جلسة 26 من يناير سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 9637 لسنة 50 القضائية عليا.
– أحكام اعتماد تقاسيم الأراضي المعدة للبناء- القانون الواجب التطبيق على مخالفات قيود الارتفاع داخل التقسيم.
المواد (12) و (23) و (24) و (26) من قانون التخطيط العمراني الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982– المادة (46) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان رقم 600 لسنة 1982.
قانون التخطيط العمراني ولائحته التنفيذية تكفلا بتحديد القواعد التي تحكم تقسيم الأراضي وبصفة خاصة مساحة المباني وعروض الشوارع والارتدادات والارتفاعات وعدد الوحدات وعرض الواجهات وغيرها من الأوضاع التي تكفل طابعا معماريا متميزا لكل تقسيم , واعتبر المشرع قائمة الشروط الخاصة بالتقسيم شروطا بنائية تأتى في مرتبة الأحكام الواردة بقوانين ولوائح المباني– قيود الارتفاع المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية, لا تسري على الاشتراطات البنائية لمناطق التقسيم المعتمدة طبقا لأحكام قانون التخطيط العمراني ولائحته التنفيذية- ترتيبا على ذلك: يتعين احترام الشروط الخاصة بتقسيم الأراضي وعدم المساس بها، ولا يجوز تعديلها إلا وفقا للإجراءات المقررة في قانون التخطيط العمراني, أو بتدخل من السلطة التشريعية المختصة بسن القوانين– أساس ذلك: أن النص القانوني وما يصدر في حكمه لا يجوز نقضه أو تعديله إلا بنص قانوني لاحق, لـه ذات المرتبة في تدرج القواعد القانونية- تطبيق.
في يوم الاثنين الموافق 10 من مايو سنة 2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين, قلم كتاب المحكمة تقرير طعن، قيد برقم 9637 لسنة50القضائية عليا في الحكم المشار إليه بعاليه, القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع حي البساتين ودار السلام عن استلام طلب الترخيص المقدم من المدعي لتعلية البناء على القطعة رقم 8/ب/3 تقسيم اللاسلكي.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/4/2005 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وبجلسة 10/7/2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع. ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1146 لسنة 57 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري/ الدائرة الحادية عشرة بالقاهرة, طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن تسلم طلب الترخيص بتعلية البناء على قطعة الأرض رقم 8/ب/3 تقسيم اللاسلكي بارتفاع مرة ونصف عرض الشارع, وذلك للأسباب المبينة تفصيلا بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 21/3/2004 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه , وشيدت المحكمة قضاءها على أن امتناع جهة الإدارة عن إصدار الترخيص جاء استنادا إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 665 لسنة 1998 الذي حدد الارتفاع الكلى للبناء في منطقة المعادي والبساتين بثلاثة أدوار فوق الأرضي أو مثل عرض الطريق أيهما أقل, وقد ألغي هذا القرار بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 925 لسنة 2000, ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد أصبح مخالفا – بحسب الظاهر من الأوراق – لأحكام القانون لزوال السند القانوني الذي بني عليه. ولا ينال من ذلك ما ورد بقرار وزير الإسكان رقم 180 لسنة 1998 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء , من تحديد الحد الأقصى لارتفاع المباني على النحو الوارد بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 665 لسنة 1998 , لأن المشرع لم يخول وزير الإسكان هذه السلطة .
بيد أن الحكم المذكور لم يصادف قبولا من الجهة الإدارية المدعى عليها, فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله, وذلك على سند من القول بأن قرار وزير الإسكان رقم 180 لسنة 1998 المشار إليه صدر بمقتضى التفويض التشريعي الممنوح لـه بالمادة 34 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء, وقد تضمنت اللائحة التنفيذية للقانون المذكور –بعد تعديلها– ذات الضوابط المنصوص عليها بقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 665 لسنــة 1998 و925 لسنة 2000, ولذا رؤي الاكتفاء بما ورد بتلك اللائحة منعا للتكـــرار , كما أن جميع هذه القرارات صدرت بناء على تفويض تشريعي, ومن ثم فهي ليست في مرتبة أدنى من الشروط البنائية للتقسيم, فضلا عن أن طلبات الترخيص بالتعلية ينتفي بشأنها ركن الاستعجال.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في تحديد القيمة القانونية للشروط البنائية الخاصة بمشروعات تقسيم الأراضي المعدة للبناء داخل نطاق المدن, والسلطة المختصة بتعديل قيود الارتفاع واشتراطات المباني داخل التقسيم.
ومن حيث إن الفصل الثالث من الباب الأول من قانون التخطيط العمراني الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982 حدد القواعد التي تحكم تقسيم الأراضي, ونص في المادة 12 على أنه “لا يجوز تنفيذ مشروع تقسيم أو إدخال تعديل في تقسيم معتمد أو قائم إلا بعد اعتماده وفقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية “.
كما نص في المادة 13 على أن “تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المعدلات التخطيطية والقواعد والشروط والأوضاع الواجب توافرها في تقسيم الأراضي وعلى الأخص في المجالات الآتية:
أ) … ب) عروض الشوارع .. جـ) لا يجوز في تقسيم أن تشغل المباني مساحة تزيد على 60% من مساحة القطعة التي تقام عليها … د) الاشتراطات الأخرى المتعلقة بالارتدادات وارتفاعات المباني وكثافتها السكانية والبنائية وعدد الوحدات وعرض الواجهات وغير ذلك من الأوضاع التي تكفل طابعا معماريا مميزا لكل تقسيم”.
وتنص المادة 23 من القانون المذكور على أنه: “يجب أن يذكر في عقـــود التعامـــل على قطع التقسيم القــرار الصادر باعتماد التقسيم وقائمة الشروط الخاصة به… وتعتبر قائمة الشروط المشار إليها جزءا من قرار التقسيم…”.
وتنص المادة 24 على أن: “تعتبر الشروط الواردة بالقائمة المنصوص عليها بالمادة السابقة شروطا بنائية تأتى في مرتبة الأحكام الواردة بقوانين ولوائح المباني, وتسري على مناطق التقسيم التي تتناولها ..”.
وتنص المادة 26 على أنه: “يجوز بقرار من الوزير المختص بالتعمير بعد أخذ رأي المحافظ المختص وموافقة الوحدة المحلية تعديل الشروط الخاصة بالتقاسيم التي تم اعتمادها”.
وقد صدر قرار وزير التعمير والدولة للإسكان رقم 600 لسنة 1982 باللائحة التنفيذية لقانون التخطيط العمراني المشار إليه وحدد الشروط والقواعد التي تنظم تقسيم الأراضي, ونص في المادة 46 على أن “يحدد مشروع التقسيم الشروط البنائية على قطع أراضي التقسيم من حيث الاستعمال والمساحة المبنية والمناور الأمامية والخلفية والجانبية وارتفاع المباني…”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قانون التخطيط العمراني ولائحته التنفيذية قد تكفلا بتحديد القواعد التي تحكم تقسيم الأراضي وبصفة خاصة مساحة المباني وعروض الشوارع والارتدادات والارتفاعات وعدد الوحدات وعرض الواجهات وغيرها من الأوضاع التي تكفل طابعا معماريا متميزا لكل تقسيم, واعتبر المشرع قائمة الشروط الخاصة بالتقسيم شروطا بنائية تأتى في مرتبة الأحكام الواردة بقوانين ولوائح المباني, وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 22/3/1997 في الدعوى رقم 55 لسنة 18 القضائية دستورية, الذي قضت فيه بدستورية نص المادة 24 من قانون التخطيط العمراني المشار إليه, وبأن الشروط التي تضمنتها قائمة التقسيم تأخذ حكم القيود القانونية التي نصت عليها قوانين المباني, ومن ثم يتعين احترام هذه الشروط وعدم المساس بها إلا بتعديلها وفقا للإجراءات المقررة في قانون التخطيط العمراني, أو بتدخل من السلطة التشريعية المختصة بسن القوانين, فالنص القانوني وما يصدر في حكمه لا يجوز نقضه أو تعديله إلا بنص قانوني لاحق لـه ذات المرتبة في تدرج القواعد القانونية.
ومن حيث إن قيود الارتفاع المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية لا تسري على الاشتراطات البنائية لمناطق التقسيم المعتمدة طبقا لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني ولائحته التنفيذية, فلكل منهما نطاقه ومجال إعماله المستقل.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه استند إلى قيود الارتفاع المنصوص عليها في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 665 لسنة 1998 الملغى بالقرار رقم 925 لسنة 2000 , كما استند إلى القرار رقم 180 لسنة 1998 بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء, في حين يقع العقار موضوع النزاع بمنطقة تقسيم معتمدة ويخضع لقيود الارتفاع الواردة بقائمة الشروط الخاصة بالاشتراطات البنائية للتقسيم, ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفا لأحكام القانون بحسب الظاهر من الأوراق ومرجح الإلغاء عند نظر الموضوع, وهو ما يتحقق به ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه, فضلا عن توافر ركن الاستعجال لأن من شأن تنفيذ هذا القرار حدوث نتائج يتعذر تداركها, من أهمها حرمان صاحب العقار من الانتفاع بملكه دون سند من القانون .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى هذه النتيجة –ولكن لأسباب مغايرة– فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون, مما يضحى معه الطعن الماثل غير قائم على أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.