جلسة 23 من نوفمبر سنة 2011
الطعن رقم 6962 لسنة 54 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– منح الترخيص- القاعدة العامة في منح الترخيص أنه ولئن كان صحيحا أن الجهة الإدارية تتمتع في مجال الترخيص بسلطة تقديرية، إلا أنه مادام المشرع قد قيد الجهة الإدارية مانحة الترخيص بشروط وأوضاع معينة لمنح الترخيص، فإنه لا يجوز لها مخالفة ذلك، ومن باب الأولى لا يجوز لها أن تضيف شروطا جديدة لم ينص عليها القانون، أو ترد في اللائحة التنفيذية للقانون المنظم لمنح الترخيص.
– تراخيص مراكب صيد الأسماك– سلطة إصدارها وضوابط منحها وتجديدها- الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هي الجهة المختصة قانونا باستصدار وتجديد تراخيص مراكب الصيد على وفق أحكام القانون- لا اختصاص للجنة الإشرافية العليا لمتابعة تنمية الثروة السمكية بشأن إصدار تلك التراخيص- تتمتع الجهة الإدارية المختصة بسلطة تقديرية واسعة في مجال منح الترخيص، إلا أنها مقيدة بالشروط والضوابط المنصوص عليها قانونا، ولا يجوز لها إضافة شروط جديدة لم ينص عليها القانون أو لائحته التنفيذية- تطبيق: لا يجوز للجهة الإدارية تقييد تجديد الترخيص بتحقيق نسبة معينة من الإنتاج السمكي خلال فترة نفاذ الترخيص.
– المادة (3) إصدار، والمواد أرقام (23) و(27) و(29) و(37) من قانون صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية، الصادر بالقانون رقم 124 لسنة 1983.
– المادة رقم (12) من اللائحة التنفيذية لقانون صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية، (الصادر بالقانون رقم 124 لسنة 1983)، الصادرة بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 303 لسنة 1987.
في يوم الخميس الموافق 24/1/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 6962 لسنة 54 ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا (الدائرة الأولى) بجلسة 29/11/2007 في الدعوى رقم 5184 لسنة 11 القضائية، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتيهما في تقرير الطعن -ولما أورداه به من أسباب- تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا حتى يتم الفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتحكم فيه بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في موضوع الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرت الطعن بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 11/5/2011 حجز الطعن للحكم لجلسة 22/1/2011 وصرحت بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وخلال هذا الأجل وبتاريخ 25/5/2011 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها رددت فيها دفاعها وطلباتها التي سبق لها أن أبدتها بتقرير الطعن، وبجلسة 22/6/2011 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 5/10/2011 لإتمام المداولة، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 26/10/2011 لتغير تشكيل الهيئة وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 23/11/2011 وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا قانونا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده كان قد أقام ضد الجهة الإدارية الدعوى رقم 5184 لسنة 11ق أمام محكمة القضاء الإداري بقنا طلب في ختام عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الإداري السلبي بعدم تجديد رخصة الصيد الخاصة به مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وقال المدعي شرحا لدعواه إنه صدر قرار محافظ أسوان بعدم تجديد رخصة الصيد الخاصة به، واستبعاده من عملية الصيد، وإنه صائد أسماك بالمنطقة الحدودية، ويعمل برخصة مركب واحد برقم 1254 وبذات الرقم للمركب، وأنه يعمل بصيد الأسماك منذ عام 1983، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره بالمخالفة للقانون على سند من أنه يعمل بصيد الأسماك ببحيرة ناصر منذ أكثر من 23 عاما، وأنه ليس له مورد رزق آخر غير هذه المهنة، وخلص المدعي إلى طلباته التي أوردها بالعريضة.
ثم قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
…………………………………..
وبجلسة 29/11/2007 قضت محكمة القضاء الإداري بقنا (الدائرة الأولى) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وشيدت المحكمة هذا القضاء -بعد أن استعرضت نصوص المواد 23 و27 و37 من القانون رقم 124 لسنة 1983 في شأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية- على أساس أن المستفاد من هذه النصوص أن المشرع حظر استعمال أي مركب في الصيد إلا بترخيص من الجهة الإدارية يتم تجديده سنويا خلال التسعين يوما التالية لانتهاء مدة الترخيص السابقة، وقد اشترط المشرع بتجديد الترخيص أن يكون مالك المركب أو المسئول عنه مؤديا للرسوم المقررة وموفيا للديون المتأخرة عليه المنصوص عليها في القانون رقم 124 لسنة 1983 المشار إليه، ومسددا للغرامات المحكوم عليه بها عن مخالفة القانون المذكور، ولم يقيد المشرع تجديد الترخيص بتحقيق مالك المركب أو المسئول عنه لنسبة معينة من الأسماك خلال فترة سريان الترخيص، ولذلك لا يجوز حجب الترخيص عند طلب تجديده عن طالبه لهذا السبب مادام أن طالب الترخيص قد استوفى ما استلزمه القانون من شروط للتجديد طبقا للقانون رقم 124 لسنة 1983.
وبناء على ذلك ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي حاصل على الترخيص رقم 1254 للمركب رقم 1254 الصادر له عن إدارة التراخيص بالإدارة العامة للمصايد بالهيئة العامة لتنمية بحيرة السد العالي للعمل بصيد الأسماك ببحيرة السد العالي بأسوان، وقد تقدم إلى الهيئة المذكورة لتجديد الترخيص إلا أنها امتنعت عن تجديده على سند من أن المدعي لم يحقق المستهدف من الإنتاج وهي نسبة أقل من 10% من المستهدف، وإنه لما كان المشرع لم يقيد تجديد تراخيص مراكب الصيد بتحقيق مالك المركب أو المسئول عنه نسبة معينة أو كمية محددة من الإنتاج السمكي خلال فترة سريان الترخيص، ولم يتضمن الترخيص الممنوح للمدعي مثل هذا الشرط، فإنه لا يجوز للجهة الإدارية تقييد تجديد الترخيص بالشرط المذكور؛ لأن مسألة تحقيق نسبة معينة من الإنتاج السمكي غير مرتبطة -بحسب الأصل- بإرادة صاحب الترخيص بل تخضع لظروف الصيد ومناطقه، ومدى توفر قطعان الأسماك في المنطقة المخصصة للصيد، مما يكون معه حجب الترخيص حتى تحقيق هذه النسبة من الإنتاج السمكي مسلكا مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء.
وبناء على ما تقدم خلصت محكمة أول درجة إلى قضائها سالف الذكر.
…………………………………..
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولا من جانب الجهة الإدارية الطاعنة (المدعى عليها) فقد طعنت عليه بالطعن الماثل، ناعية عليه مخالفة القانون على أساس أن اللجنة العليا لمتابعة الثروة السمكية قررت إلغاء تراخيص مراكب الصيد التي تحقق نسبة أقل من 10% من المستهدف إلغاءً فوريا ونهائيا، وإيقاف المراكب التي تحقق نسبة أقل من المستهدف وذلك لمدة ثلاثة أشهر، وأن هذه اللجنة تقوم بذلك بما لها من سلطة تقديرية هدفها تحقيق المصلحة العامة وتأمين مسألة الأمن الغذائي، مما يكون معه هذا الشرط قد صدر مطابقا للقانون، ويضحى طلب إلغائه فاقدا سنده خليقا بالرفض، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد صدر مخالفا للقانون خليقا بإلغائه والقضاء مجددا برفض الدعوى.
…………………………………..
وحيث إن المادة 23 من القانون رقم 124 لسنة 1983 في شأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية تنص على أنه: “لا يجوز بغير ترخيص استعمال أي مركب في الصيد، كما لا يجوز لأي صياد أن يزاول الصيد إلا إذا كان حاصلا على بطاقة صيد، ولا يجوز الترخيص بالصيد لعدد من المراكب يجاوز العدد الذي تحدده اللائحة التنفيذية بالنسبة لكل طريقة من طرق الصيد”.
وتنص المادة 27 من هذا القانون على أن: “يعمل بالرخصة حتى 31 ديسمبر من كل عام، ويكون تجديدها سنويا في موعد لا يتجاوز التسعين يوما التالية للتاريخ المشار إليه”.
وتنص المادة 29 من القانون سالف الذكر على أنه: “يقدم طلب الترخيص من مالك المركب أو المسئول عن إدارته إلى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية مرفقاً به المستندات المثبتة لشخصيته، وتحدد اللائحة التنفيذية هذه المستندات، كما تحدد إجراءات الترخيص والنماذج اللازمة لذلك”.
وتنص المادة 37 من القانون المشار إليه على أنه: “يقدم طلب تجديد الرخصة من مالك المركب أو المسئول عن إدارته، ولا يجوز التجديد إلا بعد سداد الرسوم وأداء الديون المتأخرة المنصوص عليها في القانون، وكذلك الوفاء بالغرامات المحكوم بها عن مخالفة أحكام القانون ويتبع تجديد الرخصة الإجراءات المحددة لطلب الترخيص”.
وحيث إن المادة 12 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 124 لسنة 1983 المشار إليه، الصادر بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 303 لسنة 1987 تنص على أن: “على مالك مركب الصيد أو المسئول عن إدارته أن يقدم طلب ترخيص المركب أو تجديد الترخيص إلى مكتب المصايد المختص مرفقا به المستندات الآتية:
أ ـ صورة بطاقة الصيد.
ب ـ ..
ويقيد الطلب بالسجل المعد لذلك بمكتب المصايد المختص مع بيان رقمه وتاريخ تقديمه…”.
وحيث إن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه وما حواه ملف الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وأمام المحكمة الإدارية العليا أن الحكم المطعون فيه بعد أن تناول أحكام المواد المذكورة سالفا أشار إلى أن المطعون ضده حاصل على الترخيص المنوه عنه بهذا الحكم للعمل ببحيرة السد العالي بأسوان، وقد تقدم إلى الهيئة المختصة لتجديد الترخيص إلا أنها امتنعت عن تجديده على سند من القول بأنه لم يحقق المستهدف من الإنتاج بنسبة 10%، ولما كان المشرع لم يقيد الترخيص بتحقيق المالك للمركب أو المسئول عن إدارته لنسبة معينة أو كمية محددة من الإنتاج السمكي خلال فترة سريان الترخيص، ولم يتضمن الترخيص الممنوح للمدعي مثل هذا الشرط، فإنه لا يجوز للجهة الإدارية تقييد تجديد الترخيص بمثل هذا الشرط؛ لأن مسألة تحقيق نسبة معينة من الإنتاج السمكي لا ترتبط بإرادة صاحب الترخيص بل يخضع لظروف الصيد ومناطقه ومدى توفر الأسماك في المنطقة المخصصة للصيد، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفا للقانون مما يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار.
وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيح ومطابق لصحيح أحكام القانون، كما أنه فضلاً عما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإن القرار المطعون فيه صادر عن اللجنة الإشرافية العليا لمتابعة تنمية الثروة السمكية ببحيرة ناصر، ولا يبين من الأوراق ولم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد اختصاص هذه اللجنة في إصدار تراخيص الصيد أو تجديدها لاسيما وأن الثابت من المادة 3 من مواد إصدار القانون رقم 124 لسنة 1983 أن المشرع قد نص صراحة على أن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هي الجهة الإدارية المختصة بتطبيق أحكام القانون المذكور، وكذلك ما نصت عليه المادة 29 من القانون المذكور من أن يقدم طلب الترخيص من مالك المركب أو المسئول عن إدارته إلى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية مرافقاً به المستندات المثبتة لشخصيته الأمر الذي يستشف منه أن القرار المطعون فيه صدر عن جهة غير مختصة بإصدار الترخيص.
ولا ينال من مشروعية القضاء المتقدم ما أشارت إليه الجهة الإدارية الطاعنة من مثالب على الحكم المطعون فيه؛ ذلك أن ما ادعته الجهة الإدارية من قيام المطعون ضده بتهريب الأسماك جاء مجرد أقوال مرسلة، فضلا عن أنه ولئن كان صحيحا أن الجهة الإدارية تتمتع في مجال الترخيص بسلطة تقديرية، إلا أنه مادام المشرع قد قيد الجهة الإدارية مانحة الترخيص بشروط وأوضاع معينة لمنح الترخيص، فإنه لا يجوز للجهة الإدارية مخالفة ذلك، ومن باب الأولى لا يجوز إضافة شروط جديدة لم ينص عليها القانون أو ترد في اللائحة التنفيذية للقانون المنظم لمنح الترخيص، خاصة أن وزير الزراعة حينما أصدر اللائحة التنفيذية لقانون صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم مزارع الأسماك بالقرار رقم 303 لسنة 1987 إعمالا للمادة 65/8 جاءت خلوا من الشرط الذي تطلبه القرار المطعون فيه، مما يتعين معه الالتفات عما أثير في هذا الشأن والقضاء برفض الطعن.
(يراجع في هذا حكما الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا، الصادران في الطعنين رقمي 15903 لسنة 53ق.ع بجلسة 27/4/2011 و 4048 لسنة 54ق. ع بجلسة 8/6/2011)
وحيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تكون بذلك قد خسرت الطعن فمن ثم حق إلزامها المصروفات عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.