جلسة 6 من يناير سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / منصور حسن على غربى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده، وإبراهيم على إبراهيم عبد الله، ومحمد لطفى عبد الباقى جودة، وعبد العزيز أحمد حسن محروس
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحى عبد الغنى جودة
أمين السر
الطعن رقم 7200 لسنة 46 قضائية . عليا:
عاملون مدنيون بالدولة ــ نقل ــ ضوابطه.
طبقًا لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 78، فإن المشرع أجاز نقل العامل من وحدة إلى أخرى من الوحدات الخاضعة لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أو إلى الهيئات العامة والأجهزة الحكومية ذات الموازنة الخاصة بها ووحدات القطاع العام والعكس. ويتعين لكى يكون قرار النقل صحيحاً أن يصدر من السلطة المختصة بالتعيين، وبعد موافقة لجنتى شئون العاملين فى الوحدتين المنقول منها والمنقول إليها، ولا يعتبر النقل نافذاً إلا من تاريخ اعتماد السلطة المختصة بالتعيين لقرار آخر لجنة ما لم ينص القرار على تاريخ معين، وأن يكون النقل فى حدود النسبة المئوية المقررة، وألا يترتب عليه تفويت دور العامل المنقول فى الترقية بالأقدمية أو نقل العامل إلى درجة أقل ــ وأن يرقى النقل إلى تحقيق الغاية التى شُرع من أجلها وهى حسن سير المرافق العامة بإعادة توزيع العاملين بينها توزيعاً يحقق المصلحة العامة.ــ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 1/2/2000 أودع تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنًا فى الحكم المشار إليه عاليه، والقاضى فى منطوقه بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار مدير عام الإدارة العامة لشئون الأفراد بوزارة التربية والتعليم رقم 1164 لسنة 1992 فيما تضمنه من نقل الطاعنة إلى وظيفة كاتبة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة سوهاج، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ماعدا ذلك من طلبات .
وطلب الطاعنان بصفتيهما ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 1164 لسنة 1992 بنقل المطعون ضدها إلى وظيفة كاتبة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة سوهاج، والقضاء أصليًا بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم سابقة التظلم منه، ولفوات المواعيد، واحتياطيًا برفض الطعن موضوعًا، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان الطعن إلى المطعون ضدها على الوجه المبيّن بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بإلغاء الحكم المطعون عليه فيما تضمنه من رفض الطعن رقم 93 لسنة 31 ق على القرار رقم 1164
لسنة 1992 وإلغاء ذلك القرار .
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا، ثم الدائرة السابعة بذات المحكمة والتى أحالته إلى الدائرة الثامنة للاختصاص. واستكملت هذه الدائرة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة 11/11/2004 قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم ، وفيها صدر بعد أن أودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر إجراءاته الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 18/12/1996 أقامت المطعون ضدها فى الطعن الماثل، الطعن التأديبى رقم 93لسنة 31 ق. أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر فى 13/11/1992 والأمر رقم 1164 الصادر فى 2/12/1992 تنفيذًا لهذا القرار، وكذلك إلغاء قرار العقاب رقم 144 بتاريخ 16/11/1992 .
وقالت ــ شرحًا للطعن ــ إن جهة الإدارة أصدرت القرارين المطعون فيهما بمجازاتها بخصم أجر عشرة أيام من راتبها، ونقلها من وظيفتها بإدارة مصر القديمة التعليمية بمحافظة القاهرة إلى مديرية التربية والتعليم بمحافظة سوهاج بناءً على تأشيرة السيد وزير التربية والتعليم على محضر تحقيقات الشئون القانونية بالوزارة فى القضية رقم 862 لسنة 1992.
ونعت الطاعنة على القرارين المشار إليهما مخالفتهما للقانون لازدواجية العقوبة، ولما ينطويان عليه من عيب عدم الاختصاص واغتصاب السلطة والتعسف فى استعمالها، ولافتقادهما للسبب المشروع الذى يبررهما.
وبجلسة 10/4/2000 أصدرت المحكمة المشار إليها الحكم المطعون فيه، وشيّدت قضاءها على أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعنة ثابتة فى حقها باعترافها؛ حيث قامت بوصفها سكرتيرة مدرسة منشية السادات الابتدائية والمكلفة بتحصيل الرسوم المدرسية وتوريدها إلى المدرسة بالاحتفاظ بمبلغ 12704.80جنيه بمنزلها، وكذلك لم تقم بتسليم إيصال 123 ت.ع «تلاميذ» فور التحصيل.
أما عن شق الحكم المطعون فيه المتعلق بإلغاء قرار نقل الطاعنة، فقد شيدته على أن البيّن من مطالعة التحقيق رقم 862 لسنة 1992 الذى أجرته الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم أن المحقق انتهى فى تحقيقه إلى طلب مجازاة الطاعنة بالخصم عشرة أيام من راتبها، فضلاً عن التوصية بنقلها، وقد وافق السيد وزير التربية والتعليم على هذا الرأى ، وعلى أثر ذلك صدر الأمر التنفيذى رقم 1164 لسنة 1992 بنقل المطعون ضدها من وظيفة سكرتيرة مدرسة منشية السادات الابتدائية بإدارة مصر القديمة التعليمية بمحافظة القاهرة إلى وظيفة كاتبة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة سوهاج، فمن ثَمَّ يكون هذا القرار قد استهدف مجازاة الطاعنة بعقوبة غير منصوص عليها فى القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغاء هذا القرار لمخالفته صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، ذلك أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 2/12/1992 ولم تتظلم منه الطاعنة على النحو الذى نصت عليه المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ولايقدح فى ذلك ما ذكرته المطعون ضدها وسايرها الحكم المطعون فيه من أنها تظلمت تلغرافيا بتاريخ 8/10/1996، لأن العبرة بالتظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو إلى الهيئات الرئاسية هو اتصال علمها بالتظلم فى الميعاد القانونى ، هذا بالإضافة إلى أن استطالة الأمد على صدور القرار تقيم قرينة قانونية على تحقق علم المطعون ضدها به.
أما عن الموضوع فقد خالف الحكم ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن نقل العامل بمناسبة اتهامه والتحقيق معه لا ينطوى بحكم اللزوم على عقوبة مقنعة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن التأديبى، فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد أفادت فى صحيفة الطعن أنها كانت فى إجازة وضع لمدة ثلاثة شهور من 15/6/1993 حتى 14/9/1993 ثم حصلت على إجازات وجوبية لرعاية الطفل من 15/9/1993حتى 14/9/1996، وعند عودتها لتجديد الإجازة فى 15/9/1996 علمت بقرار نقلها، وإذ لم تنفِ جهة الإدارة هذه الواقعة كما أنها لم تقدم ما يثبت علم المطعون ضدها بالقرار الطعين علمًا يقينيًا فى تاريخ سابق فإن تاريخ علم المذكورة بالقرار المطعون فيه يكون هو التاريخ الذى ذكرته فى صحيفة الطعن المشار إليه .
ولما كانت المطعون ضدها قد أرفقت بحافظة المستندات المقدمة منها أمام محكمة أول درجة بجلسة 22/11/1999 صورة ضوئية من تظلم موجه إلى السيد وزير التعليم تتظلم فيه من قرارى الجزاء والنقل الصادرين ضدها، وأرفقت بتظلمها إيصال البريد المسجل المحرر فى 8/10/1996 والذى استلمه الموظف المختص، ولم تقدم جهة الإدارة ما يفيد أنها لم تتسلم هذا الخطاب المسجل ، أو أن محتواه غير المحتوى الذى ذكرته المطعون ضدها، ومن ثَمَّ يكون تظلم المذكورة من قرار نقلها قد تم فى الميعاد، ولما كانت المطعون ضدها لم تتلق ردًا على تظلمها وقد أقامت طعنها التأديبى فى 28/12/1996 فإن هذا الطعن يكون قد أقيم فى الميعاد مستوفيًا كافة إجراءاته الشكلية ، وعليه يكون دفع جهة الإدارة فى هذا الخصوص، فى غير محله متعينًا رفضه.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإن المستفاد من نص المادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ومن نص المادة (43) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون والصادرة بقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 2 لسنة 1978 ــ أن المشرع أجاز نقل العامل من وحدة إلى أخرى من الوحدات الخاضعة لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه أو إلى الهيئات العامة والأجهزة الحكومية ذات الموازنة الخاصة بها، ووحدات القطاع العام والعكس، ويتعين لكى يكون قرار النقل صحيحًا أن يصدر من السلطة المختصة بالتعيين وبعد موافقة لجنتى شئون العاملين فى الوحدتين المنقول منها والمنقول إليها ، ولا يعتبر النقل نافذًا إلا من تاريخ اعتماد السلطة المختصة بالتعيين لقرار آخر لجنة ما لم ينص القرار على تاريخ معين ، وأن يكون النقل فى حدود النسبة المئوية المقررة، وألا يترتب عليه تفويت دور العامل المنقول فى الترقية بالأقدمية أو نقل العامل إلى درجة أقل، وأن يرقى النقل إلى تحقيق الغاية التى شُرع من أجلها وهى حسن سير المرافق العامة بإعادة توزيع العاملين بينها توزيعًا يحقق المصلحة العامة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت الأوراق قد أجدبت مما يثبت أن قرار نقل المطعون ضدها قد عرض على لجنتى شئون العاملين بالوحدة المنقولة منها والوحدة المنقول إليها، فإن قرار النقل هذا يكون قد خالف إجراءً جوهريًا نص عليه القانون، فضلاً عن أن نقل الطاعنة من وظيفة سكرتيرة بإحدى مدارس الإدارة التعليمية بمصر القديمة إلى مديرية التربية والتعليم بمحافظة سوهاج يبين منه بجلاء أن الهدف من هذا النقل هو التنكيل بالمطعون ضدها وليس تحقيق المصلحة العامة التى هى الغاية من كل قرار تصدره جهة الإدارة مما يصم القرار الطعين بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى هذا المذهب، فإنه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به، ويكون النعى عليه فى غير محله مما يتعين القضاء برفضه .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا.