جلسة 20 من ابريل سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عماد عبدالمنعم عطية
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8084 لسنة 44 قضائية عليا
ـ الضريبة على الأطيان الزراعية ـ وعاء الضريبة ـ مدى خضوع الأراضى الزراعية الواقعة داخل نطاق المدن للضريبة.
المادة الأولى من القانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان.
ضريبة الأطيان تفرض على الأراضى الزراعية المنزرعة فعلاً أو القابلة للزراعة، فالضريبة هى ضريبة نوعية تفرض على الأراضى التى تستغل فعلاً فى الزراعة وتنتج إنتاجاً زراعياً
أو التى يمكن استغلالها مستقبلاً فى الإنتاج الزراعى ـ وعاء الضريبة هى الأرض التى تستغل زراعياً ـ اتساقاً مع هذا الفهم لنوعية الضريبة أخرج المشرع من مجال الوعاء الضريبى الأراضى الداخلة فى نطاق المدن المربوط على مبانيها عوائد أملاك مادامت لا تزرع فعلاً ـ مقتضى ذلك ولازمه أنه لا يكفى مجرد دخول الأرض فى نطاق المدن لإخراجها من وعاء ضريبة الأطيان وإنما يتعين إضافة إلى ذلك ألا تكون منزرعة فعلاً ـ تطبيق.
بتاريخ 27/8/1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 8084 لسنة 44ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعويين رقمى 4157 لسنة 37ق. و50 لسنة 38ق. بجلسة 30/6/1998، والقاضى فى منطوقه برفض الدفع بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعويين شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضَّمنه من رفض رفع ضريبة الأطيان عن مساحة 12س 13ط ثلاثة عشر قيراطاً واثنى عشر سهماً المعروفة بالقطع من 22 إلى 26 ورفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت المدعيين والجهة الإدارية المصروفات مناصفةً.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة تفصيلاً فى تقرير الطعن تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من رفض رفع ضريبة الأطيان عن مساحة ثلاثة عشر قيراطاً واثنى عشر سهماً بالقطع من 22 إلى 26، والقضاء مجدداً برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من رفض رفع ضريبة الأطيان عن المساحة المشار إليها وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/12/1999، وبجلسة 8/11/2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى لنظره بجلسة 10/12/2000 وقد نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية، وبجلسة 22/12/2001 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة 6/4/2001 ومذكرات فى شهر، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 9/6/1983 أقامت المدعيتان ـ المطعون ضدهما ـ الدعوى رقم 4157/37 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بطلب الحكم برفع ضريبة الأطيان عن مسطح 0س 8ط 3ف الموضح بالصحيفة وهو جزء من التقسيم الصادر به مرسوم ملكى بتاريخ 25/7/1951 ومسجل بالشهر العقارى برقم 887 لسنة 1954 قتال والمكون من ثلاثٍ وثلاثين قطعة تحمل كل قطعة رقمًا تنظيميًا والخاضع للقانون رقم 52 لسنة 1940 وفرض ضريبة المبانى عليه طبقاً للقانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن ضريبة المبانى مع إلزامهما بالمصاريف والأتعاب. وقد أقامت المدعيتان دعواهما على سند أن والدهما باع لهما المسطح الوارد بصحيفة الدعوى والذى سبق تقسيمه عام 1938 على جزء من المسطح وتم تجزئته إلى عدة قطع يقسمها شارع رئيسى ثم قام والدهما بعمل تقسيم تكميلى عام 1948 لباقى المسطح تنفيذاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940، وصدر فى 25/7/1951 مرسوم ملكى باعتماد هذا التقسيم أشهر بالعقد المسجل 887 لسنة 1954 قنال، والذى ورد به تفصيل دقيق لكل قطعة وأنها جميعاً أراضى بناء تقع على ميادين وشوارع ومعطى لكل قطعة رقم تنظيم، وقد خضع والدهما للحراسة الفرنسية بالأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1966، وتم الاستيلاء على جميع أملاكه بما فيها المسطح المشار إليه وتم بيعها باعتبار أن ذلك المسطح أرض زراعية، إلا أنه بالاعتراض على ذلك لدى الحارس تم إخراج هذا المسطح وصدر قرار بالإفراج عنه وسلم لمورثهما، كما أنه سبق وأن صدر قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى رقم 30 لسنة 1962 فى 29/1/1969 بالموافقة على ما انتهت إليه إدارة الفتوى بمجلس الدولة من عدم خضوع الأرض المملوكة لمورثهما والصادر بتقسيمها المرسوم الملكى المؤرخ 25/7/1951 طبقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952. وفى عام 1962 قامت مصلحة المساحة بعمل مسح شامل لمدينة الإسماعيلية، وقامت بعمل المعاينات على الطبيعة تنفيذاً للمساحة الحديثة، وواضح من خريطة مساحة مدينة الإسماعيلية سنة 1962 مربعات التقسيم لسبعين قطعة، وواضح عليها أيضاً الشوارع والميادين والمتنزهات وجميعها تمر ملاصقة لقطع التقسيم، وثابت أيضاً أن كل قطعة تمثل رقمًا تنظيميًا وبالرغم من جميع هذه الإجراءات والمستندات الرسمية ونصوص القانون الصريحة تصر مراقبة الضرائب العقارية على أن من ضمن هذا المسطح مساحة 8ط 3ف خاضعة لضريبة الأطيان مع أنها أرض بناء عبارة عن 33 قطعة مبعثرة بين قطع التقسيم السبعين وتحتل كل قطعة رقمًا تنظيميًا وثابتة على خريطة التقسيم وتحدها الطرق والشوارع والميادين ومتصلة بالمرافق العامه وجميعها أرض فضاء تغطى كثير منها أنقاض مبانى الفيلات التى تهدمت نتيجة العدوان سنتى 1956، 1967وغير مزروعة إلا من بعض الأشجار المتناثرة المتباعدة لا تزيد مساحتها على فدان، وقد قدمت المدعيتان شكوى لوزير المالية بطلب رفع ضريبة الأطيان عن المسطح ضريبة 8ط 3ف لأنها أراضى بناء وخاضعة للقانون رقم 52 لسنة 1940 ولم يصل لهما رد على شكواهما.
وبتاريخ 18/10/1983 أقامت المدعيتان الدعوى رقم 350 لسنة 38ق بإيداع صحيفتهما قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بذات الطلبات الواردة بالدعوى الأولى وبين ذات الخصوم ومستندة إلى ذات الأسباب إلا أن المدعيتين أضافتا بأنه قد وصلهما بعد رفع الدعوى الأولى رد على شكواهما من الضرائب العقارية بحفظ الشكوى لعدم صدور قرار إفراج نهائى عن هذه الأطيان. وعقَّبت المدعيتان على ذلك الرد بأنه قد ورد بعد مرور ستة عشر عاماً على صدور القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية خطاب من الإصلاح الزراعى بتاريخ 7/7/1979 يفيد تحديد يوم 22/7/1979 للاستيلاء على هذا المسطح، وتم الاستيلاء عليه مؤقتاً لا نهائيًا، وسبب تردد الإصلاح الزراعى فى الاستيلاء على هذا المسطح طوال هذه الفترة لدليل على اعتقاده بعدم قانونية الاستيلاء، خاصة بعد أن أفرجت الحراسة الفرنسية عنه باعتباره أرض بناء، وكذلك بعد صدور قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بناءً على فتوى إدارة الفتوى بمجلس الدولة للإصلاح الزراعى باعتبار هذه المساحة أرض بناء وليست أرضًا زراعية ولا ينطبق عليها قانون الإصلاح الزراعى الصادر بتاريخ 29/1/1969 أى قبل الاستيلاء بعشر سنوات، كما أقام مورثهما الاعتراض رقم 292 لسنة 1979 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى يطلب فيه إلغاء قرار الاستيلاء ومازال الاعتراض منظوراً ولم يفصل فيه نهائياً.
وقد تم ضم الطعنين عند تحضيرهما بهيئة مفوضى الدولة.
وبجلسة محكمة القضاء الإدارى فى 16/2/1988 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين وألزمت المدعيين المصروفات.
وقد قامت المدعيتان بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1142 لسنة 40ق. عليا، وبجلسة 3/9/1997 قضت المحكمة الإدارية العليا ـ دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات، بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وباختصاص القضاء الإدارى بالفصل فى النزاع وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وأبقت الفصل فى المصروفات.
ونفاذاً لهذا الحكم أعيدت الدعويان إلى محكمة القضاء الإدارى، حيث تدوول نظرهما بجلسات المرافعة أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 30/6/1998 أصدرت حكمها المطعون فيه، وشيَّدت قضاءها على أساس أن الثابت من تقرير مصلحة الخبراء المودع بالدعوى رقم 7964/1978 م.ك جنوب القاهرة والمودع صورته، وكذلك من الشهادة الصادرة من الحراسة العامة على أموال الرعايا الفرنسيين والتى من بينها أملاك مورث المدعيتين مساحة 8س 17ط 10ف تقع ضمنها أراضى النزاع وهى مقسمة إلى قسمين أحدهما مقام عليه مبانٍ وفيلات ومقسم إلى 40 قطعة وبه شوارع معبرة، والقسم الثانى أرض منزرعة وقد ورد تفصيل الأرض المنزرعة والقابلة للزراعة ومساحتها 5س 2ط 3ف بمحضر الاستيلاء الابتدائى المحرر فى 22/7/1979، ومن ثَمَّ فإن تلك المساحة وهى القطع من 22-26 بمسطح 12س 13ط وحدها هى التى يتعين رفع ضريبة الأطيان بالنسبة لها، ويضحى القرار الطعين برفض رفع ضريبة الأطيان عن مساحة 12س 13ط المشار إليه مخالفاً للقانون، ومن ثَمَّ خلصت إلى قضائها السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، حيث إن المسطح البالغ مساحته 12س 13ط والموصوف بالقطع من 22 ـ 26 وإن كانت أرضًا بورًا وتستخدم ملعبًا إلا أنها قابلة للزراعة وبها مصادر للرى والصرف لأن معدن الأرض صفراء خفيفة وتروى بالراحة من ترعة الإسماعيلية، ومن ثَمَّ يكون امتناع جهة الإدارة عن رفع ضريبة الأطيان عن تلك المساحة قد صادف صحيح حكم القانون باعتبار أن تلك المساحة قابلة للاستغلال الزراعى، وانتهى الطاعنون إلى طلباتهم سالفة الذكر.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه بربط ضريبة الأطيان على الأرض موضوع النزاع
قد صدر استناداً إلى أحكام القانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان.
ومن حيث إن نص المادة الأولى من هذا القانون تنص على أن: “تفرض ضريبة الأطيان على جميع الأراضى الزراعية المنزرعة فعلاً أو القابلة للزراعة على أساس الإيجار السنوى المقرر لهذه الأرض”.
وتنص المادة الثامنة من ذات القانون على أنه “لا تخضع لضريبة الأطيان: 1-الأجران “روك الأهالى” 2-الأراضى الداخلة فى نطاق المدن المربوط على مبانيها عوائد أملاك ما لم تكن تزرع فعلاً ….”.
ومن حيث إن مفاد ذلك أن ضريبة الأطيان إنما تفرض على الأراضى الزراعية المنزرعة فعلاً أو القابلة للزراعة، فالضريبة هى ضريبة نوعية تفرض على الأراضى التى تستغل فعلاً فى الزراعة وتنتج إنتاجاً زراعياً أو التى يمكن استغلالها مستقبلاً فى الإنتاج الزراعى، فوعاء الضريبة هى الأرض التى تستغل زراعياً، واتساقاً مع هذا الفهم لنوعية الضريبة فقد أخرج المشرع من مجال الوعاء الضريبى الأراضى الداخلة فى نطاق المدن المربوط على مبانيها عوائد أملاك مادامت لا تزرع فعلاً، ومقتضى ذلك ولازمه أنه لا يكفى مجرد دخول الأرض فى نطاق المدن لإخراجها من وعاء ضريبة الأطيان وإنما يتعين ـ بالإضافة إلى ذلك ـ ألا تكون منزرعة فعلاً.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق ومنها ما هو مقدم من مأمورية الضرائب العقارية بالإسماعيلية وتقرير الخبير المنتدب فى الدعوى رقم 7964/1978 م.ك جنوب القاهرة والمودع بالأوراق،أن جملة مسطح الأرض حسب استغلالها على الطبيعة هو 12س 13ط تعرف بالقطع من 22ـ26 وهى بور وتستخدم كملعب كرم قدم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القطعة محل النزاع داخلة فعلاً فى كردون مدينة الإسماعيلية، وهى أرض بور ولا تستخدم فى الزراعة، ومن ثَمَّ فإن قرار جهة الإدارة بربط ضريبة الأطيان الزراعية عليها يكون قد جاء مخالفاً للقانون مما يتعين معه إلغاؤه، وإذ نهج الحكم المطعون فيه هذا النهج فإنه يكون قد صدر مطابقاً لصحيح حكم القانون ولا مطعن عليه.
ولا يغير من هذا النظر ما أثاره الطاعنون من أن المسطح البالغ مساحته 12س 13ط وإن كانت أرضًا بورًا وتستخدم ملاعب إلا أنها قابلة للاستغلال الزراعى وبها مصادر للرى والصرف، فهذا مردود عليه بأن العبرة بالنسبة للمسطح محل المنازعة ليست بمدى توافر مصادر الرى والصرف وإنما المعول عليه فى ربط الضريبة هو دخوله فى كردون مدينة الإسماعيلية، بالإضافة إلى أن المساحة غير منزرعة فعلاً كما هو ثابت من الأوراق ومن مدة طويلة، ومن ثَمَّ يمكن إخضاعها لنوع آخر من الضرائب غير ضريبة الأطيان عند توافر شروط ربطها.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته إعمالاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.