جلسة 17 من مارس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف, وإبراهيم على إبراهيم, وعبد المنعم أحمد عامر, ومحمد لطفى عبد الباقى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد صالح عبد الوهاب
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن
أمين السر
الطعن رقم 889 لسنة 43 قضائية عليا
ـ البنك المركزى المصرى ـ الهيكل الوظيفى ـ الترقية لوظائف الإدارة العليا.
القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفى ولائحته التنفيذية
(المادة الأولى منها).
مفاد نصوص لائحة نظام العاملين بالبنك المركزى أن كل إدارة داخل المجموعة الوظيفية الواحدة تعتبر وحدة مستقلة بوظائفها على أن يكون مجال إعمال ذلك الاستقلال مقتصرًا على عدم مزاحمة الإدارات المختلفة بعضها البعض فى الترقية داخل درجات هذه الإدارة حيث تستقل كل إدارة بوظائفها ودرجاتها واقتصار الترقية فيها على العاملين بهذه الإدارة وحدهم حتى آخر درجة منها والتى تنتهى عند الدرجة الأولى ـ لا يتعدى هذا الاستقلال
إلى حالة الترقية إلى وظائف مجموعة الإدارة العليا باعتبارها مجموعة مستقلة ومختلفة عن باقى المجموعات ومن ثَمَّ يتزاحم على الترقية إلى وظائفها جميع شاغلى وظائف الدرجة الأولى بالإدارات المختلفة داخل المجموعة الوظيفية النوعية الواحدة التى تتوافر فيهم الشروط المقررة ـ أساس ذلك:أن المجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا هى مجموعة واحدة وأن التنافس على شغل وظائفها يكون من بين جميع شاغلى الدرجة الأولى بالمجموعات النوعية التخصصية الأدنى دون تحديد لمجموعة نوعية بذاتها وهذا كله مشروط بالضرورة بتوافر اشتراطات شغل الوظيفة الداخلة فى مجموعة وظائف الإدارة العليا ويرجع فى ذلك إلى بطاقة وصف هذه الوظيفة والمتضمنة واجباتها ومسئولياتها والتأهيل العلمى اللازم لها ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 7/12/1996 أودع تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعناً فى الحكم المشار إليه عاليه, والقاضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً, وبإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً وألزمت الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير طعنه ـ للأسباب الواردة به ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى محل الطعن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات .
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص والتى قررت بجلسة 30/12/2001 إصدار الحكم بجلسة اليوم, وفيها صدر بعد أن أودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق, فى أنه بتاريخ 7/11/1994 أقام الطاعن الدعوى رقم 559 لسنة 49ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 47 لسنة 1994 وما يترتب على ذلك من آثار منها أحقيته فى الترقية لوظيفة نائب مدير عام الإدارة العامة للحسابات بالإسكندرية اعتباراً من 1/7/1994 مع إلزام البنك المدعى عليه المصروفات.
وقال شرحًا لدعواه, إنه التحق بالبنك المدعى عليه فى 4/1/1959, ويشغل حالياً وظيفة مدير مساعد بالإدارة العامة للحسابات بالإسكندرية اعتباراً من 1/7/1989 وقد فوجئ بصدور القرار رقم 47 لسنة 1994 بترقية عدد من العاملين بالبنك, بينهم السيدة/ مديحه أحمد حسنى رضا ـ إلى وظيفة نائب مدير عام اعتباراً من 1/7/1994 دون أن يشمله هذا القرار, بالمخالفة لحكم القانون, بحسبان أنه أقدم فى الترتيب من المطعون على ترقيتها, وتظلم من هذا القرار فى 17/8/1994 وإذ لم يتلق ردًا على تظلمه فقد أقام دعواه للحكم له بالطلبات سالفة البيان.
وعقبت جهة الإدارة على الدعوى وطلبت الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن المطعون على ترقيتها تعمل بالإدارة العامة للأوراق المالية والقطن بفرع البنك المركزى بالإسكندرية بينما يعمل المدعى بالإدارة العامة للحسابات بذات الفرع, ولكل من الإدارتين هيكلها الوظيفى الخاص بها, ومن المقرر أن كل مجموعة وظيفية متميزة عن الأخرى فى مجال الترقية.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى رأت فيه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقية لوظيفة نائب مدير عام البنك.
وبجلسة 15/10/1996 حكمت المحكمة المذكورة بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً, وشيدت قضاءها تأسيساً على أن المستفاد من استقراء أحكام لائحة العاملين بالبنك المدعى عليه أن تقسيم المجموعات الوظيفية بالبنك يقوم على أساس وحدة البنك, وباعتبار أن جميع فروعه وإداراته وحدة واحدة ينظمها هيكل تنظيمى واحد دون اشتراط أن تكون الترقية داخل ذات الإدارة المرقى بها.
ويبنى على ذلك أن كل مجموعة من المجموعات الوظيفية الأربع بالبنك على مستوى جميع الفروع والإدارات تكون وحدة واحدة فى مجال الترقية, ومن ثَمَّ فلا يشترط أن تجرى الترقية داخل ذات الإدارة التى بها المرقى على نحو ما تذهب إليه الجهة الإدارية وإنما يتزاحم على الترقية إلى الوظائف الأعلى داخل كل مجموعة من تتوافر فيه الشروط المقررة من شاغلى الوظائف الأدنى بذات المجموعة فى جميع الإدارات والفروع, وعلى ذلك ولما كانت جهة الإدارة قد أجرت الترقية المطعون فيها على أساس أن كل إدارة من إدارات البنك تستقل عن الأخرى فى مجال الترقية ومن ثَمَّ فإن قرارها فى هذا الشأن يكون قد صدر بالمخالفة لأصل مقرر فى قانون البنك ولائحة العاملين, مما يتعين معه الحكم بإلغائه إلغاء مجرداً لتعيد الإدارة إجراء الترقية وفق أحكام القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وصحيح تأويله, تأسيسًا على أنه كان الثابت أن الطاعن هو الوحيد الذى تظلم من القرار المطعون فيه وطعن على ترقية السيدة المذكورة وقد ثبت أنه أقدم منها وتتوافر فى حقه كافة الشروط التى تؤهله وتميزه عنها فكان من الضرورى على المحكمة أن تفصل فى الدعوى بصفة نهائية فى ضوء ما تبين لها من عدم مشروعية ذلك القرار, خاصة وأنه الوحيد الذى نازع فى القرار المشار إليه, كما لم يقدم البنك دليلاً واحدًا على أن الترقيات تمت داخل مجموعة نوعية واحدة هى التى تعمل فيها المطعون على ترقيتها.
ومن حيث إن البين من مطالعة أحكام القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفى أن المادة (1) منه تنص على أن (البنك المركزى المصرى شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقاً للخطة العامة للدولة …….).
وتنص المادة (7) منه على أن (مجلس إدارة البنك هو السلطة المختصة بتصريف شئونه والمهيمنة على تنظيم السياسة النقدية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وإصدار القرارات بالنظم التى يراها كفيلة بتحقيق الغايات والأغراض التى يقوم على تنفيذها …….
وللمجلس فى سبيل ذلك إتخاذ الوسائل الآتية.
(أ) ……………………. (ب) ……………………. (ج) ……………………. (د) ……………………
(ي) اعتماد الهيكل التنظيمى للبنك بناءً على اقتراح المحافظ.
(ك) إصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل سفر لهم فى الداخل والخارج ………..
ومن حيث إنه تنفيذاً لذلك صدرت لائحة العاملين بالبنك المركزى واعتمدها مجلس إدارة البنك بجلسته المنعقدة فى 28/7/1977 وعمل بها اعتباراً من 1/7/1977، وبجلسة 10/12/1987 تم تعديل المادة الأولى من تلك اللائحة بحيث أصبح نصها يجرى على أنه تتكون الوظائف بالبنك من المجموعات الوظيفية الآتية:
أ ـ مجموعة وظائف الإدارة العليا.
ب ـ مجموعة الوظائف المصرفية والفنية.
ج ـ مجموعة الوظائف الحرفية ومراقبى الحراسة.
د ـ مجموعة وظائف معاونى الخدمة والحراسة.
هـ ـ مجموعة وظائف أخصائى الأمن.
ويضع مجلس الإدارة هيكلاً تنظيمياً للبنك متضمناً الإدارات التى يتكون منها الهيكل التنظيمى والمجموعات الوظيفية التى تشملها كل إدارة, وتكون كل إدارة وحدة مستقلة بوظائفها……..
وتنص المادة (11) من ذات اللائحة على أنه لا تكون الترقية إلى وظائف مجموعة وظائف الإدارة العليا والوظائف الإشرافية بالمجموعات الوظيفية الأخرى إلا لوظيفة خالية بالهيكل التنظيمى للبنك.
وتنص المادة (13) منها على أنه تكون الترقية بالاختيار بنسبة 100% وعلى أساس الكفاية والصلاحية وبشرط ألا يقل تقدير كفاية العامل عن جيد جداً فى السنتين الأخيرتين للترقية للوظائف النمطية …….. والحصول على تقدير كفاية ممتاز فى التقرير الدورى السابق عن السنتين الأخيرتين للترقية إلى وظيفة نائب مدير عام.
ويكون شغل الوظيفة بطريق الترقية من الوظيفة التى تسبقها مباشرة بعد قضاء المدد البينية الموضحة بالجدول رقم (2) المرفق ………….
ومن حيث إن المقصود من العبارة الواردة فى الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من لائحة نظام العاملين بالبنك المركزى من أن كل إدارة داخل المجموعة الوظيفية الواحدة تعتبر وحدة مستقلة بوظائفها أن يكون مجال إعمال ذلك الاستقلال مقتصراً على عدم مزاحمة الإدارات المختلفة بعضها البعض فى الترقية داخل درجات هذه الإدارة, حيث تستقل كل إدارة بوظائفها ودرجاتها واقتصار الترقية فيها على العاملين بهذه الإدارة وحدهم حتى آخر درجة بها والتى تنتهى عند الدرجة الأولى دون أن يتعدى هذا الاستقلال حالة الترقية إلى وظائف مجموعة الإدارة العليا باعتبارها مجموعة مستقلة ومختلفة عن باقى المجموعات ومن ثَمَّ يتزاحم على الترقية إلى وظائفها جميع شاغلى وظائف الدرجة الأولى بالإدارات المختلفة داخل المجموعة الوظيفية النوعية الواحدة التى تتوافر فيها الشروط المقررة.
وذلك طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن المجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا وهى مجموعة واحدة وأن التنافس على شغل وظائفها يكون من بين جميع شاغلى الدرجة الأولى بالمجموعات النوعية التخصصية الأدنى دون تحديد لمجموعة نوعية بذاتها وهذا كله مشروط بالضرورة بتوافر اشتراطات شغل الوظيفة الداخلة ـ فى مجموعة وظائف الإدارة العليا ـ ويرجع فى ذلك إلى بطاقة وصف هذه الوظيفة والمتضمنة واجباتها ومسئولياتها والتأهيل العلمى اللازم لها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم, ولما كان الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة أصدرت القرار رقم 47 لسنة 1994 وقد تضمن هذا القرار ترقية العاملين المذكورين به لشغل وظيفة نائب مدير عام بالإدارة العامة الموضحة قرين اسم كل منهم وذلك بمجموعة وظائف الإدارة العليا, ولما كان الواضح من القرار المطعون فيه وللأسباب الداعية إلى إصداره أن الترقية المطعون فيها تمت على أساس أن كل إدارة من إدارات البنك تستقل عن الأخرى فى مجال الترقية, ومن ثَمَّ فإن هذا القرار الطعين يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون ولائحة العاملين بالبنك وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة مما يتعين معه القضاء بإلغائه إلغاء مجرداً لتعيد جهة الإدارة الترقية وفق أحكام القانون.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب فإنه يكون موافقًا لصحيح القانون وبالتالى يكون النص عليه بالإلغاء غير قائم على أساس سليم خليقًا بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن فى تقرير طعنه من أنه كان يتعين على محكمة أول درجة بعد أن قضت بإلغاء القرار المطعون فيه أن تحكم بأحقيته فى الترقية للوظيفة موضوع النزاع خاصة وأنه أقدم من السيدة/ مديحة أحمد حسنى رضا ـ المطعون على ترقيتها, وأنه الوحيد الذى تظلم من قرار ترقية السيدة المذكورة وقد توافرت فى شأنه كافة الاشتراطات الوظيفية التى تؤهله وتميزه عن المطعون فى ترقيتها ـ فهذا القول مردود ـ بأن عدم تظلم الآخرين من القرار المطعون فيه وعدم منازعتهم فى ترقية السيدة المذكورة ليس معناه أن الطاعن هو الوحيد صاحب الحق فى المنافسة على شغل الوظيفة المشار إليها وإنما السبب فى ذلك هو ما ذهبت إليه جهة الإدارة من أن كل إدارة تستقل بوظائفها عند الترقية لوظائف الإدارة العليا, وعلى ذلك فإنه يتعين إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً لكى تقوم جهة الإدارة بإجراء الترقية لشغل تلك الوظيفة وفقًا لصحيح حكم القانون ولما جرى عليه قضاء هذه المحكمة, وهذا من شأنه أن يتزاحم على الترقية للوظيفة مثار النزاع جميع شاغلى الدرجة الأولى بالإدارات المختلفة داخل المجموعة الوظيفية الواحدة وليس الإدارة الواحدة ـ الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.