جلسة 1 من يوليو لسنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف، وإبراهيم على إبراهيم، و محمد الشيخ على أبو زيد، ومحمد لطفى عبد الباقى جودة
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد عمر
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8462 لسنة 47 قضائية عليا:
ـ شئون أعضاء ـ استحقاق البدل النقدى لرصيد الإجازات.
المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
خوَّل الدستور السلطة التشريعية تنظيم حق العمل بما لا يمس بحقوق العامل ويندرج تحتها الحق فى الإجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل استحقها وإلاَّ كان ذلك عدواناً على صحته البدنية والنفسية وإخلالاً بالتزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، وقد جعل المشرع الحق فى الإجازة السنوية حقاً مقرراً للعامل يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة، وأجاز للعامل الاحتفاظ بما يكون له من رصيد الإجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط للحصول على إجازة من هذا الرصيد أثناء مدة خدمته، فإذا انتهت مدة خدمة العامل قبل تمكنه قانوناً أو فعلاً من استنفاد ما تجمع له من رصيد الإجازات الاعتيادية حق له اقتضاء هذا البدل بشرط ألا تجاوز مدة الرصيد التى يستحق عنها البدل النقدى أربعة أشهر ـ قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل ـ إذا كان المشرع قد نص على أن تبدأ العطلة القضائية كل عام من أول يوليو وتنتهى فى آخر سبتمبر، ولم يجز لأعضاء المحاكم الحصول على إجازة اعتيادية فى غير العطلة القضائية وبشرط أن تسمح حالة العمل بذلك، فإنه من ناحية أخرى أوجب صراحة على المحكمة الاستمرار فى نظر بعض الدعاوى كالدعاوى التأديبية والمستعجل من القضايا، كما أوكل إلى الجمعيات العمومية للمحاكم تنظيم العمل سواء خلال العطلة القضائية أو خلال فترات العمل من ناحية تحديد عدد الجلسات وأيام انعقادها ومن يقوم من الأعضاء بالعمل فيها، بما يجعل من رغبة العضو فى استنفاد إجازته السنوية أمراً مرهوناً دائما بالنظام الذى قررته الجمعية العمومية للمحكمة فى شأن انعقاد جلسات الدوائر المختلفة باعتبار أن العمل القضائى عمل جماعى بطبيعته وإلاَّ ترتب على ذلك الإخلال بحسن سير العمل القضائى وارتباك أدائه فى تحقيق العدالة الناجزة وتأخر الفصل فى المنازعات، وعلى ذلك فإن عدم حصول عضو مجلس الدولة على إجازاته السنوية أو حصوله عليها يرتبط دائماً بالتنظيم الذى استنته الجهات القائمة على أداء هذا المرفق الحيوى والهام وبتنظيم العمل القضائى ذاته لما له من طبيعة خاصة وذاتية بما ينبئ دائماً بأن عدم حصول عضو مجلس الدولة على إجازاته المقررة قانوناً إنما يرجع حتماً إلى أسباب تتعلق بمصلحة العمل ومقتضياته وحسن أدائه ـ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 3/6/2001 أودعت صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بطلب الحكم بأحقية الطالب فى صرف المقابل النقدى لرصيد إجازاته السنوية التى لم يقم بها طوال مدة خدمته أياً كانت مدتها، وعلى أساس أجره الأساسى عند انتهاء خدمته مضافاً إليه العلاوات الخاصة.
وتم إعلان صحيفة الدعوى على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بأحقية المدعى فى طلباته الواردة بصحيفة الدعوى.
وتدوول نظر الدعوى أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات؛ حيث أودعت جهة الإدارة حافظة مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى، كما قدم المدعى حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من بيان إجازاته منذ تعيينه بمجلس الدولة فى 16/7/1962 حتى بلوغه سن التقاعد فى 12/10/2000.
وأحيلت الدعوى بجلسة 26/10/2002 إلى الدائرة السابعة عليا للاختصاص والتى استكملت نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/4/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات فى أسبوعين، دون أن تقدم أية مذكرات خلال هذا الأجل.
وصدر الحكم بعد أن أودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الدعوى قد استوفت سائر إجراءاتها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطالب أقام دعواه الماثلة على سند من القول بأنه عمل منذ مطلع خدمته عضواً بمجلس الدولة وتدرج فى وظائفه حتى وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، وإذ بلغ سن المعاش فى 12/10/2000 صرف له مجلس الدولة عندئذ أجر أربعة شهور فقط عن الإجازات الاعتيادية التى لم يقم بها طوال مدة عمله به ولم يصرف له ما زاد على ذلك من رصيد إجازاته رغم أن عدم حصوله عليها كان بسبب مقتضيات العمل، ورغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/2000 فى القضية رقم 2 لسنة 21ق. دستورية والقاضى بعدم دستورية المادة (65) من قانون العاملين المدنيين بالدولة فيما نصت عليه من أن يكون الحد الأقصى للمقابل النقدى للإجازات الاعتيادية التى لم يحصل عليها العامل أربعة شهور فقط وأنه يحق للعامل الحصول على هذا المقابل بدون حد أقصى وفقاً للأجر الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته مع توابعه.
ومن حيث إن المادة (13) من الدستور تنص على أنه “لا يجوز فرض أى عمل جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل”.
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 219/1991 على أنه “يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العامين المدنيين بالدولة …. النص الآتى: “فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافاً إليه العلاوات الخاصة والذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته، وذلك بما لا يتجاوز أربعة أشهر، ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم”.
وتنص المادة الثانية منه على أن (تسرى أحكام هذا القانون على العاملين بكادرات خاصة، ويلغى كل حكم ورد على خلاف ذلك فى القواعد المنظمة لشئونهم).
كما تنص المادة الثالثة من القانون المشار إليه على أنه “ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويُعمل به اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره” وقد نشر فى 7/12/1991.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الدستور خَّول السلطة التشريعية تنظيم حق العمل بما
لا يمس بحقوق العامل ويندرج تحتها الحق فى الإجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل استحقها وإلا كان ذلك عدواناً على صحته البدنية والنفسية وإخلالاً بالتزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، وقد جعل المشرع الحق فى الإجازة السنوية حقاً مقرراً للعامل يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة، وأجاز للعامل الاحتفاظ بما يكون له من رصيد الإجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط للحصول على إجازة من هذا الرصيد أثناء مدة خدمته ، فإذا انتهت مدة خدمة العامل قبل تمكنه قانوناً
أو فعلاً من استنفاد ما تجمع له من رصيد الإجازات الاعتيادية حق له اقتضاء هذا البدل بشرط ألاَّ تجاوز مدة الرصيد التى يستحق عنها البدل النقدى أربعة أشهر ، إلا أن المحكمة الدستورية العليا انتهت فى القضية رقم 2 لسنة 21 ق. دستورية بجلسة 6/5/2000 إلى الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.
وشَّيدت المحكمة الدستورية العليا قضاءها على أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ ـ كأصل عام ـ أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينًا وإلاَّ كان التعويض النقدى عنها واجباً، تقديراً بأن المدة التى امتد اليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك.
ولما كان الحق فى التعويض لا يعدو أن يكون من عناصر الذمة المالية للعامل مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلتها المادتان 32، 34 من الدستور اللتان صانا بهما الملكية الخاصة والتى تتسع للأموال بوجه عام، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر الجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى الدستورية له حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أية جهة كانت وهو ملزم لجميع سلطات الدولة والكافة.
ومن حيث إن نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المحكوم بعدم دستوريته قد حجب الطالب أصل حقه فى الحصول على المقابل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز الشهور الأربعة المنصوص عليها فى المادة (65) سالفة البيان ، فإن مؤدى ذلك أحقية الطالب فى هذا المقابل عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية التى حرم منها بسبب مقتضيات العمل، وذلك كتعويض عن حرمانه من هذه الإجازات.
ومن حيث إن المواد (55، 56، 57) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972 قد أناطت بالجمعيات العمومية للمحاكم النظر فى المسائل المتصلة بنظامها وأمورها الداخلية وتوزيع الأعمال بين أعضائها أو بين دوائرها، وقد نصت المادة (105) من القانون المذكور على أن تبدأ العطلة القضائية للمحاكم كل عام من أول يوليو وتنتهى آخر سبتمبر، وتنص المادة (106) منه على أن تستمر المحاكم أثناء العطلة القضائية فى نظر الدعاوى التأديبية والمستعجل من القضايا …. وتنظم الجمعية العمومية لكل محكمة العمل أثناء العطلة القضائية فتعين عدد الجلسات وأيام انعقادها ومن يقوم من الأعضاء بالعمل فيها ، ويصدر بذلك قرار من رئيس المجلس.
وتنص المادة (107) من ذات القانون على أنه “لا يرخص لأعضاء المحاكم فى إجازات فى غير العطلة القضائية إلا لمن قام منهم بالعمل خلالها وكانت حاجة العمل تسمح بذلك”.
كما تنص المادة (109) من القانون المشار إليه على أنه ” ……… وتحدد مواعيد الإجازة السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه ولا يجوز تقصيرها أو تأجيلها أو قطعها أو إلغاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل”.
وإذا كان المشرع قد نص على أن تبدأ العطلة القضائية كل عام من أول يوليو وتنتهى فى آخر سبتمبر، ولم يجز لأعضاء المحاكم الحصول على إجازة اعتيادية فى غير العطلة القضائية وبشرط أن تسمح حالة العمل بذلك، فإنه من ناحية أخرى أوجب صراحة على المحكمة الاستمرار فى نظر بعض الدعاوى كالدعاوى التأديبية والمستعجل من القضايا، كما أوكل إلى الجمعيات العمومية للمحاكم تنظيم العمل سواء خلال العطلة القضائية أو خلال فترات العمل من ناحية تحديد عدد الجلسات وأيام انعقادها ومن يقوم من الأعضاء بالعمل فيها،
بما يجعل من رغبة العضو فى استئداء إجازته السنوية أمراً مرهوناً دائماً بالنظام الذى قررته الجمعية العمومية للمحكمة فى شأن انعقاد جلسات الدوائر المختلفة باعتبار أن العمل القضائى عمل جماعى بطبيعته وإلاَّ ترتب على ذلك الإخلال بحسن سير العمل القضائى وارتباك أدائه فى تحقيق العدالة الناجزة وتأخر الفصل فى المنازعات، وعلى ذلك فإن عدم حصول عضو مجلس الدولة على إجازاته السنوية أو حصوله عليها يرتبط دائما بالتنظيم الذى استنته الجهات القائمة على أداء هذا المرفق الحيوى الهام وبتنظيم العمل القضائى ذاته لما له من طبيعة خاصة وذاتية وبما ينبئ دائماً بأن عدم حصول عضو مجلس الدولة على إجازاته المقررة قانونا إنما يرجع حتماً إلى أسباب تتعلق بمصلحة العمل ومقتضياته وحسن أدائه.
وترتيباً على ما تقدم فإنه لا وجه لما ذهبت إليه هيئة قضايا الدولة من أن الأوراق قد خلت من ثمة دليل على أن عدم قيام الطالب بالإجازات الاعتيادية المطالب بها بصرف المقابل النقدى عنها كان لصالح العمل ومقتضياته، أو أنه تقدم بطلب الإجازة ورفضت جهة الإدارة طلبه وألزمته بالاستمرار فى العمل.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم فإنه يتعين الحكم بأحقية الطالب فى مقابل رصيد إجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها بسبب ظروف العمل مع مراعاة خصم مقابل مدد الإجازات التى صرفت له وكذلك مدد الإجازات عن فترات الإعارة والإجازات الخاصة بدون مرتب وما يماثلها من فترات لم يؤد عملاً خلالها بمجلس الدولة ، فضلاً عن الإجازات الدورية التى لم يحصل عليها وحصل عن أدائه العمل خلالها على مقابل نقدى (جلسات الصيف).
ومن حيث إن المشرع قد حدد الأساس الذى يحسب بناءً عليه المقابل النقدى عن رصيد الإجازات الدورية التى لم يحصل عليها العامل بسبب راجع إلى ظروف العمل بأنه الأجر الأساسى مضافاً إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وهو تحديد
لا يحتمل تأويلاً أو تفسيراً.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بأحقية الطالب فى تقاضى مقابل رصيد إجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها محسوباً على أجره الأساسى مضافاً إليه العلاوات الخاصة عند انتهاء خدمته مع مراعاة خصم ما سبق صرفه له فى هذا الشأن.