جلسة 27 من إبريل لسنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المنعم صالح، وعبد الله عامر إبراهيم، ومصطفى محمد عبد المعطى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 7281 لسنة 45 قضائية عليا:
إزالة ــ سلطة جهة الإدارة فى إزالة ما يقع من تعدٍّ على أملاك الدولة ــ ضوابطها.
يتعين لاستخدام الجهة الإدارية سلطتها فى إزالة التعدى بالتنفيذ المباشر التى أتاحها لها القانون أن يكون هذا التعدى قائمًا بحسب الظاهر على الغصب والعدوان المادى على أموال الدولة الخاصة أو العامة بأن يكون هذا التعدى من الأفراد والأشخاص الخاصة غير مستند على أى وجه على سند قانونى ظاهر يجعل للأفراد ــ بحسب الظاهر ــ حقًا فى ملكية هذه الأموال أو حيازتها لا تدحضه المستندات القاطعة لجهة الإدارة، فإذا ما كان للأفراد أدلة قانونية ظاهرة على الملكية أو الحيازة أو غير ذلك من الحقوق فإنه لا يسوغ للجهات الإدارية استخدام حق التنفيذ المباشر لمنعهم من مباشرة حيازتهم ويتعين على جهة الإدارة المختصة اللجوء إلى القضاء للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت وذلك لإعلاء الشرعية واحترامًا لسيادة القانون والتزامًا بالحدود التى وضعها المشرع والحكمة التى تغياها من تمكين الإدارة من حماية الأموال العامة والخاصة المملوكة للدولة من العدوان المادى والاغتصاب الذى لا سند له من الأفراد، كما أن القضاء الإدارى فى فحصه لمشروعية سبب قرار الإزالة لا يفصل فى نزاع قائم على الملكية بين الطرفين المتنازعين ولا يتغلغل فى فحص ما يقدم منهم من مستندات بقصد الترجيح فيما بينها؛ لأن ذلك كله من اختصاص القضاء المدنى الذى يملك وحده الحكم فى موضوع الملكية، وإنما يقف اختصاص القضاء الإدارى عند حد التحقق من أن ادعاء الجهة الإدارية للأراضى محل قرار الإزالة ادعاء جدى له شواهده المبررة من واقع الأوراق ــ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 28/7/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها بالنيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 7281/45ق . ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 1142 لسنة 5ق بجلسة 8/6/1999 والذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوض الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
وطلب الطاعنون قبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه قبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/12/2003 وبجلسة 1/6/2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلساتها على النحو الموضح بالمحاضر إلى أن قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه ــ فى أن المدعى «المطعون ضده » أقام الدعوى رقم 1142/ 5 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا بتاريخ 28/12/1997 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1114/97.
وقال المدعى ــ شرحًا لدعواه ــ إنه فى عام 1986تقدم للوحدة المحلية بأشمون لإقامة محل وبعرض الطلب على مركز أشمون ارتأى أنه لا يوجد مانع من الناحية الأمنية وتمت الموافقة على تخصيص محل له بجوار محطة السكة الحديد بقيمة إيجارية قدرها 19.19 جنيه بخلاف رسم النظافة والضريبة، وبتاريخ 26/8/1997 حصل على ترخيص رقم 364 من الإدارة الهندسية وبموجبه قام ببعض الإصلاحات بالمحل إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه متضمنًا إزالة المحل، ونعى المدعى على القرار صدوره مخالفًا لأحكام القانون ومشوبًا بعيب الانحراف بالسلطة وخلص إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 8/6/1999 صدر الحكم المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت أحكام المادة (970) من القانون المدنى، على أن الظاهر من الأوراق أن المدعى قام بعمل مبان من الطوب الأحمر والخرسانة المسلحة عبارة عن دورين لاستعمالهما قهوة لبيع المشروبات الساخنة والمثلجة على أملاك هيئة سكك حديد مصر، وأن المدعى قام باستئجار المحل من مجلس مدينة أشمون وصدر له الترخيص رقم 364/1997 بإدارة المحل المذكور، وبذلك يكون ادعاء المدعى قائمًا على سند من الواقع والقانون وينتفى عنه صفة الغصب أو التعدى ولا يكون للجهة المدعى عليها والحال كذلك اتخاذ طريق الإزالة بالطريق الإدارى سبيلاً لإزالة هذا التعدى ويكون القرار الطعين بحسب الظاهر مخالفًا لأحكام القانون ويضحى طلب المدعى وقف تنفيذه قائمًا على سبب جدى يبرره.
ومن حيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن الأرض المعتدى عليها الصادر بشأنها القرار المطعون فيه من أملاك الهيئة القومية لسكك حديد مصر وليست من أملاك الوحدة المحلية بأشمون، وإن المطعون ضده لم ينكر ذلك ، كما لم ينازع أحد فى ملكية هيئة السكة الحديد لقطعة الأرض محل النزاع وبالتالى فإن التعامل بشأنها يكون مع الهيئة وليس مع الوحدة المحلية، ولم يثبت للمطعون ضده أية صفة قانونية فى وجوده على هذه الأرض، ومن ثَمَّ لا يعتبر الترخيص الممنوح له من الوحدة المحلية سندًا لملكيته لها بل إنه حصل على هذا الترخيص بالتحايل على القانون وبالتالى فإن وصف التعدى الحاصل منه على قطعة الأرض يظل قائمًا.
ومن حيث إن المادة (970) من القانون المدنى تنص على أنه “……………. ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، …………………. وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم، ولا يجوز التعدى على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة ، وفى حالة حصول التعدى يكون للوزير المختص حق إزالته إداريًا”.
والمستفاد مما تقدم أن المشرع حماية للأموال الخاصة المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية وأموال الأوقاف الخيرية حظر كسب أى حق عينى عليها أو تملكها بالتقادم، كما حظر التعدى على هذه الأمول وناط الوزير المختص سلطة إزالة هذا التعدى بالطريق الإدارى.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على ضرورة قيام قرار الإزالة صحيح بأن يكون سند الجهة الإدارية فى الادعاء بملكيتها للمال الذى تتدخل لإزالة التعدى عليه إداريًا سند جدى له أصل ثابت فى الأوراق ويتعين لاستخدام الجهة الإدارية لسلطتها فى إزالة التعدى بالتنفيذ المباشر التى أتاحها لها القانون أن يكون هذا التعدى قائمًا بحسب ظاهر الحال على الغصب والعدوان المادى على أموال الدولة الخاصة أو العامة، بأن يكون هذا التعدى من الأفراد والأشخاص الخاصة غير مستند على أى وجه على سند قانونى ظاهر يجعل لأفراد بحسب الظاهر حق فى ملكية هذه الأموال أو حيازتها لا تدحضه المستندات القاطعة لجهة الإدارة، فإذا ما كان للأفراد أدلة قانونية ظاهرة على الملكية أو الحيازة أو غير ذلك من الحقوق فإنه لا يسوغ للجهات الإدارية استخدام حق التنفيذ المباشر لمنعهم من مباشرة حيازتهم، ويتعين على الجهة الإدارية المختصة اللجوء إلى القضاء للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت، ولدحض ادعاءات الأفراد الثابتة بحسب الظاهر قانونًا على المال المملوك للدولة وذلك إعلاء للشرعية واحترامًا لسيادة القانون والتزامًا بالحدود التى وضعها المشرع، والحكمة التى تغياها من تمكين الإدارة من حماية الأمول العامة والخاصة المملوكة للدولة من العدوان المادى والاغتصاب الذى لا سند له من الأفراد، كما أن القضاء الإدارى فى فحصه لمشروعية سبب قرار الإزالة
لا يفصل فى نزاع قائم على الملكية بين الطرفين المتنازعين ولا يتغلغل فى فحص ما يقدم منهم من مستندات بقصد الترجيح فيما بينها، لأن ذلك كله من اختصاص القضاء المدنى الذى يملك وحده الحكم فى موضوع الملكية، وإنما يقف اختصاص القضاء الإدارى عند حد التحقق من أن ادعاء الجهة الإدارية للأراضى محل قرار الإزالة ادعاء جدى له شواهده المبررة من واقع الأوراق.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، وكان البادى من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده قام ببناء مبنى من دورين من الطوب الأحمر والخرسانة المسلحة لاستعماله قهوة لبيع المشروبات الساخنة والمثلجة وأن هذا المبنى قام باستئجاره من مجلس مدينة أشمون، كما صدر له الترخيص رقم 364/97 لإدارة المحل وبذلك يكون ادعاؤه قائماً على سند من الواقع والقانون وينتفى عنه وصف الغصب أو التعدى، ولا يكون للجهة الطاعنة والحال كذلك اتخاذ طريق الإزالة بالتنفيذ الإدارى المباشر سبيلاً لإزالة هذا التعدى المقول به وكان يتعين عليها اللجوء إلى القضاء المدنى للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر بحسب الظاهر مخالفًا للقانون، ويكون طلب المدعى وقف تنفيذه قائمًا على سبب يبرره مما يتوافر معه ركن الجدية، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى الأضرار التى تلحق به عند تنفيذ القرار بإزالة المحل الذى يعتبر مصدر رزقه وأسرته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر متفقًا مع أحكام القانون، ويكون الطعن عليه فى غير محله جديرًا بالرفض .
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.