جلسة 25 من فبراير سنة 2012
الطعن رقم 8420 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة الخامسة)
– مخالفات البناء- أجاز القانون رقم (30) لسنة 1983 (معدلا بموجب القانون رقم 54 لسنة 1984، المعدل بموجب القانون رقم 99 لسنة 1986) لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم (106) لسنة 1976 (الملغى) قبل العمل بأحكام القانون رقم (30) لسنة 1983، وخلال مهلة محددة، أن يتقدم بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ قِبله، ورتب على التقدم بالطلب وقف الإجراءات- إذا تم تقديم الطلب، وقعدت جهة الإدارة عن البت فيه واستخدام حقها في إصدار قرار بالإزالة لعدد من السنوات على نحو حال بين المخالف والاستفادة من أحكام القانونين رقم 54 لسنة 1984، و99 لسنة 1986، فإن إصدارها قرارا بالإزالة بعد مرور هذه السنوات، يكون من شأنه المساس بحقوق استقرت ولا يجوز المساس بها، وهو ما يجعل هذا القرار مخالفا للقانون.
– المواد أرقام (4) و(11) و(15) و(16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى لاحقا -عدا المادة 13 مكررا منه- بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء).
– المادة الثالثة من القانون رقم (30) لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976، معدلا بموجب القانونين رقمي (54) لسنة 1984 و(99) لسنة 1986.
بتاريخ 15/3/2007 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 20614 لسنة 60ق بجلسة 23/1/2007، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلبت هيئة قضايا الدولة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة (الدائرة الخامسة) على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قدم المطعون ضده حافظتي مستندات ومذكرة، وبجلسة 23/5/2011 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظره بجلسة 18/6/2011 والتي نظرته بتلك الجلسة بعد أن أخطر المطعون ضده بها، وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم المطعون ضده أربع حوافظ مستندات ومذكرة، وبجلسة 14/1/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 25/2/2012، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد إتمام المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا مستوفيا جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر هذا النزاع تخلص -حسبما يبين من الأوراق، ومن الحكم المطعون فيه- في أنه بتاريخ 1/4/2006 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 20614 لسنة 60ق، وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد المدعى عليهم (الطاعنين) بصفاتهم، طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرارين رقمي 638 لسنة 2006 و705 لسنة 2006 فيما تضمناه من إزالة الدورين السادس والسابع بالعقار رقم 44 شارع المدبح من شارع الشيخ ريحان بحي عابدين بالقاهرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطيا: ندب خبير تكون مهمته بيان ما إذا كانت أعمال البناء حديثة من عدمه.
وذكر شرحا لدعواه أن القرارين المطعون فيهما قد صدرا بإزالة مباني الدورين السادس والسابع العلويين ردود بدعوى إقامتهما بدون ترخيص، في حين أن والده كان قد أقامهما منذ أكثر من أربعة وعشرين عاما، مما يصم هذين القرارين بإساءة استعمال السلطة.
……………………………………
وبجلسة 23/1/2007 حكمت المحكمة في الشق العاجل بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقريراً بالرأي القانوني فيها.
وشيدت المحكمة قضاءها عقب استعراضها لنصوص المواد أرقام (4) و(11) و(15) و(16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه، المعدل بالقانونين رقمي 30 لسنة 1983 و 25 لسنة 1992، على أسباب حاصلها أن مخالفات البناء بدون ترخيص التي نسبت للمدعي مضى عليها أكثر من ثلاثة وعشرين عاما، وعلى وفق ما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 11/2/2001 في الطعن رقم 1605 لسنة 41ق.عليا لا يجوز للجهة الإدارية أن تتراخى في استعمال حقها في الإزالة ثم تستعمله بعد سنين طويلة؛ لما في ذلك من مساس بمراكز قانونية استقرت في ظل قوانين نافذة وقت حدوثها، ومن ثم يكون القراران المطعون فيهما قد صدرا بالمخالفة للقانون بحسب الظاهر من الأوراق، مما يتوفر معه ركن الجدية إلى جانب ركن الاستعجال، وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المتقدم.
……………………………………
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد أقامت الطعن الماثل ناعية على هذا القضاء مخالفة الواقع والقانون، استنادا إلى أن قرار الإزالة قد صدر عن مختص، ولا محل للادعاء ببطلانه لعدم العرض على اللجنة المنصوص عليها في المادة 16؛ لتعذر ذلك بعد إلغائها.
……………………………………
وحيث إنه عن الموضوع فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى في ظل العمل بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الحاكم للنزاع المطروح لصدور القرار المطعون فيه في ظله واستنادا إليه) أن المستفاد من نصوص المواد أرقام (4) و(11) و(15) و(16) من القانون المشار إليه أن المشرع قد حظر على المخاطبين بأحكام هذا القانون إقامة المباني والأعمال الأخرى المنصوص عليها فيه أو لائحته التنفيذية دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وفي حالة الحصول على هذا الترخيص يتعين على المرخص له الالتزام بالاشتراطات التي منح على أساسها الترخيص وتنفيذ الأعمال المرخص بها على وفق الرسومات المرفقة به، وأنه في حالة مخالفة أحكام القانون أو لائحته التنفيذية أو الترخيص الصادر على وفق أحكامها، ناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم إصدار قرار مسبب بإيقاف الأعمال المخالفة تعلن به ذوي الشأن بالطريق الإداري، ثم يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه قرارا مسببا بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تم إيقافها، شريطة عرض هذه الأعمال على اللجنة الفنية المنصوص على تشكيلها في المادة (16) من القانون، بيد أن المشرع قد أوجب بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقا لهذا القانون أو لقانون الطيران المدني أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات أن يَصْدُرَ قرارُ الإزالة في أي من هذه الحالات عن المحافظ المختص بنفسه، فلا يجوز له تفويض غيره في هذا الاختصاص، وذلك دون التقيد بالإجراءات المنصوص عليها في المادتين (15) و(16) من القانون.
وحيث إن مخالفات البناء التي تمت قبل عام 1984 ويصدر القرار بإزالتها بعد مضي مدد طويلة صدرت خلالها بعض التشريعات المعدلة لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976، بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1983، فإن مما لاشك فيه أن قعود جهة الإدارة عن استعمال الرخصة المقررة لها بالإزالة بموجب المادة 16 من القانون المذكور طوال هذه المدة حال دون استفادة أصحاب الشأن من أحكام القانونين رقمي 54 لسنة 1984 بتعديل المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983، و99 لسنة 1986 بتعديل الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 54 لسنة 1984، والتي أجازت لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له وذلك قبل العمل بهما أن يتقدم بطلب إلى الوحدة المحلية خلال المهلة المحددة بكل منهما لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده، ورتب على ذلك وقف الإجراءات المتخذة بقوة القانون إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها بالمادة 16 من القانون المشار إليه، والعرض على المحافظ المختص لإصدار قرار الإزالة أو التصحيح، مع قصر العقوبة الجنائية في جميع الأحوال على الغرامة التي يتم تحديدها بنسب معينة من قيمة الأعمال المخالفة، كما أجاز الإعفاء منها إذا لم تزد قيمتها على عشرة آلاف جنيه، وذلك بالاستثناء من الأحكام الجزائية الواردة بالقانون رقم 106 لسنة 1976.
وعلى ذلك فإن تراخي جهة الإدارة في استعمال الحق المقرر لها بالإزالة، والذي كان متاحا لها طوال هذه المدة الطويلة، ثم استعمالها بعد تلك السنوات الطوال لهذا الحق يكون من شأنه المساس والإضرار بمراكز قانونية استقرت في ظل القوانين السارية وقت حدوث المخالفة.
(يراجع في هذا المعنى حكم الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1605لسنة 41ق.عليا بجلسة 11/2/2001، وحكم حديث لها في الطعن رقم 22700لسنة 51 بجلسة 27/3/2010)
وحيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه تم تحرير محضر ضد المطعون ضده في 14/3/2006 لقيامه ببناء الدور السادس العلوي ردود بمسطح 70مترا، والدور السابع العلوي ردود بمسطح 50مترا بدون ترخيص بالعقار رقم 44 شارع المدبح من شارع الشيخ ريحان بعابدين، ثم صدر قراران بإزالة هذه الأعمال وحررت ضده الجنحة رقم 3174 لسنة 2006 عابدين والمستأنفة برقم 7261 لسنة 2006 مستأنف وسط القاهرة، كما حررت ضده الجنحة رقم 2688 لسنة 2006 عابدين والمستأنفة برقم 7275 لسنة 2006 مستأنف وسط القاهرة، وقد صدر الحكم فيهما بجلسة 27/12/2006 بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه؛ لأن الأعمال محل الاتهام ترجع إقامتها إلى ما قبل عام 1983، وقد تأيد ذلك بما قدمه المطعون ضده من مستندات تفيد إدخال الكهرباء لهذه المباني باسم والده في 3/10/1981، ومن ثم فإنه فضلا عن حجية الأحكام الجنائية الصادرة ببراءة المطعون ضده مما نسب إليه، فإن تراخي جهة الإدارة عن استعمال حقها في الإزالة طوال هذه السنين قد ترتبت عليه حقوق استقرت لا يجوز المساس بها، ومن ثم فإن قراري الإزالة المطعون فيهما قد صدرا بالمخالفة لصحيح حكم القانون بحسب ما استظهره الحكم المطعون فيه، مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذهما إلى جانب ركن الاستعجال لما يرتبه تنفيذ الإزالة من نتائج يتعذر تداركها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى وقف تنفيذ هذين القرارين فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه، مما يتعين معه رفض الطعن الماثل.
وحيث إنه من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة 270 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.