جلسة 7 من ديسمبر سنة2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / إدوار غالب سيفين
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / سامى حامد إبراهيم عبده ، محمد الأدهم محمد حبيب
و/ أسامة يوسف شلبي، عبد العزيز أحمد حسن (نواب رئيس مجلس الدولة)
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد ماهر عافية مفوض الدولة
الطعن رقم (8548) لسنة47 قضائية .عليا.
– تأديب – حدود مسئولية العامل التأديبية.
وفقاً لنص المادة 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة فإن العامل لا يسأل فى ماله الخاص إلا عن الخطأ الشخصى وأن الخطأ يعتبر كذلك إذا تبين أن الموظف لا يعمل للصالح العام أو كان مدفوعاً بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيماً حتى ولو لم يعمل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات ففى مثل هذه الحالات يعتبر خطأ الموظف من الأخطاء الشخصية ويسأل عنها فى ماله الخاص ويحق للجهة الإدارية اقتضاء قيمة ما لحقها من أضرار بسبب هذا الخطأ . تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 7/6/2001 أودع الأستاذ / صلاح حامد عبد الرحمن المحامى بالنقض بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن الماثل فى الحكم المشار إليه والقاضى منطوقة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل الطاعنين بمبلغ خمسة آلاف جنيه مناصفة.
وطلب الطاعن بصفته – فى ختام تقرير الطعن – ولما ورد به من أسباب، الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبرفض الدعوى.
وقد أعلن تقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى التزمت فيه الرأي.
وقد تحدد لنظر الطعن جلسة 5/2/2003 أمام الدائرة السابعة عليا فحص وبها نظر وبجلسة 19/11/203 قررت المحكمة إحالة الطعن للدائرة الثامنة عليا فحص للاختصاص، وقد تحدد لنظره جلسة 13/6/2004 وبها نظر وبجلسة 26/12/2004 حضر المطعون ضدهما وقدما مذكرة دفاع، وبجلسة 24/4/2005 قررت المحكمة إحالة الطعن لدائرة الموضوع وقد تحدد لنظره جلسة 29/9/2005 وبها نظر وبجلسة 2/11/2006 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وعن موضوع الطعن : فإن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضدهما سبق وأن أقاما الطعن التأديبى رقم 134 لسنة 27 ق والمطعون على حكمه بطلب الحكم بإلغاء قرار رئيس جامعة المنيا المؤرخ 31/10/1999 فيما تضمنه من تحميلهما مبلغ (5000) خمسة آلاف جنيه مناصفة.
على سند من القول بأن الأول يشغل وظيفة أخصائى تخطيط ومتابعة بكلية الآداب بجامعة المنيا والثانى يشغل وظيفة مراجع شئون طلاب بذات الكلية. وقد وافق رئيس الجامعة على تحميلهما مبلغ خمسة آلاف جنيه مناصفة قيمة التعويض المحكوم به لصالح المدعى فى الدعوى رقم 52 لسنة 42 ق واستنادا إلى ما انتهت إليه النيابة الإدارية بالمنيا فى القضية رقم 374 لسنة 99 من أنهما لم يراعيا الدقة حيال تحرير الكشف المتضمن خريجى كلية الآداب قسم الجغرافيا عام 1988 الموجه إلى القوى العاملة مما ترتب عليه حدوث خطأ فى اسم المدعى حيث حررا أسمه / مراد نجيب غالى بدلا من عفيفى متى غالى مما ترتب عليه تخطى الأخير فى التعيين فى وظيفة مدرس إعدادى أسوة بزملائه خريجى نفس العام وأوصت النيابة الإدارية بتحميلها بقيمة التعويض الذى تسببا فى الحكم به.
وقد نعيا على القرار المطعون عليه مخالفته للقانون لكون الجامعة قد تداركت الخطأ الوارد فى أسم المدعى فى الدعوى رقم 52 لسنة 22 ق أسيوط وذلك بموجب كتابها رقم 80 بتاريخ 16/2/1991 أى قبل صدور القرار رقم 57 لسنة 1991 بتاريخ 26/3/1991 الصادر بتعيين زملائه فضلا عن أن الحكم الصادر فى الدعوى المشار إليها قاطع فى إلزام مديرية التربية والتعليم بالمنيا بقيمة التعويض وليس لجامعة المنيا أى إلزام به باعتبار أن مديرية التربية والتعليم هى التى أصدرت القرار رقم 57 لسنة 1991 المشار إليه وأن خطأ الطاعنين مرفقى وليس شخصي.
وبجلسة 9/4/2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه وشيدت قضاءها على سند من أن الثابت بالأوراق أن قسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة المنيا كلف من قبل وزارة القوى العاملة بإعداد كشوف بأسماء الخريجين لعام 1988 لتعيينهم عن طريق القوى العاملة تنفيذا لأحكام القانون رقم 85 لسنة 1973 وبناء عليه أرسلت الكلية فى غضون شهر أكتوبر سنة 1988 كشفا بأسماء خريجى قسم الجغرافيا عام 1988 وقد تضمن هذا الكشف أسم / مراد نجيب غالى بدلا من ، عفيفى متى غالى وهو الاسم الصحيح وبتاريخ 16/2/1991 تداركت الكلية هذا الخطأ وأرسلت كتابها رقم 80 إلى القوى العاملة بالاسم الصحيح وهو عفيفى متى غالى ثم صدر عقب ذلك القرار رقم 57 فى 16/3/1991 بتعيين خريجى عام 1988 بقسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة المنيا بوظيفة مدرس إعدادى (ب) ولم يتضمن القرار اسم المدعى عفيفى متى غالى فأقام الدعوى المطعون على حكمها وبجلسة 26/5/1997 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعى فى التعيين فى وظيفة مدرس إعدادى (ب) بالمجموعة النوعية التخصصية لوظائف التعليم من الدرجة الثالثة اعتبارا من 1/10/1990 وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى تعويضا مقداره خمسة آلاف جنيه وإلزامها المصروفات.
فأحيل أمر الحكم بالتعويض إلى الشئون القانونية بالجامعة التى رأت إحالته للنيابة الإدارية بالمنيا حيث أجرت فيه الأخيرة تحقيقا وأوصت بتحميل الطاعنين قيمة التعويض مناصفة على سند من القول بأنهما تسببا بخطئهما فى عدم تعيين المدعو/ عفيفى متى غالى والذى قضت المحكمة بتعويضه.
وأضافت المحكمة بأن الطاعنين تداركا الخطأ المادى الذى وقع فى اسم / عفيفى متى غالى وخاطبت الجامعة القوى العاملة بكتابها رقم 80 فى 26/2/1991 وذلك قبل صدور القرار رقم 57 لسنة 1991 فى 26/3/1991 والذى تضمن تخطى المذكور فى التعيين على النحو السالف بيانه ثم أعقب ذلك تظلمه من القرار المشار إليه وإقامته الدعوى رقم 52 لسنة 22 ق أمام المحكمة الإدارية بأسيوط وظلت القوى العاملة ومن بعدها مديرية التربية والتعليم بالمنيا على موقفها الرافض لتعيينه وهو ما ترى معه المحكمة أن خطأ الطاعنين لا يمثل سوى حلقه فى دائرة المساهمين فى الامتناع عن تعيين المدعى فى الدعوى رقم 52 لسنة 22 ق بل أن هذا الخطأ تم تداركه فى وقت كان فى مكنة القوى العاملة ومن بعدها مديرية التربية والتعليم أن تعيد تصحيح هذا الخطأ المادى وأن يسارعا فى إصدار قرار تعيينه إعمالا لصحيح حكم القانون ومع ذلك ظلت المحكمة تنظر الدعوى المشار إليها ما يزيد على أربع سنوات متصلة ومن قبل مضى أكثر من عام على أخطارها بالاسم الصحيح للمذكور سلفا إلا أن المختصين بوزارة القوى العاملة والتربية والتعليم بالمنيا أغمضوا أعينهم وصموا آذانهم عن صوت الحق ورايته وتمسكا بوضع لا جدال فى أنه مخالفا لصحيح حكم القانون وهو ما دفع المحكمة إلى القضاء بالتعويض بالمبلغ المشار إليه على أساس ما ضاع على المدعى من راتب خلال الفترة من صدور قرار التعيين وحتى الحكم فى الدعوى وكذا الأضرار النفسية وقد كان فى مكنة وزارة القوى العاملة والتربية والتعليم أن يتجنبا ذلك بعدما صححت الجامعة الأوضاع وأعادت الأمر – فى وقت تراه المحكمة مناسبا – إلى نصابها الصحيح، ومن ثم فإن قرار تحميل الطاعنين مناصفة بمبلغ خمسة آلاف جنيه قد وقع مخالفا للقانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل هو أن الحكم المطعون عليه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله استنادا إلى عدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون الخاصة بقرارات التحميل إذ تختص به محكمة القضاء الإداري، إضافة إلى أن الخطأ المنسوب للمطعون ضدهما خطأ شخصى كان نتيجة عدم مراعاتهما الدقة الكاملة لأداء واجبات وظيفتيهما.
كما أن الطاعن بصفته قام بعرض الموضوع على إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة والتى انتهت إلى تحميل المطعون ضدهما قيمة هذا التعويض وعليه فقد صدر القرار بتحميلهما ومن ثم يكون الحكم المطعون عليه قد فسر القانون على نحو خاطيء متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه وفقا لنص المادة 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن العامل لا يسأل فى ماله الخاص إلا عن الخطأ الشخصى وأن الخطأ يعتبر كذلك إذا تبين أن الموظف لا يعمل للصالح العام أو كان مدفوعا بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيما حتى ولو لم يعمل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات ففى مثل هذه الحالات يعتبر خطأ الموظف من الأخطاء الشخصية ويسأل عنها فى ماله الخاص ويحق للجهة الإدارية اقتضاء قيمة ما لحقها من أضرار بسبب هذا الخطأ.
ومن حيث إنه لما كان ذلك كذلك – وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما نسب إليهما قيامهما بتحرير كشوف خريجى قسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة المنيا لعام 1988 على النحو الموضح سلفا وقد قاما بكتابة اسم / مراد نجيب غالى بدلا من عفيفى متى غالى وعند تدارك هذا الخطأ قاما بتصحيح الاسم وأخطار وزارة القوى العاملة بذلك التصحيح والتى لم تقم بدورها بالإجراء الفورى لتصحيح الاسم مما حدا بوزارة التربية والتعليم بإصدار قرارها بتعيين خريجى الآداب قسم الجغرافيا عام 1988 حتى عام 1991 دون تضمنه الاسم الصحيح عفيفى متى غالى مما حدا بالمذكور إلى إقامة الدعوى رقم 52 لسنة 22 ق وقد صدر الحكم بجلسة 26/5/1997 بإلغاء قرار تخطيه فى التعيين وبإلزام الجهة الإدارية بتعويضه بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
ومن ثم فإن ما نسب للمطعون ضدهما لم يكن صادا منهما عن تردة أو قصد وإنما من قبيل الأخطاء المادية وزلات القلم والتى تواترت عليها أقلام الموظفين بالمصالح الحكومية بسبب كثرة العمل تارة أو ضعف مستوى أداء العامل تارة أخرى وليس مدفوعا بدافع شخصي، ومن ثم يعد ما صدر عن الطاعنين من قبيل الخطأ المرفقى الذى لا يسأل عنه العامل فى ماله الخاص حال كونهما قد أسرعا بتصحيح الاسم فور علمهما بالخطأ المادى الذى وقع فى الكشوف نتيجة تظلم السيد/ عفيفى متى غالى والصادر لصالحه حكم التعويض قبل إقامة دعواه. وقد أشار الحكم المطعون عليه – وبحق – إلى عدم مسئولية الجامعة وحدها عن هذا الخطأ بل اشتركت فيها وزارتى القوى العاملة والتربية والتعليم فى هذا الخطأ وقد صدر الحكم فى الدعوى رقم 52 لسنة 22 ق بجلسة 26/5/1997 بإلزام الجهة الإدارية بتعويض الطاعن بمبلغ خمسة آلاف جنيه حال كون الدعوى مقامة ضد جامعة المنيا ووزارتى القوى العاملة والتربية والتعليم مما كان يتعين تنفيذ الحكم بإلزام الثلاث جهات بالتساوى فيما بينهم بقيمة التعويض المحكوم به أو إعادة الحكم إلى المحكمة التى أصدرته لتفسير الحكم فيما يتعلق بالجهة الإدارية الملزمة بسداد قيمة التعويض حال كون المحكمة لم تحدد هذه الجهة، وهو ما لم يحصل.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد ذهب إلى ما تقدم فإنه يكون أصاب حكم القانون، ويضحى النص عليه بالمخالفة للقانون فى غير محله، مما تقضى معه المحكمة برفض الطعن.
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع برفضه.