جلسة 20 من فبراير سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 9160 لسنة 50 القضائية عليا.
– جامعة الأزهر- شئون الطلاب– أثر الرسوب في مادة (القرآن الكريم) بالدور الأول بإحدى السنوات في أحقية الطالب في الحصول على مرتبة الشرف.
المادة (219) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (103) لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (250) لسنة 1975، قبل تعديلها بالقرار رقم (162) لسنة 2004.
يجب أن يصدر قرار الجامعة المتضمن منح مرتبة الشرف للطالب قائما على سببه الصحيح، وواقعا على محله القانوني، وإلا تمخض عن مجرد تصرف لا أساس ولا سند له– هذا القرار يصدر عن سلطة مقيدة، وليس للجامعة فيه سلطة تقديرية من حيث المنح أو المنع، فلا حصانة له إذا كان على خلاف الواقع، ولا يتقيد الطعن عليه بميعاد دعوى الإلغاء.
مادة (القرآن الكريم) في كليات جامعة الأزهر لها وضع متميز ومتفرد عن باقي المواد، حيث يدرسها الطالب في مختلف الفرق الدراسية مع المواد الأخرى، غير أنه إذا رسب في أية مادة غيرها تم نقله إلى الفرقة الأعلى محملا بها كمادة تخلف، أما إذا رسب في مادة (القرآن الكريم) حق له دخول الامتحان فيها في الدور الثاني في ذات العام، وتظل نتيجته النهائية متوقفة على نتيجة هذا الامتحان، فإذا رسب فيه نقل للفرقة الأعلى محملا بها كمادة تخلف– أثر ذلك: لا يعتبر الطالب راسبا في مادة (القرآن الكريم) إلا إذا رسب فيها في الدور الثاني المقرر لها، ولا يؤخذ رسوبه فيها في الدور الأول في الحسبان– مؤدى هذا: رسوب الطالب في مادة (القرآن الكريم) في الدور الأول، ثم نجاحه فيها في الدور الثاني وانتقاله إلى الفرقة الأعلى غير محمل بها، لا يترتب عليه تخلف شرط منحه مرتبة الشرف المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة، القاضي بألا يكون الطالب قد رسب في أي امتحان تقدم له في إحدى سنوات الدراسة– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 28/4/2004 أودع الأستاذ / … المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 6552 لسنة 57 ق بجلسة 29/2/2004، الذي قضى في منطوقه بالآتي: “حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات”.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، وبأحقية الطاعن في الحصول على الإجازة العالية (الليسانس) في اللغة العربية بجامعة الأزهر دور مايو 2002، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصاريف.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات، ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره.
ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة، ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 18/12/2002 أودع الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 6552 لسنة 57 ق طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم منحه مرتبة الشرف للتقدير الذي حصل عليه في درجة الليسانس من كلية اللغة العربية جامعة الأزهر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر المدعي شرحا لدعواه أنه التحق بالكلية المشار إليها وحصل على تقدير عام (جيد جدا) في الفرق الأولى والثانية والثالثة، ثم تقدير عام (ممتاز) في الفرقة الرابعة، وعندما تسلم الشهادة المؤقتة للتخرج تبين بها أنه حاصل على تقدير عام (ممتاز) وليس مع مرتبة الشرف التي يستحقها وفقا لنص المادة (219) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (103) لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، فتظلم من هذا القرار دون جدوى فأقام دعواه.
واختتم صحيفة الدعوى بطلب الحكم بطلباته.
وقررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في شقيها، حيث أودعت الهيئة تقريرها الذي ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه السلبي بالامتناع عن إضافة مرتبة الشرف إلى جوار التقدير العام النهائي للمدعي في شهادة تخرجه، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إضافة مرتبة الشرف إلى تقديره النهائي، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 29/2/2004 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى لفقدان المدعي أحد شروط منحه مرتبة الشرف، وهو ألا يكون قد رسب في أي امتحان تقدم له في إحدى هذه السنوات، حيث ثبت أنه رسب في مادة القرآن الكريم في دور مايو بالفرقة الثالثة في العام الجامعي 2000/2001. وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن الذي أقام طعنه ناعيا عليه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، حيث إن المشرع جعل الأساس في احتساب التقدير العام أن يكون عن كل فرقة، أي عن كل عام دراسي (بدوريه الأول والثاني)، وأن الجامعة بالنسبة لمادة القرآن الكريم فقط أجازت دخول الامتحان في الدور الثاني إذا رسب فيها في الدور الأول، وعلى ذلك لا يعد الرسوب في هذه المادة بالتحديد في الدور الأول رسوبا، ما دام قد نجح فيها في الدور الثاني. أما الرسوب الذي قصده المشرع فهو الرسوب في المادة والانتقال بها متخلفا إلى الفرقة الأعلى محملا بها، ويؤدي امتحانها مع مواد الفرقة الأعلى. أما النجاح في مادة القرآن الكريم في الدور الثاني فإنه يجُبُّ رسوبه فيها في الدور الأول؛ لأن تقديره العام يحسب على أساس تقديراته في امتحان الدورين الأول والثاني معا، حيث إن الأزهر الشريف رأى لظروف خاصة بمادة القرآن الكريم فقط في جميع مراحل الدراسة منح الطالب الذي لم ينجح فيها في امتحان الدور الأول فرصة دخول امتحان الدور الثاني، والذي إذا نجح فيه لا يعد راسبا فيها، بدليل أنه يتم تعديل حالة الطالب الراسب في مادتين أو أكثر من بينها القرآن الكريم على ضوء نتيجة امتحانه في هذه المادة في الدور الثاني، فإذا نجح فيه اكتمل إعلان نتيجة الطالب بصفة نهائية، بحيث ينقل بعدها بمادة أو مادتين مثلا بعد إعمال قواعد التيسير بشأنه، بحيث تحجب نتيجة الطالب الذي يرسب في مادة القرآن الكريم في الدور الأول لحين ظهور نتيجة امتحانه في هذه المادة في الدور الثاني.
فضلا عن أن عدم منح الطاعن مرتبة الشرف هو إهدار لمجهود مضنٍ لثلاث سنوات دراسية، وأنه يحسب تقديره العام على أساس مجموع درجات السنة الرابعة فقط، وليس على أساس التقدير التراكمي، بحيث يكون الحاصل على (جيد جدا مع مرتبة الشرف) متقدما عليه في الترتيب، رغم أن تقديره في الليسانس هو (ممتاز)، وجاء ترتيبه الرابع رغم أن من سبقوه لم يحصلوا على تقدير (ممتاز) في الفرقة الرابعة، وإنما على (جيد جدا مع مرتبة الشرف)، ولو أخذت الجامعة بالتقدير التراكمي في ذلك العام لكان ترتيبه الأول. والدليل على اعتبار رسوبه في القرآن الكريم في الدور الأول بالفرقة الثالثة هو تقديره العام في هذه الفرقة وهو (جيد جدا) مما يعني أن المشرع لم يعتبر ذلك رسوبا ما دام قد نجح في الدور الثاني.
واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلب الحكم بطلباته.
ومن حيث إن محور الطعن الماثل يدور حول ما إذا كان رسوب الطاعن في مادة القرآن الكريم في امتحان الدور الأول للفرقة الثالثة رغم نجاحه فيها في الدور الثاني يعد رسوبا في امتحان تلك السنة ككل على نحو يفقده شرط الحصول على مرتبة الشرف أم لا.
ومن حيث إن المادة (219/2) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها تنص على أن: “… ويمنح مرتبة الشرف الطالب الذي يكون تقديره النهائي ممتازا أو جيدا جدا، على ألا يقل تقديره العام في أية سنة من سني الدراسة عدا السنة الإعدادية عن جيد جدا”.
وتنص الفقرة الثالثة من ذات المادة على أنه: “… ويشترط لحصول الطالب على مرتبة الشرف ألا يكون قد رسب في أي امتحان تقدم له في إحدى هذه السنوات”.
ومن حيث إنه جرى قضاء هذه المحكمة على “ضرورة أن يصدر قرار الجامعة فيما تضمنه من منح مرتبة الشرف على سببه الصحيح وواقعا على محله القانوني، وإلا تمخض عن مجرد تصرف لا أساس له ولا سند يقوم عليه من واقع الحال، ويرتب على خلاف الحقيقة وبالمخالفة للنظام العام الجامعي الذي يحدده القانون ولائحته التنفيذية حصول الطالب على تقدير درجة غير مستحقة أو حرمانه من درجة يستحقها بحسب واقع الحال والقواعد الأساسية. ويصدر القرار المشار إليه عن سلطة مقيدة، وليس للجامعة فيه سلطة تقديرية من حيث المنح أو المنع، ومن ثم فإن قرار الجامعة فيما يتضمنه من منح مرتبة الشرف أو منعها إذا كان خلاف الواقع يغدو مجرد تصرف ينحدر به إلى درجة العدم لا حصانة ولا أثر له، ويجوز للجامعة تصويبه في أي وقت، دون التقيد بميعاد السحب، كما لا يتقيد الطعن عليه بميعاد دعوى الإلغاء، وباعتبار أن قاعدة تحديد شروط النجاح بمرتبة الشرف تعد من القواعد الأساسية التي تناولتها اللائحة التنفيذية للقانون.
ومن حيث إن مادة القرآن الكريم في كليات جامعة الأزهر لها وضع متميز ومتفرد عن باقي المواد، حيث يدرسها الطالب في مختلف الفرق الدراسية مع المواد الأخرى في تلك الكليات، غير أنه إذا رسب في أية مادة أخرى غيرها تم نقله إلى الفرقة الأعلى محملا بها كمادة تخلف، أما مادة القرآن الكريم وحدها دون غيرها من المواد الأخرى إذا رسب فيها الطالب فإنه يتم دخوله الامتحان فيها في الدور الثاني (أغسطس) من ذات العام، وتظل النتيجة النهائية للطالب متوقفة على نتيجة هذا الامتحان (الملحق) لتلك المادة، فإذا رسب في هذا الدور الثاني نقل للفرقة الأعلى متخلفا ومحملا بها، باعتباره قد رسب في هذه الفرصة الثانية التي منحتها إياه الجامعة لإقالته من عثرته في هذه المادة دون غيرها، ومن ثم لا يعتد بعدم اجتياز الطالب امتحان مادة القرآن الكريم في نهاية العام، ولا يعتبر راسبا إلا إذا رسب فيها في الدور الثاني المقرر لها، حيث لا يعول على نتيجة الطالب في هذه المادة إلا في هذا الدور الثاني، الذي يعتبر بمثابة فرصة أخيرة حاسمة بالنسبة لهذه المادة وحدها في كل فرقة دراسية، وهو الذي يتفق مع الشرط الوارد في المادة (219/3) المذكورة بألا يكون الطالب قد رسب في أي امتحان تقدم له في إحدى هذه السنوات أو الفرق، وليس مجرد العثرة أو الإخفاق في امتحانات شهرية أو ربع سنوية أو حتى منتصف العام أو نهايته، ما دام الطالب قد تدارك الأمر وجد واجتهد ونجح، ولو في الدور الثاني ونقل إلى الفرقة الأعلى بدون مواد رسوب أو تخلف، وحصل على تقدير جيد جدا كتقدير عام في هذه الفرقة؛ لأن الرسوب المعني في هذا النص هو الرسوب في إحدى المواد في تلك الفرقة والانتقال بها للفرقة الأعلى بمادة تخلف، وبالتالي بدون تقدير جيد جدا، وإنما يكون ناجحا بمادة تخلف، على خلاف الحال بالنسبة لمادة القرآن الكريم التي يعتبر من لا يوفق في الامتحان فيها في مايو ثم ينجح في الدور الثاني ناجحا فيها، ولا يؤخذ رسوبه في الدور الأول في الحسبان؛ لأنه لا يعتبر رسوبا على النحو سالف البيان. وهذا حكم خاص بمادة القرآن الكريم وحدها التي يتم امتحانها في دور أول وثانٍ.
وهديا بما تقدم فإنه لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن نجح في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر في الفرق الأولى والثانية والثالثة بتقدير (جيد جدا)، ثم نجح في الليسانس بتقدير (ممتاز)، وإذ لم يرسب في أية مادة في أية فرقة -وإلا ما حصل فيها على هذا التقدير-، ولم ينقل إلى أية فرقة أعلى محملا بأية مواد من الفرقة السابقة، فمن ثم تتوافر في شأنه كافة الشروط لمنحه مرتبة الشرف، ليصبح تقديره العام في الليسانس هو (ممتاز مع مرتبة الشرف)، ويكون امتناع الجامعة المطعون ضدها عن منحه هذه المرتبة يمثل قرارا سلبيا بالامتناع عن منحه إياها رغم توافر شروط منحها فيه، مخالفا لصحيح حكم القانون، جديرا بالإلغاء وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها منحه الشهادة الدالة على نجاحه بتقدير (ممتاز مع مرتبة الشرف). وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله وطبق تطبيقا غير مصادف لصحيح حكمه، متعينا القضاء بإلغائه.
ولا محاجة هنا للقول بأن الطاعن قد تخلف في حقه شرط الحصول على هذه المرتبة نظرا إلى رسوبه في مادة القرآن الكريم في امتحان الفرقة الثالثة دور مايو 2000/2001؛ حيث إن ذلك مردود بأن هذا لا يعد من قبيل الرسوب المانع لمنح الطالب مرتبة الشرف، حيث قررت الجامعة دورا ثانيا لهذه المادة وحدها، وقد اجتاز الطاعن امتحان الدور الثاني في ذلك العام بنجاح في تلك المادة، وبالتالي لا يعد راسبا في أية مادة في تلك السنة التي حصل فيها على تقدير عام (جيد جدا)، فلو اعتبر راسبا في هذه المادة ما استطاع أن يكون بهذا التقدير في تلك السنة. فضلاً عن أن قواعد العدالة تتأبى أن يكون الطاعن الحاصل على تقدير (جيد جدا) في ثلاث سنوات، وفي السنة الرابعة على تقدير (ممتاز) في مركز متأخر عن زميله الذي حصل في السنوات الأربع على (جيد جدا مع مرتبة الشرف)، رغم عدم حصوله على تقدير (ممتاز) في أية سنة، مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يكن قد تم الأخذ بالتقدير التراكمي آنذاك.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصاريفه عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها منح الطاعن الإجازة العالية (الليسانس) في اللغة العربية من جامعة الأزهر دور مايو سنة 2002 بتقدير (ممتاز مع مرتبة الشرف)، على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات.