جلسة 18 من فبراير سنة 2012
الطعن رقم 9105 لسنة 49 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– خط التنظيم– ناط المشرع بالمحافظ المختص إصدار قرارات باعتماد خطوط التنظيم، وفَرَضَ حظرا على إجراء أي أعمال بناء أو تعلية بالأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم- خلا التنظيم الخاص بأحكام القرارات الصادرة باعتماد خط التنظيم على النحو الوارد بتشريعات تنظيم المباني من ترتيب الأثر المقرر لسقوط القرار الصادر باعتماد خط التنظيم– يظل القرار الصادر باعتماد خط التنظيم قائما ومنتجا لآثاره القانونية على النحو المحدد بالقانون إلى أن يتم تنفيذ خط التنظيم أو يتم إلغاؤه أو تعديله من جهة الاختصاص، وبالأداة القانونية المقررة.
– خط التنظيم- إذا صدر قرار بتعديل خط التنظيم جاز للوحدة المحلية المختصة بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد، سواء كان المرخص له قد شرع في القيام بالأعمال المرخص بها أو لم يشرع، شريطة تعويضه تعويضا عادلا.
– ترخيص البناء- منح جهة الإدارة ترخيصا خاطئا بالمخالفة لحكم القانون لا يستفاد منه إلغاء قرار اعتماد خط التنظيم أو العدول عنه- إلغاء قرار اعتماد خط التنظيم أو العدول عنه يجب أن يتم على وفق الإجراءات المنصوص عليها بالقانون، وبالأداة نفسها التي أصدرته.
– المادة (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى لاحقا -عدا المادة 13 مكررا منه- بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء).
في يوم السبت الموافق 24/5/2003 أودع الأستاذ/… المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائبا عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام تحت رقم 9105 لسنة 49 ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 25/3/2003 في الدعوى رقم 3813 لسنة 49 ق، القاضي في منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا: (أصليا) بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة، وإلزام المطعون ضده المصروفات في الحالتين عن درجتي التقاضي.
وحضر المطعون ضده بوكيل جلسات المحكمة على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه -بعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده- الحـكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الخامسة فحص طعون على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 12/4/2010 قدم الحاضر عن الطاعنين مذكرة دفاع صمم في ختامها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، كما قدم المطعون ضده بجلسة 10/5/2010 مذكرة دفاع التمس في ختامها الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة مصروفات هذا الطلب، وفى الموضوع برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات والأتعاب عن الدرجتين، وبجلسة 28/ 6/2010 قررت الدائرة الخامسة (فحص) إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظره بجلسة 27/9/2010، وتدوول نظره أمامها على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت بجلسة 25/12/2010 إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع للاختصاص، وتدوول نظر الطعن أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/4/2011 قدم المطعون ضده حافظة مستندات، كما قدم بجلسة 22/10/2011 مذكرة دفاع بذات طلباته بالمذكرة المقدمة منه بجلسة 10/5/2010 أمام الدائرة الخامسة فحص طعون، وبالجلسة المذكورة (22/10/2011) قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 14/1/2012 ومذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل المضروب ولم تقدم خلاله أية مذكرات، وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/1/2012، ثم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده أقام بتاريخ 20/5/1995 دعواه الصادر فيها الحكم المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبا الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن اتخاذ إجراءات تعديل خط التنظيم الصادر بالقرار رقم 245 لسنة 1974، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك على سند من القول بأنه يمتلك وآخرون أرض العقار رقم 10 شارع البراد خلف مدرسة التوفيقية بشبرا– قسم روض الفرج، وأنه تقدم إلى الإدارة الهندسية بحي روض الفرج لاستخراج ترخيص للبناء على هذه الأرض، فأفادت الإدارة الهندسية بأن قطعة الأرض المذكورة والمحددة على الخريطة المساحية معظمها ضائع داخل خط التنظيم رقم 2240 الصادر بقرار محافظ القاهرة رقم 245 لسنة 1974 لعمل حديقة ومرافق عامة، وأنه تبين له أن حي روض الفرج سبق أن أصدر ترخيصا في بناء أرض العقار رقم 6 ( أ ) شارع المعلمين تحت رقم 37 لسنة 1976، أي بعد عامين من صدور قرار خط التنظيم والذي أقيم من ثلاثة أدوار داخل خط التنظيم، كما أصدر الحي المذكور ترخيصا آخر برقم 13 لسنة 1978 في البناء على أرض العقار رقم 14 شارع البراد، وأقيم عقار من سبعة أدوار يقع كامله داخل خط التنظيم، مما يبين منه أن جهة الإدارة قد عدلت فعلا وواقعا عن خط التنظيم وأعلنت عن رغبتها في تغيير رسمه ومساره، وإلا ما كانت أصدرت التراخيص المخالفة له، وهو ما يكون معه لزاما على جهة الإدارة أن تقوم باتخاذ إجراءات تعديل خط التنظيم ليصادف واقعا وحقيقة يمكن تنفيذها على أرض الواقع؛ إذ إن خط التنظيم مشمول القرار رقم 245 لسنة 1974 قد بات وهما يستحيل إدراكه وأصبح خيالا لا يستقيم السير على هداه، وأنه تقدم بتاريخ 2/2/1995بطلب إلى محافظ القاهرة لاتخاذ إجراءات تعديل خط التنظيم إلى حيث يمكن تنفيذه بما يتمشى مع ما صدر من تراخيص وتم بناؤه من مبان تنسخ خط التنظيم رقم 2240 الصادر بقرار محافظ القاهرة رقم 245 لسنة 1974، إلا أن محافظة القاهرة لم تحرك ساكنا.
……………………………………….
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 4/1/1996 قضت بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لمباشرة المأمورية المبينة تفصيلا في الحكم. وقد باشر الخبير المنتدب في الدعوى مأموريته وأودع تقريره، وعقب إيداع تقرير مكتب الخبراء المطلوب تدوولت الدعوى بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 25/3/2003 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه الذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن محافظ القاهرة أصدر القرار رقم 245 لسنة 1974 باعتماد خطوط التنظيم بشارع البراد بروض الفرج لإنشاء حديقة عامة وشارع مستجد، ورغم صدور هذا القرار فإن جهة الإدارة استمرت في منح تراخيص بناء على الأراضي البارزة على خط التنظيم وهي الترخيص رقم 37 لسنة 1976 بإقامة عقار على قطعة الأرض 6 (أ) شارع مدرسة المعلمين، وهذا العقار له واجهة على شارع البراد وحدوده بالكامل تقع داخل خط التنظيم، كما منحت الترخيص رقم 13 لسنة 1978 للعقار رقم 14 شارع البراد لإقامة خمسة أدوار، ومن ثم فإن جهة الإدارة لم تلتزم بخط التنظيم المعتمد بالقرار رقم 245 لسنة 1974 ولم تقم بتنفيذه، وأصبح قرار خط التنظيم بهذه المثابة غير ذي جدوى بعد التصريح بإقامة تلك العقارات، ومن ثم فإنه إزاء خلو الأوراق مما يفيد أن جهة الإدارة قد عوضت المدعى عن أرضه الواقعة بشارع البراد رقم 10 يكون من غير الجائز التمسك في مواجهته بصدور قرار اعتماد خط التنظيم رقم 245 لسنة 1974، ويعد تمسكها به في مواجهته ضَرْباً من التعسف في استعمال السلطة بعد أن ثبت عدم تمسكها به في حالتين مماثلتين خاضعتين لذات القرار، ويصبح من المتعين عليها تعديل خط التنظيم في ضوء ما أفصحت عنه من عدول عن القرار رقم 245 لسنة 1974 بما يتفق والتراخيص السابق منحها، ويكون القرار المطعون فيه بهذه المثابة قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون حريا بالإلغاء.
……………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه ليس هناك أي قرار سلبي بالامتناع من الجهة الإدارية بإصدار قرار بتعديل خط التنظيم؛ لأن المشرع لم يلزمها بهذا التعديل، وأنه بصدور قرار باعتماد خط التنظيم يظل ساريا وممتد المفعول في تنفيذه ولا يسقط بعدم تنفيذه، وأن خطأ الجهة الإدارية في صرف ترخيص بالبناء بالمخالفة للقانون لا يبرر الخطأ، كما أن صرف الترخيص الخاطئ لا يستفاد منه العدول عن قرار اعتماد خط التنظيم، ولأن العدول عن خط التنظيم يجب أن يتم على وفق الإجراءات المنصوص عليها بالقانون وبذات الأداة التي أصدرته، وأما عن عدم صرف التعويض للمطعون ضده عن أرضه فقد فات على محكمة أول درجة أن هذا التعويض لا تقوم الجهة الإدارية بصرفه إلا بعد ضم العقار لخط التنظيم، وهى لا تفعل ذلك عادة إلا بعد زوال العقار وهو الأمر غير المتحقق في النزاع، حيث إن معاينة الخبير أثبتت أن عقار التداعي عبارة عن دور أرضى يستخدم كمخزن، أي أنه ليس أرضاً تستحق التعويض، وأنه على الفرض الجدلي بأن هناك قراراً سلبياً بالامتناع عن تعديل خط التنظيم فإن مصلحة المطعون ضده منتفية في الطعن على هذا القرار؛ لأن الغرض من هذا القرار السلبى هو البناء على الأرض الداخلة في خط التنظيم، وحتى يجوز ذلك يتعين على المطعون ضده استصدار قرار بهدم العقار القائم حتى يتسنى له الحصول على ترخيص في إقامة عقار جديد، وهو ما خلت منه الأوراق، بل على العكس فإن أوراق النزاع تدل على أنه صدر للعقار قرار الهدم رقم 143 لسنة 1981 بهدم غرف السطح والدور أسفلها وترميم باقي الأدوار، واختتم الطاعنون تقرير الطعن بطلباتهم سالفة البيان.
……………………………………….
وحيث إن المادة (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الذى كان مطبقا على الواقعة محل النزاع قبل إلغائه بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء) كانت تنص على أن: “يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من المحافظ بعد موافقة المجلس المحلى المختص، ومع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين يحظر من وقت صدور القرار المشار إليه في الفقرة السابقة إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم، على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضا عادلا، أما أعمال الترميم لإزالة الخلل وكذلك أعمال البياض فيجوز القيام بها، وإذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم جاز للوحدة المحلية المختصة بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد، سواء كان المرخص له قد شرع في القيام بالأعمال المرخص بها أو لم يشرع وذلك بشرط تعويضه تعويضا عادلا “.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع ناط بالمحافظ المختص إصدار قرارات باعتماد خطوط التنظيم، وفرض حظرا على إجراء أي أعمال بناء أو تعلية بالأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم، وإذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم جاز للوحدة المحلية المختصة بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد، سواء كان المرخص له قد شرع في القيام بالأعمال المرخص بها أو لم يشرع شريطة تعويضه تعويضا عادلا.
وحيث إن التنظيم الخاص بأحكام القرارات الصادرة باعتماد خط التنظيم على النحو الوارد بتشريعات تنظيم المباني قد خلا من ترتيب الأثر المقرر لسقوط القرار، مما يترتب عليه أن يظل القرار الصادر باعتماد خط التنظيم قائما ومنتجا لآثاره القانونية على النحو المحدد بالقانون إلى أن يتم تنفيذ خط التنظيم أو يتم إلغاؤه أو تعديله من جهة الاختصاص وبالأداة القانونية المقررة.
وحيث إنه هديا بما تقدم وكان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن محافظ القاهرة أصدر القرار رقم 245 لسنة 1974 باعتماد خطوط التنظيم بشارع البراد بروض الفرج بمحافظة القاهرة لإنشاء حديقة عامة وشارع مستجد، ورغم صدور هذا القرار فإن جهة الإدارة قامت بمنح تراخيص بناء على الأراضي البارزة على خط التنظيم وهي الترخيص رقم 37 لسنة 1976 بإقامة عقار على قطعة الأرض رقم 6 (أ) شارع مدرسة المعلمين لثلاثة أدوار، وهذا العقار له واجهة على شارع البراد وحدوده بالكامل تقع داخل خط التنظيم، كما منحت الترخيص رقم 13 لسنة 1978 للعقار رقم 14 شارع البراد لإقامة خمسة أدوار، ومن ثم يكون الترخيصان المشار إليهما قد صدرا بالمخالفة لأحكام القانون.
وحيث إن خطأ الجهة الإدارية في صرف ترخيصي البناء المشار إليهما بالمخالفة للقانون لا يبرر الخطأ، وأن صرف الترخيص الخاطئ لا يستفاد منه إلغاء قرار اعتماد خط التنظيم أو العدول عنه؛ ذلك أن إلغاء قرار اعتماد خط التنظيم أو العدول عنه يجب أن يتم على وفق الإجراءات المنصوص عليها بالقانون وبالأداة نفسها التي أصدرته، كما أنه بصدور قرار باعتماد خط التنظيم يظل نافذا وممتد الأثر، ولا يسقط بعدم تنفيذه، مما يكون معه طلب المطعون ضده تعديل خط التنظيم الصادر بقرار محافظ القاهرة رقم 245 لسنة 1974 بما يتمشى مع ما صدر من ترخيصي البناء رقمي37 لسنة 1976 و13 لسنة 1978 ليس له سند من القانون مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف ذلك، فإنه يكون قد أخطأ في فهم القانون وتفسيره متعينا الإلغاء والقضاء مجددا برفض الدعوى.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.