جلسة 15 من يناير سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسينى عبد المجيد مسلم.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، ود. محمد ماجد محمود، وأحمد محمد حامد، وسراج الدين عبد الحافظ عثمان
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد المجيد إسماعيل
مفوض الدولة
وحضور السيد / سيد سيف محمد
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 7686 لسنة 44 قضائية عليا:
النطاق المكانى لسريان أحكام قانون الطرق العامة ــ أثر ذلك.
النطاق المكانى لسريان أحكام قانون الطرق العامة رقم 140 لسنة 1956 يتحدد فى الميادين والطرق العامة؛ وذلك بهدف مراعاة مقتضيات التنظيم ودواعى الأمن العام وحركة المرور وحماية الصحة والآداب العامة والمحافظة على جمال وتنسيق المدينة ــ مؤدى ذلك: أنه فيما عدا الميادين والطرق العامة من طرق وممرات خاصة ومشتركة لا يصدق عليها وصف الطريق العام وتخرج عن نطاق تطبيق هذه الأحكام وتظل محكومة بقواعد القانون الخاص والاتفاقات المبرمة بين ملاكها والمنتفعين بها بحيث لا يجوز للجهة الإدارية التدخل لإزالة أية مخالفات أو إشغالات واقعة فى هذه الطرق والممرات الخاصة بالطريق الإدارى وفقاً لأحكام القانون سالف الذكر ــ تطبيق.
بتاريخ 15/8/1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 7686 لسنة 44ق .ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية بجلسة 21/ 6/1998 فى الدعوى رقم 8139 لسنة 1ق، القاضى بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون ــ للأسباب الواردة بتقريرطعنهم ــ الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفه مستعجلة من دائرة فحص الطعون، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد جرى إعلان تقريرالطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عُيّن لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/3/2000، وبجلسة 26/3/2002 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع وحددت لنظره جلسة 2/6/2002 وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية؛ حيث ثبت وفاة المطعون ضده بتاريخ 27/12/2001، وتم تصحيح شكل الطعن باختصام ورثة المطعون ضده، وبجلسة 4/12/2004 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم، وبجلسة اليوم صدرالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن مورث المطعون ضدهم كان قد أقام الدعوى رقم 8139 لسنة 1ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فى 31/1/1996 طالبًا الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار رئيس حى العرب بمحافظة بورسعيد رقم 1377 لسنة 1995 بإزالة الأشغال المكونة من عدد (2) سقيفة من الصاج بمنطقة حى الكويت بالعمارة رقم 41 شقة رقم 8، وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد شرح مورث المطعون ضدهم دعواه بأن الجهة الإدارية أصدرت القرار المشار إليه بدعوى أنه أقام الأعمال المشار إليها بدون ترخيص بمقاسات 3/4، 2/4 بواجهة العقار، ونعى على هذا القرار صدوره بالمخالفة لأحكام القانون، إذ إنه لم يعلن به وجاء مجحفًا بحقوقه فى الانتفاع بملكه.
وبجلسة 24/3/1997 حكمت المحكمة فى الشق العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وبجلسة 22/6/1998 حكمت المحكمة بإلغاء القرارالمطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار وهو الحكم محل هذا الطعن.
وقد شيَّدت المحكمة قضاءها على سند أن القرار المطعون فيه نسب إليه صدوره بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وأن القرار صدر من رئيس حى العرب دون أن يكون مفوضًا فى إصدار هذا القرار من محافظ بورسعيد المختص بإصدار قرارات الإزالة طبقًا لأحكام المادة (16) من القانون المشار إليه؛ حيث لم يثبت صدور هذا التفويض، كما أن الأعمال موضوع القرار لم تعرض على اللجنة الثلاثية المبينة بالمادة (16) على نحو يغدو معه القرار مخالفًا للقانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند أن القرار المطعون فيه لم يقم على مخالفة مورث المطعون ضدهم للقانون رقم 106 لسنة 1976 فقط، وإنما قام ــ أيضًا ــ على مخالفته لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن الطرق العامة الذى يجيز للسلطة المختصة «رئيس الحى» إزالة الإشغالات المخلة بمقتضيات التنظيم والأمن العام والصحة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف، ولما كانت المخالفة التى صدر بسببها القرار وهى عمل سقيفة من الصاج بمدخل العقار مما أدى إلى إشغال الطريق العام بدون ترخيص، فمن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه قائمًا على سببه المبرر له قانونًَا.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وبصفة خاصة القرار المطعون فيه أنه استند فى ديباجته إلى القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء، وكذلك القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن الطرق العامة، ولم يحدد القرار فى صلبه القانون الذى خالفه الصادر ضده القرار من بين هذين القانونين مما يصيب القرار بالقصور فى التسبيب، لأن كلاً من القانونين له مجاله وشروط انطباقه، وإن كانت الجهة الإدارية قد أفصحت فى مذكرتها المقدمة أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية بجلسة 25/5/1998 أن القرار المطعون فيه قد تضمن فى ديباجته أنه صدر بعد الاطلاع على القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن الطرق العامة إلا أن المحكمة إزاء هذا التعتيم فى موقف الجهة الإدارية فى تحديد النصوص القانونية واجبة التطبيق فإنها تراقب القرار باعتبار أنه صدر على سببين؛ حيث استقرت أحكام هذه المحكمة على أنه إذا ذكرت جهة الإدارة عدة أسباب لإصدار قرارها وتخلفت بعض هذه الأسباب فإن تخلفها لا يؤثر مادام أن الباقى من الأسباب يكفى لحمل القرار على وجهه الصحيح . ( الطعن رقم 546 لسنة 32 ق. ع، جلسة 24/11/1990).
ومن حيث إنه عن السبب الأول المتعلق بمخالفة مورث المطعون ضدهم لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء فإن المستقر عليه فى أحكام هذه المحكمة هو عدم إقامة أية مبانٍ أو أعمال إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفى حالة مخالفة ذلك يصدر المحافظ المختص ومن يفوضه قرارًا بإزالة تلك الأعمال أو تصحيحها بعد عرضها على اللجنة المشار إليها فى المادة (16)، ويعتبر العرض على اللجنة إجراءً جوهريًا يترتب على عدم مراعاته بطلان قرار الإزالة أو التصحيح.
ومن حيث إنه بإنزال ما سبق على الطعن الماثل فإن الثابت من الأوراق أن رئيس حى العرب قد أصدر القرار رقم 1311 لسنة 1995 بإزالة الأشغال التى أقامها المطعون ضده بدون ترخيص وهى عدد (2) سقيفة من الصاج بمنطقة حى الكويت بالعمارة رقم 41 شقة 8. وحيث إنه لم يثبت من ديباجة القرار المطعون فيه أو دفاع الجهة الإدارية وجود تفويض من محافظ بورسعيد لرئيس حى العرب فى إصدار قرارات الإزالة طبقًا للقانون رقم 106 لسنة 1976، ومن ثَمَّ يغدو القرار المطعون فيه ــ وقد صدر من رئيس حى العرب ــ صادرًا من غير مختص بإصداره، فضلاً عن ذلك فإنه لم يثبت من الأوراق أن الأعمال موضوع القرار المطعون فيه قد تم عرضها على اللجنة المنصوص عليها فى المادة (16) المشار إليها، ومن ثَمَّ يكون القرار قد صدر مشوبًا بعيب مخالفة القانون ــ أيضًا ــ من هذه الناحية.
ومن حيث إنه عن السند الثانى الذى قام عليه القرار المطعون فيه وهو مخالفته مورث المطعون ضدهم لقانون الأشغال العامة الصادر بالقانون رقم 140 لسنة 1956.
فإن المادة الأولى من هذا القانون تنص على أن “تسرى أحكام هذا القانون على الميادين والطرق العامة على اختلاف أنواعها وأرصفتها الداخلية هى حدود البلاد التى لها مجالس بلدية”.
وتنص المادة (2) من ذات القانون على أنه “لا يجوز بغير ترخيص من السلطة المختصة إشغال الطريق العام فى اتجاه أفقى أو رأسى”.
وتنص المادة (13) على أنه “إذا حدث إشغال بغير ترخيص جاز للسلطة المختصة إزالته بالطريق الإدارى على نفقة المخالف إذا كان هذا الإشغال مخلاً بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة”.
مفاد هذه النصوص أن النطاق المكانى لسريان هذه الأحكام يتحدد فى الميادين والطرق العامة؛ وذلك بهدف مراعاة مقتضيات التنظيم ودواعى الأمن العام وحركة المرور وحماية الصحة والآداب العامة والمحافظة على جمال تنسيق المدينة، ومن ثَمَّ فإنه ماعدا الميادين والطرق العامة من طرق وممرات خاصة ومشتركة لايصدق عليها وصف الطريق العام، تخرج عن نطاق تطبيق هذه الأحكام، وتظل محكومة بقواعد القانون الخاص والاتفاقات المبرمة بين ملاكها أو المنتفعين بها بحيث لا يجوز للجهة الإدارية التدخل لإزالة أية مخالفات أو إشغالات واقعة فى هذه الطرق أو الممرات الخاصة بالطريق الإدارى وفقًا لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 سالف الذكر.
( الطعن رقم 2811 لسنة 41 ق ع، جلسة 29/6/1997).
ومن حيث إنه بتطبيق ما سلف على وقائع النزاع المعروضة، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم أقام عدد (2) سقيفة بالصاج بالمدخل الكائن بالعمارة رقم 41 حى الكويت قسم العرب، وأن جهة الإدارة اعتبرت ذلك مخالفًا للقانون رقم 140 لسنة 1956 فى شأن إشغال الطرق، ومن ثَمَّ صدر قرار رئيس حى العرب رقم 1377 لسنة 1995 الذى لم يشر للمخالفة إلا بأن المخالف قد أقام عدد (2) سقيفة من الصاج بمقاسات 3م ×40سم، و2م×40سم بواجهة العمارة وبإزالة تلك الأشغال إداريًا؛ وحيث إن القرار المطعون فيه لم يحدد ما إذا كانت تلك المنشآت التى أقامها مورث المطعون ضدهم والصادر بإزالتها القرار المطعون فيه قد وقعت فى طريق عام من عدمه أو فى ممر لا يصدق عليه وصف الطريق العام، كما لم يحدد نوع المخالفة التى ترتب عليها صدور قرار الإزالة على الطريق وهى الإخلال بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة العامة أو غيرها وما هى حدود اعتداء هذه المخالفة على التنظيم أو غيره، ولما كانت الجهة الإدارية لم تقدم أية مستندات تفيد التعدى على أىٍّ من هذه المقتضيات والأهداف، فمن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون على نحو يغدو معه هذا القرار حريًا بالإلغاء.
ومن حيث إنه وقد ثبت مما تقدم عدم مشروعية السببين اللذين قام عليهما القرار المطعون فيه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويغدو الطعن الماثل فاقدًا لأساسه القانونى السليم، ومن ثَمَّ يتعين التقرير برفضه، مع إحلال أسباب هذا الحكم محل الأسباب التى استند إليها الحكم الطعين.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالاً لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.