلك لا يصح القول بأن القرار المطعون فيه صدر بسحب قرار لجنة التظلمات بعد تحصنه ذلك أن ذوى الشأن تظلموا من قرار لجنة التظلمات فى المواعيد المقررة بعد علمهم به، ولم يثبت أنهم علموا بالقرار يقينيًا وطبقًا للوسائل التى حددها القانون قبل تاريخ اعتراضهم في 27/2/1988 وأخيراً فإن الإجراءات التى أغفلتها اللجنة بفرض حدوثها لا تعدو أن تكون إجراءات شكلية ثانوية لا أثر لها فى صحة القرار المطعون فيه، وخلص الطاعنون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان.
ومن حيث إن السبب الأول من أسباب الطعن المتمثل في أن لجنة الاعتراضات المنصوص عليها فى المادة 63 من قانون التخطيط العمرانى رقم 3 لسنة 1982 لا تلتزم سوى بإخطار المعترض (فقط) على قرار لجنة التظلمات دون سواه فمردود بأن البادى من نصوص قانون التخطيط العمرانى رقم 3 لسنة 1982 وبصفة خاصة المادتان 59 و63 وكذا نصوص اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 600 لسنة 1982وعلى الأخص المواد 71، 72، 73، 74، 75، 76 على أن المشرع نظم طريقاً إدارياً لحسم المنازعات المتعلقة بشئون التخطيط العمرانى سعياً منه إلى وأدها فى مهدها نظرًا لطبيعتها الخاصة والتى تستمدها فى جانب كبير منها إلى تشعب المصالح التى تتنازعها، فهناك من جانب المصلحة العامة التى تهدف قرارات التخطيط العام والتفصيلى الصادرة وفقاً لأحكام القانون المذكور ولائحته التنفيذية إلى تحقيقها وتتمثل فى إعداد خطط وبرامج التنمية العمرانية على مستوى الجمهورية ووضع قواعد واشتراطات المناطق والتى من بينها بيان استعمالات الأراضى وإشغالات المبانى وشبكات الشوارع ومواقع الخدمات والمرافق العامة ومن جانب آخر هناك المصالح الفردية لمن تمس قرارات التخطيط المنوه عنها مصلحة خاصة لهم كانقطاع أجزاء من أملاكهم للمنافع العامة أو ما قد يعتبره البعض أنها سببت له ضررًا أكثر من جيرانه وأن هذا الضرر يمكن أن يزال أو يخف أثره فيما لو كان التخطيط قد تم بصورة أخرى غير تلك التى صدر بها ولذلك ولأن المنازعات المتعلقة بمسائل التخطيط العمرانى وإن كان لها جانب قانونى لا يمكن إغفاله إلا أن الأمور الفنية والهندسية والتخطيطية والتقديرات العملية والواقعية لتنفيذ تخطيط منطقة ما على نحو معين كلها مسائل ذات شأن بالغ أيضًا فى تلك المنازعات فمن أجل ذلك ارتأى المشرع أن يفسح المجال لمناقشة كل ما يتصل بالمنازعة فى قرارات التخطيط العمرانى بأسلوب إدارى وذلك من خلال لجان يتم تشكيلها من العناصر القادرة على تقدير الاعتبارات المشار إليها تحت إشراف عضو قضائى يرأس التشكيلات المنوط بها إصدار قرارات فى تلك المنازعات فهناك لجنة التظلمات المنصوص عليها فى المادة 59 من القانون المذكور التي يجوز لذوى الشأن التقدم إليها للتظلم من القرارات التى تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم وفقاً لأحكام هذا القانون وتشكل تلك اللجنة من قاضٍ يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة واثنين من أهالى الوحدة المحلية يختارهما المجلس الشعبى المحلى واثنين من المهندسين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدة المحلية أحدهما معمارى أو مهندس تخطيط والآخر مدني يختارهما المحافظ المختص ويشمل الطريق الإدارى لنظر منازعات التخطيط العمرانى مرحلة ثانية تتمثل فى لجنة الاعتراضات المنصوص عليها فى المادة 63 من القانون المذكور والتى أوكل لها المشرع نظر الاعتراضات التى تقدم من ذوى الشأن أو من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم على القرارات التى تصدرها لجان التظلمات وتشكل تلك اللجنة برئاسة رئيس محكمة يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة ومدير الإسكان والتعمير بالمحافظة واثنين من أهالى المحافظة يختارهما المجلس واثنين من المهندسين أحدهما معمارى أو مهندس تخطيط والآخر مدني يختارهما المحافظ ولا مراء فى أن التنظيم الإدارى لفض منازعات التخطيط العمرانى على النحو سالف البيان من شأنه تمحيص كل الاعتبارات المحيطة بالمنازعة حتى إذا ما عرضت المنازعة على القضاء المختص كانت كل الاعتبارات خاصة الفنية والتخطيطية والهندسية والتقديرات العملية والواقعية المحيطة بالمنازعة بارزة واضحة بما يمكن المحكمة من إنزال صحيح حكم القانون. وفى ضوء ما تقدم فإن لجان التظلمات ولجان الاعتراضات المشار إليهما وإن تعذر اعتبارهما من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائى إلا أنه بحكم المهمة التى أوكلها المشرع إليها بالفصل تمهيديًا فى منازعة إدارية تتعلق بقرارات التخطيط العمرانى قبل انتقال المنازعة لمرحلة التقاضى أمام المحكمة المختصة فمن ثم فهى تعتبر جزءاً من مراحل عرض النزاع على القضاء ومن خلالها تتأثر مصالح الأطراف المعنية وذوى الشأن والجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم. وتعين بالتالى أن يراعى فى الإجراءات أمامها كفالة حقوق الدفاع واحترام مبدأ المواجهة فى الإجراءات على نحو ما يتم أمام المحاكم وبذلك لا يصح للجنة التظلمات أو الاعتراضات أن تصدر قرارها إلا بعد أن تتحقق من إخطار الأطراف ذات الشأن بالنزاع المطروح أمامها وإتاحة الفرصة لهم للمثول أمامها وتمكينهم من الاطلاع وبالتعقيب على ما قدمه ـ وأبداه الطرف الآخر وإلا كان القرار الصادر دون مراعاة ذلك باطلاً كما أنه يتعين على لجنة الاعتراضات ألا تصدر قرارها في غيبة من كان طرفًا فى النزاع أمام لجنة التظلمات أو أن تغفل عن التحقق من تاريخ علم المعترضين على قرار لجنة التظلمات للتثبيت من إقامة الاعتراض فى الميعاد القانونى، وذلك بحسبان أن المشرع نظم كلا من مواعيد التظلم والاعتراض على القرارات التى تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم وفقًا لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 وكذا القرارات التى تصدرها لجنة التظلمات على نحو يكفل عدم زعزعة المراكز القانونية التى استقرت بانقضاء المواعيد المقررة للتظلم أو الاعتراض على نحو ما نص عليه القانون صراحة فى هذا الخصوص.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن لجنة الاعتراضات قد نظرت الاعتراض المقدم من/ ………………….. و………………….. و …………………………….
و………………………….. على قرار لجنة التظلمات رقم 10 لسنة 1978 الصادر بناء على التظلم المقدم من المطعون ضده على قرار محافظ سوهاج رقم 214 لسنة 1986 بتخطيط المنطقة الكائن بها قطعة الأرض ملكه وقد أصدرت لجنة الاعتراضات قرارها المطعون عليه بتاريخ 27/2/1998 بقبول الاعتراض شكلاً وبإلغاء قرار لجنة التظلمات المشار إليه دون أن تقوم بإعلان المطعون ضده بالاعتراض المقدم أمامها مما نجم عنه صدور قرارها المشار إليه في غيبة منه. ومتى كان الأمر كذلك وكان المطعون ضده صاحب الصفة والمصلحة الشخصية فى النزاع المشار إليه وذلك بحسبان أن لجنة التظلمات المعترض على قرارها المشار إليه أمام لجنة الاعتراضات قد صدر بناء على التظلم المقدم من المطعون ضده وهو الأمر المعلوم بيقين للجنة الاعتراضات من واقع البيانات الثابتة بقرار لجنة التظلمات، فمن ثم كان يتعين عليها إخطار المطعون ضده بالاعتراض المقدم أمامها من المعترضين السالف ذكرهم حتى تنعقد الخصومة أمامها وفق صحيح حكم القانون الذى جعل من دعوة الخصم الآخر للمثول أمام الجهة المنوط بها إصدار قرار فى النزاع إجراء أساسياً لا تنعقد الخصومة بدونه، وإذا لم تقم لجنة الاعتراضات بالإجراء سالف البيان فمن ثم يغدو قرارها الصادر بتاريخ 27/2/1998 المشار إليه باطلاً لصدوره في غير خصومة صحيحة قانونًا ولمخالفته للنظام المنصوص عليه فى هذا الشأن.
ومن حيث إن العيب الذى اعتور قرار لجنة الاعتراضات المشار إليه يعتبر عيباً إجرائيًا جوهرياً يتصل بالشكل المتطلب قانوناً مما يبطل القرار المطعون فيه وبالتالى فإنه يتعين أن تعاود اللجنة النظر فى الاعتراض بمراعاة تصحيح ما شاب الإجراءات أمامها من عيب فى ضوء ما أوردته المحكمة فى هذه الأسباب ومن ثم لا وجه معه حالياً لبحث أسباب الطعن الأخرى وحيث إنه متى كان ذلك ومن ثَمَّ يكون قرار لجنة الاعتراضات المطعون فيه الصادر بتاريخ 27/2/1998 قد صدر بالمخالفة للقانون مما يجعله حريا بالإلغاء على ما قضى به الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فلما كان البين مما سبق أن العيب الذى اعتبر القرار المقضى بإلغائه عيبًا يتعلق بالشكل والإجراءات فمن ثم فإنه لا يصلح أن يكون سبباً للتعويض وإذ قضت محكمة أول درجة برفض ذلك الطلب فإنها تكون بذلك قد أصابت صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعنين المصروفات.