جلسة 27 من مايو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبدالرحمن اللمعى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطاالله، ومنير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وحسن سلامة أحمد محمود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمود شعبان حسين.
مفوض الدولة
والسيد/ جمال طه المهدى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 7632 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ التزامات المتعاقد ـ خطاب الضمان ـ ماهيته ـ التزامات الضامن “البنك” قِبل جهة الإدارة.
خطاب الضمان يعد طبقاً للتكييف القانونى السليم كفالة شخصية من البنك للمدين الأصلى وهو المتعاقد ولصالح الدائن وهو الجهة الإدارية المتعاقدة، وبهذه المثابة فإن البنك فى التزامه بخطاب الضمان إنما يلتزم بصفته أصيلاً قِبل المستفيد لا بوصف كونه نائباً عن عميله ولذا فإن البنك يلتزم بما تعهد به دون تأخير بغض النظر عن سائر العلاقات الأخرى التى نشأت بين البنك وعميله أو بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها ـ أثر ذلك ـ لا يجوز للبنك التمسك فى مواجهة الجهة الإدارية بالحقوق الناشئة لعميله عن العقد الإدارى المبرم معها بحسبانه ليس نائباً عنه بموجب خطاب الضمان وليس طرفاً فى العقد الإدارى المبرم بين الجهة الإدارية وعميله، ومن ثَمَّ لا يستفيد البنك من أية آثار قانونية مترتبة على العقد الإدارى وإنما تقتصر حقوقه بعد سداد قيمة خطاب الضمان فى مطالبة عميله برد قيمة الضمان وذلك وفقاً لأحكام كل من القانون المدنى والتجارى ويختص بمثل هذه المنازعة القضاء المدنى ـ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الحادى عشر من أغسطس 1999، أودع الأستاذ/ وجيه نصيف برسوم نائباً عن الأستاذ/ رجائى سليم شنودة وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 7632 لسنة 45ق. عليا فى حكم محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود الإدارية والتعويضات ـ الصادر بجلسة 13/6/1999 فى الدعوى رقم 9589 لسنة 50ق. والذى قضى أولاً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته وفى الموضوع بإلزامه بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغًا مقداره 168084.170 (مائة وثمانية وستون ألفاً وأربعة وثمانون جنيهاً، 170 مليماً، والفوائد القانونية على ذلك المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 15/8/1995 والمصروفات.
ثانياً: عدم قبول طلب التدخل المقدم من البنك المصرى الخليجى، وألزمته مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية البنك الطاعن فى اقتضاء مبلغ 68520.12 دولار أمريكى المعادل بالمبلغ 168084.170 جنيهاً من المطعون ضده الأول بصفته من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام البنك الطاعن المصروفات.
وعُين لنظر الطعن أمام الدائرة الثالثة فحص طعون جلسة 6/12/2000 وتأجل نظره لجلسة 16/5/2001. وبجلسة 15/8/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع لنظره بجلسة 9/10/2001 وتدوول نظره أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقررت بجلسة 11/3/2003 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 15/8/1995 أقام المطعون ضده الثالث (المصفى القانونى للشركة العالمية للأسواق الحرة) الدعوى رقم 8190 لسنة 1995 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد كل من الطاعن والمطعون ضدهما الأول والثانى طلب فيها إلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدى له مبلغ 68520.12 دولار أمريكى والفوائد القانونية على هذا المبلغ من تاريخ الاستيلاء عليه فى 31/1/1989 وحتى تاريخ السداد وإلزامه المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 12/8/1986 أبرمت هيئة ميناء القاهرة مع كل من شركة ج رودولف وشركاه بمصر وشركة ج رودولف وشركاه ببورسعيد وشركة سكول جرين الإنجليزية، عقد استغلال وإدارة جميع الأسواق الحرة فى صالتى السفر والوصول بمبنى الركاب الجديد رقم 2 بمساحة إجمالية قدرها 963 مترا مربعاً وقد كونت الشركات الثلاث شركة تحمل اسم الشركة العالمية للأسواق الحرة (المدعية) لتكون الشركة الجديدة صاحبة الصفة فى العقد بدلاً من الشركات الثلاث طبقاً لنص الفقرة الثالثة من البند العاشر من العقد واعتبارا من تاريخ تكوين هذه الشركة أصبحت تحل محل الشركات الثلاث المتعاقدة، وبتاريخ 17/3/1987 صدر قرار وزير المالية بإنشاء السوق الحرة بمطار القاهرة الجديد ونص فى مادته الأولى على أن ينشأ سوق حرة داخل الدائرة الجمركية بالمبنى رقم 2 بمطار القاهرة الجوى تديره الشركة العالمية للأسواق الحرة، وبذلك تم التعاقد بتاريخ 16/6/1987 بين مصلحة الجمارك والشركة العالمية للأسواق الحرة لتشغيل وإدارة السوق الحرة وتم تحديد التزامات وحقوق الطرفين بذلك العقد وقامت الشركة بمباشرة أعمالها طبقاً للعقد حتى 25/12/1988 حيث قامت هيئة ميناء القاهرة الجوى بإنهاء عقد الشركة وقامت بالاستيلاء على مواقع الشركة بما فيها من تجهيزات ومعدات كما قامت بتوقيع الحجز على كافة البضائع الموجودة بالأسواق الحرة وبالمخازن، وكانت الشركة قد قامت فى 1/7/1987 بتقديم خطاب ضمان رقم 3982 لسنة 1987 صادر من البنك المصرى الخليجى بناء على طلب الشركة لصالح مصلحة الجمارك بالقاهرة بمبلغ 500000 (خمسمائة ألف دولار أمريكى) كمقدم تأمين عن الضرائب والرسوم الجمركية والغرامات المستحقة عن السلع الغير خالصة الضرائب والرسوم الجمركية بالترنزيت والأسواق الحرة بمبنى الركاب رقم 2 وبتاريخ 18/1/1989 طلبت الإدارة المركزية لجمارك القاهرة من البنك المصرى الخليجى تسييل خطاب الضمان حيث إن الرسوم الجمركية أصبحت واجبة الأداء وقام البنك بتسليم جمارك القاهرة الشيك رقم 4198 بتاريخ 31/1/1989 بمبلغ خمسمائة ألف دولار أمريكى قيمة خطاب الضمان رغم أن خطاب مصلحة الجمارك لم يوضح ماهية الرسوم الجمركية الواجبة الأداء ولم يقدم الدليل على أن ملف الرسوم مستحقة لجمرك القاهرة وقامت المصلحة بتحويل قيمة الشيك إلى الجنيه المصرى بقيمة إجمالية قدرها 1226531 (مليون ومائتان وستة وعشرون ألف وخمسمائة وواحد وثلاثون جنيها) بواقع جنيهان وخمسة وأربعون قرشاً للدولار، وطلب البنك بكتابه رقم 177 فى 31/1/1989 من وزارة المالية بقيمة الضرائب الجمركية المستحقة على الشركة المدعية وخصم تلك المبالغ من قيمة خطاب الضمان ورد باقى القيمة إلى البنك فقامت مصلحة الجمارك بتشكيل لجنة لفحص نشاط الشركة، وأفاد وزير المالية بكتابة المؤرخ 9/7/1989 أن الرسوم الجمركية المستحقة عن العجز والزيادة للبضائع الموضوعة بصالات العرض حتى آخر يوم عمل 12/1/1989 هى مبلغ 318527.74 جنيهاً وأن قيمة الضرائب الجمركية المستحقة عن تجهيزات المعارض بالأسواق الحرة مبلغ 739919.60 جنيهاً وأن الأوامر صدرت بعدم رد باقى قيمة خطاب الضمان قدرها 168084.17 جنيهاً لحين تسوية الضرائب الجمركية المستحقة عن محاضر إثبات حالة عجز الطريق بجمارك المنطقة الحرة وقيمته 24750.30 جنيهاً وأية مطالبات مالية ما يسفر عنه موقف البضائع المحجوزة لدى هيئة ميناء القاهرة الجوى، ولما كان احتجاز جهة الإدارة لمبلغ 17/84 1680 جنيهاً للأسباب الواردة بكتاب وزير المالية لا يستند إلى صحيح حكم القانون الأمر الذى دفع الشركة إلى إقامة الدعوى للمطالبة بهذا المبلغ وفوائده القانونية بعد أن أبدت الجهة الإدارية أنه لا مانع من رد المبلغ المطالب به بعد تصفية مخازن الشركة الموجودة أسفل مبنى الركاب رقم 2 والتأكد من عدم وجود عجز بها يستحق عليه ضرائب جمركية.
وبجلسة 11/3/1996 حضر أمام المحكمة وكيل الخصم المتدخل (البنك المصرى الخليجى) وقرر فى مواجهة طرفى الدعوى أن المبلغ المطالب به مستحق للبنك وليس للمدعى وطلب التدخل هجومياً فى الدعوى وقدم مذكرة بدفاعه، وبجلسة 25/6/1996 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة وأبقت الفصل فى المصروفات.
ووردت الدعوى إلى المحكمة بتاريخ 28/8/1996 وقيدت بجدولها تحت رقم 9581 لسنة 50ق. وجرى تحضيرها لدى هيئة مفوض الدولة.
وبجلسة 3/6/1999 قضت المحكمة أولاً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته وفى الموضوع بإلزامه بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغاً مقداره 170/168084 جنيهاً (مائة وثمانية وستون ألف وأربعة وثمانون جنيهاً) مليماً والفوائد القانونية على ذلك المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القانونية الحاصلة فى 15/8/1995 والمصروفات. ثانياً: عدم قبول طلب التدخل المقدم من البنك المصرى الخليجى، وألزمته مصروفات هذا الطلب.
وأسست المحكمة قضاءها على أن الجهة الإدارية قامت بتسييل خطاب الضمان المقدم من الشركة المدعية بمبلغ نصف مليون دولار أمريكى والذى قيمته بالجنيه المصرى مبلغ 1226531.500 جنيه والثابت من الأوراق أن إجمالى مستحقات مصلحة الجمارك بدءًا من تاريخ مزاولة الشركة لنشاطها حتى توقفها عن النشاط من ضرائب رسوم جمركية وغرامات وخلافه هو مبلغ 1058447.340 جنيهاً وهذا ما أقرت به مصلحة الجمارك فى كتابها المؤرخ 9/7/1989 الموجه إلى البنك، وإن كانت الجهة الإدارية قد قررت منذ تاريخ 9/7/1989 أنها قامت بحجز باقى قيمة خطاب الضمان وهو مبلغ 68084.27 جنيها تحسبا لما سوف تسفر عنه المحاسبة الضريبة من مديونية لدى الشركة، ولما كان ملف الدعوى قد خلى مما يثبت أحقية الجهة الإدارية لأية مبالغ أخرى غير ما قامت باقتضائه وهو مبلغ 1058447.240جنيها، كما أن الجهة الإدارية منذ 9/7/1989 وحتى تاريخ حجز الدعوى للحكم لم تقدم مستنداً وبيان يفيد تسوية أية مديونيات أخرى ولم تقدم تبريراً لحجزها لمبلغ 17/168084 جنيها باقى قيمة خطاب الضمان ومن ثم يتعين الحكم بإلزام المدعى عليه الأول بأن يؤدى للمدعى هذا المبلغ وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية، وأنه عن طلب الخصم المتدخل فى الدعوى بأن تؤدى إليه ما عسى أن يقضى به للمدعى لصالحه، فإنه لما كان البنك المتدخل لم يكن طرفاً فى العقد محل المنازعة وأن قيام المتعاقد مع الجهة الإدارية بتقديم خطاب ضمان من أحد البنوك لا يجعل ذلك البنك طرفا فى التعاقد ودوره يقف عند حدود الضمان الصادر منه، وأن البنك المتدخل لا يدعى له بحقوق ناشئة عن العقد الإدارى محل التداعى وأن قيام البنك بتسييل خطاب الضمان بناء على طلب الصادر له الخطاب لا يجعل من البنك طرفا فى العقد مما يتعين معه الحكم بعدم قبول تدخل البنك.
ومن حيث إن مبنى الطعن يُحق للبنك طلب الحكم له بأحقيته فى الجزء المتبقى من قيمة خطاب الضمان البالغ قدرة 168084.170 جنيهاً باعتبار أن هذه المبالغ قد سددت من مال البنك وله حق ذاتى فى تلك المبالغ ويحق له استردادها فى مواجهة الشركة المطعون ضدها الثالثة باعتباره دائن الشركة وله صلة مباشرة بالطلب الأصلى باعتباره الملزم فى خطاب الضمان الذى تم مصادرته إلى المطعون ضده الثانى ولا يغير من ذلك أن هناك عقداً بين الشركة المطعون ضدها الثالثة والمطعون ضده الثانى إذ إن البنك الطاعن أصدر بناءً على هذا العقد الكفالة المتمثلة فى خطاب الضمان، ومن ثَمَّ فإن تدخل البنك الهجومى يجد سنده من القانون وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 181 من القانون المدنى التى تنص على أن كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له وجب عليه رده، وإذ قام البنك بتسليم قيمة خطاب الضمان رقم 3982 لسنة 87 بمبلغ 500 ألف دولار أمريكى بموجب الشيك رقم 4198 المؤرخ 31/1/1989 بناءً على الخطاب المقدم من الإدارة المركزية بجمارك القاهرة والمنطقة الجنوبية وهو الأمر الذى أقرت به الشركة المطعون ضدها فى عريضة دعواها فإن البنك يحق له استرداد ما دفعه بدون وجه حق ذلك أن مصلحة البنك ثابتة فى أداء تلك المبالغ فهو طرف فى خطاب الضمان وتربطه علاقة بكل من المطعون ضده الأول والشركة وله حقوق ناشئة عن خطاب الضمان وعن التعاقد المبرم بين الطرفين.
ومن حيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن خطاب الضمان يعد طبقاً للتكييف القانونى السليم كفالة شخصية من البنك للمدين الأصلى وهو المتعاقد ولصالح الدائن وهو الجهة الإدارية المتعاقدة، وبهذه المثابة فإن البنك فى التزامه بخطاب الضمان إنما يلتزم بصفته أصيلاً قبل المستفيد لا بوصف كونه نائباً عن عميله ولذا فإن البنك يلتزم بما تعهد به دون تأخير بغض النظر عن سائر العلاقات الأخرى التى نشأت بين البنك وعميله أو بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها وبالتالى فلا يجوز للبنك التمسك فى مواجهة الجهة الإدارية بالحقوق الناشئة لعميله من العقد الإدارى المبرم مع الجهة الإدارية بحسبانه ليس نائباً عنه بموجب خطاب الضمان وليس طرفاً فى العقد الإدارى المبرم بين الجهة الإدارية وعميله ومن ثَمَّ لا يستفيد البنك من أية آثار قانونية مترتبة على العقد الإدارى وإنما تقتصر حقوقه بعد سداد قيمة خطاب الضمان فى مطالبة عميله برد قيمة الضمان وذلك وفقاً لأحكام كل من القانون المدنى والتجارى، ويختص بمثل هذه المنازعة القضاء المدنى.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول تدخل البنك المصرى الخليجى فإنه يكون صادف صحيح حكم القانون ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس سليم فى القانون متعيناً الحكم برفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.