جلسة 16 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف, وأسامة محمود
عبد العزيز محرم, وعبد المنعم أحمد عامر ، ومحمد لطفي عبد الباقي جوده.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد صالح عبد الوهاب.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / خالد عثمان محمد حسن.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8213 لسنة 45 قضائية عليا
ـ اختصاص المحافظ ـ تربية وتعليم ـ ما يتولاه وزير التربية والتعليم وما يتولاه المحافظ .
المادة (27) مكررًا من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المضافة بالقانون رقم 50
لسنة 1981.
المادة (2) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 .
المحافظ هو المختص وحده دون الوزير بكل ما يتعلق بالشئون الوظيفية للعاملين بالجهات التي نقلت اختصاصاتها للوحدات المحلية سواء فى ذلك النقل والندب والتأديب وغيرها من الأمور الوظيفية ـ هذا النظر لا يتفق فحسب مع صراحة نصوص قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية، بل يتفق ـ أيضًا ـ مع الحكمة من إصدار قانون الإدارة المحلية حسبما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية، الأمر الذى يقتضى أن يكون اختصاص المحافظ بالنسبة للعاملين فى المحافظة اختصاصًا جامعًا بكل ما يتعلق بالعلاقة الوظيفية مانعًا فى ذات الوقت لاختصاص الوزارة بالشئون التنفيذية لهؤلاء العاملين ـ المشرع قسَّم المهمة التعليمية إلى مستويين مستقلين… الأول: المستوى القومي الذي تتولى فيه الوزارة بالعاصمة رسم السياسة العامة للتعليم. والثانى: هو المستوى الإقليمى الذي يتولى تنفيذها ومراقبة العاملين الذين يقومون بتنفيذها, ويقوم على تنفيذ كل مهمة جهاز مستقل له اختصاصه الجامع المانع المحكم, الأول يتولاه وزير التعليم فى وزارته, والثاني يتولاه المحافظ فى محافظته ـ تطبيق .
فى يوم الأربعاء الموافق 1/9/1999 أودع الأستاذ / محمد السعيد الجرونى، المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت
رقم 8213 لسنة 45 ق . ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 10/7/1999 والذي قضى بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من مجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره إلى مجازاته بخصم عشرة أيام من أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء قرار وزير التربية والتعليم المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم
أولاً : بعدم قبول الطعن بالنسبة للنيابة الإدارية لرفعه على غير ذي صفة. ثانيًا: قبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من خصم شهرين من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة السابعة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إحالته إلى هذه المحكمة (الدائرة السابعة/موضوع) والتي تداولت نظره حتى قررت بجلسة 7/4/2002 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم, وفيها صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام الطعن رقم 741 لسنة 27ق. بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 31/3/1999 طلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير التربية والتعليم فى القضية رقم 812 لسنة 1999 فيما تضمَّنه من مجازاته بخصم شهرين من أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وقال شرحًا لطعنه إنه فى 10/10/1998 أثناء تأديته لعمله بمدرسة كفر الزيات التجارية المشتركة قامت إحدى الطالبات بإثارة الشغب ولم تستجب لتوجيهه لها بالكف عن ذلك مما اضطره إلى طلب إخراجها من الفصل باستدعاء المشرفة المختصة لإخراجها وقد تقدم ضدها بشكوى لمديرة المدرسة إلاَّ أنه فوجئ بولى أمر الطالبة يتقدم بشكوى ضده وتم التحقيق معه وأصدر وزير التربية والتعليم القرار المطعون فيه متضمنًا مجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره فسارع إلى التظلم منه وأقام طعنه ناعيًا على هذا القرار مخالفته لأحكام القانون وصدوره من غير مختص ومفتقرًا إلى سبب سليم .
وبجلسة 10/7/1999 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه والذي قضى: “بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من مجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره إلى مجازاته بخصم عشرة أيام من أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس ثبوت واقعة تعدى الطاعن على إحدى الطالبات بالضرب وبألفاظ غير لائقة مما يستوجب مجازاته إداريًا وبالتالى يكون القرار المطعون فيه قائمًا على سببه وصادرًا من المختص بإصداره وهو وزير التربية والتعليم لأن سلطة التأديب مقررة لكل من المحافظ والوزير بصفتهما السلطة المختصة بتوقيع الجزاء إلا أن هذا القرار قد شَابَه غلو شديد يتعين معه تعديله ليتناسب مع ما ثبت فى حق الطاعن فى ضوء الظروف والملابسات المصاحبة للواقعة .
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها:
1ـ الخطأ فى تطبيق القانون .
(أ) لصدور القرار المطعون فيه من وزير التربية والتعليم وهو غير مختص بذلك….. .
(ب) عدم تحديد الوقائع المنسوبة للطاعن تحديدًا دقيقًا ومدى ثبوتها فى حقه.
2ـ القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وعدم تناسب الجزاء والوقائع المنسوبة للطاعن .
وخلص الطاعن من ذلك إلى طلب الحكم له بما سلف بيانه من طلبات.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل ـ حسبما يتضح من الأوراق ـ فى أنه وردت إلى الإدارة العامة للشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم من إدارة كفر الزيات التعليمية مذكرة بشأن شكوى الطالبة أماني حامد عبد السلام بالصف الثالث بمدرسة التجارة المشتركة بكفر الزيات تتضرر فيها من تعدى الطاعن (المدرس بذات المدرسة عليها بالضرب واللفظ غير اللائق يوم 10/10/1998 وأجرت إدارة كفر الزيات تحقيقًا ثبتت منه صحة تلك الشكوى ومن ثَمَّ اقترحت مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من مرتبه إلا أن الإدارة العامة للشئون القانونية بالوزارة رأت عدم تناسب هذا الجزاء مع المخالفة المنسوبة للطاعن وأعدت مذكرة بذلك اقترحت فيها مجازاته بخصم شهرين من مرتبه وبعرضها على الوزير وافق فى 21/2/1999 على هذا الاقتراح الذى تضمنه قرار الجزاء المطعون فيه .
ومن حيث إن المادة 27 مكررًا/1 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المضافة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 تنص على أن “يكون المحافظ رئيسًا لجميع العاملين المدنيين فى نطاق المحافظة فى الجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية ويمارس بالنسبة لهم جميع اختصاصات الوزير …… “.
وتنص المادة (2) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 على أنه
“فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد 1)………….. . 2) بالسلطة المختصة:
(أ) الوزير المختص.
(ب) المحافظ المختص بالنسبة لوحدات الحكم المحلي .
(ج) رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة المختصه” .
ومفاد ما تقدم على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الوزير المختص هو السلطة المختصة وفقًا لما نصت عليه المادة (2) من القانون رقم 47 لسنة 1978 إلا أن المشرع فى المادة 27 مكرر/ 1 من القانون رقم 43 لسنة 1979 المضافة بالقانون رقم 50
لسنة 1981 المشار إليه, اعتبر المحافظ رئيسًا لجميع العاملين المدنيين فى نطاق المحافظة, وذلك بالنسبة للجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية ويمارس بالنسبة لهم جميع اختصاصات الوزير, ومن ثَمَّ فقد أصبح المحافظ هو المختص وحده دون الوزير بكل ما يتعلق بالشئون الوظيفية لهؤلاء العاملين من نقل وندب وتأديب وغير ذلك من الأمور الوظيفية باعتبار أن ذلك هو الأصل العام الذى نصت عليه المادة 27 مكررًا/1 من القانون رقم 43 لسنة 1979 سالف الذكر, وبمراعاة ما نص عليه قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 فى المادة (11) من اختصاص الأجهزة المركزية برسم السياسات العامة للتعليم ومهام التقييم والمتابعة العامة واختصاص المحافظات بالعملية التنفيذية التعليمية والمتابعة المحلية .
ومن حيث إن هذا النظر لا يتفق فحسب مع صراحة نصوص قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية بنقل الاختصاصات التي كانت مقررة للوزراء إلى المحافظين المختصين بالنسبة إلى الجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى المحافظات, بل إن ذلك يتفق مع الحكمة من إصدار قانون الإدارة المحلية التي أفضت عنها مذكرته الإيضاحية والتي اقتضت نقل الاختصاصات التنفيذية إلى مواقعها الطبيعية فى المحافظات لتولى المحافظ كل سلطات الوزير بالنسبة لجميع العاملين فى المرافق الخاضعة لإشرافه حتى يتفرغ الوزير المختص فى الوزارات برسم السياسة العامة لشئون التعليم ووضع البرامج اللازمة لتنفيذها, الأمر الذي يقتضى أن يكون اختصاص المحافظ بالنسبة للعاملين فى محافظته اختصاصًا جامعًا لكل ما يتعلق بالعلاقة الوظيفية لهم من تعيين
أو نقل أو ندب أو تأديب, مانعًا لاختصاص الوزارة للمعارضة بالشئون التنفيذية لهم, داعيًا إلى الاحتراس من الخلط بين الاختصاصات أو ازدواجها ذلك أن المحافظ ليس مفوضا بتوقيع الجزاءات على العاملين فى شئون التعليم من وزير التعليم حتى يظل الأخير أصيلاً بالنسبة لتوقيع الجزاء عليهم أو مساءلتهم، بل إن المشرع قد ابتغى أن تقسم المهمة التعليمية إلى مستويين مستقلين الأول المستوى القومي الذي تتولى فيه الوزارة بالعاصمة مهمة رسم السياسة العامة للتعليم والثاني هو المستوى الإقليمى الذي يتولى تنفيذها ومراقبة العاملين الذين يقومون بتنفيذها ويقوم على تنفيذ كل مهمة جهاز مستقل لكل منهم اختصاصه الجامع المانع, المحكم الأول يتولاه وزير التعليم فى وزارته، والثانى يتولاه المحافظ فى محافظته, وليس لأى منهم أن يتغول على سلطة الآخر وإلا انتفت الحكمة من إصدار قانون الإدارة المحلية, ووصمت الأجهزة الخدمية فى المحافظات بالفوضى الإدارية التى تتعارض مع مقتضيات التنظيم الادارى السليم .
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره, وقد صدر من وزير التربية والتعليم يكون صادرًا من سلطة غير مختصة وهو ما يتعين معه القضاء بإلغائه, على أن ذلك لا يمنع المحافظ المختص أو المديرية التعليمية المختصة بالتفويض لها من المحافظ المختص أن توقع الجزاء المناسب إن كان لذلك محل .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا المذهب فإنه يكون مخالفًا لأحكام القانون ويتعين القضاء بإلغائه وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.