جلسة 27 من مارس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم, وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم, ود. مصطفى محمد عبد المعطى, وحسونه توفيق حسونه
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 842 لسنة 45 قضائية عليا
ـ الترخيص بالصرف أو إلقاء المخلفات فى مجارى المياه ـ سلطة الإدارة فى إزالة أسباب المخالفة بالطريق الإدارى.
المواد أرقام (2), (3), (16) من القانون رقم 48 لسنة 1982 فى شأن حماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث.
المادة (89) من القانون رقم 4 لسنة 1994 بإصدار قانون فى شأن البيئة.
حظر المشرع صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف وغيرها فى مجارى المياه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الرى وفقًا للضوابط والمعايير والمواصفات المحددة فى هذا الشأن ـ فى حالة مخالفة المعايير والمواصفات بصورة تمثل خطرًا فوريًا على تلوث مجارى المياه يخطر صاحب الشأن بإزالة الأعمال المخالفة أو تصحيحها فى الميعاد الذى تحدده وزارة الرى وإلاَّ قامت باتخاذ إجراءات الإزالة أو التصحيح بالطريق الإدارى وعلى نفقة المخالف, وذلك دون إخلال بحقها فى إلغاء الترخيص ـ هذا الاختصاص نقل من وزارة الرى إلى وزارة الأشغال العامة والموارد المائية ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 12/11/1998 أودع الأستاذ/ نصر الدين يوسف، المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 842 لسنة 45ق. فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ـ الدائرة الثامنة ـ بجلسة 3/11/1998 فى الدعويين رقمى 7586 لسنة 51ق. و695 لسنة 52ق. والذى قضى فى منطوقه: بقبول الدعويين شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى مصروفاته وأمرت بإحالة الدعويين إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها, وطلب الطاعن ـ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ـ الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد جرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بمحضر الإعلان.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وحـدد لنظـر الطعــن أمــام الدائـرة الأولــى فحص بالمحكمــة جلسـة 2/10/2000، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة فحص للاختصاص التى نظرت الطعن. وبجلسة 29/8/2001 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة السادسة/ موضوع لنظره بجلسة 10/10/2001 ـ حيث تدوول نظر الطعن أمامها، وبجلسة 23/1/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ومذكرات ومستندات لمن يشاء خلال شهر، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة
من حيث إن الطعن قد استوفى كافة أوضاعة الشكلية المقررة قانونًا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 7586 لسنة 51ق. بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 29/6/1997 طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 947 لسنة 1997 فيما تضّمنه من إغلاق مصنع دياموند إدارياً، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على سند من القول إنه وصلت للمصنع المذكور عدة كتب من محافظة الجيزة تضمنت أن ثمة مخالفات فى الصرف الصحى الخاص بالمصنع، ويتعين إزالتها وعمل معالجة مياه الصرف الصحى, ثم فوجئ فى 21/6/1997 بصدور القرار المطعون فيه بغلق المصنع إدارياً لخطورته على الصحة العامة، لقيامه بإلقاء الصرف الصحى والصناعى من خلال بئر آيون تتسرب منه المياه للتربة والمياه الجوفية. وأضاف المدعى قائلاً إنه فور علمه بالقرار المطعون فيه قام بتاريخ 28/6/1997 بإخطار محافظ الجيزة بأنه تم إلغاء بئر آيون تمامًا وإزالة المخالفات وطلب تشكيل لجنة للتأكد من ذلك.
ونعى المدعى على القرار المطعون فيه صدوره من غير مختص بحسبان أنه تضمن فى ديباجته أنه صدر استنادًا إلى كل من القانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية النيل من التلوث، والقانون رقم 4 لسنة 1994 فى شأن البيئة، وأن الجهة المنوط بها تطبيق القانون الأول هى وزارة الأشغال العامة والموارد المائية, وأن القانون الأخير لم يتضمن نصًا يفيد اختصاص المحافظين, كما صدر القرار المطعون فيه قبل الأوان لأن قانون البيئة المشار إليه تضمن نصًا يلزم المنشآت القائمة وقت صدور هذا القانون بتوفيق أوضاعها طبقًا لأحكامه خلال ثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ نشر لائحته التنفيذية، ولم يشر القرار المطعون فيه إلى اللائحة التنفيذية وتاريخ صدوره, كما نعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للإجراءات التى نص عليها قانون البيئة واتبع عقوبة لم ترد فى القانون, وخلص المدعى إلى أنه لما كان القرار المطعون فيه تسبب فى تشريد مئات الأسر وعدم قيام المصنع بالوفاء بكافة التزاماته فإنه أقام هذه الدعوى بطلباته سالفة الذكر.
وكان المدعى قد أقام الدعوى رقم 2760 لسنة 1997 مستعجل الجيزة أمام محكمة الجيزة الابتدائية بتاريخ 29/6/1997 طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 947 لسنة 1997 وما يترتب على ذلك من آثار, وبجلسة 29/9/1997 حكمت محكمة الجيزة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى المختصة وأبقت الفصل فى المصروفات؛ حيث وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وقيدت بجدولها تحت رقم 695 لسنة 52ق، وتدوول نظر الدعويين أمامها، وبجلسة 17/2/1998 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 7586 لسنة 51ق. للدعوى رقم 695 لسنة 52ق. ليصدر فيها حكم واحد.
وبجلسة 3/11/1998 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها من استعراض أحكام المادتين رقمى 26, 27 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 والمادتين 7, 12 من لائحته التنفيذية على أن المصنع الخاص بالمدعى ارتكب بعض المخالفات الخاصة بالصرف الصحى والصناعى ولم يمتثل المدعى لإنذار الجهة الإدارية بإزالة هذه المخالفات مما حدا إلى إصدار القرار المطعون فيه وأن هذا القرار صادر من مختص بحسبان أن وزارة الأشغال والموارد المائية هى الجهة المختصة بإصدار الترخيص فى حالة صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية فى مجارى المياه، ولم تتضمن نصوص القانون ما يفيد بأن هذه الوزارة هى المنوط بها تطبيق أحكامه وغل يد الوحدات المحلية عن حماية البيئة ومياه النيل من التلوث وانتهت المحكمة إلى حكمها سالف الذكر.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله وقصوره فى التسبيب وفساده فى الاستدلال ذلك أن كلاً من وزارة الأشغال والموارد المائية وجهاز شئون البيئة هما المختصان فقط بتطبيق أحكام كل من القانون رقم 48 لسنة 1982 والقانون رقم 4 لسنة 1994 وأن محافظ الجيزة غير مختص بإصدار القرار المطعون فيه هذا فضلاً عن أنه تمت إزالة أسباب المخالفة وأن القرار صدر قبل الأوان، إذ إن القانون رقم 4 لسنة 1994 أعطى مهلة مقدارها ثلاث سنوات من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية, ولم يثبت أن هذه المدة قد انقضت كما أن جهة الإدارة أنذرت الطاعن فى 25/5/1997 بعمل وحدة معالجة خلال شهر من تاريخه، ثم أصدرت القرار قبل انقضاء هذا الشهر استناداً إلى سبب آخر هو الصرف من خلال بئر آيون, وخلص الطاعن إلى طلباته سالفة الذكر.
ومن حيث إنه من المقرر أنه يشترط لوقف تنفيذ القرار الإدارى المطعون فيه توافر ركنين مجتمعين الأول: ركن الجدية بأن يكون القرار ـ حسب الظاهر من الأوراق ـ قائمًا على أسباب جدية مما يرجح معه إلغاؤه موضوعًا. الثانى: ركن الاستعجال: بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر معه تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فى المادة (2) من القانون رقم 48 لسنة 1982 فى شأن حماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث تنص على أن “يحظر صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية. ومن عمليات الصرف الصحى وغيرها فى مجارى المياه على كامل أطوالها ومسطحاتها إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الرى فى الحالات ووفقًا للضوابط والمعايير التى يصدر بها قرار من وزير الرى بناء على ذلك ويتضمن الترخيص الصادر فى هذا الشأن تحديد المعايير والمواصفات الخاصة بكل حالة على حدة.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة (3) من هذا القانون على أنه “….. إذا تبين نتيجة تحليل العينات أنها تخالف المواصفات والمعايير المحددة وفقًا لأحكام هذا القانون وبصورة تمثل خطرًا فوريًا على تلوث مجارى المياه فسيخطر صاحب الشأن بإزالة مسببات الضرر فورًا وإلاَّ قامت وزارة الرى بذلك على نفقته أو قامت بسحب الترخيص الممنوح له ووقف الصرف على مجارى المياه بالطريق الادارى”.
وتنص المادة 16 من ذات القانون على أنه “مع عدم الإخلال بالأحكام المقررة بقانون العقوبات ويعاقب على مخالفة أحكام المواد 2, 3 فقرة أخيرة، 4, 5, 7 من هذا القانون والقرارات المنفذة لها بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة …….. ويجب على المخالف إزالة الأعمال أو تصحيحها فى الميعاد الذى تحدده وزارة الرى فإذا لم يقم المخالف بالإزالة
أو التصحيح فى الميعاد المحدد يكون لوزارة الرى اتخاذ إجراءات الإزالة أو التصحيح بالطريق الإدارى وعلى نفقة المخالف وذلك دون إخلال بحق الإدارة فى إلغاء الترخيص”.
وتنص المادة 89 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بإصدار قانون فى شأن البيئة على أن “……… يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه كل من خالف أحكام المواد 2 , 3 فقرة أخيرة 4 , 5 , 7 من القانون رقم 48 لسنة 1982 فى شأن حماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث ……. وفى جميع الأحوال يلتزم المخالف بإزالة الأعمال المخالفة أو تصحيحها فى الموعد الذى تحدده وزارة الأشغال العامة والموارد المائية فإذا لم يقم بذلك فى الموعد المحدد, يكون لوزارة الأشغال والموارد المائية اتخاذ إجراءات الإزالة والتصحيح بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك دون إخلال بحق الوزارة فى إلغاء الترخيص”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع فى القانون رقم 48 لسنة 1982 حظر صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف وغيرها فى مجارى المياه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الرى وفقًا للضوابط والمعايير والمواصفات المحددة فى هذا الشأن, وأنه فى حالة مخالفة هذه المعايير والمواصفات بصورة تمثل خطرًا فورياً على تلوث مجارى المياه يخطر بها صاحب الشأن بإزالة الأعمال المخالفة أو تصحيحها فى الميعاد الذى تحدده وزارة الرى وإلاَّ قامت وزارة الرى باتخاذ إجراءات الإزالة أو التصحيح بالطريق الإدارى وعلى نفقة المخالف وذلك دون إخلال بحق الوزارة فى إلغاء الترخيص, وقد نقل هذا الاختصاص من وزارة الرى إلى وزارة الأشغال العامة والموارد المائية بموجب القانون رقم 4 لسنة 1994 فى شأن البيئة سالف الذكر.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق أن مصنع دياموند للجوارب بجزيرة محمد مركز إمبابة قد ارتكب بعض المخالفات الخاصة بالصرف الصحى والصناعى؛ وذلك لقيامه بالصرف خلال بئر آيون يتسرب فيه المياه للتربة والمياه الجوفية ولم يقم بإزالة هذه المخالفات رغم وصول عدة كتب من محافظة الجيزة المؤرخة 24/6 , 5/9 , 28/11/1996 وبناءً عليه أصدر محافظ الجيزة بناءً على القانونين رقمى 48 لسنة 1982, 4 لسنة 1994 القرار رقم 947 لسنة 1997 ـ المطعون فيه ـ بغلق هذا المصنع إداريًا لخطورته على الصحة العامة وذلك لقيامه بالصرف الصحى والصناعى من خلال بئر آيون تتسرب منه المياه للتربة والمياه الجوفية.
ومن حيث إنه إذ خلت الأوراق وديباجة القرار المطعون فيه مما يفيد أن ثمة تفويضًا من وزير الأشغال العامة والموارد المائية ـ المختص قانونًا باتخاذ إجراءات إزالة المخالفة ـ لمحافظة الجيزة باتخاذ هذه الإجراءات، فإن القرار المطعون فيه يكون ـ حسب الظاهر من الأوراق ـ صادراً من غير مختص مما يرجح معه إلغاؤه موضوعاً، الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية، كما يتوافر ركن الاستعجال لأنه يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه بغلق المصنع حرصاً من العمال على كسب أجورهم التى يعيشون عليها وتوقف صاحب المصنع عن سداد ما عليه من التزامات.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإدارى ذهبت غير هذا المذهب فإن حكمها المطعون فيه يكون غير قائم على أساس سليم من القانون، الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.