جلسة 27 من ديسمبر سنة 2008
(الدائرة الرابعة)
الطعن رقم 7241 لسنة 49 القضائية عليا.
تأديب- القرار التأديبي- عدم جواز التفويض في السلطات التأديبية.
ولاية التأديب لا تملكها سوى الجهة التي ناط بها المشرع هذا الاختصاص في الشكل الذي حدده- لا يجوز للسلطات التأديبية أن تنزل عن اختصاصها أو تفوض فيه؛ تحقيقا للضمانات التي توخاها المشرع؛ باعتبار أن شخص المنوط به مباشرة الاختصاص محل اعتبار- مؤدى ذلك: يتعين أن تتولى كل سلطة الاختصاص المنوط بها دون أن يكون لها الحق في الخروج عليه صعودا أو نزولا([1]) – تطبيــــق.
في يوم الاثنين الموافق 14/4/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن وزير الإدارة المحلية ومحافظ الدقهلية ورئيس مركز ومدينة المنزلة بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 7241 لسنة 49 ق. عليا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 16/2/2003 في الطعن رقم 58 لسنة 20 ق المقام من المطعون ضده ضد الطاعنين القاضي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد القرارين المطعون فيهما ورفض الطعن رقم 58 لسنة 30 ق مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد حددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12/4/2006 وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/11/2006 حضر المطعون ضده شخصياً وقدم مذكرة بدفاعه، وبجلسة 27/12/2006 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث تم نظره بجلسة 3/2/2007 والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/11/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه ولئن كانت الأوراق قد أجدبت مما يفيد إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن إلا أنه وقد حضر بجلسة 8/11/2006 أمام دائرة فحص الطعون، وقدم مذكرة بدفاعه؛ فبذلك تكون الغاية من الإعلان قد تحققت.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا مستوفيا سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، ومن ثم يكون مقبولا شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 3786 لسنة 18 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 19/9/1996 طالباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قراري رئيس مركز ومدينة المنزلة رقمي 235 و 247 لسنة 1996، وفي الموضوع بإلغاء هذين القرارين مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل مديراً للإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة المنزلة وبتاريخ 17/7/1996 صدر قرار رئيس المركز رقم 225 لسنة 1996 متضمناً إيقافه عن العمل احتياطياً اعتباراً من 17/7/1996 لمدة شهر أو لحين انتهاء التحقيقات بالنيابة الإدارية ومديرية الإسكان بالدقهلية أيهما أقرب، ثم صدر بتاريخ 14/8/1996 قرار رئيس المركز رقم 247 لسنة 1996 متضمناً استمرار إيقافه عن العمل لمدة شهرين آخرين اعتباراً من 17/8/1996 أو لحين استكمال التحقيقات أيهما أقرب، ونظرا لأن هذين القرارين صدرا مخالفين للقانون فقد تظلم منهما في 24/8/1996 ثم أقام دعواه للقضاء له بطلباته آنفة البيان.
وبجلسة 27/8/2001 حكمت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات، ونفاذا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة وقيدت بجدولها طعناً برقم 58 لسنة 30 ق.
وبجلسة 16/2/2003 حكمت المحكمة التأديبية بالمنصورة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت قضاءها على أن الأوراق قد خلت من أي دليل على ارتكاب المطعون ضده أية مخالفة بشأن عمله كما لم تقدم الجهة الإدارية أي دليل على ارتكابه لأية مخالفة، ومن ثم يكون وقفه عن العمل احتياطيا فاقدا للسبب المبرر له قانونا، مما يتعين معه إلغاء القرارين رقمي 225 و 247 لسنة 1996 فيما تضمناه من وقف المطعون ضده احتياطياً عن العمل اعتباراً من 17/7/1996 حتى 16/10/1996 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله على سند من أن التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية بشأن ما نسب إلى المطعون ضده من إصداره تراخيص بناء بدون وجه حق استوجبت إقصائه عن وظيفته صونا لتلك التحقيقات ومجرياتها بغية الوقوف على صحة هذا الاتهام من عدمه.
ومن حيث إن المادة 82 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1982 تنص على أن: “لكل من السلطة المختصة ومدير النيابة الإدارية حسب الأحوال أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر.
ويبين من هذا النص أن الاختصاص بإيقاف العامل عن عمله احتياطياً يقتصر على السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة الإدارية، دون سواهما.
ومن حيث إنه طبقاً لنص المادة 2 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه فإنه يقصد بالسلطة المختصة بالنسبة لوحدات الإدارة المحلية: المحافظ المختص.
ومن حيث إن قراري الإيقاف رقمي 225 و 247 لسنة 1996 المطعون فيهما صدرا عن رئيس مركز ومدينة المنزلة، وقد أشار كل منهما في ديباجته إلى قرار محافظ الدقهلية رقم 702 لسنة 1990 الصادر بتاريخ 23/8/1990 والمتضمن تفويض رؤساء الوحدات -كل في دائرة اختصاصه– في مباشرة اختصاص محافظ الدقهلية المنصوص عليه في المادة 83 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ولاية التأديب لا تملكها سوى الجهة التي ناط بها المشرع هذا الاختصاص في الشكل الذي حدده لما في ذلك من ضمانات قدر أنها لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع، وترتيباً على ذلك تواترت التشريعات المنظمة لشئون العاملين على تحديد السلطات التأديبية على سبيل الحصر، ولم تخول هذه السلطات التفويض في اختصاصها، ومن ثم لا يجوز للسلطات التأديبية أن تنزل عن اختصاصها أو تفوض فيه تحقيقاً للضمانات التي توخاها المشرع باعتبار أن شخص المنوط به مباشرة الاختصاص محل اعتبار، وعليه يتعين أن تتولى كل سلطة الاختصاص المنوط بها دون أن يكون لها الحق في الخروج عليه صعوداً أو نزولاً، والقول بغير ذلك يؤدي إلى الخلط بين الاختصاصات المحددة لكل سلطة تأديبية.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن قراري الإيقاف رقمي 225 و 247 لسنة 1996 المطعون فيهما يكونا غير مشروعين لصدورهما على خلاف حكم المادة 83 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة مما يتعين معه – والحال كذلك – الحكم بإلغائهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى هذا الرأي مع اختلاف في الأسباب فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون وتبعاً لذلك يغدو الطعن الماثل قائما على غير أساس سليم جديراً بالرفض وهو ما تقضى به المحكمة.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
([1]) في فتواها رقم 745 بتاريخ 7/7/1997 ملف رقم 86/2/266 انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إلى جواز تفويض المحافظ بعض اختصاصاته التأديبية إلى نوابه أو إلى رؤساء الوحدات المحلية بالمحافظة، بما لا يؤدي إلى التداخل في الاختصاصات أو الجمع بينها، سواء بالنسبة للتدرج في سلطة توقيع الجزاء أو بالنسبة إلى التعقيب عليه.