جلسة 10 من مايو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، وعلى محمد الششتاوى إبراهيم، ود. محمد كمال الدين منير، وسيد عبد الله سلطان.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين عبد الحميد حسين ريش.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8022 لسنة 47 قضائية عليا
ـ الجزاءات التأديبية ـ عدم جواز معاقبة العامل تأديبيا عن ذات المخالفة غير مرة واحدة.
من المبادئ العامة الأساسية لشريعة العقاب أيا كان نوعه أنه لا يجوز عقاب الإنسان عن الفعل المؤثم مرتين، وأنه وإن كان يجوز العقاب عن الجريمة التأديبية للموظف العام رغم العقاب عن ذات الأفعال كجرائم جنائية فى نطاق المسئولية الجنائية ـ لاختلاف الأفعال وصفاً وتكييفاً فى كل من المجالين الجنائى والتأديبى وكذا اختلاف أوجه الصالح العام والمصالح الاجتماعية التى يستهدف من أجلها المشرع تنظيم كل من المسئوليتين الجنائية والإدارية وإن كانت كلاهما تهدف إلى تحقيق الصالح العام ـ إلا أنه لا يسوغ فى المجال الواحد معاقبة العامل تأديبيًا عن ذات الأفعال غير مرة واحدة حيث تستنفد السلطة التأديبية ولايتها بتوقيع الجزاء التأديبي ولا يجوز لذات السلطة التأديبية أو لسلطة تأديبية أخرى توقيع الجزاء التأديبى عن ذات الجرائم التأديبية لذات العامل الذى سبق مجازاته، ولا شك ينصرف حظر تكرار الجزاء هنا إلى العقوبات التأديبية الأصلية وهى التى يكون هدفها المباشر العقاب وتوقع استقلالاً ولا يعلق الحكم بها على الحكم بعقوبة أخرى، أما العقوبات التبعية أو التكميلية فإنها لا تستهدف مباشرة العقاب وإنما تأتى تبعا للحكم بعقوبة أصلية أو مكملة ولذا فإن ورود أيهما مع العقوبة الأصلية لا ينطوي على عقاب آخر يقوم به ازدواج أو تعدد العقوبة التأديبية، وعليه فلا يعتبر تعددًا فى الجزاء توقيع عقوبة أصلية يترتب عليها منع النظر فى ترقية الموظف مدة معينة كعقوبة تبعية ـ تطبيق.
ـ أعضاء ـ تأديبهم ـ الإجراءات الواجب اتباعها قبل توقيع الجزاء ـ إجراء التحقيق.
المادة (59) (65) من قانون نظام السلك الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982.
يجب قبل توقيع الجزاء على عضو السلك الدبلوماسى أو القنصلى إجراء تحقيق تسمع فيه أقوال العضو وتفند أوجه دفاعه التى يبديها فى معرض دفع الاتهام المنسوب إليه، ولم يتطلب القانون إجراء التحقيق بمعرفة الإدارة القضائية بوزارة الخارجية المنشأة بقرار وزاري سابق ـ مؤدى ذلك أن الإدارة القضائية لا تستمد سلطتها فى التحقيق من القانون المذكور مباشرة وإنما تستمد هذا الاختصاص من القرار الصادر بالإحالة إليها من السلطة المختصة ومن ثم لا وجه للقول بأن الاختصاص بالتحقيق مع أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى ينعقد للإدارة القضائية بوزارة الخارجية لأن هذا القول فيه تخصيص لأحكام القانون بغير مخصِّص وتقييد لسلطة وزير الخارجية بغير مقيد، وبناء عليه فإنه يجوز لوزير الخارجية تكليف عضو من السلك أو لجنة من داخل الإدارة القضائية أو من خارجها بالتحقيق مع عضو السلك وفقاً للاعتبارات التى يقدرها بما يحقق الصالح العام فى هذا الخصوص ـ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق 22/5/2001 أودع الأستاذ محمد طاهر عبد الحميد بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل فى القرار المشار إليه والقاضى بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً ببراءة الطاعن مما نسب إليه، وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22/1/2002 والجلسات اللاحقة حيث قدم الحاضر عن الطاعن أربع حوافظ مستندات وثلاث مذكرات بالدفاع كما قدم الحاضر عن الدولة مذكرة بالدفاع, بجلسة 14/5/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة ـ موضوع) لنظره بجلسة 25/8/2002 وقد نظرت المحكمة الطعن بتلك الجلسة والجلسات اللاحقة حيث قدم الحاضر عن الطاعن حافظتى مستندات وصورة حكم للاستشهاد به, وبجلسة 25/1/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانوناً واستوفى سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص ـ حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 2/10/2000 صدر قرار وزير الخارجية رقم 3165 لسنة 2000 بإحالة الوزير المفوض/ ………………….. إلى مجلس التأديب لمحاكمته تأديبياً عن المخالفات الآتية:
1ـ التربح من وظيفته إبَّان رئاسته للبعثة الدبلوماسية المصرية بالفلبين فى الفترة من 6/9/96 إلى 3/10/99 وذلك بقيامه باستيراد عدد 12 سيارة من الطرازات الفاخرة لنفسه وللاستعمال الرسمى ولآخرين دون علمهم أو موافقتهم وذلك بتمتع الإعفاء الجمركى وتم ذلك بالمخالفة للتعليمات المعمول بها سواء من حيث عدد السيارات أو طرازها أو صفات من تم الاستيراد بأسمائهم أو كيفية التصرف فيها قبل انقضاء الفترة المحددة حسب القانون المحلى فى الفلبين وبما يجافى القواعد المعمول بها فى السلك الدبلوماسى والقنصلى مما كان له آثاره السلبية على مكانة البعثة وسمعة مصر لدى الدولة المضيفة.
2 ـ ما تبين للجنة التفتيش التى أوفدتها الوزارة إلى مانيلا خلال الفترة من 17:15/10/1999 من أن الأسلوب الذى اتبعه فى التصرف فى السيارات المستوردة بالإعفاء الجمركى سواء للاستخدام الشخصي أو الرسمى أو بأسماء آخرين يشكل مخالفة جسيمة حيث تم التنازل عن تلك السيارات للغير قبل مرور ثلاث سنوات كما تقضى القواعد ودون تقديم ما يفيد سداد الرسوم الجمركية وكذا عدم اتخاذ إجراءات نقل الملكية عن طريق السلطات المحلية المختصة.
3 ـ اعترافه بالقيام باستيراد سيارة بنتلى باسمه بالإعفاء الجمركى وتنازله عنها لمواطن فلبينى لا يتمتع بالصفة الدبلوماسية قبل مرور الفترة القانونية التى تحددها القواعد المعمول بها فى الفلبين مما يشكل مخالفة صريحة للقوانين والنظم المطبقة فى الدولة المضيفة.
4 ـ قيامه باستيراد سيارتين مرسيدس 500 وتويوتا كراون جديدتين بالإعفاء الجمركي بدعوى تخصيصها للاستخدام الرسمى للبعثة دون علم أو موافقة الجهات المختصة بالوزارة وعدم إضافتها لعهدة البعثة والتصرف فيهما للغير بالمخالفة للقواعد والتعليمات المعمول بها فى هذا الشأن.
5 ـ اعترافه بالموافقة للملحق الإدارى/ ……………………… على استيراد سيارة مرسيدس 500 بالمخالفة للقواعد المعمول بها وإقرار الملحق الإدارى بحصوله على 15 ألف دولار مقابل استخدام اسمه وصفته.
6 ـ اعترافه بالموافقة للملحق الثقافى/ ……………………… على استيراد سيارة مرسيدس 500 فى يوليه 97 بالمخالفات للتعليمات المعمول بها وبالتحايل على النظم المتبعة نظراً لسابق موافقته للملحق الثقافى على استيراد سيارتين بنتلى فى أكتوبر 96 ومرسيدس 320 فى يونيه 97.
7 ـ تقديمه حراس الأمن ومبعوث الأزهر للخارجية الفلبينية باعتبارهم من العاملين بالسفارة وبصفات غير مطابقة لحقيقة مهامهم الوظيفية واستخدامه هذه الصفات فى استيراد سيارات فاخرة بالرغم من عدم أحقيتهم فى التمتع بالإعفاء الدبلوماسى.
8 ـ مخالفته لتعليمات الوزارة بشأن القواعد المنظمة لاستيراد أعضاء البعثات فى الخارج لسيارات بالإعفاء الجمركى من حيث تناسب الطراز والسعة اللترية مع درجة العضو.
9 ـ إهماله فى حفظ واستخدام خاتم شعار الدولة الخاص بالسفارة وتقصيره فى توزيع العمل على الأعضاء فيما يتعلق بتوقيع وتداول المستندات الصادرة والواردة للبعثة.
10ـ قيامه بإعدام ملف المذكرات الرسمية المتبادلة بين البعثة والخارجية الفلبينية بشأن السيارات المستوردة بالإعفاء الجمركى, وتم إبلاغ الطاعن بقرار الاتهام بموجب الكتاب رقم 1156 المؤرخ 3/10/2000.
وقد تم تداول الدعوى التأديبية بجلسات مجلس التأديب حيث دفع الحاضران عن المحال بسقوط الدعوى التأديبية وببطلان التحقيقات لعدم اختصاص اللجنة وبطلان تشكيلها وافتقادها الحيدة وبجلسة 15/4/2001 صدر القرار المطعون فيه وشيد مجلس التأديب قضاءه برفض الدفع بسقوط الدعوى التأديبية, وكذا الدفع بعدم اختصاص اللجنة بالتحقيق وببطلانه على أساس أن تخطى المحال فى الترقية لا يعد من العقوبات التأديبية المنصوص عليها فى المادة (60) من القانون رقم 45 لسنة 1982 وأن من سلطة وزير الخارجية وفقاً لحكم المادة (59) من القانون المشار إليه أن يحدد بقرار من يقوم بمباشرة التحقيق لمن هو فى مثل درجة الطاعن وأن القول بعدم حيدة اللجنة يفتقد سنده القانونى كما أنه تمت مواجهة المحال بالمخالفات المنسوبة إليه بالتحقيقات وأمام مجلس التأديب, وفيما يتعلق بالمخالفات المنسوبة للمحال وقد صنفها مجلس التأديب تصنيفاً آخر وانتهى إلى ثبوت ارتكاب المحال المخالفات الآتية:
أولاً: قيامه باستعمال اسمه وصفته الدبلوماسية لتحقيق أغراض مخالفة للتعليمات السارية فى دولة الفلبين وذلك باستيراد سيارة بنتلى أزور موديل 95 لحساب مواطن فلبينى عجز عن إدخالها إلى البلاد لمضى سنتين على تاريخ إنتاجها.
ثانياً: قيامه بالإذن لثلاثة من أعضاء البعثة المصرية بالفلبين وهم: ………………………, ………………………, ……………………… باستيراد ثلاث سيارات فاخرة بالمخالفة للتعليمات الصادرة من الخارجية المصرية سواء من حيث طراز تلك السيارات أو سعتها اللترية أو أسماء من تم الاستيراد لحسابهم.
ثالثاً: إهماله فى حفظ واستخدام خاتم شعار الدولة الخاص بالسفارة بالفلبين وتقصيره فى توزيع العمل على أعضاء البعثة فيما يتعلق باستلام وتداول الأوراق والمستندات الرسمية الخاصة بالسفارة وذلك من واقع اعترافه وموافقته على استيراد السيارات المشار إليها واستلامه خاتم السفارة عقب نقل ………………….. إلى دولة البحرين فى 1/11/98 وما استبان من التحقيقات من أن المحال لم يجهد نفسه فى وضع تنظيم لتداول الأوراق والمستندات الواردة للسفارة وأغفل وضع تنظيم للعمل الإدارى بالسفارة وعليه خلص التأديب إلى قضائه المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لما يلى:
أولاً: أخطأ مجلس التأديب فى رفض الدفع بسقوط الدعوى التأديبية لأن تخطى الطاعن فى الترقية إلى درجة سفير مرتين فى عامى 99, 2000 يعنى توقيع هذه العقوبة على الطاعن بسبب الاتهام المنسوب إليه بشأن تلك السيارات والقول بغير ذلك مؤداه تكرار العقوبة عن الذنب التأديبى.
ثانياً: أخطأ مجلس التأديب فى رفض الدفع ببطلان التحقيق بمعرفة لجنة تفتقر إلى الحيدة إذ سبق لأعضاء اللجنة أن اتخذوا توصيات بتخطيه فى الترقية وبذلك جمعوا بين سلطتى الخصم والحكم.
ثالثاً: أخطأ مجلس التأديب فى رفض الدفع ببطلان التحقيق وقرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية لعدم مواجهة الطاعن بالمخالفات المنسوبة إليه وعدم التحقيق معه أصلاً فالبين من التحقيقات أن الطاعن لم يواجه بالاتهامات التسعة الأخيرة كما لم يحقق دفاعه بشأن الاتهام الأول.
رابعاً: الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب فالواقعة الأولى لا تشكل أية مخالفة للتعليمات ولا يعلم بها إلا أطرافها ولم تكن تظهر إلا إزاء صراحة الطاعن وصدقه والواقعة الثانية لم يواجه بها ولم يحقق دفاعه بشأنها وأن المسئولية عنها تقع على …………………… المستشار بالسفارة, وكذلك الأمر بالنسبة للواقعة الثالثة فضلاً عن أن الخاتم كان عهدة المستشار المذكور قبل نقله إلى البحرين.
خامساً: الغلو فى تقدير الجزاء وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بأوراق الطعن.
ومن حيث إن المستقر فى قضاء هذه المحكمة أن الطاعن لا يضار بطعنه لذا يتعين عدم معاودة البحث فى المخالفات التى قرر الحكم المطعون فيه طرحها وبراءة الطاعن منها وأن يقتصر مجال المناقشة فى هذا الطعن على المخالفات التى انتهى فيها الحكم إلى ثبوت ارتكاب الطاعن لها ومجازاته عنها “الطعن رقم 1762/44ق. عليا بجلسة 17/6/2001” وبالتالى نظر الدفوع المرتبطة بها.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية لسابقة مجازاة الطاعن بالتخطي فى الترقية لدرجة سفير عامى 99, 2000 بسبب المخالفات محل الدعوى التأديبية الراهنة فإنه من المبادئ العامة الأساسية لشريحة العقاب أيا كان نوعه أنه لا يجوز عقاب الإنسان عن الفعل المؤثم مرتين وأنه وإن كان يجوز العقاب عن الجريمة التأديبية للموظف العام رغم العقاب عن ذات الأفعال كجرائم جنائية فى نطاق المسئولية الجنائية للموظف ـ لاختلاف الأفعال وصفاً وتكييفاً فى كل من المجالين الجنائى والتأديبي وكذا اختلاف أوجه الصالح العام والمصالح الاجتماعية التى يستهدف من أجلها المشرع تنظيم كل من المسئوليتين الجنائية والإدارية وإن كانت كلاهما تهدف إلى تحقيق الصالح العام ـ إلا أنه لا يسوغ فى المجال الواحد معاقبة العامل تأديبياً عن ذات الأفعال غير مرة واحدة حيث تستنفد السلطة التأديبية ولايتها بتوقيع الجزاء التأديبى ولا يجوز لذات السلطة التأديبية أو سلطة تأديبية أخرى توقيع الجزاء التأديبى عن ذات الجرائم التأديبية لذات العامل الذى سبق مجازاته ولا شك ينصرف حظر تكرار الجزاء هنا إلى العقوبات التأديبية الأصلية, وهى التى يكون هدفها المباشر العقاب وتوقع استقلالاً ولا يعلق الحكم بعقوبة أخرى أما العقوبات التبعية أو التكميلية فإنها لا تستهدف مباشرة العقاب وإنما تأتى تبعا للحكم بعقوبة أصلية أو مكملة لها ولذا فإن ورود أيهما مع العقوبة الأصلية لا ينطوى على عقاب آخر يقوم به ازدواج أو تعدد العقوبة التأديبية وعليه فلا يعتبر تعدداً فى الجزاء توقيع عقوبة أصلية يترتب عليها منع النظر فى ترقية الموظف مدة معينة كعقوبة تبعية.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم ولما كانت المادة (60) من قانون نظام السلك الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 45/1982 قد حددت الجزاءات التأديبية الجائز توقيعها على أعضاء السلك بأنها:
1 ـ التنبيه .
2 ـ الإنذار.
3 ـ اللوم.
4 ـ الإحالة إلى المعاش.
5 ـ الفصل من الخدمة.
ومن ثم فإن تخطى الطاعن فى الترقية إلى وظيفة سفير لا يعد عقوبة تأديبية تحول دون توقيع الجزاء التأديبى لما ثبت فى حقه من مخالفات.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن تخطى الطاعن فى الترقية إلى وظيفة سفير بالقرار رقم 408 لسنة 99 وهى الترقية تتم بالاختيار على أساس توافر شروط الصلاحية والكفاية إعمالا لحكم المادة 33 من القانون رقم 45 لسنة 1982 المشار إليه ـ أن تخطى الطاعن فى الترقية بالقرار المذكور يرجع إلى ما استظهره مجلس السلك من واقع التحقيقات التى قام بها السفير/ …………………. بتاريخ 1/12/1997 وتقرير السفير/ ……………………… المؤرخ24/2/1999 من سوء إدارة الطاعن للبعثة المصرية بسفارة مصر بمانيلا إبان رئاسته للبعثة اعتبارًا من 6/9/1996 ووقوع العديد من الخلافات بين الطاعن وأعضاء السفارة وهو ما ترتب عليه تقييم أداء البعثة سلبياً مما كان ذا أثر على أهلية الطاعن للترقية ولا ريب أن هذا السبب للتخطي منبت الصلة عن التأديب فى المخالفات محل الطعن, ومن جهة أخرى فإن عدم ترقية الطاعن سنة 2000 مرجعه إلى أن الطاعن أحيل إلى مجلس التأديب ولا يجوز النظر فى ترقيته حتى البت فى المخالفات التى أحيل بشأنها إلى مجلس التأديب وفقاً لحكم المادة (87) من نظام العاملين المدنيين بالدولة بالقانون رقم 47/1978 والذى يسرى على أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلى, وترتيباً على ما تقدم يكون الدفع المبدى من الطاعن غير قائم على سند سليم من القانون يتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان التحقيق وقرار الإحالة لعدم اختصاص اللجنة المشكلة بالتحقيق مع الطاعن وافتقارها للحيدة اللازمة وعدم مواجهة الطاعن بالمخالفات التسع الأخيرة المنسوبة إليه وعدم تحقيق دفاعه يتعلق بالمخالفة الأولى, فإنه لما كانت المادة (59) من القانون رقم 45 لسنة 82 المشار إليه تنص على أنه “لا يجوز توقيع أى من الجزاءات المنصوص عليها فى هذا القانون على عضو السلك إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه.
ولوزير الخارجية أن يحيل عضو السلك إلى التحقيق عند مخالفته لواجباته أو مقتضيات وظيفته ويحدد الوزير بقرار منه من يقوم بمباشرة التحقيق وتعرض نتائجه على المجلس بالنسبة لمن يشغل وظيفة وزير مفوض فما فوقها, ويرفع المجلس توصيته إلى الوزير إما بحفظ الموضوع أو بتوقيع جزاء التنبيه أو الإحالة لمجلس التأديب”.
وتنص المادة (65) من القانون المشار إليه على أنه “يصدر القرار بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية لأعضاء السلك حتى درجة مستشار من وزير الخارجية وإذا كانت المخالفة المنسوبة موجهة إلى سفير من الفئة الممتازة أو سفير مفوض فيصدر قرار الإحالة إلى المحكمة التأديبية من وزير الخارجية بناء على توصية من مجلس السلك الدبلوماسى أو القنصلى.
ومفاد هذين النصين أنه يجب قبل توقيع الجزاء على عضو السلك الدبلوماسى أو القنصلى إجراء تحقيق تسمع فيه أقوال العضو وتُفنَّد أوجه دفاعه التى يبديها فى معرض دفع الاتهام المنسوب إليه ولم يتطلب القانون إجراء التحقيق بمعرفة الإدارة القضائية بوزارة الخارجية المنشأة بقرار وزارى سابق منذ عام 1974, ومؤدى ذلك أن الإدارة القضائية لا تستمد سلطتها فى التحقيق من القانون المذكور مباشرة وإنما تستمد هذا الاختصاص من القرار الصادر بالإحالة إليها من السلطة المختصة ومن ثم لا وجه للقول بأن الاختصاص بالتحقيق مع أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى ينعقد للإدارة القضائية بوزارة الخارجية لأن هذا القول فيه تخصيص لأحكام القانون بغير مخصص وتقييد لسلطة وزير الخارجية بغير مقيد وبناء عليه فإنه يجوز لوزير الخارجية تكليف عضو من السلك أو لجنة من داخل الإدارة القضائية أو من خارجها بالتحقيق مع عضو السلك وفقاً للاعتبارات التى يقدرها بما يحقق الصالح العام فى هذا الخصوص, وعليه فإن إسناد التحقيق مع الطاعن للجنة بقرارى وزير الخارجية رقمى 2729, 2978 يكون متفقاً وحكم المادة (59) المشار إليه الذى جاء صريحاً وواضحاً فى تخويل وزير الخارجية سلطة إصدار قرار بتحديد من يقوم بمباشرة التحقيق مع عضو السلك ولا اجتهاد مع صراحة النص فضلاً عن أن القانون رقم 45/82 قد نص على إلغاء كل حكم يتعارض مع أحكامه ومن ثم فإن أى تنظيم يتعارض مع القانون المشار إليه يكون مُلْغًى ويكون حكم القانون هو الواجب الإعمال دون أية قرارات تنظيمية سابقة صادرة على خلاف أحكامه.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن التحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتقصى الموضوعى المحايد والنزيه لاستجلاء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد المحقق من رأيه وميوله الشخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو فى مواجهتهم, ولا ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق عن القدر المتطلب فى القاضى ومرد ذلك أن الحكم فى المجال العقابى جنائياً كان أو تأديبيًا إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقلاله ونزاهته وحيدته, كما يستند إلى أمانة القاضى ونزاهته وحيدته سواء بسواء وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات الواجب توافرها فى شأن صلاحية القاضي على المحقق “الطعن رقم 3285/33ق. عليا بجلسة 13/5/1989, الطعن رقم 4116 لسنة 35ق. عليا بجلسة 27/8/1994 وقد رددت هذا الأصل المادتان (247, 248) من قانون الإجراءات الجنائية كما بينت المادة (146) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الأحوال التى يكون القاضى غير صالح فيها لنظر الدعوى ممنوعًا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم ومن هذه الأحوال سَبْقُ الكتابة أو الإفتاء فى الدعوى أو إبداء رأى فيها أو سَبْقُ نظرها قاضياً أو محكماً أو خبيرًا أو أداء شهادة فيها.
ومن حيث إن الطاعن لم يقدم ما يثبت توافر حالة من حالات رد المحقق واكتفى بالقول بعدم حيدة اللجنة لمجرد أن أعضاءها هم بذواتهم أعضاء كل من جهاز التفتيش والصلاحية وتقييم الأداء فإن مجلس السلك سبق أن أوصى بعدم جدارة الطاعن فى الترقية لدرجة سفير سنة 1999 فذلك مردود عليه بما سلف بيانه بأن الوقائع محل التحقيق إنما هى منبتة الصلة بالوقائع التى أدت إلى التوصية بتخطيه فى الترقية والتى تتمثل فيما أثبته السفير/ …………………….. مساعد وزير الخارجية للشئون الأسيوية فى تقريره من سوء إدارة الطاعن للبعثة الدبلوماسية بمانيلا إبان رئاسته لها مما أدى إلى ضعف أداء أفراد البعثة فإذا أضيف إلى ذلك أن الهياج الذى أثاره الطاعن بجلسة لجنة التحقيق الأولى بتاريخ 5/9/2000 لا يعتبر خصومة جدية فى تقدير المحكمة تفقد لجنة التحقيق المشار إليها صفة الحيدة وإنما أثارها الطاعن بغية الإفلات من التحقيق والتنصل من المسئولية وحيث إن توصية مجلس السلك بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لا تؤدى إلى تكوين أعضاء اللجنة لعقيدة أو رأى مسبق تجردها من الحيدة الواجبة فيمن يجلس مجلس القضاء أو التحقيق ولا تعدو أن تكون تلك التوصية سوى إعمالٍ لأحكام المادة (65) من قانون السلك الذى أوجب لصدور قرار إحالة الطاعن لمجس التأديب أن يوصى مجلس السلك بذلك فهى مجرد إجراء تنفيذى لازم لصدور قرار وزير الخارجية بالإحالة ولا يعنى بحال اعتناق لجنة التحقيق لرأى أو عقيدة بشأن ما نسب للطاعن, وبالإضافة إلى ما تقدم فقد تم إخطار الطاعن بقرار الإحالة كما تمت مواجهته بالمخالفات المنسوبة إليه أمام مجلس التأديب وقد أتاح له المجلس فرصة الدفاع عن نفسه وإبداء ما عنَّ له من دفاع فى كل مناحى الدعوى التأديبية ومن ثم يتعين رفض الدفوع التى أثارها الطاعن فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه عما نسب للطاعن من قيامه باستعمال اسمه وصفته الدبلوماسية لتحقيق أغراض مخالفة للتعليمات السارية فى دولة الفلبين وذلك باستيراد سيارة بنتلى أزور موديل سنة 1995 لحساب مواطن فلبينى عجز عن إدخالها إلى البلاد لمضى سنتين على إنتاجها وقيامه بالإذن لثلاثة من أعضاء البعثة المصرية بالفلبين وهم ………………………, ………………… , ……………………. باستيراد ثلاث سيارات فاخرة بالمخالفة للتعليمات الصادرة من الخارجية المصرية سواء من حيث طراز تلك السيارات أو سعتها اللترية أو أسماء من تم الاستيراد لحسابهم ـ فإن ما نسب للطاعن فى هذا الخصوص ثابت قبله ثبوتاً يقينياً وذلك باعتراف الطاعن بالتحقيقات ص 3 بأنه وافق على إدخال السيارة بنتلى أزور موديل سنة 95 لحساب مواطن فلبينى لم يستطع إدخالها بناء على طلب سفير سويسرا وعليه يكون قد استعمل اسمه وصفته الدبلوماسية لتحقيق غرض غير مشروع وإلا كان بمقدور المواطن الفلبينى أو سفير سويسرا إدخالها الأمر الذى يعد إخلالاً من الطاعن بواجبات وظيفته الدبلوماسية وما تقتضيه من كرامة ورفعة فيمن يتقلدها سواء حصل على مقابل مادى نظير ذلك أو لم يحصل, وكذلك باعترافه بالتحقيقات أمام مجلس التأديب ص 9 بأنه وافق على استيراد ثلاث سيارات، سيارة مرسيدس 500 موديل سنة 98 باسم/ ………………… الملحق الإدارى بالسفارة وسيارة مثلها باسم/ ………………… الملحق الثقافى بالسفارة والسيارة الثالثة مرسيدس 320 باسم/ ……………….. مستشار السفارة وباعترافه أنه وقَّع بنفسه على أوراق استيراد سيارة الملحق الإدارى المذكور, ولما كان استيراد تلك السيارات قد جرى بالمخالفة للنشرة الإدارية للسلك الدبلوماسى والقنصلى رقم 20 لسنة 1983 والتى حددت السعة اللترية للسيارات التى يتم استيرادها بأن يكون فى حدود 2000 سى.سى بالنسبة للمستشارين بالسفارة و 1800 سى .سى بالنسبة لباقى أعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية وأن السعة اللترية للسيارات الثلاث المشار إليها تجاوز القدر المسموح به وفقاً للمنشور المشار إليه ولا يجدى الطاعن نفعاً الزعم بأن المنشور رقم 20 لسنة 1983 غير موجود بالسفارة إذ إن هذا القول لا يعنى عدم علم الطاعن بمحتويات ذلك المنشور بل إن ما قرره فى التحقيقات ( ص11, ص25) من أنه من حقه استيراد سيارتين ومن حق الملحق الإدارى سيارة يقطع بعلمه بمحتوى ذلك المنشور ليس حقًّا له فقط وإنما واجبًا عليه أيضًا خاصة وأن الطاعن بصفته رئيس بعثة مسئول عن تطبيق تلك الأحكام وفقا للبند (أولا 6) فضلاً عن أنه كان يتعين عليه وقد عين سفيرًا لبلاده ويرأس بعثة دبلوماسية أن يحيط بكافة المنشورات والتعليمات التى تصدرها الوزارة بخصوص سفاراتها بالخارج وبغير ذلك لا يكون أهلا لتولى مثل هذا المنصب, كما لا يسعف الطاعن القول بأنه لم يتبع إجراءات استيراد السيارات سالفة الذكر وأن المسئول عن ذلك هو مستشار السفارة ……………. إذ إن ذلك القول فيه مغالطة من الطاعن لأنه المسئول عن تطبيق المنشور المشار إليه على البعثة نزولا على البند أولا/ 6 وما يقضى به من أن رئيس البعثة مسئول شخصياً عن احترام الأعضاء لتلك القواعد, وإلا كان ذلك تقصيراً من الطاعن فى أداء أعمال وظيفته.
ومن حيث إنه عما نسب للطاعن من إهماله فى حفظ واستخدام خاتم شعار الدولة الخاص بالسفارة وتقصيره فى توزيع العمل على أعضاء البعثة فيما يتعلق باستلام وتداول المستندات الرسمية الخاصة بالبعثة فإن ذلك أيضا ثابت ثبوتا باعتراف الطاعن فى التحقيق
ص 19 بأنه عقب نقل ………………… مستشار السفارة إلى سفارة مصر بالبحرين اعتبارا ً
من 1/11/98 تسلم منه الخاتم الرسمى للسفارة واحتفظ به داخل أحد أدراج مكتبه إلا أن مفتاح المكتب يوضع فى مقلمة أعلاه متاحاً لأى شخص من العاملين بالسفارة الوصول إليه واستعماله وهو ما ترتب عليه بالفعل أن جميع أوراق السيارات محل التحقيق كانت تحمل بصمة خاتم السفارة ومنها أوراق محررة بعد نقل مستشار السفارة ومنها أوراق استيراد السيارة جاجوار موديل 98 باسم حارس أمن/ ………………… بتاريخ 15/12/98, وأوراق استيراد السيارة مرسيدس 500 موديل سنة 98 باسم سكرتير البعثة الأزهرية المصرية بالفلبين/ ………………… بتاريخ 22/3/1999 والثابت أيضا أن الطاعن اعترف ص 24, 25 من التحقيقات الإدارية أن البريد الوارد للسفارة كان يتسلمه حارس الأمن ثم يقوم بتسليمه إلى سكرتيرة السفارة التى تتولى فرزه مما أتاح لها فرصة الاطلاع والوقوف على أدق تفصيلات هذه الأوراق, فى حين كان يتعين على الطاعن أن يقوم بهذا العمل بنفسه أو يعهد به إلى أحد الدبلوماسيين بالسفارة, ولا ينال من ذلك إصدار الطاعن للأمر الإدارى رقم10/96, لسنة 97 بتوزيع العمل بين العاملين بالسفارة حيث ورد ذلك خلوا من تنظيم استلام البريد وفرزه مما يشكل فى حقه مخالفة تأديبية تستوجب الجزاء, وغنى عن البيان أن تنظيم ذلك الأمر الواجب لا علاقة له بالحقائب الدبلوماسية المتعلقة بالسفارة .
ومن حيث إنه عن الغلو فى تقدير الجزاء فالثابت من الأوراق أن الطاعن من مواليد 13/2/1945 وأنه التحق بخدمة وزارة الخارجية فى وظيفة ملحق بتاريخ 1/1/1970
ثم تدرج بالعلاوات والترقيات حتى حصل على درجة وزير مفوض بتاريخ 13/4/1993
وقد حصل طوال مدة خدمته على (16) تقريراً سنويًا منها (15) تقريراً بدرجة ممتاز (5) منها بالديوان العام و(10) بالخارج, وتقرير واحد بدرجة كفء, وأن عقوبة اللوم يترتب عليها تخطى الطاعن فى الترقية إلى وظيفة سفير ثلاث مرات وفقاً لحكم المادة (75) من القانون رقم 45 لسنة 1982, فضلاً عما عاناه الطاعن من ضغوط وآلامٍ نفسية نتيجة مثوله أمام لجنة التحقيق ومجلس التأديب ثم أمام هذه المحكمة كما أنه كان يشاركه فى إدارة السفارة مستشارًا تردد اسمه فى كثير من تلك المخالفات قبل نقله, لكل هذه الظروف والملابسات ترى المحكمة أن الجزاء الموقع على الطاعن يكون بالغ الشدة ويتسم بعدم التناسب مع ما ثبت فى حقه من مخالفات ومن ثم يكون جديراً بالإلغاء والاكتفاء بمجازاة الطاعن بعقوبة الإنذار.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم والاكتفاء بمجازاته بالإنذار.