جلسة 25 من مايو سنة 2008
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 7263 لسنة 45 القضائية عليا.
– طوائف خاصة من العاملين- عاملون بالبنك المركزي المصري- ضم مدة الإعارة- شروطه.
المادتان (5) و (7) من القانون رقم 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي([1]) – المادة (43) من لائحة العاملين بالبنك المركزي الصادرة بقرار مجلس إدارة البنك بجلسته في 10/12/1987 وتعديلاتها.
نصت اللائحة المذكورة قبل تعديلها على أن مدة إعارة العاملين بالبنك للعمل خارجه التي تزيد عن ستة أشهر لا يستحق العامل علاوة دورية عنها، بصرف النظر عن وجوده في العمل وقت تاريخ منح العلاوة من عدمه،كما لا يجوز ترقية العامل خلال مدة الإعارة، إلا أن مدة الإعارة تدخل في حساب الميزة الأفضل للعاملين المنتفعين بلائحة المكافآت والمعاشات المعمول بها، وقد خلا نص المادة قبل تعديلها من أي قيد نحو عدم الاعتداد بمدة إعارة العامل في أقدميته- تم تعديل نص المادة لينص صراحة على عدم حساب مدة الإعارة في أقدمية العامل، وعدم ترقية العامل قبل مضي عام على عودته من الإعارة وتسلمه عمله، كما أضاف التعديل حكما جديدا متعلقا بإعادة ترتيب أقدمية العامل المعار بعد عودته من الإعارة، بأن يوضع أمامه عدد مماثل للعدد الذي كان يسبقه عند قيامه بالإعارة أو جميع شاغلي درجة الوظيفة أيهما أقل، وهذا الحكم الأخير لا يسري على من كانوا معارين وقت العمل بالنص.
القانون والقرار الإداري يسريان على الوقائع التالية لهما وبإعمال الأثر الفوري الصحيح، ولا يسريان على الوقائع والمراكز السابقة التي نشأت في ظل أحكام وقواعد أخرى، سواء كانت مستندة إلى قوانين أو قرارات، فلا يجوز إعمال الأثر الرجعي على الوقائع السابقة، إلا اذا نص صراحة في القانون على ذلك، ولحكمة تهدف إلى المصلحة العامة- ترتيبا على ذلك: التعديل الذي أورده مجلس إدارة البنك المركزي على نص المادة (43) من نظام العاملين بالبنك في تاريخ 10/12/1997 لا تسري أحكامه فيما تضمنه من قيود جديدة، التي من ضمنها قيد عدم احتساب مدة إعارة العامل ضمن مدة أقدميته، إلا اعتبارا من تاريخ صدور هذا التعديل والعمل به، فلا يسري بأثر رجعي على العاملين المعارين قبل تاريخ العمل بهذا التعديل– تطبيق.
أقيم هذا الطعن يوم الأربعاء الموافق 28/7/1999 حيث أودعت السيدة/… المحامية بصفتها وكيلة عن الطاعن تقريراً بالطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، حيث قيد بجدولها برقم 7263 لسنة 45 ق.عليا، وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري – دائرة التسويات والجزاءات في الدعوى رقم 3302 لسنة 51 ق بجلسة 31/5/1999 القاضي بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعي في احتساب مدة إعارته في الفترة من 1/11/1981 وحتى 9/12/1987 ضمن أقدميته في درجة الوظيفة، وعلى النحو المبين بالأسباب، وإلزام البنك المدعى عليه المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتدوول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بالأوراق، حيث قررت المحكمة بجلسة 2/3/2008 إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات في أسبوعين حيث لم يودع أي من أطراف المنازعة مذكرات خلال الأجل المحدد، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا مستوفيا سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده (المدعي) أقام دعواه ابتداءً أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 24/1/1995 حيث قيدت بجدولها برقم 99 لسنة 1995 طالبا الحكم باحتساب المدة من 1/11/1981 حتى 9/12/1987 في أقدمية درجته، وبتسوية حالته على هذا الأساس، وما يترتب على ذلك من حقوق وإلزام البنك المدعى عليه المصروفات.
وذكر شرحاً لدعواه أنه يعمل بوظيفة مفتش مساعد بالإدارة العامة للرقابة الداخلية بالبنك المركزي، الذي عين به اعتباراً من 14/3/1981، واحتسبت مدة خدمته العسكرية، وأرجعت أقدميته في درجة بداية التعيين إلى 28/12/1979، وقد تمت إعارته للعمل بشركة الراجحي للصرافة والتجارة بدولة المملكة العربية السعودية في الفترة من 1/11/1981 وحتى 26/11/1988، وعاد وتسلم عمله في 27/11/1988، وأن البنك المدعى عليه لم يحتسب مدة إعارته في أقدميته على سند من أن البنك عدل لائحة العاملين به في 10/12/1987 وضمت المادة (43) منها النص على أن مدة الإعارة لا تدخل في حساب الأقدمية. وأضاف أن إعارته السابقة على التعديل الوارد في اللائحة لا يسري عليها ما تضمنه التعديل، وبالتالي يجب الاعتداد بها في أقدميته.
وقد نظرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث أصدرت حكما تمهيديا بجلسة 28/6/1995 بندب خبير في الدعوى لمباشرة المأمورية الموضحة بالحكم، والذي أودع تقريرا خلص فيه إلى أحقية المدعي في احتساب المدة من 1/11/1981 وحتى 9/12/1987 التي قضاها في إعارة ضمن أقدميته في درجته الوظيفية بالبنك. وبجلسة 27/11/1996 أصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وأبقت الفصل في المصروفات.
وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت بجدولها تحت رقم 3302 لسنة 51ق، ونظرتها دائرة التسويات والجزاءات على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 31/5/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه السالف الذكر، حيث شيدت قضاءها بعد استعراض المادة السابعة من القانون رقم 20 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي والجهاز المصرفي، ونص المادة رقم (43) من لائحة العاملين بالبنك الصادرة عن مجلس إدارة البنك في جلسته بتاريخ 2/7/1977 والمعدلة من مجلس إدارة البنك في جلسته في 10/12/1987، وارتأت المحكمة أن القيد الوارد الخاص بعدم حساب مدة الإعارة في أقدمية العامل بدرجة الوظيفة نص عليه في المادة 43 من لائحة العاملين بالبنك بعد تعديلها في 10/12/1987، وهذا الأمر يسري على العاملين منذ تاريخ التعديل ولا يسري قبل هذا التاريخ، وأن الثابت للمحكمة أن المدعي أعير في الفترة من 1/11/1981 وحتى 27/11/1988 ومن ثم فإن القيد الوارد في المادة السالفة يسري عليه اعتبارا من 10/12/1987 تاريخ تعديل المادة، ولا يسري عليه قبل ذلك، ومن ثم يتعين حساب المدة من 1/11/1981 وحتى 9/12/1987 التي قضاها في الإعارة ضمن مدة أقدميته في درجة الوظيفة وتسوية حالته وفقا لذلك.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل على الحكم المطعون فيه هو الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره والقصور في الاستدلال والخطأ في فهم الواقع؛ حيث إن المشرع في أحكام لائحة نظام العاملين بالبنك منذ صدورها وحتى إدخال التعديلات الأخيرة عليها يهدف إلى عدم مساواة العامل المعار لمدة تزيد على ستة أشهر بزملائه القائمين بالعمل الفعلي بالبنك، سواء في مجال العلاوة الدورية أو الأقدمية والترقيات، وأن التعديل الذي أدخل على المادة 43 من لائحة العاملين لا يعدو كونه تفسيرا للبس الخاص بجواز حساب مدة إعارة العامل في أقدميته للترقية من عدمه، وأن الحكم المطعون فيه لم يقم بالرد على أوجه دفاع البنك وما قدمه من أحكام سابقة صادرة عن المحكمة الإدارية العليا، وأن الأثر الفوري للنص هو بتطبيقه مباشرة على العاملين المعارين سواء عن فترة سابقة للتعديل الوارد باللائحة أو بعده.
ومن حيث إن المادة الخامسة من القانون رقم 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي والجهاز المصرفي تنص على أن “يتبع البنك أساليب الإدارة وفقاً لما جرى عليه العمل في المنشآت المصرفية، دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية المالية المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها في الحكومة والقطاع العام”. وتنص المادة السابعة من ذات القانون على أن “مجلس إدارة البنك هو السلطة المختصة بتصريف شئونه، والمهيمنة على تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها، وإصدار القرارات بالنظم التي يراها كفيلة بتحقيق الغايات والأغراض التي يقوم على تنفيذها. وللمجلس في سبيل ذلك اتخاذ الوسائل الآتية: (أ) … (ي) اعتماد الهيكل التنظيمي للبنك بناء على اقتراح المحافظ. (ك) إصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج. ولا يتقيد مجلس الإدارة فيما يصدره من قرارات طبقا للبندين (ي) و (ك) بالنظم والقواعد المنصوص عليها في القرار بقانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالدولة والقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام…”.
واستنادا إلى ما تقدم من نصوص أصدر مجلس إدارة البنك المركزي المصري لائحة العاملين بالبنك بجلسته في 28/7/1977، وأدخل عليها عدة تعديلات بجلسات تالية، فكانت المادة (43) منها قبل تعديلها بقرار مجلس إدارة البنك بجلسته في 10/12/1987 تنص على أن “تكون الإعارة لمدة سنة أو أكثر قابلة للتجديد، ولمدة أقصاها أربع سنوات، باستثناء حالات الإعارة إلى الأجهزة المصرفية أو للمنظمات الاقتصادية الدولية والإقليمية. وتدخل مدة الإعارة في حساب الميزة الأفضل بالنسبة للمنتفعين بلائحة المكافآت والمعاشات المعمول بها في البنك، وذلك بشرط تحمل العامل المعار بقيمة مساهمة البنك في تمويل النظام الخاص بمكافأة نهاية الخدمة، على أن يلتزم بسداد قيمة هذه المساهمة إلى البنك كل سنة على الأكثر. ولا يجوز ترقية العامل خلال مدة الإعارة، كما لا يستحق العلاوة الدورية إذا جاوزت مدة الإعارة ستة أشهر خلال السنة، بصرف النظر عن وجوده بالعمل بالبنك من عدمه في تاريخ منحه العلاوة. فإذا كانت مدة الإعارة خلال السنة لا تزيد على ستة أشهر استحق جزءا من العلاوة تتناسب مع مدة عمله بالبنك تلك السنة. ولا يجوز إعادة إعارة العامل قبل أن يقضي في عمله بالبنك مدة لا تقل عن مدة إعارته السابقة”.
وقد تم تعديل نص المادة (43) من اللائحة السالفة الذكر بقرار مجلس إدارة البنك بجلسته في 10/12/1987 حيث قضى النص بأن “تكون الإعارة لمدة سنة أو أكثر قابلة للتجديد، وتدخل مدة الإعارة في حساب الميزة الأفضل بالنسبة للمنتفعين بلائحة المكافآت والمعاشات المعمول بها… ولا تدخل مدة الإعارة في حساب الأقدمية، ولا يجوز ترقية المعار أثناء فترة الإعارة … بصرف النظر عن وجوده بالعمل بالبنك من عدمه في تاريخ منح العلاوة، فإذا كانت مدة الإعارة خلال السنة لا تزيد عن ستة أشهر استحق جزءاً من العلاوة يتناسب مع عدد الشهور الكاملة من مدة عمله بالبنك خلال تلك السنة. وتحدد أقدمية العامل بعد عودته من الإعارة بأن يوضع أمامه عدد من العاملين مماثل للعدد الذي كان يسبقه عند قيامه بالإجازة أو جميع الشاغلين لذات الوظيفة التي يشغلها عند عودته إليها، أيهما أقل، على أنه بالنسبة للمعارين الحاليين فيعتد بترتيب أقدميتهم في تاريخ العمل بهذا الحكم…”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع تحقيقا لطبيعة وأهداف البنك المركزي المصري قرر اتباع البنك أساليب الإدارة وفقا لما يجري عليه العمل في المنشآت المصرفية، دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المنصوص عليها في القوانين المعمول بها في الحكومة. وقد خص المشرع مجلس إدارة البنك بإصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين وشئونهم كاملة دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها في قانوني نظام العاملين المدنيين بالدولة والعاملين بالقطاع العام رقمي 47 و 48 لسنة 1978؛ وذلك رغبة من المشرع في مسايرة تلك اللوائح للطبيعة الخاصة للبنك والأهداف المرجوة من تحقيق أغراضه التي يقوم عليها وانتظام سير العمل به بانتظام واطراد.
وقد صدرت لائحة نظام العاملين بالبنك من مجلس إدارته بجلسته في 28/7/1977، وأدخلت عليها عدة تعديلات بجلسات المجلس في تواريخ لاحقة، ونصت المادة (43) من لائحة نظام العاملين بالبنك التي كانت سارية حتى تاريخ 9/12/1987 على أن مدة إعارة العاملين بالبنك للعمل خارجه التي تزيد على ستة أشهر لا يستحق العامل علاوة دورية عنها، بصرف النظر عن وجوده في العمل وقت تاريخ منح العلاوة، وكذا لا يجوز ترقية العامل خلال مدة الإعارة، إلا أن مدة الإعارة تدخل في حساب الميزة الأفضل للعاملين المنتفعين بلائحة المكافآت والمعاشات المعمول بها في البنك. كما نصت على أن مدة الإعارة لا يجوز أن تزيد على أربع سنوات باستثناء حالات محددة نص عليها صراحة على سبيل الحصر. ولم يتضمن نص المادة قبل تعديلها أي قيد نحو عدم الاعتداد بمدة إعارة العامل في أقدميته.
ثم قام مجلس إدارة البنك بجلسته في 10/12/1987 بإدخال تعديلات على نص المادة (43) السالفة الذكر، ونص صراحة بها على قيد متعلق بعدم حساب مدة الإعارة في أقدمية العامل، وأضاف إلى القيد الوارد بالترقية خلال مدة الإعارة مدة زمنية أخرى ، فنص على عدم ترقية العامل قبل مضي عام على عودته من الإعارة وتسلمه عمله. وكذا أضاف حكما جديدا متعلقا بإعادة ترتيب أقدمية العامل المعار بعد عودته من الإعارة، بأن يوضع أمامه عدد مماثل للعدد الذي كان يسبقه عند قيامه بالإعارة، أو جميع شاغلي درجته الوظيفية أيهما أقل. لكنه جعل هذا الحكم الأخير لا يسري على الإعارة السابقة على صدوره، بأن نص في ذات المادة على أنه بالنسبة للمعارين حاليا وقت صدور هذا التعديل يبقى ترتيب أقدميتهم حتى تاريخ العمل بحكم المادة بعد تعديلها.
ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن صدور قرار إداري أو قانون يسري على الوقائع التالية له، وبإعمال الأثر الفوري الصحيح، ولا يسري على الوقائع والمراكز السابقة التي نشأت في ظل أحكام وقواعد أخرى، سواء كانت مستندة إلى قوانين أو قرارات، ولا يجوز إعمال الأثر الرجعي على الوقائع السابقة إلا إذا نص صراحة في القانون على ذلك ولحكمة تهدف إلى المصلحة العامة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان التعديل الذي أورده مجلس الإدارة على نص المادة (43) من نظام العاملين بالبنك في تاريخ 10/12/1997 لا تسري أحكامه فيما تضمنه من قيود جديدة لم تكن واردة في المادة إلا اعتبارا من تاريخ صدور هذا التعديل والعمل به، والتي من ضمنها قيد عدم احتساب مدة إعارة العامل ضمن مدة أقدميته، وهو الأمر الذي يؤكده ما تضمنه التعديل أيضا من قيد مضاف متعلق بتعديل أقدمية المعار بوضع عدد أمامه من زملائه وفقا لما نصت المادة السالفة الذكر عليه، وعدم سريان هذا الأمر وتعديل أقدمية العاملين المعارين حاليا فيبقى على ترتيب أقدميتهم حتى تاريخ العمل بالتعديل، أي عدم سريانه بأثر رجعي على العاملين المعارين، وهو ذات الأمر الذي يجب الأخذ به بالنسبة للقيد الخاص بعدم احتساب مدة الإعارة ضمن أقدمية العامل المعار، باعتباره قيدا جديدا أدخله مجلس إدارة البنك في جلسته في 10/12/1987 ولم يكن نص عليه في المادة صراحة قبل تعديلها، ومن ثم فإنه لا مجال لتفسير وتأويل نص المادة قبل تعديلها بوضع قيد لم ينص عليه صراحة في نص المادة متعلق بحساب مدة الإعارة ضمن أقدمية العامل المعار، وإلا لما قام مجلس إدارة البنك بإضافة هذا القيد في التعديل الذي أدخل على المادة لو كانت جميع نصوص اللائحة تؤدي إلى هذا المعنى، بالإضافة إلى أنه لو كان المشرع قد أراد ذلك الأمر قبل إجراء التعديل على المادة لكان نص على هذا القيد صراحة أسوة بما اتبعه من النص صراحة على عدم حساب مدة الإعارة في المدة المستحق العلاوات الدورية عنها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده حصل على إعارة للعمل بدولة السعودية في الفترة من 1/11/1981 وحتى 26/11/1988 ومن ثم فإن الفترة من 1/11/1981 وحتى 9/12/1987 التي قضاها في الإعارة، والسابقة على تاريخ تعديل المادة (43) من مجلس إدارة البنك بجلسته في 10/12/1987 السالفة البيان لا يوجد أي مانع قانوني نحو احتسابها في أقدمية المطعون ضده، باعتبار أن نص المادة قبل هذا التاريخ لم يتضمن نصا صريحا على عدم حساب مدة الإعارة في أقدمية العامل المعار. أما الفترة عقب تاريخ 9/12/1987 التي قضاها أيضا في الإعارة فلا يجوز قانونا احتسابها ضمن أقدميته وفقا لصريح نص المادة 43 من لائحة العاملين بعد تعديلها بقرار مجلس إدارة البنك الطاعن بتاريخ 10/12/1987. ولا يخل بهذا الأمر ما ذكره البنك الطاعن من أن مجموع نصوص اللائحة قبل تعديلها توحي بعدم احتساب مدة الإعارة في أقدمية العامل المعار؛ لأن هذا الأمر مردود عليه بأنه لا مجال للتأويل والتفسير مع وضوح نصوص اللائحة، وأنه لا يجوز إضافة قيد على احتساب مدة الإعارة في أقدمية المعار دون وجود نص صريح بهذا الأمر. كما أن ما ذكره البنك الطاعن من أن التعديل الذي أورده مجلس إدارة البنك على المادة (43) من لائحة العاملين يعد تفسيرا لهذا الأمر، قول مخالف لأحكام القانون؛ حيث إن المشرع عندما يسن أحكاما قانونية أو يقوم بتعديل أحكام قائمة فعلا فإنه يقوم بعمله التشريعي وليس كسلطة تفسير لما هو قائم فعلا من أحكام قانونية.
كما لا ينال مما انتهت إليه المحكمة من رأي سالف البيان ما ذكره البنك الطاعن من أن احتساب مدة الإعارة في أقدمية العامل المعار يتعارض مع ما نص عليه في المادة (43) قبل تعديلها من عدم احتساب المدة عند منح العلاوات الدورية؛ لأن هذا الأمر مردود عليه أيضا بأن المشرع في المادة (43) قبل تعديلها نص على عدم منح العامل علاوات دورية خلال مدة إعارته، وهو أمر مختلف عن احتساب المدة في الأقدمية، ولو كان الأمر واحدا لما ضمنه المشرع في تعديله للمادة السالفة الذكر، بل يتفق هذا الأمر مع الاعتداد بمدد الإعارة في المدد المستحقة للمكافآت والمعاشات للعاملين بالبنك والتي نص عليها في ذات المادة. كما أن أحكام المحكمة الإدارية العليا التي استند إليها البنك الطاعن في طعنه الماثل متعلقة بعدم احتساب مدد الإعارة ضمن المدد المستحق علاوات دورية عنها، ولم تتعرض تلك الأحكام سواء في أسبابها أو منطوقها لعدم احتساب مدد الإعارة في أقدمية العامل المعار طبقا للمادة (43) من لائحة نظام العاملين بالبنك قبل تعديلها بتاريخ 10/12/1987، وهو الأمر الذي يتعين معه القضاء بأحقية المطعون ضده في الاعتداد بمدة إعارته في الفترة من 1/11/1981 حتى 9/12/1987 ضمن مدة أقدميته في الوظيفة التي يشغلها، وفقا لأحكام المادة رقم (43) من لائحة نظام العاملين بالبنك قبل تعديلها بتاريخ 10/12/1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى ذات النهج فيما قضى به وما تضمنه من أسباب؛ فإنه بذلك يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن الماثل عليه غير قائم على سببه القانوني السليم خليقا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالا لأحكام المادة رقم 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت البنك الطاعن المصروفات.
([1]) ألغي هذا القانون إلغاء كاملا بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم (88) لسة 2003 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد.