جلسة 17 من إبريل سنة 2010
الطعن رقم 8600 لسنة 46 القضائية عليا
(الدائرة الخامسة)
الإجراءات التي تتخذها الإدارة حيال المخالفة– مخالفة البناء بدون ترخيص مخالفة عينية مرتبطة بالعقار المخالف ذاته، لكن يجب أن تكون لمن صدر القرار ضده صلة بالعقار؛ لأن صدور قرار بإيقاف الأعمال أو إزالتها في مواجهة شخص معين تترتب عليه نتائج خطيرة بالنسبة له– إذا صدر القرار في مواجهة من لا صلة له بالعقار فإنه يكون واجب الإلغاء فيما تضمنه من صدوره في مواجهته.
المواد (4) و (15) و (16) من القانون رقم (106) لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى عدا المادة 13 مكررا منه بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء).
في يوم الأحد الموافق 9/7/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الثالثة) بجلسة 22/5/2000 في الدعوى رقم 1020 لسنة 52 ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه في مواجهة المدعية، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت هيئة قضايا الدولة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إداريًا إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا: (أصليًا) بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، و(احتياطيا): برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدها المصروفات في الحالتين.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة (الدائرة الخامسة) على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 8/2/2010 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 13/2/2010 التي نظرته بتلك الجلسة، وبجلسة 20/3/2010 التي تم إخطار المطعون ضدها بها بالكتاب رقم 8067 المؤرخ في 23/2/2010، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وقد استوفى جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه في أنه بتاريخ 27/11/1997 أقامت المدعية (المطعون ضدها) الدعوى رقم 1020 لسنة 52ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد المدعى عليهم (الطاعنين) بصفاتهم، طلبت في ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم (32) لسنة 1996 الصادر عن رئيس حي الجمرك فيما تضمنه من إيقاف الأعمال المبينة به، والمتمثلة في صب أساسات بدون الحصول على ترخيص بالعقار الكائن برقم (3) شارع كسفريت– قسم اللبان بمحافظة الإسكندرية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا.
……………………………………………………………………..
وقامت محكمة القضاء الإداري المذكورة بنظر الدعوى بجلساتها، وبجلسة 22/5/2000 أصدرت الحكم المطعون فيه الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه في مواجهة المدعية، وما يترتب على ذلك من آثار.
وشيدت المحكمة قضاءها –عقب استعراضها لنصوص المواد أرقام (4) و (11) و (15) و(16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983– على أسباب خلاصتها أن الثابت من الأوراق وطبقًا لما ذكرته المدعية بعريضة دعواها أن المدعية امرأة عجوز تبلغ من العمر مئة عام ولا تملك قوت يومها، وليس لها صلة بالعقار الصادر بشأنه القرار المطعون فيه، ولم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد صلة المدعية بالعقار المذكور أو تجري التحريات التي تدل على ذلك أو تقدم عكس ما تقدم، الأمر الذي لا تطمئن معه المحكمة إلى سلامة الإجراءات التي اتخذتها الجهة الإدارية ضد المدعية، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد جاء مخالفًا لأحكام القانون لصدوره ضد شخص غير ذي صفة، مما يتعين معه القضاء بإلغائه في مواجهة المدعية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، دون أن يخل ذلك بحق جهة الإدارة في تصحيح القرار من مثالبه وتنفيذه في مواجهة أصحاب الشأن الحقيقيين.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المتقدم.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى في ظل العمل بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1992 (الحاكم للنزاع الراهن باعتبار أن القرار المطعون فيه قد صدر خلال المجال الزمني للعمل بهذا القانون) أن المستفاد من استقراء نصوص المواد أرقام (4) و (15) و ( 16) من هذا القانون أن المشرع قد حظر على المخاطبين بأحكام هذا القانون إقامة المباني والأعمال الأخرى المنصوص عليها فيه أو لائحته التنفيذية دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وأنه في حالة مخالفة ذلك فإن هذه الجهة تصدر قرارًا مسببًا بوقف الأعمال المخالفة متضمنًا بيانًا بهذه الأعمال تعلن به ذوي الشأن إداريًا، وهذا الإيقاف ليس مقصودا في حد ذاته، إنما هو إجراء مؤقت، الهدف والغاية منه الاحتفاظ بالأمر الواقع كما هو وعدم السماح ومنع المخالف من التمادي والاستمرار في المخالفة مما يتعذر معه تدارك آثارها، وأناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم اتخاذ ما تراه من إجراءات لمنع الانتفاع بالأجزاء المخالفة أو إقامة أي أعمال بناء جديدة، كما يكون لهذه الجهة التحفظ على الأدوات والمهمات المستخدمة في ارتكاب المخالفة، كما أن لها أن تضع لافتة في مكان ظاهر بموقع العقار، مبينًا بها الأعمال المخالفة وما اتخذ في شأنها من إجراءات أو قرارات، على أن يكون المالك مسئولا عن إبقاء هذه اللافتة في مكانها واضحة البيانات إلى أن يتم تصحيح المخالفة أو إزالتها من المحافظ المختص أو من ينيبه بحسب الأحوال.
وأوجب المشرع على ذوي الشأن أن يبادروا إلى تنفيذ القرار الصادر بشأنهم بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تم إيقافها خلال المدة التي تحددها لهم الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، فإذا امتنعوا عن التنفيذ أو انقضت المدة دون إتمامه قامت الجهة المذكورة بالتنفيذ بنفسها أو بواسطة من تعهد إليه بذلك، مع تحميل المخالف جميع النفقات وتحصيلها منه بطريق الحجز الإداري، بالإضافة إلى تعرض المخالف للعقوبات الجنائية المنصوص عليها في المادة (22) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 5597 لسنة 43 ق عليا بجلسة 12/6/2004)
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بحي الجمرك بمحافظة الإسكندرية قد نسبت إلى المطعون ضدها القيام بصب أساسات دون الحصول على ترخيص منها على أرض العقار الكائن برقم (3) شارع كسفريت– قسم اللبان– محافظة الإسكندرية، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه، وبناء على ذلك أصدر رئيس حي الجمرك القرار رقم (32) لسنة 1996 المطعون فيه في مواجهة المطعون ضدها بإيقاف الأعمال المخالفة، في حين أن الثابت من دفاع المطعون ضدها أمام محكمة القضاء الإداري أنها لا تمتلك العقار الصادر بشأنه القرار المطعون فيه، كما أنها غير حائزة له بأية صورة من صور الحيازة القانونية أو الفعلية، كما أن جهة الإدارة الطاعنة لم تجحد ذلك أو تقدم عكس ما ذكرته المطعون ضدها، الأمر الذي يغدو معه صدور القرار المطعون فيه بإيقاف الأعمال المخالفة بالعقار محل النزاع في مواجهة المطعون ضدها على الرغم من انعدام صفتها تمامًا حياله، يكون والحال كذلك غير قائم على سند من حكم القانون، مما يتعين معه إلغاء هذه القرار في مواجهة المطعون ضدها، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون والواقع بلا مطعن عليه.
ولا ينال من ذلك ما أوردته هيئة قضايا الدولة بتقرير الطعن من أن قرار إيقاف الأعمال المخالفة قرار عيني يتعلق بالعقار محل الأعمال المخالفة بصرف النظر عن شخص مالكه، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر متفقًا وصحيح القانون؛إذ إنه مع التسليم بأن مخالفة البناء بدون ترخيص على نحو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة هي مخالفة عينية مرتبطة بالعقار المخالف ذاته، إلا أنه والذي لا شك فيه أن صدور قرار بإيقاف الأعمال في مواجهة شخص معين يترتب عليه نتائج خطيرة بالنسبة له، وتتمثل في إلزامه بالقيام بإزالة الأعمال التي تم إيقافها على نفقته الخاصة وتعرضه للحجز الإداري على أمواله في حالة التراخي في التنفيذ، وكذلك تعرضه للمساءلة الجنائية على النحو المنصوص عليها بالمادة (22) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه دون مسوغ قانوني، ومن ثم وترتيبًا على ذلك ومادامت الجهة الإدارية لم تثبت سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام هذه المحكمة أن المطعون ضدها لها صلة بالعقار محل النزاع أي أنها ليست مالكة له، فمن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون واجب الإلغاء فيما تضمنه من صدوره في مواجهة المطعون ضدها، الأمر الذي يغدو معه ما أوردته هيئة قضايا الدولة في هذا الخصوص غير قائم على سند صحيح من القانون، بما يستوجب القضاء برفض الطعن الماثل لانعدام سنده القانوني السليم، مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات تطبيقًا لحكم المادة رقم (270) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.