جلسة 22 من يناير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جوده عبدالمقصود فرحات.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبدالله عامر إبراهيم، ومصطفى محمد عبدالمعطى، وحسونة توفيق حسونة.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبدالستار محمد
مفوض الدولة
وحضور السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 837 لسنة 44 قضائية عليا:
ـ إزالة التعدى عليها بالطريق الإدارى ـ ضوابطه ـ عدم جواز التضحية بمصلحة عامة أخرى أجدر بالحماية.
المادة (970) من القانون المدنى.
المادتان (26) ،(31) من القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية.
المشرع أضفى حماية على أملاك الدولة العامة والخاصة وكذلك الأشخاص الاعتبارية العامة بحيث لا يجوز تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم وأعطى للوزير المختص حق الإزالة الإدارية فى حالة وجود تعديات عليها، كما جعل للسلطات المحلية ممثلة فى المحافظ حق اتخاذ جميع الإجراءات التى تكفل حماية هذه الأموال والحفاظ عليها ـ إلا أنه وإن كان للجهة الإدارية أن تلجأ لهذه الوسيلة الاستثنائية بإزالة التعدى بالطريق الإدارى فإن مناط مشروعيتها فى هذا أن يوجد اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أى سند قانونى لوضع يده، أما إذ استند واضع اليد إلى ادعاء بحق ما على العقار وكان له ما يبرره من مستندات تؤيد فى ظاهرها ما يدعيه من حق على هذا العقار أو إذا كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانونى بالنسبة لهذا العقار انتفت حالة الغصب أو الاعتداء الموجبة لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها فى إزالته بالطريق الإدارى فلا يحق لها أن تلجأ إليها إذ إنها فى هذه الحالة لا تكون بصدد دفع اعتداء أو إزالة غصب أملاك الدولة وإنما تكون فى معرض انتزاع ما تدعيه هى منفردة من حق بطريق التنفيذ المباشر وهو أمر غير جائز قانوناً ـ فضلاً عن ذلك يتعين لمشروعية تصرف الجهة الإدارية فى إزالة التعدى تحقيقاً لمصلحة عامة تتمثل فى حماية مال الدولة ومنع غصبه دون سند قانونى ألا يترتب على هذا التصرف التضحية بمصلحة عامة أخرى أجدر بالحماية تتمثل فى وجود مجتمع سكنى قائم واستقر على أرض الدولة منذ عشرات السنين ولم يظهر فجأة أمام أجهزتها ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 10/11/1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 837/44ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 8799/50 ق بجلسة 21/9/1997 القاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت جلسة 5/6/2001 لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر جلساتها .. وبجلسة 31/8/2002 قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره بجلسة 23/10/2002 وقد نظرته هذه المحكمة ثم قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم وفيه صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 8799/50ق.أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طلبا فيها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الإزالة رقم 25/1996 الصادر من حى المعادى مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقالا شرحاً لدعواهما بأنهما فوجئا بصدور القرار المطعون فيه دون سند من الواقع والقانون، حيث إن العقار المطلوب إزالته بحالة جيدة وتم بناؤه منذ 7 سنوات وأدخلت فيه المرافق ومكلف منذ خمسين عاماً باسم المدعى الثانى مما ينفى صحة الادعاء بأنه مقام على أرض مملوكة الدولة.
بتاريخ 21/9/1997 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية للمصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على سند من أن المدعيين وآخرين شغلوا 25 مسكناً أقامتها شركة أراضى الدلتا عام 1934 لتأمين جنوب المعادى ترغيباً من وزارة الداخلية لإسكانهم فيها ولما آلت ملكية الأرض لوزارة الأشغال (الرى) بعد موجة السيول التى حدثت عام 1945 سددت للشركة ثمن الأرض وتكاليف المبانى وكافة التعويضات وابقتهم فيها بعد أخذ تعهدات عليهم بعدم الإضرار بها، وعندما أعلنت الدولة عن رغبتها فى تمليك المساكن الشعبية لقاطنيها الذين أمضوا عشرين عامًا بها تقدم هؤلاء بطلبات وقامت إدارة الأملاك بالمحافظة بإخطار حى المعادى بذلك.
وأضافت المحكمة بأن البادى من الأوراق أن وضع يد المدعى على أرض النزاع لم يكن فى بادئ الأمر من قبيل التعدى عليها وإنما كان من قبيل ما سمحت به الجهة الإدارية فى وجود اتساع عمرانى بالمنطقة ومن ثم كان قرار الإزالة المطعون فيه منصرفاً إلى إزالة الدور الثالث فقط من العقار ولم يقض بإزالة المبنى جميعه حتى سطح الأرض تمشيًا مع نظر جهة الإدارة بأن الأرض مملوكة لها ومن ثَمَّ فإن بناء هذا الدور لا يمثل فى حقيقته تعديًا على أرض الدولة وغاية ما يمكن نسبته إلى المخالف أنه أقامه بدون ترخيص وبذلك ينتفى صحة السبب الذى قام عليه القرار ويتحقق بذلك أيضاً ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه إلى جانب توافر ركن الاستعجال المتمثل فى تعذر تدارك النتائج المترتبة على التنفيذ.
وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه ذلك لأن أرض النزاع ما زالت مملوكة للدولة ملكية خاصة وأن التصريح بالانتفاع أو السماح المؤقت لا ينفى وجود التعدى إذا خالف المرخص له شروط أوضاع هذا الانتفاع كما أن التقدم بطلب لشراء الأرض أو تقاضى مقابل مادى لا يصلحان سببًا لوجود علاقة بينهما مع جهة الإدارة ومن ثم يكون تصوير الحكم للقرار المطعون فيه بأنه إزالة للدور الثالث فقط غير صحيح حيث صدر بلفظ إزالة التعدى دون تقييد وإن أشار فى ديباجته إلى وقوع المخالفة ببناء الدور الثالث واختتمت الجهة الطاعنة عريضة طعنها بطلباتها المذكورة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها فى الإلغاء وفرع منها مردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية إذ يتعين على القضاء الإدارى ألا يوقف قرارًا إدارياً إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق دون مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ توافر فيه ركنان :ـ أولهما ركن الجدية ويتمثل فى قيام الطعن فى القرار على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع ثانيهما: ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه ترتيب نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (970) من القانون المدنى تنص على أنه”….. ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة والهيئات العامة وشركات القطاع العام ولا يجوز التعدى على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة ـ وفى حالة حصول التعدى يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً.
وتنص المادة (26) من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43/1979 على أنه “……… وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة لحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى”.
كما تنص المادة (31) على أن “للمحافظ أن يفوض بعض سلطاته واختصاصاته إلى مساعديه أو إلى سكرتير عام المحافظة أو السكرتير العام المساعد أو إلى رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات الأخرى ومفاد ذلك أن المشرع أضفى حماية على أملاك الدولة العامة أو الخاصة وكذلك الأشخاص الاعتبارية العامة بحيث لا يجوز تمليكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم وأعطى للوزير المختص حق الإزالة الإدارية فى حالة وجود تعديات عليها ـ كما جعل للسلطات المحلية ممثلة فى المحافظ حق اتخاذ جميع الإجراءات التى تكفل حماية هذه الأموال والحفاظ عليها إلا أنه مع ذلك فإنه وإن كان للجهة الإدارية أن تلجأ لهذه الوسيلة الاستثنائية بإزالة التعدى بالطريق الإدارى فإن مناط مشروعيتها فى هذا أن يوجد اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أى سند قانونى لوضع يده أما إذا استند واضع اليد إلى ادعاء بحق ما على العقار وكان له ما يبرره من مستندات تؤيد فى ظاهرها ما يدعيه من حق على هذا العقار وإذ كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانونى بالنسبة لهذا العقار انتفت حالة الغصب أو الاعتداء الموجبة لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها فى إزالته بالطريق الإدارى فلا يحق لها أن تلجأ إليها إذ إنها فى هذه الحالة لا تكون بصدد دفع اعتداء أو إزالة غصب أملاك الدولة وإنما تكون فى معرض انتزاع ما تدعيه هى منفردة من حق بطريق التنفيذ المباشر وهو أمر غير جائز قانوناً….
ولما كان البادى من الأوراق أن المطعون ضدهما هما من ورثة شاغلى مساكن تم بناؤها من عام 1934 بمعرفة شركة أراضى الدلتا ثم انتقلت ملكية الأرض بما عليها إلى وزارة الأشغال (تفتيش الرى ـ منافع عامة) بعد أن سددت القيمة للشركة أو وزارة الداخلية وسمحت للمقيمين بهذه المساكن بالإقامة المؤقتة ثم استطالت الإقامة حتى ازداد العمران فى المنطقة وزاد عدد السكان بها إلى أن أصدر المجلس التنفيذى لمحافظة القاهرة القرار رقم 193/1995 بإجراءات تنفيذ قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 1107/1995 الخاص بقواعد التصرف فى أملاك الدولة واضعى اليد عليها فتقدما مع غيرهم بطلب الشراء للأرض استنادًا إلى هذا القرار ولكن لم يبت فى الطلب إلى أن قام المطعون ضده الثانى بإقامة مبانٍ مُستمدة بالدور الثالث فصدر بشأنها قرار الإزالة المطعون فيه بزعم أنها أقيمت على أرض مملوكة للدولة.
ومن حيث إنه وإن كانت الجهة الإدارية تتمتع بسلطة إزالة ما يقع من تعدى على أملاك الدولة بالطريق الإدارى وفقاً لنص المادة (970 ) من القانون المدنى والمادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43/1979 إلا أن من المسلم به أنه يتعين لمشروعية تصرف الجهة الإدارية فى إزالة التعدى تحقيقاً لمصلحة عامة تتمثل فى حماية مال الدولة ومنع غصب دون سند قانونى ألا يترتب على هذا التصرف التضحية بمصلحة عامة أخرى أجدر بالحماية تتمثل فى وجود مجتمع سكنى قائم واستقر على أرض الدولة منذ عشرات السنين ولم يظهر فجأة أمام أجهزتها حتى يقال إن مبادرتها لحماية أملاك الدولة وإنما كان بمناسبة استحداث مبانى جديدة فوق مبانى قديمة هى التى تعتبر فى الواقع من قبيل التعديات وإن مواجهة حالة هذه المستجدات لا يكون بإزالتها وفقاً لحكم المادة (970) المشار إليها وإنما بإجراء آخر نظمه القانون الخاص بتنظيم أعمال البناء الأمر الذى يكون معه قرار الإزالة الصادر فى هذا الشأن غير صحيح مما يتحقق به ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار إلى جانب تحقق ركن الاستعجال بما يترتب على التنفيذ من نتائج يتعذر تداركها.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه لهذا النظر فإنه يكون صحيحاً ولا وجه للطعن عليه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.