جلسة 5 من يوليو لسنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8203 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ مراكز الخدمات التعليمية ـ الترخيص بها ـ أحكامه.
المادة (128) من قرار وزير التعليم رقم 306 لسنة 1993 بشأن التعليم الخاص.
وضع المشرع تنظيماً للمراكز التى تؤدى بعض الخدمات التعليمية فلا يجوز إنشاؤها إلا بعد الحصول على ترخيص من مديرية التربية والتعليم المختصة بعد استيفاء الشروط اللازمة فى هذا الخصوص ـ إذا باشر أى مركز تعليمى خاص نشاطه قبل الحصول على الموافقة النهائية من المديرية التعليمية التابع لها قام وزير التعليم أو المحافظ المختص بغلقه إدارياً وليس ذلك إلا ممارسة من الدولة لواجبها فى الإشراف الكامل على التعليم كله تطبيقاً لما نص عليه الدستور ـ لا يجوز لأى شخص طبيعى أو اعتبارى ممارسة أى نشاط من أنشطة العملية التعليمية بإنشاء مركز للتعليم أو تنظيم دروس للتقوية أو إعطاء دروس خصوصية للطلاب بعيداً عن رقابة الجهة الإدارية المختصة ـ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 28/6/2000 أودع الأستاذ/ إميل فهيم، المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 8203 لسنة 46ق. عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 30/4/2000 فى الدعوى رقم 4064 لسنة 53ق والقاضى منطوقه ” أولاً: بقبول الدعوى شكلاً. ثانياً: بوقف تنفيذ القرار رقم 28 لسنة 1999….. ثالثاً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 56 لسنة 1999….”.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: فى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 56 لسنة 1999، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذه مؤقتاً ريثما يفصل فى موضوع الطعن بحكم ينفذ بدون إعلان، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم بصفتهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ـ على النحو المبين بالأسباب ـ وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر جلسة 3/12/2001 وبجلسة 21/10/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة 16/11/2002، حيث جرى تداوله بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث حضر الخصوم، وبجلسة 29/3/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/7/2003 ومذكرات فى شهر.
وخلال الأجل أودعت الجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة دفاع طلبت فى ختامها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 11/2/1999 أقام الطاعن (مدعٍ أصلاً) الدعوى رقم 4064 لسنة 53ق. بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 56 لسنة 1999 الصادر من محافظ القاهرة، والقرار رقم 28 لسنة 1999 الصادر من رئيس حى مدينة نصر.
وذكر شرحاً لدعواه أن الجمعية التى يرأس مجلس إدارتها هى جمعية اجتماعية غرضها تقديم الخدمات لأعضائها ومن ضمن أنشطتها تنظيم مجموعات تقوية وتعليم لغات وكمبيوتر وقد تم تأسيسها طبقاً لأحكام القانون رقم 32/1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وأشهرت تحت رقم 3996 لسنة 1993، وبتاريخ 8/2/1999 فوجئ بقوة من الشرطة تقوم بإغلاق مقر الجمعية تنفيذاً لقرار رئيس حى مدينة نصر رقم 28 لسنة 1999 الصادر بناءً على قرار محافظ القاهرة رقم 56 لسنة 1999 بتاريخ 30/1/1999 بغلق مقر الجمعية إداريًا واستند قرار محافظ القاهرة رقم 56 لسنة 1999 إلى أحكام القانون رقم 139 لسنة 1981 وقرار وزير التربية والتعليم رقم 306 لسنة 1993 بشأن التعليم الخاص، وإلى مذكرة مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة بتاريخ 17/1/1999، أما قرار رئيس حى مدينة نصر فقد استند إلى القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات التجارية والصناعية.
ونعى المدعى على القرارين المطعون فيهما مخالفتهما للقانون لأن الجمعية رئاسته لم تخرج عن حدود نشاطها وأهدافها، كما إنها تخضع لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية مما يكون معه القرارين المطعون فيهما قد صدرا من غير مختص بإصدارهما.
تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 30/4/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الجمعية المدعية قد قامت بتقديم خدمات تعليمية من خلال مركز لمجموعات التقوية وذلك دون الحصول على ترخيص مسبق بذلك من وزارة التعليم، وهو الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه رقم 56 لسنة 1999 بغلق الجمعية ـ بحسب الظاهر من الأوراق ـ موافقاً لصحيح حكم القانون لا مطعن عليه مما يجعله غير مرجح الإلغاء عند النظر فى الموضوع ومن ثَمَّ ينتفى ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذه.
وأضافت المحكمة أنه بالنسبة للقرار رقم 28 لسنة 1999 فقد صدر من رئيس حى مدينة نصر مستنداً فى ذلك إلى القانون رقم 453 لسنة 1954 فى شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، ولما كان مقر الجمعية المدعية لا يندرج تحت أى من المحال المحددة بالمادة (1) من هذا القانون فإن هذا القرار يكون قد صدر فى غير الحالات التى حددها المشرع مما يجعله ـ بحسب الظاهر من الأوراق ـ مرجح الإلغاء عند النظر فى الموضوع مما يتوافر معه ركن الجدية اللازم لطلب وقف التنفيذ ولا مراء فى توافر ركن الاستعجال أيضاً المتمثل فى منع الجمعية من ممارسة نشاطها بناءً على هذا القرار ظاهر البطلان، ومن ثَمَّ يتوافر ركنا الجدية والاستعجال اللازمين لطلب وقف تنفيذ القرار الطعين.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن ـ فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 56 لسنة 1999 ـ فقد بادر إلى إقامة طعنه الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه بالنسبة لهذا القرار مخالفته للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: إن الجمعية الطاعنة تزاول نشاطها استناداً إلى حكم القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، حيث أشهرت تحت رقم 3996 فى 25/8/1993 ومن ضمن أغراضها المسموح بها تنظيم مجموعات تقوية وتعليم لغات وكمبيوتر، ولم يشترط هذا القانون الحصول على أية تراخيص من أية جهة سوى وزارة الشئون الاجتماعية، وإن القرار رقم 306 لسنة 1993 بشأن التعليم الخاص ما هو إلا ٍمجرد قرار لائحى لا يجوز أن ينال بالتعديل نص قانونى وإلا كان باطلاً.
ثانياً: إن الجمعية الطاعنة مرخص لها قانوناً بمزاولة سبعة أنشطة أحدها فقط هو تنظيم مجموعات تقوية لذا فإنه على فرض صحة قرار وزير التعليم رقم 306 لسنة 1993 فإن القرار المطعون فيه يجب أن يقتصر على النشاط المزعوم مخالفته للقرار لا أن يصدر قراراً بإغلاق مقر الجمعية نهائياً ليتم بذلك منع الجمعية الطاعنة من مزاولة كافة أنشطتها ويهددها بالتوقف التام عن تقديم أى من خدماتها إلى أعضائها وأهالى المنطقة.
ثالثاً: إن وزارة التربية والتعليم قد ميزت بين الجمعيات وأهدرت مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص فهى فى الوقت التى تساعد بعض الجمعيات وتنشئ لها إدارة خاصة تعاونها ، فإنها فى ذات الوقت تطلب من محافظ القاهرة إصدار قراره بغلق الجمعية الطاعنة مما يخل بمبدأ المساواة.
ومن حيث إن المادة (128) من قرار وزير التعليم رقم 306 لسنة 1993 بشأن التعليم الخاص تنص على أنه “يحظر على أى مركز أن يبدأ نشاطه قبل إخطاره بالموافقة النهائية من المديرية التعليمية التابع لها، وكل مركز يبدأ العمل بدون ترخيص يغلق إدارياً بقرار من وزير التعليم أو المحافظ بحسب الأحوال”.
وحيث إن مفاد هذا النص أن المشرع وضع تنظيماً للمراكز التى تؤدى بعض الخدمات التعليمية فلا يجوز إنشاؤها إلا بعد الحصول على ترخيص من مديرية التربية والتعليم المختصة بعد استيفاء الشروط اللازمة فى هذا الخصوص، فإذا باشر أى مركز تعليمى خاص نشاطه قبل الحصول على الموافقة النهائية من المديرية التعليمية التابع لها قام وزير التعليم أو المحافظ المختص بغلقه إدارياً، وليس ذلك إلا ممارسة من الدولة لواجبها فى الإشراف الكامل على التعليم كله تطبيقاً لما نص عليه الدستور فى المادة (18) من أن “التعليم حق تكفله الدولة …… وتشرف على التعليم كله” ومن ثَمَّ فلا يجوز لأى شخص ـ طبيعى أو اعتبارى ـ ممارسة أى نشاط من أنشطة العملية التعليمية بإنشاء مركز للتعليم أو تنظيم دروس للتقوية أو إعطاء دروس خصوصية للطلاب بعيداً عن رقابة الجهة الإدارية المختصة.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أن جمعية تبارك الثقافية والعلمية قامت بتقديم خدمات تعليمية من خلال مركز بها لمجموعات التقوية فى 27 ش النزهة بمدينة نصر وذلك دون الحصول على ترخيص بذلك من مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة أو من وزارة التعليم، طبقاً لنص المادة (128) المشار إليه، فأصدر محافظ القاهرة القرار المطعون فيه رقم (56) لسنة 1999 بغلق مركز الجمعية المذكور لمباشرته أنشطة تعليمية بدون ترخيص ، ومن ثَمَّ فإن هذا القرار يكون قد صدر ـ بحسب الظاهر من الأوراق ـ على سند صحيح من القانون غير مرجح الإلغاء عند الفصل فى موضوعه، ومن ثَمَّ ينتفى ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه مما يتعين القضاء برفضه دون حاجة إلى بحث ركن الاستعجال.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أن القرار المطعون فيه قد ترتب عليه وقف جميع أنشطة الجمعية الأخرى ، فإن هذا مردود عليه بصريح العبارات التى وردت بالقرار الطعين من أن الغلق الإدارى يقتصر فقط على المركز الذى أنشأته الجمعية الطاعنة لمباشرة مجموعات التقوية فى مجال الأنشطة التعليمية والكائن رقم 27 شارع النزهة بجوار دار الدفاع الجوى بمدينة نصر ولا يستطيل إلى باقى الأنشطة التى تمارسها الجمعية الطاعنة وفقاً لقانون إنشائها وأغراضها الأخرى الواردة فى لائحتها الداخلية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه قد واكب الصواب ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.