جلسة 19 من يناير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
عضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف، وإبراهيم على إبراهيم، وعبدالمنعم أحمد عامر، ومحمد لطفى عبدالباقى جوده.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عمر.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 763 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ ما يدخل فى اختصاص المحاكم التأديبية ـ الطعن على قرار التحميل.
إلزام العامل بقيمة ما تحملته الجهة الإدارية من أعباء مالية بسبب التقصير المنسوب إليه وإن لم يكن فى ذاته من الجزاءات التأديبية المقررة قانوناً إلا أنه يرتبط بها ارتباط الفرع بالأصل لقيامه على أساس المخالفة التأديبية التى ارتكبها العامل وهو ذات الأساس الذى يقوم عليه قرار الجزاء عن هذه المخالفة فيما لو قدّرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية قبل العامل عن المخالفة، فهى مخالفة ذات وجهين إذا نظر إليها من ناحية الضرر فإنها تمثل ركن الخطأ الموجب للتعويض وإذا نظر إليها من ناحية المسلك الوظيفى للعامل فإنها تشكل مسئولية إدارية تستوجب المؤاخذة التأديبية ـ مؤدى ذلك: أنه إذا كان قرار التحميل يقوم على ما نسب إلى العامل من تقصير فإنه بهذه المثابة ينعقد الاختصاص للقضاء التأديبى فى التصدى للمنازعة فى التحميل، ويستوى أن يكون طلب العامل قد رفع إلى المحكمة استقلالا عن طلب إلغاء قرار الجزاء أم لا وبغض النظر عما يسفر عنه التحقيق الإدارى من ناحية المسئولية التأديبية ـ تطبيق.
ـ عاملون بجهاز الخدمات العامة بالقوات المسلحة ـ اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق فى المخالفات ذات الطابع المالى.
المادة (79) مكررَا من القانون رقم 47 لسنة 1978 فى شأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
المادة (5) من القرار الجمهورى رقم 195 لسنة 1981 بإنشاء جهاز الخدمات العامة بالقوات المسلحة.
النيابة الإدارية هى صاحبة الاختصاص فى إجراء التحقيق الإدارى مع العاملين بالجهاز فى المخالفات ذات الطابع المالى إذْ خلت القواعد واللوائح الخاصة بالعاملين بالجهاز من نص خاص يحدد الجهة التي تباشر التحقيق مع أى منهم فيما قد ينسب إليه من مخالفات مالية ـ النيابة الإدارية تباشر التحقيق فى المخالفات سواء كان مردها إلى مخالفة اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات والمخازن والمشتريات والقواعد المالية السارية أو كانت بسبب التقصير أو الإهمال الذى يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص العامة الأخرى أو الهيئات الخاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات أو المساس بمصلحة من مصالحها المالية أو يكون من شأنه أن يؤدى إلى ذلك مباشرة ـ تطبيق.
أقام الحاضر عن الطاعن بصفته هذا الطعن بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 5/11/1998 فى الحكم الصادر فى الطعن التأديبى رقم 86 لسنة 40ق. اسكندرية بجلسة 12/9/1998 القاضى بقبول الطعن شكلاً وببطلان تحميل الطاعن المبالغ المبينة بالقرار رقم 330 لسنة 93 ورفض ماعدا ذلك من طلبات.
طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذه وإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن رأت فى ختامه لما ورد به من أسباب ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
تدوول نظر الطعن بجلسات المرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بدوائر الفحص ثم الموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 24/11/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وإجراء المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 27/8/1995 أقام المطعون ضده فى الطعن الماثل الدعوى رقم 5309 لسنة 49 ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة الاسكندرية بصحيفة طلب فيها الحكم أولا بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له كافة المبالغ التى خصمت منه بناء على القرار رقم 330 لسنة 49ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة الإسكندرية بصحيفة طلب فيها الحكم أولا بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له كافة المبالغ التى خصمت منه بناءً على القرار رقم 330 لسنة 93 ومقدارها 812.50 جنيهًا بالإضافة إلى نسبة 10٪ مصروفات إدارية والمصاريف البنكيه موضوع إذن الصرف رقم 4353 لسنة 1992. ثانياً: إلزام المطعون ضده بأن يؤدى له مبلغ 10.000 جنيه، تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته من جراء القرار رقم 330 لسنة 1993 والتحقيقات التى سبقت صدوره، وقال شرحاً لذلك إنه يعمل بوظيفة مندوب تجارى لفروع المنطقة الشمالية التابعة لجهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة وبتاريخ 6/9/1992 كلف من قبل إدارة الفرع التجارى بالمنطقة الشمالية العسكرية بالذهاب إلى الإدارة العامة للمخازن الرئيسية بالجهاز لاستلام بضاعة للمنطقة الشمالية بموجب إذن صـرف رقم 43154 فى 6/9/1992 وقيمتها 812.50 جنيهاً ثم قام بتسليمها إلى الفرع الذى يعمل به بموجب محضر استلام ومحضر رقم 30874 إلا أن السيدة/ ……………….. العاملة بمشروع الأسر المنتجة بالجهاز قامت بتحرير إذن الصرف ووجهته إلى المنطقة الشرقية بدلاً من المنطقة الشمالية التى يعمل بها على سبيل الخطأ المادى وتصحيحاً لذلك تم تحرير إذن صرف جديد فى 8/9/1992 إلى المنطقة الشمالية رقم 43015 وإلغاء الإذن رقم 43154 الوارد مع البضاعة إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه رقم 330 لسنة 93 بالمخالفة للقانون.
وبجلسة 11/8/1997 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوي وأمرت بإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية حيث قيدت برقم طعن تأديبى 86 لسنة 40ق، وبجلسة 12/9/1998 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وببطلان تحميل الطاعن المبالغ المبينة بالقرار رقم 330 لسنة 93 ورفضت ماعدا ذلك من طلبات وأقامت المحكمه قضاءها على سند أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعين ارتكابها من المخالفات المالية التى كان يجب أن تتولي التحقيق فيها النيابة الإدارية عملا بحكم المادة 79/1 مكرر من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن ـ العاملين المدنيين فى الدولة وأن الجهة الإدارية المطعون ضدها اكتفت بالتحقيق الذى أجراه القطاع القانونى لديها، كما أن مطالبة الطاعنين بتعويضه عن الضرر لا تقوم على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إن الطاعن بصفته يطعن على هذا الحكم لصدوره مخالفاً للقانون والواقع فلا اختصاص ولائيًا للمحاكم التأديبية فى الطعن على قرار التحميل منفصلاً عن طلب إلغاء القرار التأديبى وهو ما قصر عليه المطعون ضده طلباته وكان يجب على المحكمة أن تقضى بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الطعن، كما أن الحكم خالف القانون بأن جرَّد الهيئة من اختصاصها الأصيل فى التصدى للمخالفات الإدارية وإجراء التحقيق فيها وما استقر عليه قضاء محكمة النقض وهو اختصاص سنده قانون تنظيم الإدارات القانونية رقم 47 لسنة 1973 والقانون رقم 61 لسنة 63 بشأن الهيئات العامة والقانون 47 لسنة 1978 الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة وأن المادة 79 مكرر المضافة للقانون رقم 47 لسنة 1978 بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تخاطب الإدارات القانونية بالوزارات والحكم المحلى دون الهيئات العامة والتى يمثلها الطاعن بصفته.
وحيث إنه عن الوجه الأول من الطعن ـ فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن إلزام العامل بقيمة ما تحملت الجهة الإدارية من أعباء مالية بسبب التقصير المنسوب إليه وإن لم يكن فى ذاته من الجزاءات التأديبية المقررة قانونًا إلا أنه يرتبط بها ارتباط الفرع بالأصل لقيامه على أساس المخالفة التأديبية التى ارتكبها العامل وهو ذات الأساس الذى يقوم عليه قرار الجزاء عن هذه المخالفة فيما لو قدرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية قبل العامل عن المخالفه، فهى مخالفه ذات وجهين إذا نظر إليها من ناحية الضرر فإنها تمثل ركن الخطأ بموجب للتعويض وإذا نظر إليها من ناحية المسلك الوظيفى للعامل فإنها تشكل مسئولية إدارية تستوجب المؤاخذة التأديبية، ومن ثم فإنه وإذا كان قرار التحميل رقم 330 لسنة 93 يقوم على ما نسب إلى المطعون ضده من تقصيره فى تسليم البضاعة الواردة بالإذن رقم 43154 فى 6/9/1992 لأمين المخزن المختص فإنه بهذه المثابة قد ينعقد الاختصاص للقضاء التأديبى فى التصدى للمنازعة فى التحميل يستوى أن يكون طلب المطعون ضده قد رفع إلى المحكمة استقلالاً عن مطلب إلغاء قرار الجزاء أم لا وبغض النظر عما يسفر عنه التحقيق الإدارى من ناحية المسئولية التأديبية، الأمر المتعين معه الالتفات عن هذا الوجه من الطعن.
ومن حيث إنه عما ذكر بشأن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون حينما أسس قضاءه على بطلان التحقيقات التى أجراها القطاع القانون بالجهة الإدارية الطاعنة فى مخالفة مالية تختص بها النيابة الإدارية دون غيرها عملا بحكم المادة 79 مكررا من القانون 47 لسنة 1978 فإنه وطبقًا لنص المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1978 تسرى أحكامه على العاملين بالهيئات العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم، كما أناط القرار الجمهورى رقم 195 لسنة 1981 بإنشاء جهاز للخدمات العامة بوزارة الدفاع بمجلس إدارة الجهاز فى المادة الخامسة منه وضع اللوائح الداخلية لنظام العمل بالجهاز وإدارته ونظام حساباته وشئون المالية والإدارية دون التقيد بالقواعد الحكومية وكذلك وضع اللوائح المتعلقة بتنظيم شئون العاملين بالجهاز والذين ينطبق عليهم القواعد والأنشطة المقررة للعاملين بوزارة الدفاع.
ومن حيث إنه وإذ خلت القواعد واللوائح الخاصة بالعاملين بالجهاز من نص خاص يحدد الجهة التى يجب أن تباشر التحقيق مع أى منهم فيما قد ينسب إليه من مخالفات مالية ومن ثم يتعين إعمال موجب نص المادة 79 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1978 المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 التى جعلت النيابة الإدارية دون غيرها هى صاحبة الاختصاص فى إجراء التحقيق الإدارى فى (المخالفات ذات الطابع المالى) سواء كان مردها إلى مخالفة اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات والمخازن والمشتريات والقواعد المالية السارية أو كانت بسبب التقصير أو الاهمال الذى يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص العامة الأخرى أو الهيئات الخاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات أو المساس بمصلحة من مصالحها المالية أو يكون من شأنه أن يؤدى إلى ذلك مباشرة وقد نصت المادة 79 مكررا على جزاء البطلان فى حالة مخالفه كل إجراء أو تصرف لأحكامها.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الجهاز الطاعن اصدر القرار رقم 330 لسنة 1993 بتحميل المطعن ضده بمبلغ 812.5 بالإضافة إلى نسبة 10% مصروفات إدارية والمصاريف البنكية لقيمة البضاعة موضوع إذن الصرف رقم 43154 فى 6/9/1992وذلك استنادًا إلى التحقيق الذى أجراه القطاع القانونى بالجهاز بشأن الواقعة برقم 69 لسنة 1993 فى 7/11/1993 ولما كانت هذه الواقعة تشكل مخالفة ماليه نسب إلى المطعون ضده ارتكابها وهو من العاملين المدنيين بالجهاز ـ ومن ثم فإن النيابة الإدارية تكون هى المختصة وحدها بإجراء التحقيق فيها عملا بحكم المادة 79 مكررًا المشار إليه، وإذ خالف الجهاز الطاعن هذا النظر فإن تصرفه يكون قد شابه البطلان لإجرائه بواسطة جهة غير مختصة غصبا لسلطة النيابة الإدارية،ويكون بالتالى القرار المطعون فيه قد لحقه البطلان لابتنائه على تحقيقات باطلة متعين الإلغاء .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه اخذ بهذا النظر فإنه يكون قد أصاب وجه الحق لا مطعن عليها.
ومن حيث إنه ليس بمجد ما أثارته الجهة الطاعنة من أن القطاع القانونى بالجهاز هو الجهة المختصة بإجراء التحقيق فى المخالفات المالية بالجهاز عملاً بحكم المادة الأولى من قانون الإدارات القانونية رقم 47 لسنة 1973 ـ إذ إنه بإمعان النظر فى هذا النص والذى تضمن اختصاص الإدارات القانونية فى فحص الشكاوى والتظلمات وإجراء التحقيقات التي تحال إليها من السلطات المختصة فإنه لا يعتبر نصًا خاصًا يحكم عمل هذه الإدارات القانونية بشأن التحقيق فى المخالفات المالية فلم يرد النص عليها صراحة فى اختصاص الإدارات القانونية وإنما ورد النص الخاص بتحديد الجهة التى يقوم بإجرائه فى المادة 79 مكررًا من القانون رقم 47 لسنة 1978 والذى رتب جزاء البطلان فى حالة مخالفة هذا الحكم ومن القواعد المستقرة قضاء وفقها أن الخاص يقيد العام سواء كان الحكم الخاص هو الحديث أو القديم.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعًا.