جلسة 18 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. فاروق عبدالبر السيد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، ومحمود محمد صبحى العطار، وعطيه عماد الدين نجم، ومحمد عبدالحميد أو الفتوح.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد محمود حسن خالد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8822 لسنة 45 قضائية عليا
ـ تعيين ـ ضم مدة الخبرة السابقة ـ التفرقة بين التعيين وإعادة التعيين.
المادتان (23)، (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
المشرع فى هذا القانون وضع نظامين يختلف كل منهما عن الآخر فى أحكامه والآثار المترتبة عليه، أحدهما ما أوردته المادة (23)، حيث أجازت إعادة تعيين العامل فى الوظيفة التى كان يشغلها قبل ترك الخدمة أو فى وظيفة أخرى مماثلة سواء فى ذات الوحدة التى كان يعمل بها أو فى وحدة أخرى بذات أجره الذى كان يتقاضاه قبل انتهاء خدمته، مع الاحتفاظ له بأقدميته فى الوظيفة السابقة، وثانيهما ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 27 فيما أوردته من كيفية معاملة من يُعيَّن ابتداءً فى إحدى الوظائف وله مدة خبرة سابقة تتفق معها من حيث طبيعتها، وزائدة عن المدة اللازمة لشغلها فحينئذ يتعين احتساب هذه المدة للعامل على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة علاوة بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها، وعليه فإن المادة (23) المشار إليها قد نظمت حالة من يعاد تعيينه وكيفية معاملته، ومقتضى حكم هذه المادة أنه يجب إسقاط المدة من تاريخ ترك الوظيفة حتى تاريخ إعادة تعيينه ويقتصر إفادة العامل من وضعه السابق على الاحتفاظ بمرتبه السابق وبأقدميته السابقة، ومتى كان ذلك، وإذ كان لكل من هاتين المادتين حكمها الخاص بها ومجال إعماله، ومن ثَمَّ فإنه لا يجوز الخلط بين هذين الحكمين وتطبيقهما على حالة واحدة، فمن طُبِّق عليه أحد الحكمين خرج من مجال تطبيق الحكم الآخر ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 27/9/1999 أودع الأستاذ/ حامد السيد عفيفى يونس، المحامى، بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة، تقرير الطعن الماثل، فى حكم محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة التسويات والجزاءات ـ الصادر بجلسة 29/7/1999 فى الدعوى رقم 10239/49ق ، والذى قضى: أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب المدعى إلغاء القرار رقم 147 لسنة 1983 بتاريخ 31/8/1983 لرفعها بعد الميعاد.
ثانياً: بقبول طلب المدعى تسوية حالته طبقاً لنص المادة 27 من القانون رقم 47/1978 وقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547/1983 شكلاً ، ورفضه موضوعاً، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بالتقرير ـ الحكم: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصليًا: بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 147 بتاريخ 31/8/1983، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتسوية حالته من أجر وترقية أسوةً بالمعينين معه وفق ما جاء بطلباته أمام محكمة أول درجة واعتبار مدة الانقطاع كمدة خدمة فى ذات العمل، خاصة وأنه قد أداها فى عمل نظير بدولة عربية وتسوية حالته كأثر لذلك، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بتاريخ 29/9/1999.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، والتى قررت بجلسة 24/12/2001 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الثانية ـ لنظره بجلسة 26/1/2002.
وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة، وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 16/3/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/4/2002، ثُمَّ رُؤى إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 21/9/1995 أقام الطاعن الدعوى رقم 10239/49 ق ـ محل الطعن الماثل ـ ضد المطعون ضدهم، طالباً الحكم أصلياً، باعتبار القرار رقم 147 الصادر فى 31/8/1983 بإنهاء خدمته كأن لم يكن، واعتبار علاقة العمل لم تنقطع، وتسوية أجره وعلاواته وزيادة مرتبه وترقياته أسوة بزملائه.
واحتياطياً: اعتبار مدة الانقطاع ـ وهى مدة خبرة فى ذات العمل فى دولة عربية ـ مدة عمل متصلة، وتسوية حالته، مع ما يترتب على ذلك من آثار وظيفية وفروق مالية، تأسيساً على أنه يعمل أخصائياً اجتماعياً أول بالمدرسة الفنية المتقدمة التابعة لإدارة جنوب القاهرة التعليمية، وانقطع عن العمل فى المدة من 29/11/1980 حتى 31/8/1983، حيث كان يعمل خلالها بدولة ليبيا، ولدى عودته للعمل تقدم لجهة عمله بتاريخ 25/3/1995 طالباً بياناً بحالته ، فتبين له أنه أُنهيت خدمته بالقرار رقم 147 بتاريخ 31/8/1983، ثم أعيد تعيينه فى 11/10/1983، وهذا القرار صدر معيباً، إذ كان يتعين إنذاره عقب انقطاعه عن العمل، بحسبان ذلك إجراءً جوهرياً يترتب على إغفاله مخالفة القانون، كما يعد ذلك القرار قرارًا منعدمًا لكونه مستمراً فى عمله وتحصّن هذا الاستمرار فى رابطة علاقة العمل، فضلاً عن أنه إبان عمله بدولة ليبيا كان يعمل بذات أعمال وظيفته، وطبقاً لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 5547/1983 فإن تلك المدة تدخل فى حساب مدة الخبرة المنصوص عليها فى المادة (27) من القانون رقم 47/1978.
وبجلسة 29/7/1999 قضت المحكمة أولاً: بقبول الدعوى بالنسبة لطلب المدعى إلغاء القرار رقم 147/1983 لرفعها بعد الميعاد.
ثانياً: بقبول طلب المدعى تسوية حالته طبقاً لنص المادة (27) من القانون رقم 47
لسنة 1978، وقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547/1983 شكلاً ، ورفضه موضوعاً، وشيَّدت قضاءها بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 147/1983 على أن هذا القرار صدر بتاريخ 31/8/1983، ثُمَّ تقدم المدعى بطلب عودته للعمل، فصدر القرار رقم 399 بتاريخ 16/10/1983 بإعادة تعيينه، ثُمَّ صدر القرار رقم 69 بتاريخ 21/8/1988 بترقيته إلى الدرجة الثانية، وإذ مضى على صدور القرار المطعون فيه ما يزيد على اثنى عشر عاماً، ومن ثَمَّ تكون الدعوى بالنسبة لهذا القرار غير مقبولة شكلاً.
وبالنسبة لطلب تسوية حالة المدعى، فإن المذكور قد أعيد تعيينه طبقاً لحكم المادة (23) من القانون رقم 47/1978 بذات المرتب الذى كان يتقاضاه قبل إنهاء خدمته، ومن ثَمَّ يكون غير مخاطب بأحكام المادة (27) من ذات القانون.
وإذ لم يصادف هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن،فأقام الطعن الماثل، والذى شُيِّد على مخالفة الحكم المطعون فيه القانون، ذلك أنه لم يعلم بصدور القرار المطعون فيه فى حينه، وأن طلب عودته للعمل كان لاستلام العمل وليس لإعادة تعيينه، سيما وأنه لم يسبق إنذاره ولم يخطر بقرار فصله، وبالتالى تكون دعواه مقامة خلال الميعاد المقرر قانوناً، كما يحق له ضم مدة عمله بدولة ليبيا من 29/11/1980 حتى 31/8/1983 باعتبارها مدة خبرة، خاصة وأن جهة الإدارة لم تكن قد أنهت خدمته خلال هذه المدة.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته رقم 147/1983، فقد نصت المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972 على أنه: “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ويجب أن يُبت فى التظلم قبل مُضى ستين يوماً من تاريخ تقديمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر مُضى ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه، ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة”.
ومن حيث إن مؤدى هذا النص، أن ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة مصدرة القرار أو الهيئات الرئاسية، وفى هذه الحالة يكون ميعاد رفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية لتاريخ انقضاء الستين يوماً المقررة للبت فى التظلم.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن من العاملين بإدارة جنوب القاهرة التعليمية، وانقطع عن العمل من 29/11/1980، مما حدا بتلك الإدارة إلى إنهاء خدمته اعتباراً من تاريخ انقطاعه بموجب القرار رقم 147/1983، الصادر بتاريخ 31/8/1983 (المطعون فيه)، ثم صدر قرار الإدارة رقم 399/1983 بتاريخ 16/10/1983 بإعادة تعيينه، وبذلك يكون الطاعن قد علم علمًا يقينياً بقرار إنهاء خدمته منذ هذا التاريخ 16/10/1983، بيد أن المذكور لم يقم دعواه محل الطعن الماثل بطلب إلغاء هذا القرار إلا بتاريخ 21/9/1995، أى بعد انقضاء ما يقارب الاثنى عشر عاماً على تاريخ علمه بالقرار المشار إليه، ومن ثَمَّ تكون تلك الدعوى ـ بالنسبة لهذا الطلب ـ قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً، مما يتعين الحكم بعدم قبولها شكلاً.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن من أنه لم يسبق إنذاره بعد انقطاعه عن العمل، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن صدور قرار إنهاء الخدمة للانقطاع دون أن يسبقه إنذار العامل كتابةً، أو صدوره حال اتخاذ الإجراءات التأديبية قِبل العامل، فإن القرار يكون مخالفاً أحكام المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وبالتالى باطلاً، دون أن يؤدى هذا الأمر إلى انعدام القرار، ومن ثَمَّ يتعين التقيد فى هذا الصدد بالمواعيد المقررة لدعوى الإلغاء.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن تسوية حالته طبقاً لنص المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978، فقد استقر قضاء وإفتاء مجلس الدولة على أن المشرع فى هذا القانون وضع نظامين يختلف كل منهما عن الآخر فى أحكامه والآثار المترتبة، أحدهما ما أوردته المادة (23)، حيث أجازت إعادة تعيين العامل فى الوظيفة التى كان يشغلها قبل ترك الخدمة، أو فى وظيفة أخرى مماثلة سواء فى ذات الوحدة التى كان يعمل بها، أو فى وحدة أخرى بذات أجره الذى كان يتقاضاه قبل انتهاء خدمته، مع الاحتفاظ له بأقدميته فى الوظيفة السابقة، وثانيهما ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة (27) فيما أوردته من كيفية معاملة من يعين ابتداءً فى إحدى الوظائف وله مدة خبرة سابقة تتفق معها من حيث طبيعتها، وزائدة عن المدة اللازمة لشغلها فحينئذ يتعين احتساب هذه المدة للعامل على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة علاوة بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها، وعليه فإن المادة (23) المشار إليه قد نظمت حالة من يعاد تعيينه وكيفية معاملته، ومقتضـى حكــم هذه المادة أنه يجب إسقاط المدة من تاريخ ترك الوظيفة حتى تاريخ إعادة تعيينه، ويقتصر إفادة العامل من وضعه السابق على الاحتفاظ بمرتبه السابق وبأقدميته السابقة، ومتى كان ذلك، وإذ كان لكل من هاتين المادتين حكمها الخاص بها ومجال إعماله، من ثَمَّ فإنه لا يجوز الخلط بين هذين الحكمين وتطبيقهما على حالة واحدة، فمن طبق عليه أحد الحكمين خرج من مجال تطبيق الحكم الآخر، وبالتالى فإن من أعيد تعيينه إعمالاً لحكم المادة (23) خرج من مجال تطبيق حكم المادة (27) الآنفة الذكر، ويتحدد مركزه الوظيفى فى الوظيفة التى أعيد تعيينه بها طبقاً لحكم المادة (23) المشار إليها.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم ، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن بعد أن أنهيت خدمته للانقطاع، أعيد تعيينه فى وظيفته السابقة بموجب القرار رقم 399 لسنة 1983، الصادر فى 16/10/1983 بذات المرتب الذى كان يتقاضاه قبل إنهاء خدمته، وذلك طبقاً لأحكام المادة (23) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، ومن ثَمَّ لا يجوز تسوية حالته طبقاً لأحكام المادة (27) من هذا القانون، إذ إنه فى هذه الحالة يضحى من غير المخاطبين بأحكام هذه المادة، الأمر الذى يتعين معه رفض هذا الطلب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، قد أخذ بهذا النظر، وذهب إلى هذا المذهب، فمن ثَمَّ يكون قد صادف صحيح حكم القانون، مما يتعين الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.