جلسة 20 من ابريل سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عماد عبد المنعم عطية
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 7724 لسنة 45 قضائية عليا
ـ تصريح الدخول فى المنطقة الجمركية ـ سلطة الجهة الإدارية فى المنح أو المنع ـ حدودها.
لا يوجد ثمة قوانين أو لوائح توجب على شرطة السياحة بوزارة الداخلية إصدار تصريح دخول الدائرة الجمركية بمطار القاهرة الدولى إلا أن وزارة الداخلية فى إطار وظيفتها فى المحافظة على الأمن العام تملك تحديد الأشخاص الذين يتواجدون داخل هذه المنطقة إعمالاً لحفظ الأمن والنظام العام فى هذه المنطقة الحيوية والتى يتردد عليها الأجانب والمواطنون سواء الداخلون للبلاد أو الخارجون منها, ومن ثَمَّ وفى إطار هذا الدور الخطير تملك المنح أو المنع لهذه التصاريح ـ لا يوجد ثمة ما يسمى بالسلطة المطلقة للجهة الإدارية إذ إنه لا شبهة فى خضوع القرارات الصادرة عنها فى نطاق سلطتها التقديرية وفقًا للقوانين واللوائح لرقابة القضاء من حيث المشروعية وسيادة القانون تأكيدًا لمشروعيتها بقيامها على سببها الصحيح الذى أفصحت عنه الجهة الإدارية وشيَّدت قرارها على سند منه, وهى رقابة مشروعية بسطتها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة بصفة عامة ـ إلا أنه فى مجال الرقابة على القرارات الصادرة لصالح الأمن العام فإن هذه الرقابة تجد حدها فى فحص ماهية الصالح العام ومدى جدوى القرارات فى المحافظة على هذا الصالح وهى مسائل لابد من التغلغل فى الأوراق للوصول إليها وليس مجالها فحص الأحكام الصادرة فى الشق العاجل من الدعوى ـ يترتب على ذلك أنه إذا كان البيِّن من الأوراق أن مسلك الإدارة فى عدم منح ترخيص للطاعن بدخول الدائرة الجمركية له ما يبرره ـ وهو خطورته على الأمن العام ـ مما يجعل هذا المسلك قد بُنى على سند من القانون فإن النعى عليه يكون قد جاء فى غير محله خليقًا بالرفض ـ تطبيق.
بتاريخ 15/8/1999 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن ـ قيد بجدولها تحت رقم 7724/45ق ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 160 لسنة 53ق بجلسة 15/6/1999، والقاضى فى منطوقه بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ قبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بطلبات الطاعن الواردة بأصل صحيفة الدعوى.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/11/2000، وبجلسة 2/4/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 2/6/2001، وقد نظرت الدائرة الطعن على النحو المبين تفصيلاً بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/12/2001 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة 6/4/2002، وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم ومذكرات فى شهر, وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 7/10/1998 أقام المدعى (الطاعن) الدعوى رقم 160 لسنة 53ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالبًا فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدارة شرطة السياحة السلبى بالامتناع عن تجديد تصريح الدخول للدائرة الجمركية بمطار القاهرة الدولى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات وأتعاب المحاماة.
وقد أقام المدعى (الطاعن) دعواه على سند أنه يشغل وظيفة مدير شركة أكوا ترافل والشريك المتضامن فيها والممثل القانونى لها والمسئول المالى عنها فى مواجهة جميع الأشخاص والهيئات وقد أنشئت عام 1988 فى شكل شركة توصية بسيطة، ثم عدلت لشركة تضامن, وقد حصلت على ترخيص نشاطها رقم (1) بمطار القاهرة الدولى عام 1992 وجدد لسنوات عديدة, كما حصل على ترخيص رقم 8/70 خاص باستقبال وتوديع السياح بعد موافقة شرطة السياحة وبعد إجراء التحريات واتخاذ العديد من الإجراءات الصارمة أمنياً وسياسياً وجنائياً وظل هذا التصريح يجدد كل ثلاثة شهور بناءً على طلبه, وأنه قد تقدم بطلب فى أوائل شهر ديسمبر 1998 إلى إدارة شرطة السياحة بالمطار ملتمسًا تجديد التصريح إلا أن الإدارة قد امتنعت عن الموافقة دون إبداء أسباب ودون منحه أى إخطار
أو موافقة مما دعاه لإقامة دعواه.
وبجلسة 15/6/1999 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى على سند أنه ليس ثمة قوانين أو لوائح توجب على الجهة الإدارية إصدار تصريح دخول الدائرة الجمركية بمطار القاهرة الدولى أو تجديده ومن ثَمَّ فإن امتناعها لا يشكل قرارًا سلبياً يمكن الطعن عليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك على سند من القول إن من يملك المنع من دخول الدائرة الجمركية لمطار القاهرة الدولى بقرار يملك التصريح بالدخول بقرار, والقاعدة أن من يملك المنع أو التصريح لا يملكه بحكم كونه فردًا عاديًا وإنما يملكه بحكم كونه ممثلاً لجهة إدارية اختصها القانون بهذا الحق, وأن وزارة الداخلية هى الجهة المختصة قانوناً بالمحافظة على الأمن القومى الداخلى للوطن، ولذلك فهى الجهة الأمنية الوحيدة صاحبة الحق فى إعطاء تصاريح الدخول والمغادرة للعاملين فى الحقل السياحى ولجميع العاملين بالمطارات فلا يسمح لأى فرد بالدخول أو الخروج إلا إذا كان حاملاً لهذا التصريح ومن ثَمَّ فإن ما ذهب إليه الحكم الطعين من عدم وجود قرار إدارى يكون مخالفاً لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد استقرت فى قضائها على أن مجلس الدولة يختص بالمنازعات الإدارية أيًا كانت حتى ولو لم يكن محل الرقابة قراراً إدارياً وذلك لعموم نص المادة 10/14 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 باختصاص مجلس الدولة بسائر المنازعات الإدارية باعتباره قاضى القانون العام اعتباراً بأنه يجب أن يكون لكل منازعة إدارية قاضٍ يحكم فى موضوعها.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أنه لا يوجد ثمة قوانين أو لوائح توجب على شرطة السياحة بوزارة الداخلية إصدار تصريح دخول الدائرة الجمركية بمطار القاهرة الدولى, إلا أن وزارة الداخلية فى إطار وظيفتها فى المحافظة على الأمن العام تملك تحديد الأشخاص الذين يتواجدون داخل هذه المنطقة الجمركية إعمالاً لحفظ الأمن والنظام فى هذه المنطقة الحيوية والتى يتردد عليها الأجانب والمواطنون سواء الداخلون للبلاد أو الخارجون منها, ومن ثَمَّ وفى إطار هذا الدور الخطير تملك المنح والمنع لهذه التصاريح.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يوجد ثمة ما يسمى بالسلطة المطلقة للجهة الإدارية إذ إنه لا شبهة فى خضوع القرارات الصادرة عنها فى نطاق سلطتها التقديرية وفقًا للقوانين واللوائح لرقابة القضاء من حيث المشروعية وسيادة القانون تأكيداً لشرعيتها بقيامها على سببها الصحيح الذى أفصحت عنه الجهة الإدارية وشيدت قرارها على سند منه, وهى رقابة مشروعية بسطتها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة بصفة عامة أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التى حددها الدستور والقانون وهى تحقيق الصالح العام دون تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة.
ومن حيث إن البيِّن من الأوراق أن جهة الإدارة قد سببت مسلكها بعدم تجديد الترخيص للطاعن لسابقة اعتقاله بالقرار الوزارى رقم 7299 لسنة 1989 فى 18/7/1989 لخطورته على الأمن العام وقيامه بأعمال الوساطة والسمسرة على السائحين العرب، كما أنه سبق اتهامه فى عدد 4 قضايا نصب وممارسة مهنة سفريات، وقد طالبت الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار عدم منحه الترخيص, بالإضافة إلى وجود خلافات مع شركائه فى الشركة.
ومن حيث أنه فى مجال الرقابة على القرارات الصادرة لصالح الأمن العام فإن هذه الرقابة تجد حدها فى فحص ماهية هذا الصالح العام ومدى جدوى القرارات فى المحافظة على هذا الصالح وهى مسائل لابد من التغلغل فى الأوراق للوصول إليها وليس مجالها فحص الأحكام الصادرة فى الشق العاجل من الدعوى, لذلك فإن البيِّن من الأوراق أن مسلك الإدارة فى عدم منح ترخيص للطاعن بدخول المنطقة الجمركية له ما يبرره مما يجعل هذا المسلك قد بنى على سند من القانون ويكون النعى عليه قد جاء فى غير محله خليقًا بالرفض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد سلك ذلك المسلك فإن النعى عليه يكون فى غير محله واجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالاً لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً, ورفضها موضوعاً, وألزمت الطاعن المصروفات عن درجتى التقاضى.