جلسة 30 من ديسمبر سنة 2007
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 8694 لسنة 51 القضائية عليا.
– شئون الأعضاء- بلوغ نهاية مربوط الوظيفة- استحقاق العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى وسائر البدلات المقررة لها.
المادة الأولى من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية- المادة (12) من القانون رقم (17) لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية- قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 والقرارات المعدلة له.
استثناء من الأصل استحدث المشرع طريقا استثنائيا للترقية المالية لأعضاء الهيئات القضائية، بمقتضاه يمنح من بلغ نهاية مربوط وظيفته العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى وسائر البدلات المقررة لها- هذه الترقية المالية تتم حكما بقوة القانون إعمالا لإرادة المشرع الذي اعتبر عضو الهيئة القضائية منذ بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته في مركز قانوني مماثل لشاغل الوظيفة الأعلى من الناحية المالية، مما يستتبع التسوية بينهما في جميع الوجوه المالية أيا كان مصدرها، سواء في المرتبات والبدلات المقررة في جدول المرتبات الملحق بقانون الهيئة القضائية أو في القانون رقم 36 لسنة 1975 والقرارات المنفذة له- أساس ذلك: أن الخدمات التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية في نطاق القانون الأخير لا تعتبر من أعمال التبرع- أثر ذلك: استحقاق نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية الذي بلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته مخصصات وظيفة رئيس الهيئة كاملة- تطبيق.
– ميعاد سقوط الحق.
حقوق الأفراد لا تسقط إلا في المواعيد التي يقررها المشرع ولو أنشئت تلك الحقوق بأداة أقل من التشريع- أثر ذلك: لا يجوز لقرار وزير العدل أن يحدد ميعادا جديدا لسقوط الحقوق المالية الناشئة لأعضاء الهيئات القضائية مخالفا لمواعيد التقادم أو السقوط الواردة في القوانين- تطبيق.
أقيم هذا الطعن يوم الثلاثاء الموافق 15/3/2005 حيث أودع الأستاذ/… بصفته وكيلا عن الطاعنين من الأول إلى الرابع تقريرا بالطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، حيث قيد بجدولها برقم 8694 لسنة 51 ق.عليا طالبين الحكم بأحقيتهم في اقتضاء الحافز الشهري المقرر بصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية بالفئة المحددة لرئيس هيئة النيابة الإدارية وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وجرى تحضير الطعن لدى هيئة مفوضي الدولة التي أودعت تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بأحقية الطاعنين في صرف المبلغ الشهري المقرر بمقتضى قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس هيئة النيابة الإدارية اعتبارا من تاريخ بلوغ مرتب كل منهم نهاية مربوط وظيفته، مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي.
وقد تدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبناء على صحيفة معلنة ومودعة سكرتارية المحكمة بتاريخ 14/6/2007 طالب كل من الطاعنين من الخامس حتى الرابع عشر التدخل هجوميا في الطعن مطالبين بذات الطلبات المقدمة من الطاعنين الأصليين. كما أودعت صحيفة معلنة ومقيدة بسكرتارية المحكمة بتاريخ 12/9/2007 طلب فيها كل من الطاعنين من الخامس عشر حتى السادس والعشرين التدخل هجوميا في الطعن، طالبين ذات الطلبات المقدمة من الطاعنين الأصليين.
كما قدم الحاضر عن الطاعنين وطالبي التدخل حوافظ مستندات تضمنت بيانات بالحالة الوظيفية لهم. وبجلسة 11/11/2007 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين حيث لم يودع أي من أطراف المنازعة مذكرات خلال الأجل المحدد.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه في تطبيق المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية يشترط لقبول التدخل الاختصامي أو الهجومي أن يدعي المتدخل لنفسه حقا، وقيام الارتباط بين الطلب الذي يسعى المتدخل للحكم لنفسه به وبين الدعوى الأصلية. ووجود هذا الارتباط هو الذي يبرر تقديم هذا الطلب. وحيث إن الجمع بين الطاعنين وطالبي التدخل الذين ترتكز طلباتهم على مسائل معينة، يشترك فيها الجميع ومصلحتهم جميعا تنصب في أمر واحد وتنبع من مركز قانوني واحد مشترك؛ أمر جائز، فقد أباح المشرع في قانون المرافعات التدخل وتعدد الخصوم.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعنين الأصليين في الطعن الماثل وطالبي التدخل يرتبطون جميعا بأمر واحد يحقق مصلحتهم في توجيه الخصومة في صورة مدعين متعددين وهو أمر سائغ قانونا، ومن ثم تكون طلبات تدخل الطاعنين من الخامس وحتى السادس والعشرين في الخصومة في الطعن الماثل مقبولة بعد أن استوفت طلبات تدخلهم الشروط القانونية.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنين يشغلون وظيفة (نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية) وأنه يصرف لهم من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية بدلات تقل عما يتقاضاه رئيس الهيئة بالرغم من بلوغ مرتباتهم للمرتب المقرر لرئيس الهيئة. وأنه عملاً بأحكام المادة (11) من القانون رقم 17 لسنة 1976 فإنه متى بلغ مرتب نائب رئيس الهيئة المرتب المقرر لرئيس الهيئة وجب مساواته به ومعاملته معاملة الأخير من كل الوجوه. ومقتضى تلك المساواة الشاملة والتامة ألا يمتاز رئيس الهيئة على النواب بشئ، لا في الأجر الأساسي أو المتغير أو الحوافز أو البدلات من أي نوع أو أي جهة. وقد انعكس الالتزام بهذا المبدأ على العديد من التطبيقات التشريعية، منها ما تقرر في مجال المعاشات التقاعدية، ومنها ما تقرر من الصندوق المطعون عليه الثاني بالنسبة لبدل العلاج المقرر؛ ذلك أن هذا هو مؤدى المساواة من كل الوجوه بين نواب رئيس الهيئة الذين بلغت مرتباتهم نهاية مربوط وظائفهم وبين رئيس الهيئة امتثالا للحظر الذي فرضه المشرع على أن يعامل أي من هؤلاء معاملة استثئنائية بأية صورة. وإنه إذا كان المشرع قد فصل بين المستوى الوظيفي والمستوى المالي إلا أنه قرر أنه بالرغم من بقاء المستوى الوظيفي دون انتقال الترقية إلى ما يعلوها فإن شاغله ينتقل إلى المستوى المالي التالي ويعامل معاملة شاغله من كل الوجوه. وكان خليقا بالصندوق أن يلتزم بتلك القاعدة ولا يخرج عنها، فلا يمايز في المعاملة بين رئيس هيئة النيابة الإدارية وبين نوابه وسائر المستشارين فيما يقرره لهم من مزايا مالية من أي نوع.
وقد ردت الجهة الإدارية على الطعن بأنه من المقرر أن القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية قد عهد إلى وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية أمر بيان ماهية الخدمات التي يؤديها الصندوق لأعضائه من أعضاء الهيئات القضائية وبيان تفصيلها وتحديد ضوابطها ليصدر في شأنها ما يناسبها من القرارات التي يوافق عليها المجلس الأعلى للهيئات القضائية، ويجب بالتالي أن يكون إنفاذ الخدمات التي يقدمها وما يترتب عليها من أعباء يتحملها متطورا ومرتبطا دوما بموارده. وقد صدر قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية متضمنا تحديد الأغراض التي يقوم عليها هذا الصندوق ووسائل تنفيذها ومتابعتها وصور الخدمات الصحية والاجتماعية التي يقدمها ومداها وما يخرج عن نطاق ما يتحمله الصندوق من تكلفتها، ثم صدر قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 ناصا في مادته الأولى على أن:” يصرف للسادة أعضاء الهيئات القضائية من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية مبلغ شهري بنسبة مقدارها أربعون في المئة من بداية ربط الدرجة الوظيفية التي يشغلها العضو والمبينة بجداول المرتبات الملحقة بقوانين الهيئات القضائية”. وتقرر زيادة نسبة المبلغ المقتضى صرفه بقرارات وزير العدل أرقام 6916 لسنة 1991 و 118 لسنة 1993 و 810 لسنة 1994 و 3890 لسنة 1995 و 650 لسنة 2003 و 458 لسنة 2004، وقد حددت هذه القرارات بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية قواعد وضوابط مقدار المبلغ الشهري الذي تقرر صرفه لأعضاء الهيئات القضائية بنسب ثابتة هي بداية ربط الدرجة الوظيفية التي يشغلها العضو، وهي نسب لا تتغير بما يطرأ على مرتب العضو بسبب العلاوات الاجتماعية أو العلاوات الدورية أو بسبب استحقاق العضو العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى والبدلات المقررة لها لبلوغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها إعمالاً للبند عاشراً من قواعد تطبيق جدول المرتبات المضاف بالقانون رقم 17 لسنة 1976 طالما بقي العضو في وظيفته ولم يرق إلى الوظيفة الأعلى مباشرة، فالعبرة إذن في تحديد بداية هذا المبلغ هي بداية مربوط الوظيفة التي يشغلها العضو فعلاً وليس بالراتب الفعلي الأساسي الذي يتقاضاه، فيتعين في هذا المجال التفرقة بين المستوى الوظيفي والمستوى المالي فالعضو يبقى في مستواه الوظيفي إلى أن يرقى إلى الدرجة الأعلى، في حين أن المستوى المالي يتغير وقد يصبح العضو في ذات المستوى المالي للدرجة دون أن يؤثر ذلك في مستواه الوظيفي أو في بداية مربوط الدرجة التي يشغلها حسبما وردت في جداول المرتبات، وهذا ما جرى به قضاء محكمة النقض (دائرة طلبات رجال القضاء) في الطلب رقم 64 لسنة 69 ق بجلسة 13/1/2004، وأن الطاعنين يشغلون وظيفة (نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية) المدرج لها في جداول المرتبات مربوط متدرج، ومن ثم يكون المربوط المقرر لهذه الوظيفة هو الأساس في حساب المبلغ الشهري المقرر لهم بموجب قرارات وزير العدل سالفة البيان. ولا عبرة بما قد تصل إليه مرتباتهم لتتساوى مع مرتب الدرجة الأعلى وهي درجة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية إعمالاً للبند ثامناً من قواعد تطبيق جدول المرتبات، طالما بقي العضو في درجته ولم يرق إلى الوظيفة الأعلى، ويضحى طلب احتسابه على أساس المرتب الأساسي الذي يتقاضاه باعتباره مرتب الوظيفة الأعلى قد جاء على غير سند من القانون متعين بالرفض.
ومن حيث إن القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية نص في مادته الأولى على أن: “ينشأ بوزارة العدل صندوق تكون له الشخصية الاعتبارية تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين للهيئات القضائية.. ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية”.
وقد صدر قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 ناصاً في مادته الأولى على أن: “يصرف للسادة أعضاء الهيئات القضائية من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية مبلغ شهري بنسبة مقدارها 40% من بداية ربط الدرجة الوظيفية التي يشغلها العضو والمبينة بجداول المرتبات الملحقة بقوانين الهيئات القضائية” وقد عدلت نسبة المرتب الشهري بقرارات وزير العدل أرقام 6916 لسنة 1991 و 1118 لسنة 1993 و 810 لسنة 1994و 3890 لسنة 1995 و 650 لسنة 2003 و 458 لسنة 2004.
وحيث تنص الفقرة الأخيرة من قواعد مرتبات الهيئات القضائية المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 على أن: “يستحق العضو الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها، بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق البدلات المقررة لهذه الوظيفة…”.
وقضت المادة 12 من القانون رقم 17 لسنة 1976 المشار إليه بأن يستمر العمل بقواعد جداول المرتبات الملحقة بكل من قانون السلطة القضائية وقانون مجلس الدولة والقانون رقم 89 لسنة 1973 والقانون رقم 88 لسنة 1973 فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون.
ومن حيث إن البين من النصوص المتقدمة أن الأصل أن كل من يعين في إحدى المناصب القضائية يستحق المرتب والبدلات المقررة قرين منصبه في جدول المرتبات الملحق بالقانون المنظم للهيئة القضائية التي ينتمي إليها، كما يستحق البدلات والمزايا الأخرى التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل طبقاً لأحكام القانون رقم 36 لسنة 1975 المشار إليه.
واستثناء من هذا الأصل استحدث المشرع بالقانون رقم 17 لسنة 1976 طريقا استثنائيا للترقية المالية بمقتضاه يمنح من بلغ نهاية مربوط وظيفته العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى وسائر البدلات المقررة لها، وهذه الترقية المالية تتم حكماً بقوة القانون إعمالاً لإرادة المشرع الذي اعتبر عضو الهيئة القضائية منذ بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته في مركز قانوني مماثل لشاغل الوظيفة الأعلى من الناحية المالية، ويصير مستحقاً لذات المعاملة المالية لشاغل تلك الوظيفة، ويستحق مخصصاته المالية بحيث يغدو في ذات المستوى المالي للمنصب الأعلى ويتساوى معه تماماً في المعاملة المالية، مما يستتبع التسوية بينهما من جميع الوجوه المالية في المزايا المالية أيا كان مصدر هذه المزايا، ويعاملان معاملة مالية واحدة سواء في المرتبات والبدلات المقررة في جدول المرتبات الملحق بقانون الهيئة القضائية أو في القانون رقم 36 لسنة 1975 والقرارات المنفذة له، ذلك أن الخدمات التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية في نطاق القانون الأخير لا تعتبر من أعمال التبرع التي يقدمها الصندوق لمستحقيها، بل توخى المشرع بتقريرها أن تعينهم على تهيئة أسباب الحياة الكريمة والمستوى اللائق الذي يعين القاضي على النهوض برسالته السامية وواجبه المقدس في ثقة واطمئنان، وهو أمر حرصت على توفيره لرجال القضاء كافة النظم القضائية في العالم بتقرير معاملة مالية خاصة لرجال القضاء، تتفق وما تمليه عليهم مناصبهم وأسلوب حياتهم من تكاليف وأعباء جسام بما يحفظ للقضاء هيبته ومكانته، وبالتالي فإن البدلات والمزايا المقررة بقرارات وزير العدل طبقاً لأحكام القانون رقم 36 لسنة 1975 تخضع لذات الاستثناء الذي قرره المشرع بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بحيث كلما تحقق التماثل بين ما هو مقرر لشاغل الوظيفة القضائية وإحدى الوظائف التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المرتبات والبدلات أو المعاشات حق لشاغل الوظيفة القضائية أن يعامل ذات المعاملة للوظيفة المعادلة.
وبناء عليه، فإن نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية يستحق المبلغ الشهري المنصوص عليه بقرار وزير العدل بالنسبة المقررة به، منسوبة إلى بداية ربط وظيفة نائب رئيس الهيئة، فإذا بلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته استحق مخصصات وظيفة رئيس الهيئة كاملة، وأضحى الربط المالي لوظيفة رئيس الهيئة هو الربط الذي تحسب على أساسه كافة العلاوات والبدلات والمزايا المالية التي تمنح لنائب رئيس الهيئة الذي بلغ راتبه مربوط الوظيفة الأعلى ما لم ينص صراحة على استبعاد هذا الأساس عند منح المزايا المالية الأخرى.
فإذا ما نص قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة1989 والقرارات المعدلة له على منح أعضاء الهيئات القضائية – ومن بينهم نواب رئيس هيئة النيابة الإدارية – مبلغاً شهرياً بنسبة معينة من بداية ربط الدرجة الوظيفية التي يشغلها العضو، وأحال في بيان تلك الدرجة إلى جدول المرتبات الملحق بقانون كل هيئة قضائية، فإن مقتضى ذلك أن يتغير حساب النسبة المشار إليها بتغير حساب الربط المالي للوظيفة، والذي أصبح ببلوغه ربط الوظيفة الأعلى من الناحية القانونية والعملية ربطاً مالياً جديداً تحسب على أساسه البدلات والعلاوات ما لم ينص على غير ذلك صراحة. وإذا كان المبلغ الشهري المقرر بقرار وزير العدل لا يعدو أن يكون بدلاً لارتباطه وجوداً وعدما بالوظيفة التي يشغلها العضو ولا يتأثر صعوداً أو هبوطاً بكفايته أو عمله أو قدرته على الإنجاز كما أو نوعا، فإن الأمر يستوجب حساب المبلغ الشهري المشار إليه على ذات الأساس الذي تحسب به البدلات وهو مربوط الدرجة الأعلى، ولقد كان مصدر القرار بصيراً بجدول المرتبات في قوانين الهيئات القضائية والقواعد المرتبطة بها والتي أضحت أصلاً ثابتاً وعلى اختلاف القوانين في المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية، واختار أن يربط صرف النسبة المقررة من المبلغ الشهري على النحو الوارد بجداول المرتبات دون أن ينص صراحة على استبعاد القواعد المرتبطة بتطبيقه أو يختار طريقة أخرى لحساب المبلغ الشهري الذي قرر صرفه، الأمر الذي يؤكد اتجاه إرادة مصدر القرار إلى اتخاذ الربط المالي كما جاء بجداول المرتبات والقواعد المرتبطة بها أساساً لحساب المبلغ الشهري المشار إليه.
ولا يبعد ذلك عما قررته المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق بجلسة 3/3/1990 من أنه: … ولما كان بلوغ نائب رئيس محكمة النقض نهاية مربوط وظيفته موجباً لاستحقاقه المرتب وبدل التمثيل المقررين لوظيفة رئيس محكمة النقض فإنه يعتبر منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز قانوني يماثل من الناحية المالية رئيس محكمة النقض ويصير مستحقاً لمعاملته ذات المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض، فقد غدا في ذات المستوى المالي لدرجته ويتساوى معه تماماً في المعاملة المالية، ومن ثم فإنه متى كان الأمر يتعلق بترقية مالية استحدثها القانون رقم 17 لسنة 1976 وبمقتضاها أضحى نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية الذي بلغ مرتبه نهاية وظيفته مستحقاً لمرتب وبدلات رئيس الهيئة فإن الترقية المالية لا بد وأن تنتج آثارها في استحقاقه سائر البدلات والمزايا الوظيفية منسوبة إلى ربط الوظيفة الأعلى وإلا أضحت بعض البدلات (بدل التمثيل) مستحقا بفئة رئيس الهيئة وبعضها الآخر منسوباً إلى وظيفة نائب رئيس الهيئة، وهو ما يأباه المنطق القانوني ويخالف صريح الحكم المستحدث بالقانون رقم 17 لسنة 1976 الذي قرر استحقاق نائب رئيس الهيئة القضائية لجميع بدلات الوظيفة الأعلى، وهو حكم مطلق يستعصي على التقييد بأداة أدنى من القانون بعد أن غدا هذا الحكم أصلاً ثابتاً ينتظم المعاملة المالية في المرتبات والبدلات لجميع أعضاء الهيئات القضائية، سواء تقررت هذه المعاملة المالية في جدول المرتبات الملحق بقوانين الهيئات القضائية أو في تشريعات أخرى تنتظم أي معاملة تخصهم.
ومن حيث إن الطالبين يشغلون وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية وبلغ كل منهم نهاية ربط وظيفته واستحق مرتب وبدلات رئيس الهيئة وأضحي كل منهم في مركز قانوني يماثل رئيس الهيئة في المستوى المالي، فقد حقت مساواتهم برئيس الهيئة في سائر جوانب المعاملة المالية، الأمر الذي يستوجب الحكم بأحقيتهم في تقاضي المبلغ الشهري المقرر بقرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس الهيئة، مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي فيما يتعلق بالفروق المالية من تاريخ بلوغ كل منهم نهاية مربوط وظيفته.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي بسقوط الحق المذكور بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة الأولى من قرار وزير العدل رقم 7871 لسنة 1989 الذي قرر سقوط الحقوق الناشئة عن قانون صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية والقرارات المنظمة له بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ استحقاقها فيما عدا إعانة نهاية الخدمة فتسقط بمضي خمس سنوات؛ فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن حقوق الأفراد لا تسقط إلا في المواعيد التي يقررها المشرع ولو أنشئت تلك الحقوق بأداة أقل من التشريع، ومن ثم فلا يجوز لقرار وزير العدل أن يحدد ميعاداً جديداً لسقوط الحقوق المالية الناشئة لأعضاء الهيئات القضائية تخالف مواعيد التقادم أو السقوط الواردة في القوانين، فإذا كان المبلغ الشهري المشار إليه هو من الحقوق الدورية المتجددة التي تستحق شهراً فشهر، فإن هذه الحقوق لا تسقط إلا بمضي خمس سنوات من تاريخ استحقاقها طبقاً لما نص عليه القانون المدني وقانون المحاسبة الحكومية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بأحقية الطاعنين في صرف المبلغ الشهري المقرر بمقتضى قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس هيئة النيابة الإدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي.