جلسـة 1 من يوليو سنة 2012
الطعن رقم 9807 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة السابعة)
– ما يدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري– تختص بنظر طلبات التعويض عن الجزاءات التأديبية التي قضي بإلغائها من المحكمة التأديبية إذا ما رفعت بدعوى مستقلة- لا مجال لإعمال قاعدة قاضي الأصل هو قاضي الفرع في هذه الحالة؛ ذلك أن اختصاص المحكمة التأديبية مقصور على قرارات الجزاءات التأديبية الصريحة والمحددة على سبيل الحصر، ومن ثم لا تختص بنظر طلبات التعويض عن هذه القرارات إذا ما رفعت بدعوى مستقلة.
– المادتان رقما (10) و(15) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972.
بتاريخ 28/3/2005 أودع الحاضر عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها في الطعن رقم 115 لسنة 38ق بجلسة 29/1/2005، الذي قضى بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها التعويض الوارد بعريضة دعوى محكمة أول درجة، مع إلزامها المصروفات عن الدرجتين.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون وذلك على النحو المبين بالمحاضر, وبجلسة 1/6/2011 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة موضوع لنظره بجلسة 20/11/2011, وبجلسة 15/1/2012 قدم الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها حافظة مستندات, وبجلسة 8/4/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات في أسبوعين, وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلزام الهيئة المطعون ضدها أن تؤدي له تعويضا مقداره ستون ألف جنيها جبرا للأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء قرار فصله من الخدمة رقم 334 لسنة 1991.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2122 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) بتاريخ 28/11/1998 طالبا في ختامها الحكم بإلزام هيئة النقل العام بالقاهرة أن تؤدي له مبلغ ستين ألف جنيه جبرا للأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء القرار رقم 334 لسنة 1991 المقضي بإلغائه في الطعن رقم 79 لسنة 32 ق بجلسة 28/6/1998، مع إلزامها المصروفات.
وقال الطاعن شرحا لذلك إنه كان يعمل بوظيفة (محصل) بفرع بدر، وبتاريخ 22/7/1991 صدر القرار رقم 334 لسنة 1991 بفصله من الخدمة لما نسب إليه في أحد التحقيقات، فأقام الطعن رقم 79 لسنة 32ق أمام المحكمة التأديبية للصحة وملحقاتها، وبجلسة 28/6/1998 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المشار إليه، فأصدرت الهيئة القرار رقم 500 لسنة 1998 بتنفيذ هذا الحكم وإعادته إلى عمله، وأضاف الطاعن قائلا إنه قد أصيب بأضرار مادية وأدبية من جراء هذا القرار وبسبب خطأ الهيئة المطعون ضدها قدر التعويض عنها بمبلغ ستين ألف جنيها.
وبجلسة 3/6/2001 قضت محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات.
وتنفيذا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى المحكمة التأديبية للصحة وملحقاتها، وقيدت بجدولها تحت رقم 146 لسنة 36ق, وبجلسة 26/10/2003 قضت المحكمة بعدم اختصاصها محليا بنظر الطعن، وإحالته بحالته إلى المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها، وتنفيذا لهذا الحكم أحيل الطعن إلى المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها، وقيد بجدولها تحت رقم 115 لسنة 38ق.
……………………………………………
وبجلسة 29/1/2005 قضت المحكمة المذكورة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن عيب عدم الاختصاص الذي يشوب القرار الإداري فيؤدى إلى إلغائه لا يصلح حتما وبالضرورة أساسا للتعويض مادام لم يكن العيب مؤثرا في موضوع القرار, وأن الأوراق قد خلت من أي عيب يؤثر في موضوع القرار الصادر بفصل الطاعن من الخدمة سوى صدوره عن غير مختص.
……………………………………………
ولم يرتض الطاعن هذا الحكم فأقام عنه الطعن الماثل تأسيسا على أن المطعون ضده (رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة) قد أصدر القرار رقم 334 لسنة 1991 بفصله من الخدمة، في حين أن المختص بتوقيع هذا الجزاء هو المحكمة التأديبية طبقا لنص المادة رقم (82) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (القانون رقم 47 لسنة 1978)، ومن ثم يكون قد اغتصب سلطة المحكمة مما يصيب القرار بعيب عدم الاختصاص الجسيم.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن البحث في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى من النظام العام تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها، كما استقر قضاؤها (دائرة توحيد المبادئ في الطعنين رقمي 1201 و1232 لسنة 28ق بجلسة 15/12/1985) على أن المشرع على وفق حكم المادتين رقمي (10) و(15) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) قد أسند للمحاكم التأديبية الاختصاص بنظر الطلبات والطعون في القرارات والجزاءات التأديبية على النحو المبين بالبندين (تاسعا وثالث عشر) من المادة العاشرة من القانون المشار إليه، وأن اختصاصها على النحو المبين سلفا جاء استثناء من الولاية العامة للقضاء الإداري بالنسبة للموظفين العموميين، وأن هذا الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه، ومؤدى ذلك تحديد اختصاص المحاكم التأديبية بالجزاءات التأديبية المحددة قانونا على سبيل الحصر.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن موضوع الطعن رقم 115 لسنة 38 ق هو الحكم بإلزام هيئة النقل العام بالقاهرة أن تؤدي للطاعن التعويض الجابر للأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء صدور القرار رقم 334 لسنة 1991 بفصله من الخدمة، والذي قضي بإلغائه من المحكمة التأديبية بجلسة 28/9/1998 في الطعن رقم 79 لسنة 34ق, ومن ثم فإن الاختصاص بنظر هذا الطلب يدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري باعتبارها صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية الخاصة بالموظفين العموميين.
وحيث إنه لا ينال من ذلك أن طلب التعويض الماثل هو عن قرار فصل الطاعن من الخدمة الذي قضت المحكمة التأديبية بإلغائه؛ وذلك باعتبار أن هذا الطلب قد أقيم بدعوى مستقلة عن طلب إلغاء قرار الفصل، ومن ثم فلا مجال لإعمال فكرة أن قاعدة قاضي الأصل هو قاضي الفرع, وبمراعاة أن اختصاص المحكمة التأديبية مقصور على قرارات الجزاءات التأديبية الصريحة والمحددة على سبيل الحصر، ومن ثم لا تختص بنظر طلبات التعويض عن هذه القرارات إذا ما رفعت بدعوى مستقلة باعتبارها داخله في الولاية العامة لمحكمة القضاء الإداري.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى غير ذلك فمن ثم يكون قد خالف صحيح حكم القانون، ويتعين والحالة هذه الحكم بإلغائه، وإحالة الطعن رقم 115 لسنة 38ق إلى محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) للفصل فيه.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن رقم 115 لسنة 38 ق إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه.