جلسة 27 من يناير سنة 2008
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 6915 لسنة 48 القضائية عليا.
– شئون الأعضاء- الطعن على قرار التعيين فيما تضمنه من ترتيب أقدمية المعينين يعد من طلبات الإلغاء.
– شئون الأعضاء- ترتيب أقدمية المعينين.
المادة (18) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
خلا قانون تنظيم هيئة قضايا الدولة من نص ينظم ترتيب أقدمية المعينين بقرار جمهوري واحد خاصة إذا كانوا دفعة واحدة، الأمر الذي يتعين معه الرجوع إلى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة باعتباره الشريعة العامة للتوظف- حدد هذا القانون طريقين للتعيين: الأول- التعيين عن طريق مسابقة (الوظائف التي تشغل بامتحان) وترتيب المعينين بها يكون بحسب الأسبقية الواردة بالترتيب النهائي لنتائج الامتحان، وعند التساوي يعين الأعلى مؤهلا فالأقدم تخرجا فالأكبر سنا. والثاني- طريق التعيين في الوظائف التي تشغل دون امتحان، وترتيب المعينين بها يكون للأعلى في مرتبة الحصول على الشهادة الدراسية فالأقدم تخرجاً فالأكبر سنا- مؤدى ذلك: يتم ترتيب المعينين بالقرار الجمهوري على أساس النسبة المئوية لتقدير النجاح الحاصل عليه كل من شمله القرار على أساس المجموع التراكمي لكل واحد منهم، ويكون ترتيب الأسبقية في القرار للحاصل على أعلى درجة نجاح ثم من يليه، دون الأخذ في الاعتبار ترتيب الجامعات- تطبيق.
بتاريخ 24/8/2000 تقدم الطاعن بتظلم للجنة التظلمات والتأديب بهيئة قضايا الدولة قيد برقم 244 لسنة 2000 طالبا إعادة النظر في ترتيب أقدميته ليصير في الترتيب الصحيح أسوة بزملائه، ناعيا على القرار الجمهوري رقم 301 لسنة 2000 المتضمن تعيينه مندوبا مساعدا بالهيئة صدوره مخالفا للقانون وذلك عند تحديد أقدميته برقم (85) ثم (83) لوفاة أحد الأعضاء وذهاب آخر إلى مجلس الدولة، ليكون ترتيبه رقم (10) وفقا للمعيار الصحيح.
وقد نظرت اللجنة التظلم، وبمناسبة صدور القانون رقم 2 لسنة 2002 بقصر الاختصاص بنظر هذه الطلبات على إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا (م 25 مكررا) فقد أحالت الهيئة طلب السيد المذكور إلى المحكمة حيث قيد بالرقم المبين عاليه بعد استيفاء الإجراءات الشكلية للطعن، وقد تم تصحيح شكل الطعن بطلب إلغاء القرار رقم 301 لسنة 2000 فيما تضمنه من تحديد أقدميته في التعيين برقم (85) ثم (83) ليصبح رقم (10) تاليا للسيد/ … وسابقاً على السيد/ … وما يترتب على ذلك من آثار خاصة عدم ترقيته بالقرار رقم 228 لسنة 2003 الصادر بتاريخ 11/8/2003.
على سند من القول إنه من خريجي جامعة الأزهر، وأرقام جامعة الأزهر تبدأ من رقم (1) حتى رقم (9) وأنه حاصل على الليسانس بتقدير امتياز في السنة الأخيرة وبتقدير تراكمي “جيد” بمجموع قدره 4703 من 6000 بنسبة مئوية قدرها (78,4 %) وأن الأسماء المذكورة بعد أرقام جامعة الأزهر من خريجي الجامعات الأخرى أقل منه في المجموع، ومن هذه الأسماء على سبيل المثال لا الحصر رقم (10) … ومجموعه (438) من (580) درجة بنسبة مئوية 75 % ، ورقم (11) … ومجموع درجاته 413 درجة من 580 درجة بنسبة مئوية 71.2 % ، ورقم 12 … بمجموع درجات 413 درجة من 580 درجة بنسبة مئوية 71.2 %، مما يضحى معه الترتيب الصحيح للأقدمية رقم (10) بحسب معيار تحديد الأقدمية وفقاً لمجموع الدرجات أو ترتيب الجامعات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 301 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترتيب الصحيح مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها ترقيته بالقرار رقم 208 لسنة 2003.
وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قدمت جهة الإدارة ردها على الطعن كما عقب الطاعن على رد جهة الإدارة وقدم مذكرة دفاع.
وبجلسة 2/12/2007 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وعن موضوع الطعن فإن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن حاصل على ليسانس الشريعة والقانون عام 1998 بتقدير امتياز في العام الأخير وتراكمي جيد بمجموع (4703) درجة من (6000 درجة) للمجموع الكلي بنسبة مئوية (78,4% ) وقد صدر القرار الجمهوري المطعون عليه رقم 301 لسنة 2000 بتعيينه وترتيب أقدميته من المعينين تحت رقم (85) ، ورحل إلى رقم (83) بعد وفاة أحد المعينين وتعيين آخر في هيئة قضائية أخرى، وقد ذكر الطاعن أن زملاء له أقل منه في ترتيب درجات النجاح قد سبقوه في الترتيب رغم أنه أعلاهم درجات، ومن ثم فإن مقطع النزاع الماثل يدور حول كيفية ترتيب أقدمية المعينين في قرار واحد، وما هو المعيار الواجب اتباعه في هذه الحالة إذا خلا القانون المنظم لهذه الجهة أو اللائحة من طريقة تحديد أقدميات المعينين في قرار واحد.
بادئ ذي بدء تود المحكمة أن تشير إلى أنه من المقرر قانونا أنه إذا تضمن القانون أو اللائحة لجهة ما تنظيما معينا لمسألة بعينها تعين الأخذ به ولو كان القانون العام يعتد بغير ذلك، أما إذا خلا القانون أو اللائحة من تنظيم هذه المسألة تعين الرجوع إلى قانون الوظيفة العامة باعتباره الشريعة العامة للتوظف، فيستهدى بالقواعد الواردة به أخذا بالقاعدة الأصولية: “العام يظل على عمومه ما لم يرد ما يقيده” وباعتباره الأقرب، والذي يمثل قاعدة عامة في مجال التوظف.
ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة (الجهة المطعون ضدها) قد أفادت بأن القانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة قد خلا من نص ينظم مسألة ترتيب أقدمية المعينين بقرار جمهوري واحد وخاصة إذا كانوا من دفعة واحدة، وقد جرى العمل في تنظيم ترتيب المعينين بالهيئة على قاعدة النسبة المئوية للنجاح وبمراعاة ترتيب الجامعات، بمعنى أن يتم ترتيب الجامعات حسب الترتيب الوارد بالمادة الثانية من القانون رقم 49 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 54 لسنة 1973 والمادة (56) مكرراً من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له المضافة بقرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1964 بدءا بجامعة القاهرة وانتهاء بجامعة الأزهر الشريف.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة باعتباره الشريعة العامة للتوظف -والذي يمكن الاستهداء بالقواعد الواردة به في مسألة ترتيب أقدميات المعينين بقرار واحد إزاء خلو قانون هيئة قضايا الدولة من نص ينظم هذه المسألة- يبين أن المادة (18) منه قد حددت أسلوبين للتعيين: إما بالمسابقة (الوظائف التي تشغل بامتحان)، أو التعيين في الوظائف التي تشغل دون امتحان. وقد حددت هذه المادة طريقة ترتيب أقدمية المعينين في الوظائف التي تشغل بامتحان (نظام المسابقة) بأن تكون بحسب الأسبقية الواردة بالترتيب النهائي لنتائج الامتحان، وعند التساوي في الترتيب يعين الأعلى مؤهلاً فالأقدم تخرجا، فإن تساويا قدم الأكبر سناً.
أما في حالة التعيين في الوظائف التي تشغل دون امتحان فيكون المعيار في ترتيب الأقدمية بين المعينين بقرار واحد على أساس الأعلى في مرتبة الحصول على الشهادة الدراسية فالأقدم سنا.
ومن ثم فإنه وعلى هدي ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المعينين بالقرار الجمهوري المطعون عليه رقم 301 لسنة 2000 قد تم ترتيبهم وفقاً للنسبة المئوية لترتيب النجاح الحاصل عليه كل منهم بمراعاة ترتيب الجامعات حسب الوارد بالمادة الثانية من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وتعديلاته والمادة 56 مكررا من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر، على الرغم من عدم تبيان الجهة المطعون ضدها نسب الدرجات الحاصل عليها كل من شمله قرار التعيين في المسابقة، وهو أمر أقرب إلى الصواب، إلا أن ترتيب الجامعات أمر يخل بمبدأ المساواة بين المعينين، ولم يرد لذلك أصل في قانون أو لائحة، والأقرب للعدالة أن يتم ترتيب المعينين بالقرار الجمهوري المطعون عليه على أساس النسبة المئوية لتقدير النجاح الحاصل عليه كل من شمله ذلك القرار على أساس المجموع التراكمي لكل واحد منهم، ويكون ترتيب الأسبقية في القرار للحاصل على أعلى درجة نجاح ثم من يليه، دون الأخذ في الاعتبار ترتيب الجامعات، وبذلك تكون جهة الإدارة قد حققت أفضل الوسائل لترتيب أقدمية المعينين على أساس من قاعدة عادلة، وحتى لا يضار أحد من كونه خريج جامعة بعينها أتى ترتيبها متأخراً ضمن ترتيب الجامعات، وهو أمر غير مستحسن، يتعين عدم اعتباره قاعدة للمساواة بين المعينين، وهو استدلال لا سند له من القانون .
ومن حيث إنه لما كان ذلك كذلك وقد أفصحت الأوراق عن أن بعض المعينين بالقرار الجمهوري المطعون عليه أسبق في الترتيب من الطاعن حال كونهم أقل منه في ترتيب النجاح وهو أعلى منهم درجة، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه قد صدر مشوباً بالبطلان لعدم قيامه على أساس سليم من القانون مما تقضي معه المحكمة بإلغائه إلغاء مجردا، وإعادة ترتيب من شملهم القرار على أساس من النسبة المئوية لتقدير النجاح الحاصل عليه كل منهم دون النظر لترتيب الجامعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجردا فيما تضمنه من ترتيب أقدمية المعينين بالقرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادة ترتيبهم وفقاً للمبين بالأسباب.