جلسة 20 من فبراير سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 7281 لسنة 50 القضائية عليا.
– أداة تحقيقها- تحول أملاك الأفراد الخاصة إلى أملاك عامة بالفعل.
المادة (87) من القانون المدني– المواد (1) و (2) و (13) من القانون رقم (140) لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة- المادتان (26) و (31) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقرار بقانون رقم (43) لسنة 1979– المادة (7/5) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (707) لسنة 1979.
يقصد بالأموال العامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص– حظر المشرع التصرف في تلك الأموال أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، أو التعدي عليها بأية صورة من صور التعدي، وخول المحافظ المختص أو من ينيبه أن يتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية تلك الأموال، وإزالة ما يقع عليها من تعدٍ بالطريق الإداري.
حظر المشرع إشغال الطريق العام في اتجاه أفقي أو رأسي إلا بعد الحصول على ترخيص بهذا الإشغال من السلطة المختصة– مخالفة هذا القيد تعد تعديا على الشارع العام وعلى أملاك الدولة العامة، ويكون للسلطة المختصة إزالة هذا الإشغال بالطريق الإداري إذا كان مخلا بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة- الشارع العام المخصص للمنفعة العامة يعد من أملاك الدولة العامة بطبيعتها، وإن كان في الأصل ملكية خاصة– ترتيبا على ذلك: إذا ترك الملاك مساحة من أملاكهم لإنشاء شارع، وصار مستطرقا ومستخدما لمرور العامة أصبح هذا الطريق من أملاك الدولة العامة– مؤدى ذلك: أنه لا يجوز لأي من هؤلاء الملاك أن يقوم بإشغال هذا الطريق بأية صورة من الصور مستندا إلى أنه جزء من ملكه- تطبيق([1]).
في يوم الخميس الموافق 25/3/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن، قيد بجدولها برقم 7281 لسنة 50ق . عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة القليوبية) في الدعوى رقم 2051 لسنة 2 ق بجلسة 27/1/2004، الذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم في تقرير الطعن تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في موضوع الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حتى قررت بجلسة 5/6/2007 إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 5/9/2007، حيث تدوول نظره أمام تلك الدائرة بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها بجلسة 5/12/2007 صممت فيها على دفاعها الوارد بتقرير الطعن، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 6/2/2008، وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع، وخلال هذا الأجل قدم الطرفان مذكرة بدفاع كل منهما صممت فيها هيئة قضايا الدولة الطاعنة على دفاعها الذي أوردته بتقرير طعنها، وصمم المطعون ضده على طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات على النحو الذي أورده بدفاعه. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعنين بصفاتهم يطلبون الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده كان قد أقام ضد الطاعنين بصفاتهم (المدعى عليهم بصفاتهم) الدعوى رقم 2051 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة القليوبية) طلب في ختام عريضتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري رقم 1 لسنة 1990 الصادر عن رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة طوخ محافظة القليوبية فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع من المدعي على شارع داير الناحية بعزبة كفر الفقهاء بناحية العمار الكبرى، المتمثل في قيامه بزرع شجر فيكس وسور وطرنش صرف صحي بالشارع سالف الذكر أمام منزله المطل على هذا الشارع، وذلك بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. ونعى المدعي (المطعون ضده) على هذا القرار مخالفته للقانون؛ لأنه أقام هذه الإشغالات على ملكه الذي تركه لإنشاء شارع داير الناحية سالف الذكر، الأمر الذي حداه على إقامة تلك الدعوى للحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 27/1/2004 أصدرت محكمة أول درجة حكمها المطعون فيه الذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه؛ على أساس أن هذه الإشغالات التي أقامها المدعي بذلك الشارع إنما هي مقامة على الجزء الذي تركه من ملكه أمام منزله المطل على هذا الشارع، ومن ثم فإن الجهة الإدارية ليس لها الحق في إزالة هذه التعديات بالطريق الإداري، وإنما عليها أن تلجأ للقضاء المدني المختص للفصل في هذا النزاع، مما يجعل قرارها بإزالة تلك الإشغالات مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء.
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولا من الجهة الإدارية الطاعنة، فقد طعنت عليه بالطعن الماثل، ناعية عليه مخالفته للمادة 87 من القانون المدني والمواد الأولى والثانية والثالثة عشرة من القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطريق العام، والمادتين 26 و 31 من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته، وكذلك أحكام المحكمة الإدارية العليا الصادرة في هذا الصدد، والتي تقضي بأنه إذا نشأ طريق عام بين المساكن عن طريق ترك كل جار ومن يقابله نصف عرض هذا الطريق، واستطرقه العامة، انتقل هذا الشارع من ملكية الملاك إلى ملكية الدولة العامة، وبالتالي لا يجوز لهؤلاء الملاك التعدي على هذا الطريق بأية صورة من صور الإشغال إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية بذلك الإشغال. وفي حالة مخالفة هذا القيد يحق للسلطة المختصة إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري وفقا للسلطة المخولة لها بموجب النصوص سالفة الذكر، ويكون القرار الصادر في هذا الصدد مطابقا للقانون، ويضحى طلب إلغائه فاقدا سنده خليقا بالرفض، ويغدو الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء، والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
ومن حيث إن القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق العامة، المعدل بالقانونين رقمي 56 لسنة 1957و 174 لسنة 1960 ينص في المادة الأولى منه على أن “تسري أحكام هذا القانون على الميادين والطرق العامة على اختلاف أنواعها أو صفتها…”.
وتنص المادة (2) منه على أنه “لا يجوز بغير ترخيص من السلطة المختصة إشغال الطريق العام في اتجاه أفقي أو رأسي…”.
وتنص المادة (13) من هذا القانون على أنه “إذا حدث إشغال بغير ترخيص جاز للسلطة المختصة إزالته بالطريق الإداري على نفقة المخالف إذا كان هذا الإشغال مخلا بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة…”.
ومن حيث إن المادة (87) من القانون المدني تنص على أن “1- تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص . 2- هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم”.
ومن حيث إن قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1981 ينص في المادة 26 منه على أن “… وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري”.
وينص هذا القانون في المادة 31 منه على أن “للمحافظ أن يفوض بعض سلطاته واختصاصاته إلى نوابه أو إلى سكرتير عام المحافظة أو السكرتير العام المساعد أو إلى رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات المحلية الأخرى…”.
ومن حيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع في قانون إشغال الطريق العام قد نص على سريان أحكام هذا القانون على الميادين والطرق العامة باختلاف أنواعها أو صفتها، وحظر المشرع إشغال الطريق العام في اتجاه أفقي أو رأسي إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك الإشغال من السلطة المختصة، وفي حالة مخالفة هذا القيد يكون للسلطة المختصة إزالة هذا الإشغال بالطريق الإداري إذا كان هذا الإشغال مخلا بمقتضيات التنظيم أو حركة المرور. وقد حددت المادة 87 من القانون المدني المقصود بالأموال العامة وماهيتها بأنها العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. وقد حظر المشرع التصرف في تلك الأموال أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، كما حظر المشرع التعدي على تلك الأموال العامة بأية صورة من صور التعدي، وفي حالة التعدي ألزم المحافظ المختص أو من ينيبه اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية تلك الأموال وإزالة ما يقع عليها من تعد بالطريق الإداري. وقد خولت المادة 7/5 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 الوحدات المحلية كلا في دائرة اختصاصها مباشرة أحكام الرقابة على إشغالات الطرق ومنح التراخيص بذلك.
كما استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن الشارع العام المخصص للمنفعة العامة يعد من أملاك الدولة العامة بطبيعتها، وإن كان في الأصل ملكية خاصة، ويكون إشغال هذا الطريق بأي صورة من صور الإشغالات تعديا على هذا الشارع، وكذلك تعديا على أملاك الدولة العامة، فيجوز للوحدة المحلية التي وقع التعدي في مجال اختصاصاتها إزالته بالطريق الإداري، وذلك وفقاً لحكم المادتين 26 و 31 من قانون نظام الإدارة المحلية سالفتي الذكر، ووفقا كذلك لحكم المادة 7/5 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ويضحى القرار الصادر بإزالة هذا التعدي الواقع على الشارع العام بغير ترخيص من السلطة المختصة مطابقا للقانون، ويغدو طلب إلغائه فاقداً سنده خليقاً بالرفض، ويغدو الحكم الصادر عن محكمة أول درجة بإلغاء هذا القرار مخالفا أيضا للقانون خليقا بالإلغاء ورفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
(يراجع في هذا المعنى أحكام المحكمة الإدارية العليا الصادرة في الطعن رقم 751 لسنة 37 ق . عليا بجلسة 14/4/1996، وفي الطعن رقم 1576 لسنة 42 ق . عليا بجلسة 18/12/2002) .
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم من نصوص وأحكام، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده يملك قطعة من الأرض مقاما عليها منزل يطل على شارع داير الناحية بعزبة كفر الفقهاء التابعة لقرية العمار الكبري مركز طوخ محافظة القليوبية، وقد نشأ الشارع سالف الذكر بأن ترك المطعون ضده وجيرانه المجاورون له والموازون لهم على الجانب الآخر من الشارع سالف الذكر مساحة من أملاكهم لإنشاء ذلك الشارع، وصار هذا مستطرقا ومستخدما لمرور العامة، ولذلك يصبح هذا الطريق من أملاك الدولة العامة وفقا لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطريق العام، وكذلك وفقا لحكم المادة 87 من القانون المدني سالفة الذكر، بحيث لا يحق للمطعون ضده أن يقوم بأي إشغال في هذا الشارع بأية صورة من الصور أفقيا أو رأسيا، مستندا في ذلك إلى أن هذه الإشغالات أقامها على جزء من ملكه الذي تركه من جانبه لفتح وإنشاء الشارع سالف الذكر؛ لأنه كما سبق القول إنه وإن كان هذا الشارع مشتقا ومستقطعا من ملك المطعون ضده الخاص، إلا أنه بإنشائه واستطراقه من جانب الكافة يكون قد انتقل من نطاق الملك الخاص إلى نطاق الملك العام بالاستطراق وبالفعل، وأصبح من أملاك الدولة العامة التي يحميها قانون إشغال الطرق العامة سالف الذكر والمادة 87 من القانون المدني والمادتان 26 و 31 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته.
وبالبناء على ما تقدم فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد قام بزراعة أشجار وإقامة سور وإنشاء طرنش للصرف الصحي في نهر الشارع سالف الذكر وبغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، مستندا إلى أن تلك الإشغالات مقامة على جزء من ملكه الذي تركه لفتح الشارع المذكور، الأمر الذي تكون معه تلك الإشغالات قد تمت بالمخالفة لأحكام القانون، ويحق للجهة الإدارية إزالة تلك الإشغالات بالطريق الإداري وفقا للنصوص سالفة الذكر. وبالبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن رئيس مركز ومدينة طوخ بمحافظة القليوبية قد أصدر القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1990 متضمنا إزالة تلك الإشغالات باعتبار أنها تشكل إعاقة لحركة المرور في الشارع سالف الذكر، فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر مطابقا للقانون، ويضحى طلب إلغائه فاقدا سنده خليقا بالرفض، وبالتالي يغدو الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك، فإنه يكون قد صدر مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء، وبرفض الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها، وإلزام المطعون ضده المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.
([1]) سبق للمحكمة إقرار ذات المبدأ في حكمها في الطعن رقم 2959 لسنة 44 القضائية بجلسة 4/7/2001، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 46 القضائية مكتب فني جـ 3 رقم 279 ص 2379.