جلسة الأربعاء الموافق 29 من يناير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / محمد عبدالرحمن الجراح – رئيس الدائرة ، وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد شهاب و صبري شمس الدين محمد.
الطعن رقم 891 لسنة 2019 اداري
شكوى . قرار إداري . جهة إدارية . تأديب . إساءة استعمال السلطة . عقوبة ” تقديرها “. حكم ” تسبيب معيب “. نقض ” ما يقبل من الأسباب”.
– حق الشكوى يكفله القانون ويحميه الدستور . شريطة أن تكون الشكوى للسلطة المختصة التي تملك رفع الظلم ورد الحق إلى أصحابه.
– توجيه الشكوى إلى غير الجهات الأصلية المختصة أو اندفعت في عبارات خارجة تكيل الاتهامات بغير دليل تكون ضلت سبيلا وأخطأت هدفها وتستوجب مؤاخذه مقدمها.
– للسلطة التأديبية تقدير خطورة الذنب وبما يتناسب من جزاء بغير معقب عليها في ذلك شريطة ألا يشوبه إساءة استعمال السلطة أو غلو في تقدير العقوبة.
– الغلو . عدم التناسب بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره.
– مثال لتسبيب معيب لغلو يشوبه عدم المشروعية في القرار.
(الطعن رقم 891 لسنة 2019 اداري ، جلسة 29/1/2020)
____
لما كان من المقرر أن حق الشكوى يكفله القانون ويحميه الدستور ولممارسة هذا الحق شروط وأوضاع في مقدمتها أن تكون الشكوى للسلطة المختصة التي تملك رفع الظلم ورد الحق إلى أصحابه فإذا وجهت الشكوى إلى غير الجهات الأصلية المختصة أو اندفعت في عبارات خارجة تكيل الاتهامات بغير دليل فإنها تكون قد ضلت سبيلها وأخطأت هدفها وتستوجب مؤاخذة مقدم الشكوى تأديبيا إلا أنه في ذات الوقت ولئن كانت للسلطة التأديبية تقدير خطورة الذنب وبما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك فإن مناط مشروعية هذا التقدير ألا يشوبه إساءة استعمال السلطة أو غلو في تقدير العقوبة ومن صور هذا الغلو عدم التناسب بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره ، وأن هذا التناسب يكون في ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة من خلال الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها ، وبما مؤداه أن جسامة العمل المادي المشكل للمخالفة إنما ترتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على غفلة أو استهتار أو إهمال بتلك القائمة على عمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة إذ لا شك أن الأولى أقل جسامة من الثانية وهذا ما يجب أن يدخل في تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبي على ضوء ما يستخلصه استخلاصا سائغا من جماع أوراق الموضوع .
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعنة تم إحالتها إلى لجنة المخالفات لنشرها مقطعي فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تضمنا استغاثة وشكوى إلى ……….وقد احتوت مقاطع الفيديو على عبارات ( نحن مجموعة من الأطباء والصيادلة المواطنين لا يوجد من ينصفنا ) ، ( وأننا مهضوم حقنا)، ( هناك تعمد تطفيشنا من الوزارة ) ، وبناء على توجيه لجنة المخالفات تم إيقاف الطاعنة عن العمل احتياطيا وإجراء تحقيق معها ، ثم أوصت لجنة التحقيق بفصلها من الخدمة ، وأنه لئن كانت الشكوى المذكورة تضمنت اتهامات بغير دليل يؤيدها بما تكون معه قد ضلت سبيلها وأخطأت هدفها إلا أن القدر المتيقن من الأوراق أن ما ورد بالشكوى لم يكن وليد اختلاق من الطاعنة بدون أساس وإنما بناء على ما اتخذ ضدها من إجراءات تمثلت في سحب بعض صلاحيتها وما نسب إليها من مخالفات والتحقيق معها وأن قصد الطاعنة هو الإبلاغ عما تراه هي وفقا لقناعتها من إجراءات قانونية ضدها ولا يبين من هذا الشكوى أنها كانت مدفوعة بشهوة الإضرار بزملائها أو رؤسائها أو الكيد لهم على غير أساس من الواقع ومما يعضد ذلك أنها لم تحدد شخصا بعينه نسبت له هذه الاتهامات مما ينفي عنها شبهة الشكوى بقصد التطاول أو التشهير ويؤكد قصدها في رفع المخالفة عنها ولا يغير من ذلك ما انتهى إليه التحقيق من عدم سلامة الشكوى لأن العامل غير مطالب بأن يتمكن قبل تقديم الشكوى من إجراء بحث دقيق متعمق لايملك وسائله وتحري سائر أبعاده الأمر الذي يؤكد أن مسلكها كان بحسن نية منها حتى وإن شابه التهور والفساد في التقدير، وإن كان ما تقدم يجيز مؤاخذتها تأديبيا إلا أن المادة ( 83 ) من قانون الموارد البشرية تضمنت العديد من العقوبات المتدرجة ابتداء بلفت النظر ثم الخصم من الراتب ثم تنزيل الدرجة وانتهاء بالفصل من الخدمة ، إلا أن المطعون ضدها اختارت الجزاء الأشد وهو الفصل من الخدمة دون اختيار عقوبة أقل شدة تتناسب مع خطورة الذنب الإداري في ضوء الظروف والملابسات التي سبقت وعاصرت تحرير الشكوى وفي ضوء الاعتبار المعنوي المصاحب لارتكاب المخالفة الذي ينم عن غفلة وتهور وليس عن عمد بقصد التشهير والتطاول ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صاحبه غلو يشوبه بعدم المشروعية ويتعين ترتيبا على ذلك إلغاؤه ، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر ورفض طلب إلغاء قرار الفصل المطعون فيه الأمر الذي يوجب نقضه .
_____
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 177 لسنة 2017 إداري كلي أبوظبي اتحادي بتاريخ 8/8/2017 اختصمت فيها المطعون ضدها طالبة 1- الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمتها وإعادتها لعملها بنفس درجتها الوظيفية 2- إلغاء قرار خصم عشرة أيام من راتبها 3- صرف راتبها منذ إيقافه وحتى إعادتها لعملها مع صرف العلاوات والحوافز والمكافآت المقررة 4- ضم فترة عملها منذ إنهاء خدمتها حتى إعادتها لعملها 5- تعويضها عما لحق بها من أضرار من جراء تلك القرارات ، وعلى سبيل الاحتياط ندب خبير للاطلاع على المستندات في الدعوى . وقالت شرحا للدعوى إنه صدر القرار المطعون فيه بخصم عشرة أيام من راتبها وأنها تنعى على هذا القرار عدم قيامه على سببه الصحيح ، وأضافت أنه على إثر صدور هذا القرار استغاثت من مسلك المطعون ضدها إلى ……….إلا أن المطعون ضدها اعتبرت هذه الاستغاثة مخالفة تستوجب التحقيق معها وبناء عليه تم إيقافها عن العمل ثم صدر قرار بإنهاء خدمتها بالمخالفة للقانون وانتهت إلى طلباتها سالفة البيان .
وبجلسة 8/8/2017 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد.
استأنف الطاعنة الحكم المذكور بالاستئناف رقم 150 لسنة 2017 ، وبجلسة 14/11/2017 قضت محكمة أبوظي الاتحادية الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف .
أقامت الطاعنة الطعن رقم 27 لسنة 2018 أمام المحكمة الاتحادية العليا التي قضت بجلسة 27/6/2018 بنقض الحكم المطعون فيه وأمرت بإحالة القضية إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية لنظرها مجدداً بهيئة مغايرة .
وبجلسة 29/1/2019 قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم سماع الدعوى والقضاء مجدداً بسماعها وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها بهيئة مغايرة .
وبجلسة 20/8/2019 قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الابتدائية برفض الدعوى .
استأنفت الطاعنة الحكم المذكور بالاستئناف رقم 149 لسنة 2019 .
وبجلسة 5/11/2019 قضت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف ، فأقامت الطاعنة طعنها الماثل .
وحيث إن المحكمة نظرت الطعن في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره .
وحيث إن مما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن رقابة القضاء على سبب القرار الإداري تجد حدها الطبيعي فيما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجة من عدمه ، وأنه ولئن كانت للإدارة السلطة التقديرية في استخلاص هذه النتيجة إلا أن ذلك منوط بألا تسىء استخدام هذه السلطة ، والحال أن استغاثة الطاعنة إلى ……. الذي صدر بناء عليها القرار المطعون فيه بإنهاء الخدمة لم تمس أي من العاملين بالمطعون ضدها ولم يترتب عليها إيذاء أي منهم ومن ثم تكون المطعون ضدها قد أساءت استخدام سلطتها بإصدارها هذا القرار مما يستوجب إلغاؤه ونقض الحكم المطعون فيه .
وحيث إنه من المقرر أن حق الشكوى يكفله القانون ويحميه الدستور ولممارسة هذا الحق شروط وأوضاع في مقدمتها أن تكون الشكوى للسلطة المختصة التي تملك رفع الظلم ورد الحق إلى أصحابه فإذا وجهت الشكوى إلى غير الجهات الأصلية المختصة أو اندفعت في عبارات خارجة تكيل الاتهامات بغير دليل فإنها تكون قد ضلت سبيلها وأخطأت هدفها وتستوجب مؤاخذة مقدم الشكوى تأديبيا إلا أنه في ذات الوقت ولئن كانت للسلطة التأديبية تقدير خطورة الذنب وبما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك فإن مناط مشروعية هذا التقدير ألا يشوبه إساءة استعمال السلطة أو غلو في تقدير العقوبة ومن صور هذا الغلو عدم التناسب بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره ، وأن هذا التناسب يكون في ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة من خلال الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها ، وبما مؤداه أن جسامة العمل المادي المشكل للمخالفة إنما ترتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على غفلة أو استهتار أو إهمال بتلك القائمة على عمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة إذ لا شك أن الأولى أقل جسامة من الثانية وهذا ما يجب أن يدخل في تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبي على ضوء ما يستخلصه استخلاصا سائغا من جماع أوراق الموضوع .
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعنة تم إحالتها إلى لجنة المخالفات لنشرها مقطعي فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تضمنا استغاثة وشكوى إلى ……….وقد احتوت مقاطع الفيديو على عبارات ( نحن مجموعة من الأطباء والصيادلة المواطنين لا يوجد من ينصفنا ) ، ( وأننا مهضوم حقنا)، ( هناك تعمد تطفيشنا من الوزارة ) ، وبناء على توجيه لجنة المخالفات تم إيقاف الطاعنة عن العمل احتياطيا وإجراء تحقيق معها ، ثم أوصت لجنة التحقيق بفصلها من الخدمة ، وأنه لئن كانت الشكوى المذكورة تضمنت اتهامات بغير دليل يؤيدها بما تكون معه قد ضلت سبيلها وأخطأت هدفها إلا أن القدر المتيقن من الأوراق أن ما ورد بالشكوى لم يكن وليد اختلاق من الطاعنة بدون أساس وإنما بناء على ما اتخذ ضدها من إجراءات تمثلت في سحب بعض صلاحيتها وما نسب إليها من مخالفات والتحقيق معها وأن قصد الطاعنة هو الإبلاغ عما تراه هي وفقا لقناعتها من إجراءات قانونية ضدها ولا يبين من هذا الشكوى أنها كانت مدفوعة بشهوة الإضرار بزملائها أو رؤسائها أو الكيد لهم على غير أساس من الواقع ومما يعضد ذلك أنها لم تحدد شخصا بعينه نسبت له هذه الاتهامات مما ينفي عنها شبهة الشكوى بقصد التطاول أو التشهير ويؤكد قصدها في رفع المخالفة عنها ولا يغير من ذلك ما انتهى إليه التحقيق من عدم سلامة الشكوى لأن العامل غير مطالب بأن يتمكن قبل تقديم الشكوى من إجراء بحث دقيق متعمق لايملك وسائله وتحري سائر أبعاده الأمر الذي يؤكد أن مسلكها كان بحسن نية منها حتى وإن شابه التهور والفساد في التقدير، وإن كان ما تقدم يجيز مؤاخذتها تأديبيا إلا أن المادة ( 83 ) من قانون الموارد البشرية تضمنت العديد من العقوبات المتدرجة ابتداء بلفت النظر ثم الخصم من الراتب ثم تنزيل الدرجة وانتهاء بالفصل من الخدمة ، إلا أن المطعون ضدها اختارت الجزاء الأشد وهو الفصل من الخدمة دون اختيار عقوبة أقل شدة تتناسب مع خطورة الذنب الإداري في ضوء الظروف والملابسات التي سبقت وعاصرت تحرير الشكوى وفي ضوء الاعتبار المعنوي المصاحب لارتكاب المخالفة الذي ينم عن غفلة وتهور وليس عن عمد بقصد التشهير والتطاول ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صاحبه غلو يشوبه بعدم المشروعية ويتعين ترتيبا على ذلك إلغاؤه ، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر ورفض طلب إلغاء قرار الفصل المطعون فيه الأمر الذي يوجب نقضه .
وحيث إن الطعن للمرة الثانية ومن ثم تتصدى المحكمة للفصل في النزاع عملاً بحكم المادة ( 184 ) من قانون الإجراءات المدنية ,
وحيث إنه عن طلب إلغاء قرار إنهاء خدمة المستأنفة وما يترتب على ذلك من آثار أحقها احتساب المدة من تاريخ إنهاء خدمتها وحتى عودتها للعمل ضمن مدة خدمتها فإنه لما سلف بيانه تفصيلا فإن المحكمة تقضى بإلغاء قرار إنهاء الخدمة المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إنه عن طلب إلغاء قرار خصم عشرة أيام من راتب المستأنفة فإن المحكمة تؤيد ما انتهى إليه حكم محكمة البداية فيما قضى به من رفض طلب إلغاء هذا القرار محمولا على أسبابه .
وحيث إنه عن طلب التعويض فإنه وقد انتفى ركن الخطأ في جانب المطعون ضدها بالنسبة لقرار الخصم سالف الذكر ، كما أن خطأ المطعون ضدها في توقيع عقوبة الفصل من الخدمة للغلو في تقدير العقوبة قد استغرقه خطأ الطاعنة الذي كان يجوز معه مؤاخذتها تأديبيا بجزاء أدنى من جزاء الفصل من الخدمة على نحو ما سلف بيانه الأمر الذي تنتفي معه مسؤولية المطعون ضدها الموجبة للتعويض مما يتعين معه رفض هذا الطلب .
وحيث إنه عن طلب صرف راتبها اعتباراً من تاريخ إنهاء خدمة الطاعنة فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأجر مقابل العمل وأن الطاعنة لم تؤد عملا تستحق عنه أجر مما يتعين معه رفض هذا الطلب أيضا .