جلسة 11 من يناير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. فاروق عبدالبر السيد إبراهيم.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد أمين حسان، وبخيت محمد إسماعيل، ولبيب حليم لبيب، وبلال أحمد محمد نصار.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد / إيهاب إبراهيم السعدنى.
مفوض الدولة
وحضور السيد / سيد رمضان عشماوى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8208 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ سحب القرار الإدارى ـ أحكامه.
سحب القرارات الإدارية لا يكون سليماً ومشروعاً ومنتجاً لآثاره إلا إذا تم فى إطار النظام القانونى المقرر لاتخاذ هذا الإجراء بأن يجرى السحب بالطريق الذى رسمه القانون وبالأداة القانونية للسحب أو الإلغاء ممن يملك ذلك طبقاً للقانون ـ لا يسوغ السحب إلا من ذات مصدر القرار المراد سحبه أو ممن يعلوه من السلطات المختصة ـ إن وجدت ـ وليس من أى سلطة أدنى ـ يتوجب أن تجرى السلطة المختصة السحب فى خلال الميعاد المحدد لذلك وهو ستون يوماً من تاريخ إصدار القرار المراد سحبه إذا ارتأت أنه قد شابه العوار وابتغت إعادة تصويب الأمر فى إطاره الصحيح وذلك صوناً للمراكز القانونية وعدم زعزعتها بعد أن تكون قد استقرت بمضى المدة المحددة ـ بغير اتباع ذلك يظل القرار المسحوب منتجاً لآثاره من الناحية القانونية ـ تطبيق.
بتاريخ 28/6/2000 أودع الأستاذ/ …………………. المحامى بالنقض والإدارية العليا (بصفته وكيلا عن الطاعن) قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر بجلسة 3/5/2000 من محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الأولى) بأسيوط فى الدعوى رقم 981 لسنة 8ق الذى حكمت فيه برفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1515 لسنة 1995 والمتضمن انهاء خدمة الطاعن اعتبارًا من 26/12/1994 بكل ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء القرار رقم 1515 لسنة 1995 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلستها بتاريخ 11/3/2002 وبالجلسات التالية حيث قررت بجلسة 10/6/2002 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 28/9/2002، وبها نظرته المحكمة وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات ـ وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من أقوال وإيضاحات ذوى الشأن قررت بجلسة 16/11/2002 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 14/12/2002 وصرحت بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوع، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة 11/1/2003لاتمام المداولة وصدر الحكم بالجلسة المحددة لإصداره وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عن النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل حسبما جاء بالأوراق فى أن الطاعن (مدعى) أقام بتاريخ 9/3/1997 الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين وطلب فى ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار بإنهاء خدمته وعودته للعمل وفى الموضوع بإلغاء القرار وما يترتب عليه من آثار وصرف مرتبه وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات والأتعاب.
وأبدى المدعى فى الصحيفة شارحاً دعواه أنه عين بتاريخ 1/4/1971 مدرساً بمعهد الخزندارية الأزهرى بمركز طهطا التابع لمنطقة سوهاج التعليمية ويشغل الفئة الثانية الفنية وأن تقارير كفايته ممتازة وأنه مثلاً محمودا للمدرس الكفء إلا أنه ولتعثره ماليًا أسهم فى الجنحة رقم 350 لسنة 1993 جنح طهطا فى جريمة إعطاء شيك بدون رصيد لصالح بنك القرية وصدر الحكم فى 9/5/1994 بمعاقبته بالحبس شهرين وأفرج عنه فى 9/7/1994 بعد تنفيذها وصدر قرار لجنة شئون العاملين بالأزهر بعودته لعمله بقرارها رقم 10 لسنة 1994 المعتمد من فضيلة شيخ الأزهر فى 12/9/1994، وأضاف المدعى أنه كانت عليه مديونية أخرى لأحد المواطنين بمقتضى شيك ولتعثره فى السداد قدم فى قضية أخرى برقم 3814 جنح طهطا لسنة 94 والمستأنفة برقم 576 س طهطا وصدر فيها الحكم بحبسه شهرًا فى 26/12/1994، وأنه قضى العقوبة وصدر قرار الأزهر رقم 1515 فى 2/9/1995 باعتبار خدمته منتهية اعتبارا من 26/12/1994 معتبرًا هذا الحكم صادر للمرة الثانية وذلك استنادا لنص المادة (94/ 7) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 فتظلم من هذا القرار لصاحب الفضيلة شيخ الأزهر وبناء على هذا التظلم أصدرت لجنة شئون العاملين بالأزهر قرارها بمحضرها رقم 11 لسنة 1995 والمعتمد من فضيلة شيخ الأزهر باستمراره فى العمل والذى أخطرت به منطقة سوهاج بكتاب الإدارة العامة للأزهر فى 26/9/1995 وقد اعتبرت لجنة شئون العاملين هذا الحكم أول سابقة حيث أن الحكم الأول لا يعتبر سابقة بناء على كتاب النائب العام الدورى رقم 8/1994، وأردف المدعى قائلاً أنه استمر فى تأدية عمله على الوجه الأكمل بناءً على قرار لجنة شئون العاملين المعتمد من شيخ الأزهر حتى فوجئ فى 19/1/1997 بورود برقية من المنطقة الأزهرية بسوهاج التعليم الابتدائى إلى المعهد بوقفه عن العمل بناء على إنهاء خدمته بالأزهر بالقرار رقم 1515 فى 2/9/1995 الذى ألغى بمحضر لجنة شئون العاملين رقم 11 لسنة 1995وذلك بعد استمراره في العمل أكثر من خمسة عشر شهرًا من تاريخ صدور قرار لجنة شئون العاملين سالف الذكر ، واستطرد المدعى قائلاً أنه تظلم بتاريخ 2/2/1997 لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وسلم تظلمه تحت رقم 12 فى 4/2/1997 وبعد أن أشر عليه فضيلة شيخ الأزهر كما تظلم كذلك لذات الجهة بالكتاب المسجل بعلم الوصول عن طريق مكتب بريد طهطا بالإيصال رقم 274 فى 3/3/1997، وأضاف المدعى أن قرار إنهاء خدمته الوارد بالبرقية المبلغة إليه فى 19/1/1997 الواردة من منطقة سوهاج الأزهرية يعتبر مخالفًا للقانون والواقع وأنه لذلك يرفع دعواه تأسيسا على أن (الحكم فى الجنحة الأولى رقم 350/1993 لا يعتبر سابقة طبقًا للكتاب الدورى رقم 8/1994 الصادر من النائب العام بإعادة جدولة مديونية المزارعين المتعثرين فى سداد ديونهم لبنك التنمية والائتمان الزراعى الذين اتخذت ضدهم إجراءات جنائية لعدم وجود أرصدة للشيكات المسحوبة منهم لصالح البنك وتبديدهم المحجوزات ولذلك قررت لجنة شئون العاملين بالأزهر بمحضرها رقم 10/1994 عودته إلى عمله، وأنه بالنسبة للحكم فى الجنحة الثانية رقم 3814 جنح طهطا والمستأنفة برقم 567س طهطا فإنها تعتبر السابقة الأولى، وأن الشيك بدون رصيد لا يعتبر قانوناً جنحة مخلة بالشرف، ولأن قرار لجنة شئون العاملين بمحضرها رقم 11/1995 المعتمد من فضيلة شيخ الأزهر باستمراره فى العمل والذى ألغى قرار إنهاء الخدمة رقم 1515 فى 2/9/1995 تحصن بمضى ستين يومًا على صدوره وأنه قد مضى أكثر من عام على صدور قرار لجنة شئون العاملين بمحضرها رقم 11/1995 المعتمد من فضيلة شيخ الأزهر فى 21/9/1995 الذى قرر استمراره فى عمله والذى ألغى قرار إنهاء الخدمة رقم 1515 فى 2/9/1995) وخلص المدعى من كل ذلك إلى أن قرار الجهة الإدارية المبلغ إليه بالبرقية بتاريخ 19/1/1997 الواردة للمعهد من المنطقة الأزهرية بسوهاج التعليم الابتدائى بوقفه عن العمل لإنهاء خدمته بالقرار رقم 1515 فى 2/9/1995 يكون قد صدر بالمخالفة لحكم القانون متعيناً القضاء بوقف تنفيذه وإلغائه.
وقد نظرت الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الاولى) على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث أصدرت فيها بجلستها بتاريخ 16/9/1998 حكمها فى الشق العاجل منها والذى قضت فيه بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها، وجرى تحضير الدعوى بهيئة مفوضى الدولة على النحو المبين بمحاضر جلسات التحضير، كما تدوول نظر الشق الموضوعى أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط على النحو المبين بمحاضر جلسات المرافعة أمامها حيث أصدرت بجلستها بتاريخ 3/5/2000 حكمها فى الشق الموضوعى من الدعوى والذى حكمت فيه برفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات (الحكم المطعون فيه) وشيدت المحكمة قضاءها ـ بعد أن استعرضت نص المادة (94) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ـ على سند من أن من أسباب إنهاء خدمة العامل الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وأنه سبق أن صدر حكمان بحبس المدعى فى جريمتى إصدار شيك بدون رصيد إحداهما لإصداره شيكًا لصالح بنك والأخرى لإصداره شيكًا لصالح أحد الأفراد وتم تنفيذه للحكمين وأن جريمة إصدار شيك بدون رصيد هى من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة وهو ما يؤدى إلى إنهاء خدمته عملا بحكم المادة (94) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وأنه إذ صدر ضده حكمان بالحبس وتم تنفيذهما فإن المدعى لا يفيد مما نصت عليه المادة المذكورة من أنه إذا كان الحكم قد صدر لأول مرة فإنه
لا يترتب عليه إنهاء الخدمة وأن ما جاء بالكتاب الدورى الذى يستند إليه المدعى لا ينفى وصف الجريمة المخلة بالشرف والأمانة وأن محضر لجنة شئون العاملين المعتمد من شيخ الأزهر فى 21/9/1995 الذى تضمن استمرار المدعى فى عمله خاص بالحكم الأول الصادر ضد المدعى ولا يعتبر سحبًا لقرار إنهاء خدمته وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه قائم على سند صحيح من القانون فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعى وأنه يتعين كذلك القضاء برفض الدعوى، ولم يرتض المدعى بهذا القضاء وأقام عليه طعنه الماثل ناعيًا على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وردد الطاعن فى تقرير الطعن ذات الأسانيد المشار إليها التى ارتكن إليها فى دعواه الصادر فيها الحكم الطعين على النحو الذى أورده تفصيلاً بتقرير الطعن وطلب استناداً لها القضاء له بطلباته موضوع الطعن الماثل.
ومن حيث إنه من الأصول القانونية المسلمة أنه ولئن كان للخصوم تحديد طلباتهم وتحديد الألفاظ والعبارات التى يصوغون هذه الطلبات بواسطتها على النحو الذى يرونه محققًا لمصالحهم فإن تكييف هذه الطلبات وتحديد حقيقتها أمر تستقل به المحكمة المنظورة أمامها الدعوى لما هو مسلم به من أن هذا التكييف هو الذى يتوقف عليه تحديد ولاية المحكمة واختصاصها ومدى قبول الدعوى شكلاً أمامها قبل الفصل فى موضوعها وكلها من المسائل الأولية المتصلة بالنظام العام.ومن ثَمَّ فإنه على المحكمة وهى بصدد تكييف الدعوى وحقيقة الطلبات فيها أن تتقصى النية الحقيقية للخصوم من وراء إبدائهم طلباتهم فلا تقف عند ظاهر اللفظ ووجه العبارة بل عليها استكشاف حقيقة نية الخصوم وإرادتهم وأهدافهم وغاياتهم من وراء الدعوى والطلبات فيها فالعبرة بالمقاصد والمعانى وليست بالألفاظ والمبانى وقد جرى بذلك قضاء هذه المحكمة (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29 من مارس 1992 فى الطعن رقم 397 لسنة 36ق عليا)، ولما كان ذلك وأن الثابت من مطالعة الأوراق والمستندات المودعة بالدعوى والطعن الماثل أنه قد صدر قرار وكيل الازهر رقم (847) فى 23/5/1995 بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثين يومًا من راتبه بسبب إصداره شيكًا بدون رصيد بتاريخ 25/3/1992 لصالح بنك التنمية والائتمان الزراعى بطهطا ومعاقبته بسبب ذلك بحسبه شهرين فى القضية رقم 350 لسنة 1993 جنح طهطا، ثم صدر قرار وكيل الأزهر رقم (1515) فى 2/9/1995 بإنهاء خدمة الطاعن تطبيقًا للمادة (94) فقرة ٧ من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بسبب صدور حكم بحبسه لمدة شهر فى القضية رقم 5620 لسنة 1994س طهطا والمقيدة برقم 3814 لسنة 1994 جنح طهطا لإصداره شيكا بدون رصيد لصالح أحد الأفراد، ثم عرض أمر الطاعن عقب ما تقدم على لجنة شئون العاملين بالأزهر فانتهت بمحضرها رقم ١١ لسنة 1995 إلى إعادته لوظيفته وتسليمه العمل واعتمد هذا المحضر من الإمام الأكبر شيخ الأزهر بموافقة فضيلته بتاريخ 21/9/1995 على ما انتهى إليه من إعادة الطاعن للعمل وتنفيذاً لذلك تسلم الطاعن عمله بالأزهر بتاريخ 16/10/1995واستمر بعمله منذ ذلك التاريخ، ثم صدر قرار رئيس قطاع المعاهد الأزهرية رقم (697) فى 30/11/1996 تنفيذًا لموافقة لجنة شئون العاملين بالأزهر بمحضرها رقم 18 لسنة 1996 المعتمد فى 7/11/1996 من فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر متضمنًا محو الجزاء الموقع على الطاعن بخصم ثلاثين يومًا من راتبه بموجب قرار الجزاء رقم (847) بتاريخ 23/5/1995 المشار إليه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وسحب مستندات القرار من ملف خدمته (القرار التنفيذى رقم 697 فى 30/11/1996 الصادر من رئيس قطاع المعاهد الأزهرية) واستمر الطاعن قائماً بعمله بالأزهر منذ إعادته إليه وتسلمه له من 16/10/1995 على النحو سالف الذكر وحتى 19/1/1997حيث أوقف عن العمل منذ هذا التاريخ الأخير تنفيذًا لبرقية أو تلغراف تضمن ذلك موجه من مدير منطقة سوهاج الأزهرية إلى جهة عمل الطاعن وظل الطاعن على أثر ذلك موقوفًا عن العمل أو منهياً خدمته منذ 19/1/1997 وحتى الآن حسبما جاء بالأوراق (كتاب معهد الخزندارية الابتدائى ـ منطقة سوهاج الأزهرية المؤرخ 24/9/1997 والموجه إلى مدير عام التفتيش المالى والإدارى بالقاهرة، وكذا باقى المستندات والأوراق الأخرى المشار إليها المودعة بالدعوى والطعن)، فتظلم الطاعن بتاريخ 2/2/1997 وبتاريخ 2/3/1997 إلى فضيلة الامام الأكبر شيخ الازهر من القرار الأخير الصادر بتاريخ 19/1/1997 بوقفه عن العمل وإنهاء خدمته الذى تضمنه التلغراف سالف الذكر متضررًا فى تظلمه من أن القرار الصادر فى 19/1/1997 المتظلم منه صادر بإنهاء خدمته بناء على القرار رقم 1515 بتاريخ 2/9/1995 الذى ألغى بقرار لجنة شئون العاملين رقم 11/1995 المعتمد من شيخ الازهر فى 21/9/1995 وبعد إعادته للعمل واستمراره به أكثر من عام (التظلم المؤرخ 3/3/1997) ولما لم يجبه الأزهر إلى تظلميه المذكورين بادر بإقامة الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين على التفصيل سالف الذكر.
ومن حيث إنه لما كان ثابتاً ما تقدم ذكره فإن حقيقة ما تغياه واستهدفه الطاعن من دعواه الصادر فيها الحكم الطعين هو القضاء له بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 19/1/1997 من مدير منطقة سوهاج الأزهرية المشار إليه فيما تضمنه من سحب القرار الصادر بتاريخ 21/9/1995 من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الذى تضمنه اعتماده وموافقته فى هذا التاريخ على ما انتهت إليه لجنة شئون العاملين بالأزهر بمحضرها رقم ١١ لسنة 1995 من إعادة الطاعن لخدمته بالأزهر وتسليمه العمل به على التفصيل سالف البيان مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه من الأصول المسلمة أن سحب القرارات الإدارية لا يكون سليماً ومشروعاً ومنتجاً لآثاره إلا إذا تم فى إطار النظام القانونى المقرر لاتخاذ هذا الإجراء بأن يجرى السحب بالطريق الذى رسمه القانون وبالأداة القانونية للسحب أو الإلغاء ممن يملك ذلك طبقاً للقانون هذا ولا يسوغ السحب إلا من ذات مصدر القرار المراد سحبه أو ممن يعلوه من السلطات المختصة ـ إن وجدت ـ وليس يسوغ السحب من أى سلطة أدنى من مصدر القرار المراد سحبه، كما يتوجب أن تجرى السلطة المختصة السحب فى خلال الميعاد المحدد قانوناً لذلك وهو ستون يوماً من تاريخ إصدار القرار المراد سحبه إن ارتأت أنه قد شابه العوار وابتغت اعادة تصويب الأمر فى إطاره الصحيح وذلك صونًا للمراكز القانونية وعدم زعزعتها بعد أن تكون قد استقرت بعد المدة المحددة بستين يومًا طبقًا للقانون وبغير اتباع ذلك يظل القرار المسحوب منتجًا لآثاره من الناحية القانونية بالنسبة للعامل والوظيفة وجهة الإدارة على السواء، ويبسط هذه الأحكام والقواعد على موضوع المنازعة فى الطعن الماثل، ولما كان ثابتًا مما تقدم أن القرار المسحوب صادر من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بتاريخ 21/9/1995 بإعادة الطاعن لعمله على النحو سالف الذكر وتبعه صدور قرارات لاحقة من فضيلته تعد استمرارًا لآثاره ومن ذلك موافقته فى 7/11/1996 على محو الجزاءات الموقعة على الطاعن وآخرين الصادر بها القرار التنفيذى رقم 697 فى 30/11/1996 المشار إليه من رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، ولم يثبت نهوض الجهة الإدارية إلى اتخاذ أى إجراء لإعادة العرض على فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ليعيد النظر فى قراره الصادر بتاريخ 21/9/1995 المشار إليه وظل هذا القرار قائماً دون سحب أو إلغاء له ممن أصدره، هذا وليس يجوز كما سلف الذكر أن تمتد يد السلطة الأدنى إلى سحب قرار أصدرته السلطة الأعلى الرئاسية لها سواء سحباً كليًا أو جزئياً بتعطيل آثاره، ولما كان الحال قد جرى على غير ذلك حيث أصدر مدير منطقة سوهاج الازهرية بتاريخ 19/1/1997 قراره الذى انطوى على سحب وتعطيل لآثار القرار السابق صدوره بتاريخ 21/9/1995 المشار إليه من الإمام الأكبر شيخ الأزهر، فمن ثم فإن القرار الساحب المطعون فيه الصادر فى 19/1/1997 من السلطة الأدنى ـ بعد مضى ما يقرب من سنة وأربعة شهور على صدور القرار المسحوب من السلطة الرئاسية الأعلى مصدره سالف الذكر ـ يكون قد جاء بالمخالفة لأحكام القانون وباطلاً قانونًا ومتعينًا لذلك إلغاؤه مع ما يترتب على ذلك من آثار وهو ما تقضى به هذه المحكمة، وإذ قضى بغير ذلك الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وحقيقًا لذلك بإلغائه والقضاء بما تقدم ذكره مع الزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الصادر بتاريخ 19/1/1997 المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتى التقاضى.