جلسة 25 من يونيه سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 7895 لسنة 47 قضائية . عليا:
التزام مأمورية الشهر العقارى ببحث مدى توافر وضع اليد فى الحالات التى لا يستند فيها طلب الشهر إلى أحد المحررات.
المادة (23 مكرراً) من القانون رقم 114 لسنة 1946 معدلاً بالقانون رقم 25 لسنة 1976 بشأن تنظيم الشهر العقارى.
إذا كان أصل الملكية أو الحق العينى محل طلب الشهر لا يستند إلى أحد المحررات المنصوص عليها، وطلب صاحب الشأن إسناده إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، فعلى المأمورية تحقيق وضع اليد لتتثبت من مدى توافر شروطه وفقًا لأحكام القانون المدنى، ثم تحيل الطلب إلى مكتب الشهر العقارى مشفوعًا برأيها، وعلى ذلك فإن مأمورية الشهر العقارى تلتزم قانونًا ببحث مدى توافر شروط وضع اليد فى الحالات التى لا يستند فيها طلب الشهر إلى أحد المحررات ــ أثر ذلك: امتناع الجهة الإدارية عن بحث شروط الحيازة يعد قراراً إداريًا سلبيًا مخالفًا لأحكام القانون ــ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 20/5/2001 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، فى حكم محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الصادر بجلسة 20/3/2001 فى الدعوى رقم 1426 لسنة 52ق، والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهم بتسجيل كامل المساحة الواردة بعقد البيع الابتدائى والصادر به حكم صحة ونفاذ بتاريخ 29/6/1989، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وعُيّن لنظر الطعن أمام ( الدائرة الأولى/ فحص طعون ) جلسة 4/3/2003، وتدوول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 6/12/2004 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/موضوع) لنظره بجلسة 15/1/2004، وفيها تأجل نظره إلى جلسة 26/2/2005، ثم إلى جلسة 2/4/2005، وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 22/11/1997 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1426 لسنة 52ق أمام محكمة القضاء الإدارى، طلبت فيها الحكم بإلغاء القرار الإدارى السلبى بالامتناع عن إشهار التصرف الوارد بيانه بصحيفة الدعوى وإلزام الجهة الإدارية بالإشهار والتسجيل طبقًا لأحكام القانون وذلك على سند من أن الشركة قد اشترت بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 4/11/1964 من السيدة/ ……………………، كريمة المرحوم …………………… أرض فضاء مساحتها 25س 18 ط 2ف بزمام ناحية تاج الدول وكفر الشيخ إسماعيل بمركز إمبابة محافظة الجيزة ضمن القطعة رقم 47 بحوض النخيل والعبادية رقم 8 ، بتاريخ 29/6/1989 حصلت الشركة على حكم قضائى بصحة ونفاذ عقد البيع المذكور فى الدعوى رقم 11079 لسنة 86 مدنى كلى جنوب القاهرة، وصار هذا الحكم نهائيًا لعدم حصول استئناف له، وتقدمت الشركة إلى مأمورية الشهر العقارى المختصة بإمبابة لشهر التصرف، إلا أن المأمورية استجابت إلى تسجيل مساحة قدرها 3/5 7س 13ط فقط دون باقى المساحة المشتراة بحجة أن البائعة قد تجاوزت نصيبها الشرعى فى التصرف فى المساحة المبيعة، ولما كان العقد المقضى بصحته ونفاذه يتضمن فى بنده السادس أن الشركة قد تسلمت الأرض المبيعة بأكملها فى ذات يوم تحرير العقد الابتدائى فى 4/11/1964 وحازتها حيازة فعلية حتى الآن بما يربو على ثلاثة وثلاثين عامًا، فإنها تكون قد اكتسبت الملكية بالتقادم عملاً بنص المادتين (968) و(969) من القانون المدنى، ومن ثَمَّ يكون امتناع مأمورية الشهر العقارى عن إشهار التصرف بمثابة قرار إدارى سلبى يحق للشركة الطعن عليه وإلغاؤه.
وبجلسة 20/3/2001 قضت المحكمة برفض الدعوى، وشيَّدت قضاءها على أن الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى قد بنى على عدم منازعة المدعى عليهم ورثة البائعة فى شأن ما تطالب به الشركة بما يعنى التسليم منهم بطلباتها وبالتالى يكون لزامًا على مأمورية الشهر العقارى بحث المحررات المتعلقة بأصل الملكية، وإذ اتضح لها أن ملكية البائعة لا تتجاوز 3/5 7س 13 ط وهى المساحة التى تمثل حصتها ميراثًا من الأب والأم، وأن ملكية باقى المساحة لم تقدم الشركة سنده وفقًا لأحكام قانون تنظيم الشهر العقارى، وبناءً عليه طلبت المأمورية من الشركة قصر طلب الشهر على ذلك القدر من المساحة فأبت الشركة ذلك فتكون الجهة الإدارية قد انتهجت صحيح حكم القانون، أما ما أوردته الشركة من أنها اكتسبت ملكية المساحة المتنازع عليها بالتقادم المكسب للملكية فإنها لم تقدم طلبًا بذلك، وبالتالى يكون الاستناد إلى هذا السبب الجديد أمام المحكمة غير مجدٍ؛ إذ يتعين إبداء هذا الطلب أمام الجهة الإدارية لتجرى فيه شئونها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن حكم محكمة جنوب القاهرة الذى قضى بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى قد تعرض لموضوع البيع بحثًا وتأصيلاً، ومن ثَمَّ لا يجوز معاودة بحث مدى حجية هذا الحكم فى أى نزاع يطرح فيه هذا الحكم، فطبقًا لحكم المادة (101) من قانون الإثبات تكون الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى به حجية فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز للمحكمة التى أصدرت الحكم أو لأىّ محكمة أخرى أن تنظر فيما قضى به الحكم ، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها، وأن ما ذهبت إليه الجهة الإدارية من عدم تملك البائعة للمساحة المتنازع عليها قول جاء مرسلاً، إذ يحتمل أن تكون تملكت هذه المساحة لسبب لا يعلمه المشترى، وأن مأمورية الشهر العقارى لم تقم بإشهار حق إرث والد البائعة المتوفى سنة 1961على كامل تركته وإنما قامت بإشهار حق الإرث فى تاريخ لاحق على ذلك بما يربو على 35سنة أى بعد وفاته بمدة طويلة؛ حيث كان يتعين تنفيذ تسجيل قرارات نزع الملكية عن طريق الإيداع والتي صدرت بعد وفاة المورث، بأن يتم حصر تركته حتى يتم معرفة الأنصبة التى تخص كل وارث قبل نزع الملكية ولكن الشهر العقارى قد أسقط هذه الحلقة وقام بإجراء تسجيل قرارات نزع الملكية لحصص بعض الورثة وصرف التعويض لهم دون باقى الورثة، بل إن الشهر العقارى قد قصر إرث المرحوم على المساحة المباعة للشركة الطاعنة دون النظر إلى المساحة المتبقية من المورث عبد العزيز باشا بعد وفاته والتى بلغت 19س 17 ط 17 ف فلا تضار الشركة الطاعنة من خطأ الشهر العقارى .
ومن حيث إنه بالاطلاع على البند السادس من عقد البيع الابتدائى المؤرخ 4/11/1964 والصادر بصحته ونفاذه حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الصادر بجلسة29/6/1989 فى الدعوى رقم 11079 لسنة 1986مدنى كلى، يبين أنه قد تم تسليم الأرض عند التوقيع على هذا العقد للشركة الطاعنة، ومن ثَمَّ تكون الشركة قد وضعت يدها على المساحة المبيعة وقدرها 15س 18 ط 2 ف اعتبارًا من 4/11/1964 ولم تتضمن الأوراق ما يفيد عدم توافر الشرائط القانونية لكسب الملكية بالتقادم وهى وضع اليد بنية التملك بصورة ظاهرة ومستقرة وهادئة طوال مدة خمسة عشر عامًا بتاريخ وضع اليد. ولما كانت المادة (23) مكررًا من القانون رقم 114 لسنة 1964 معدلاً بالقانون رقم 25 لسنة 1976 بشأن تنظيم الشهر العقارى، تقضى بأنه إذا كان أصل الملكية أو الحق العينى محل طلب الشهر لا يستند إلى أن أحد المحررات المنصوص عليها وطلب صاحب الشأن إسناده إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، فعلى المأمورية تحقيق وضع اليد لتتثبت من مدى توافر شروطه وفقًا لأحكام القانون المدنى، ثم تحيل الطلب إلى مكتب الشهر العقارى مشفوعًا برأيها، وعلى ذلك فإن مأمورية الشهر العقارى تلتزم قانونًا ببحث مدى توافر شروط وضع اليد فى الحالات التى لا يستند فيها طلب الشهر إلى أحد المحررات، وإذ امتنعت الجهة الإدارية عن بحث شروط الحيازة، فإن امتناعها يعد قرارًا إداريًا سلبيًا مخالفًا لأحكام القانون، فيتعين الحكم بإلغائه.
ولا يغير من هذا النظر ما قد يثار من أن الشركة لم تتقدم بطلب إسناد الشهر إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية حسبما تقضى به المادة (23 مكررًا) من القانون رقم 114 لسنة 1964 سالف الذكر، ذلك أن رفع الدعوى وتضمين صحيفتها الاستناد إلى وضع اليد، وإقامة هذا الطعن دون تغير فى موقف الجهة الإدارية هو أبلغ أثرًا وأقوى دلالة من هذا الطلب، لا سيما وأن الجهة الإدارية قد أفصحت صراحةً فى كافة مراحل النزاع عن رفضها تسجيل كامل المساحة، مما يجعل هذا الطلب غير مجدٍ ولا طائل فيه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفًا لأحكام القانون جديرًا بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.