جلسة 24 من إبريل لسنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر،
ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور محمد على
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد جميل
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / خالد عثمان محمد حسن
أمين السر
الطعن رقم 7714 لسنة 48 قضائية. عليا:
تأديب ــ الملحوظة الفنية ليست جزاء ــ انتفاء القرار.
المادتان (25مكررًا)، (26) من القانون رقم 75 لسنة 1963 فى شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2002، المادتان (23)، (24) من اللائحة الداخلية للتفتيش الفنى بهيئة قضايا الدولة الصادرة بقرار وزير العدل رقم 5025 لسنة 1993.
المشرع حدد الجزاءات التى يجوز توقيعها على أعضاء هيئة قضايا الدولة وحصرها فى ثلاثة جزاءات، هى: الإنذار، واللوم، والعزل. وأجاز لرئيس الهيئة ورؤساء القطاعات ورؤساء الأقسام أو الفروع ولرئيس إدارة التفتيش الفنى توجيه ملاحظات إلى أعضاء الهيئة حتى درجة وكيل بشأن تصرفاتهم الفنية أو الإدارية أو بما يتعلق بسيرتهم وسلوكهم ــ الملاحظات الفنية التى توجه إلى عضو هيئة قضايا الدولة لا تعدو أن تكون رصداً لواقع أو تصرف أو مسلك يتنافى مع التعليمات والقواعد التى يتعين الالتزام بها ويبغى بها موجهها بما له من سلطة الرقابة والتوجيه والمتابعة توجيه نظر من صدرت إليه بما يتعين عليه اتباعه وما يرجى منه عند مباشرة اختصاصات وظيفته وما يتعين عليه النأى عنه فى سلوكه وذلك حرصاً على حسن سير العمل ــ مؤدى ذلك: الملحوظة الفنية لا ترقى إلى مرتبة القرار الإدارى باعتبارها لا تتضمن جزاءً تأديبياً من الجزاءات المنصوص عليها فى المادة (26) المشار إليها ــ تطبيق.
بتاريخ 14/7/2001 أودع الطاعن سكرتارية لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة التظلم رقم 33 لسنة 2001، وطلب فى ختامه أصليًا: بإلغاء الملحوظة المتظلم منها مع ما يترتب على ذلك من آثار ومنها إيداعها بالملف السرى.
احتياطياً : بتعديل الملحوظة الفنية بجعلها ملحوظة إدارية.
وإعمالاً لأحكام القانون رقم 2 لسنة 2002 بتعديل أحكام قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963، فقد أحيل التظلم المشار إليه إلى المحكمة الإدارية العليا وقيد بجدولها برقم 7714 لسنة 48 ق.ع.
وقد أعلن الطعن على النحو المقرر قانوناً.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه ــ للأسباب المبينة به ــ الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثالث لرفعه على غير ذى صفة، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من توجيه ملحوظة فنية على الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/11/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/2/2005 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 12/4/2001 أخطر الطاعن بكتاب إدارة التفتيش الفنى بهيئة قضايا الدولة بتوجيه ملحوظة فنية إليه لأنه لم يحضر بالجلسة الأولى فى الدعوى رقم 1261 لسنة 1995 عمال كلى، شمال القاهرة وهى جلسة 20/1/1996 ولم يقم بمتابعة الدعوى بعد ذلك، كما لم يقم بإخطار الشركة المدعى عليها بالحكم التمهيدى الصادر بجلسة 24/2/1996، الأمر الذى أظهر الهيئة بصورة عدم الجدية فى مباشرة الدعوى بعد التفويض الصادر لها، مما جعل الشركة تسند مهمة مباشرة الدعوى إلى محامٍ خاص وتسحب التفويض من الهيئة، وتظَّلم الطاعن من هذه الملحوظة أمام المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة، وبجلسة 25/6/2001 صدر قرار المجلس الأعلى للهيئة بقبول التظلم شكلاً ورفضه موضوعاً، وأخطر بقرار المجلس الأعلى بتاريخ 14/7/2001.
وأضاف الطاعن بأن القرار المطعون فيه خالف الحقيقة، إذ إن الأوراق خلت من أى دليل يقطع بعلمه بالدعوى رقم 1261 لسنة 1995 عمال كلى شمال القاهرة قبل حضوره بالجلسة الأولى المحددة لها فى 20/1/1996، ونظرًا لأن الشركة المدعى عليها لم ترسل المستندات اللازمة للرد على الدعوى فقد تم تقديم طلب بفتح باب المرافعة فى الدعوى، وبجلسة 24/2/1996 أصدرت المحكمة حكمها التمهيدى بإحالة الدعوى لمكتب خبراء شمال القاهرة،وقام الطاعن بالتأشير على غلاف الدعوى للموظف المختص أكثر من مرة لإخطار الشركة المدعى عليها بموافاة الهيئة بالمعلومات ومباشرة الدعوى أمام الخبير، إلا أن الموظف المختص تراخى فى تنفيذ التأشيرة، وقد أفادت الشركة المكتب الفنى بالهيئة بأنها أسندت الدعوى إلى محامٍ خاص، وقد علم أن الشركة قامت بتعيين الدكتور/ أبو زيد رضوان عميد كلية الحقوق ــ جامعة عين شمس سابقاً، مستشارًا قانونيًا لها، ولذلك تم إسناد كافة القضايا الخاصة بالشركة إليه، وبالتالى فإن إسناد الدعوى للمحامى المذكور لم يكن بسبب عدم جدية الهيئة فى مباشرة الدعوى، إذ إنها كانت متداولة أمام الخبير المنتدب ولم يكن هناك أية إجراءات يمكن اتخاذها، كما أن الموظف المختص هو المسئول عن عدم تنفيذ التأشيرة بإخطار الشركة المدعى عليها لموافاة الهيئة بالمعلومات والمستندات ومباشرة الدعوى أمام الخبير المنتدب، فضلاً عن أن المادة (146) من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أوجبت على الخبير المنتدب إخطار الخصوم بالحضور أمامه وإلا كانت أعماله باطلة، وأن الإخطار يتم فى مقر الشركة؛ حيث إن أعضاء هيئة قضايا الدولة لا يمثلون الجهات الإدارية أمام مكاتب الخبراء.
وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر.
ومن حيث إن القانون رقم 75 لسنة 1963 فى شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2002 ينص فى المادة (25مكررا) على أن «تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا ــ دون غيرها ــ بالفصل فى الطلبات التى يقدمها أعضاء هيئة قضايا الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأىّ شأن من شئونهم متى كان مبنى الطلب عيبًا فى الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو أخطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.
كما تختص الدائرة المذكورة ــ دون غيرها ــ بالفصل فى طلبات التعويض عن تلك القرارات …».
وتنص المادة (26) من ذات القانون على أن «العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على أعضاء الهيئة، هى: الإنذار ــ اللوم ــ العزل، وتقام الدعوى التأديبية بقرار من وزير العدل بناءً على طلب رئيس الهيئة أو أحد نوابه، ولا يقدم هذا الطلب إلا بعد تحقيق جنائى أو تحقيق إدارى …………».
كما تنص المادة (23) من اللائحة الداخلية للتفتيش الفنى بهيئة قضايا الدولة الصادرة بقرار وزير العدل رقم 5025 لسنة 1993 على أن « ……. لرئيس الهيئة ولرؤساء القطاعات ولرؤساء الأقسام أو الفروع ولرئيس إدارة التفتيش الفنى كل فى دائرة اختصاصه توجيه ملاحظات إلى أعضاء الهيئة حتى درجة وكيل الهيئة سواء فيما يتعلق بتصرفاتهم القضائية
أو الإدارية أو السلوكية.
ويخطر العضو بالملاحظة بكتاب سرى موصى عليه مصحوب بعلم الوصول».
وتنص المادة (24) من اللائحة المشار إليها على أن «للعضو أن يتظلم من الملاحظة فى ميعاد خمسة عشر يومًا إلى المجلس الأعلى للهيئة بطلب يقدم لرئيس الهيئة ويصدر المجلس قراره فى التظلم خلال خمسة عشر يومًا إما بإلغاء الملاحظة أو تأييدها ويخطر به العضو بكتاب سرى موصى عليه بعلم الوصول، وتودع صورة من الملاحظات التى لم يحصل التظلم منها أو قرار المجلس الأعلى بتأييدها بالملف السرى للعضو».
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن المشرع حدد الجزاءات التى يجوز توقيعها على أعضاء هيئة قضايا الدولة وحصرها فى ثلاثة جزاءات هى: الإنذار، واللوم، والعزل، وأجاز لرئيس الهيئة ورؤساء القطاعات ورؤساء الأقسام أو الفروع ولرئيس إدارة التفتيش الفنى توجيه ملاحظات إلى أعضاء الهيئة حتى درجة وكيل بشأن تصرفاتهم الفنية أو الإدارية أو بما يتعلق بسيرتهم وسلوكهم.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الملاحظات الفنية التى توجه إلى عضو هيئة قضايا الدولة لا تعدو أن تكون رصدًا لواقع أو تصرف أو مسلك يتنافى مع التعليمات والقواعد التى يتعين الالتزام بها، ويبغى بها موجهها بما له من سلطة الرقابة والتوجيه والمتابعة توجيه نظر من صدرت إليه بما يتعين عليه اتباعه وما يرجى منه عند مباشرة اختصاصات وظيفته، وما يتعين عليه النأى عنه فى سلوكه وذلك حرصاً على حسن سير العمل، وهو أمر تفرضه أصول التنظيم الإدارى والتدرج فى المستوى الوظيفى والمسئولية فى جميع الأجهزة الإدارية والقضائية، لذا فإنه من الضرورى أن تقوم الجهات الرئاسية بالرقابة على أداء العمل ومباشرته ضمانًا للوفاء بمقتضيات هذا الأداء والتأكد من قيام صاحب الاختصاص باختصاصاته المحددة له قانونًا ووفقاً للتنظيم الإدارى الموضوع، ومن المقبول والواجب تبعًا لذلك أن يحاط صاحب الاختصاص بكل ما يرجى منه فى مباشرة تلك الاختصاصات ولفت نظره لأىّ قصور أو إهمال أو تجنب ما لا يصح منه من مسلك.
ومن حيث إن القرار الإدارى ــ حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ــ هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بمقتضى القوانين واللوائح عن إنشاء مركز قانونى يكون جائزًا وممكنًا قانونًا وبباعث من المصلحة العامة، ومن ثَمَّ فإن اتجاه الإدارة إلى ترتيب أثر قانونى هو شرط لازم لقيام القرار الإدارى، وينبغى للتمييز بين القرارات الإدارية وغيرها من توجيهات أو ملاحظات أو تعليمات تصدر عن جهة الإدارة بشأن تسيير أمور المرفق استجلاء غاية الإدارة بما قصدت إليه وما إذا كانت ترمى إلى ترتيب أثر قانونى فى الحال أو فى المستقبل.
ومن حيث إن المشرع قد حدد فى المادة (26) من قانون هيئة قضايا الدولة السالف الإشارة إليه العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على أعضاء هيئة قضايا الدولة بأنها عقوبات الإنذار واللوم والعزل، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد وُجّهت إليه ملحوظة فنية من رئيس إدارة التفتيش الفنى بالهيئة لما نسب إليه بشأن الدعوى رقم 1261 لسنة 1995 كلى شمال القاهرة، ولما كانت تلك الملحوظة الفنية لا ترقى إلى مرتبة القرار الإدارى باعتبارها لا تتضمن جزاءً تأديبيًا من الجزاءات المنصوص عليها فى المادة (26) من قانون هيئة قضايا الدولة ولم تعدل أو تنال من المركز القانونى للطاعن، كما أن الهيئة لم ترتب عليها أثرًا يمس الطاعن، وكل ما كانت تستهدفه من توجيه الملاحظة هو تحقيق صالح العمل بتوجيه نظر الطاعن إلى مزيد من الحرص على أداء العمل.
ومن ثَمَّ فإن الطعن على الملحوظة الفنية محل النزاع يكون ــ والحال هذه ــ غير مقبول شكلاً لانتفاء القرار الإدارى.
حكمت المحكمة
بعدم قبول الطعن لانتفاء القرار الإدارى.