جلسة 4 من أبريل سنة 2009
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 9930 لسنة 49 القضائية عليا.
استحقاق العامل المعتقل سياسيا أجره الأساسي وملحقاته اللصيقة به عن مدة الاعتقال- ضابط استحقاقه المكافآت والبدلات والحوافز.
من المسلم به أن الأجر مقابل العمل، فلا يستحق العامل أجرا إلا مقابل ما يؤديه من خدمات،كما أنه لا يجوز أن ينقطع العامل عن عمله إلا لإجازة يستحقها أو لسبب قدره القانون، وإلا حرم من أجره عن مدة انقطاعه، وذلك دون الإخلال بمسئوليته التأديبية عن ذلك الانقطاع- الانقطاع الذي يرتب هذا الأثر هو ذلك الانقطاع الإرادي الذي يرجع إلى إرادة العامل ورغبته، أما إذا كان الانقطاع لأسباب وظروف خارجة عن إرادته، حالت بينه وبين الوجود في مقر عمله في أوقات العمل الرسمية فإن مناط الحرمان من الأجر يكون قد تخلف في شأنه، ومن ثم لا يجوز إعمال الأثر المترتب على الانقطاع الإرادي في هذه الحالة، سواء من حيث الحرمان من الأجر أو المساءلة التأديبية- ترتيبا على ذلك: العامل المعتقل لأسباب سياسية يستحق أجره الأساسي خلال مدة اعتقاله، وكذلك ملحقات الأجر اللصيقة به التي تدور معه وجودا وعدما كالعلاوات الاجتماعية والإضافية وبدل طبيعة العمل، أما غير ذلك من مكافآت وبدلات وحوافز فإن استحقاق العامل المعتقل لها يتوقف على شروط وقواعد صرفها؛ فإذا كان صرف تلك المبالغ يتطلب جهدا غير عادي أو تحقيق معدلات أداء قياسية أو إنجاز أعمال بعينها فلا يتم صرفها حينئذ إلا لمن تحققت في شأنهم شروط الصرف، أما إذا كان صرف أي منها يتم بصورة جماعية للعاملين في الجهة فإن العامل المعتقل يستحق صرفها أثناء وعن مدة اعتقاله- تطبيق.
في يوم الأحد الموافق 8/6/2003 أودع الأستاذ/ … المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 9930 لسنة 49 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 9/4/2003 في الدعوى رقم 1993 لسنة 10 ق الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بالطلبات الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى، وإلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية الطاعن في صرف مكافآت الامتحانات ومكافآت بدء العام الدراسي والحساب الختامي ومنح العيدين والمولد النبوي الشريف التي صرفت لأقرانه عن فترة اعتقاله، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها من الدائرة التاسعة (موضوع) على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 14/2/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطاعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 28/6/1999 أقام الطاعن الدعوى رقم 1993 لسنة 10 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط طالباً الحكم بقبول دعواه شكلاً وفي الموضوع بصرف مستحقاته المالية عن المدة من نوفمبر 1994 إلى مايو 1999 والتي تبلغ 5780 جنيهاً بخلاف مكافأة الحساب الختامي السنوي عن هذه المدة ومنحة العيدين (الفطر والأضحى) ومنحة بداية العام الدراسي والمولد النبوي الشريف، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وحفظ كافة حقوقه الأخرى.
وقال شرحاً لدعواه: إنه يعمل بإدارة الحسابات بكلية الهندسة بجامعة أسيوط، وتم اعتقاله لأسباب سياسية دون أي اتهام في المدة من 27/5/1994 حتى 15/5/1999، وبعد عودته لعمله علم أن جهة الإدارة كانت تقوم بصرف راتبه خلال فترة اعتقاله دون باقي المستحقات التي كان يتقاضاها أثناء العمل، حيث لم يتم صرف مكافآت الامتحانات التي بلغت جملتها 5780 جنيهاً بخلاف مكافأة الحساب الختامي ومكافأة العيدين وبدء الدراسة والمولد النبوي الشريف، وقد طالب المدعي جهة الإدارة بصرف هذه المستحقات إلا أنها امتنعت عن صرفها دون سند من القانون، الأمر الذي حداه على إقامة دعواه.
وخلال تحضير الدعوى بهيئة مفوضي الدولة قدم الحاضر عن المدعي مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم بأحقيته في صرف مبلغ 10475 جنيهاً بخلاف الأجور الإضافية والمكافآت التشجيعية والجهود غير العادية والتي لم يتم حصرها.
وبجلسة 9/4/2003 حكمت محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الثانية) بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعي المصروفات.
وأقامت قضاءها على أن الثابت أن الجهة الإدارية صرفت للمدعي خلال فترة اعتقاله راتبه الأساسي وملحقاته اللصيقة به من علاوات اجتماعية وإضافية وبدل طبيعة عمل والحوافز إلا أنها لم تصرف له ما يطالب به من المكافآت والمنح المشار إليها بصحيفة المدعي استناداً إلى أن قواعد صرف تلك المكافآت والمنح تتطلب لصرفها الوجود الفعلى في العمل والمشاركة في أداء الأعمال المنصرفة لها هذه المكافآت، ومن ثم يكون مسلك الجهة الإدارية في هذا الشأن قد صادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من أن انقطاع العامل عن عمله لاعتقاله لأسباب سياسية يعتبر انقطاعاً لظروف وأسباب خارجة عن إرادة العامل، ومن ثم يستحق أجره الأساسي كاملاً خلال مدة اعتقاله، وكذلك ملحقات الأجر اللصيقة به والحوافز التي لا ترتبط بأداء العامل لجهد غير عادي أو تحقيق معدلات أداء قياسية، وكذلك المنح غير المرتبطة بأداء متميز وتصرف للعاملين بصفة جماعية، ومن ثم فإن الطاعن يستحق صرف كل ميزة تصرف للعاملين بصفة جماعية، ولا يشترط لصرفها سوى مجرد التواجد بالعمل، ولما كان الثابت أن مكافأة الامتحانات تمنح للعاملين المتواجدين بالعمل بصورة جماعية دون أن تتطلب أي شرط مضاف خلاف مجرد التواجد بالعمل، وكذا مكافآت الأعياد والمولد النبوي التي لا ترتبط بأداء عمل معين، وإنما تأخذ شكل المنح الاجتماعية التي يقصد بها تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، ومن ثم فإن اشتراط صرفها للموجودين فعلاً بالعمل لا يحول دون استحقاق العامل المعتقل لها.
ومن حيث إنه من المسلم به أن المشرع قد تناول بالتنظيم كافة المستحقات المالية للعاملين المدنيين بالدولة، فحدد الأجور والعلاوات المستحقة لهم وفقاً لجدول المرتبات الملحق بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، كما حدد سائر مستحقاتهم الأخرى من بدلات ومكافآت وحوافز بنصوص صريحة، وجعل استحقاقها منوطا بتوافر أسباب تقريرها المنصوص عليها في هذا القانون.
ومن حيث إنه ولئن كان من المسلم به أن الأجر مقابل العمل، فلا يستحق العامل أجراً إلا مقابل ما يؤديه من خدمات، وأنه لا يجوز أن ينقطع العامل عن عمله إلا لإجازة يستحقها أو لسبب قرره القانون كتنفيذ عقوبة الوقف عن العمل، وإلا حرم من أجره عن مدة انقطاعه، وذلك دون الإخلال بمسئوليته التأديبية، غير أن الانقطاع الذي يرتب هذا الأثر هو ذلك الانقطاع الإرادي الذي يرجع إلى إرادة العامل ورغبته، أما إذا كان الانقطاع لأسباب وظروف خارجة عن إرادته حالت بينه وبين التواجد في مقر عمله في أوقات العمل الرسمية فإن مناط الحرمان من الأجر يكون قد تخلف في شأنه، ولا يجوز بالتالي إعمال الأثر المترتب على الانقطاع الإرادي في هذه الحالة، سواء من حيث الحرمان من الأجر أو المساءلة التأديبية، وترتيباً على ما تقدم فإن العامل المعتقل لأسباب سياسية يستحق أجره الأساسي خلال مدة اعتقاله، وكذلك ملحقات الأجر اللصيقة به التي تدور معه وجوداً وعدماً كالعلاوات الاجتماعية والإضافية وبدل طبيعة العمل، أما غير ذلك من مكافآت وبدلات وحوافز فإن استحقاق العامل المعتقل لها يتوقف على شروط وقواعد صرفها، فإذا كان صرف تلك المكافآت والبدلات والحوافز يتطلب أداء جهد غير عادي أو تحقيق معدلات أداء قياسية أو إنجاز أعمال بعينها، فلا يتم صرفها حينئذ إلا لمن تحققت في شأنه شروط الصرف، أما إذا كان صرف أي منها يتم بصورة جماعية للعاملين في الجهة فإن العامل المعتقل يستحق صرفها أثناء مدة اعتقاله.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد اعتقل لأسباب سياسية خلال الفترة من 26/8/1994 حتى 15/5/1999 ومن ثم فإن انقطاعه كان لظروف لا دخل لإرادته فيها، ومن ثم فإنه يستحق أجره الأساسي كاملاً خلال مدة الاعتقال، وكذلك ملحقات الأجر اللصيقة به والتي تدور معه وجوداً وعدماً كالعلاوات الاجتماعية والإضافية وبدل طبيعة العمل، كما يستحق كذلك صرف كافة المكافآت والمنح التي صرفت للعاملين بجامعة أسيوط بصورة جماعية ولم يكن يشترط لصرفها أداء العامل لجهد غير عادي أو تحقيق معدلات أداء قياسية وإنجاز أعمال بعينها، وإنما يرتبط صرفها بتواجد العامل بالعمل خلال فترة صرفها.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة قواعد صرف مكافآت الامتحانات وبدء العام الدراسي والحساب الختامي السنوي وكذا منحة العيدين (الفطر والأضحى) ومنحة المولد النبوي الشريف أن صرفها لم يكن مرتبطاً بأداء العامل لجهد غير عادي أو تحقيق معدلات أداء قياسية أو إنجاز عمل بعينه، وإنما ارتبط صرفها بالتواجد بالعمل خلال فترة الصرف، ومن ثم فإن اشتراط صرفها للعاملين المتواجدين فعلاً بالعمل لا يحول دون استحقاق الطاعن لها؛ إذ إن عدم توافر هذا الشرط في شأنه كان راجعاً لأسباب خارجة عن إرادته، ومن ثم فإنه يستحق صرف هذه المكافآت والمنح وغيرها من المكافآت التي صرفت للعاملين بالجامعة بصورة جماعية ولم يكن يشترط في صرفها سوى الوجود في العمل في أوقات صرفها.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية الطاعن في صرف المكافآت والمنح التي صرفت لأقرانه أثناء فترة اعتقاله على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.