جلسة 29 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/د. فاروق عبدالبر السيد.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبدالرحمن يوسف، وبخيت محمد إسماعيل، ومحمود محمد صبحى العطار، وبلال أحمد محمد نصار.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد محمود حسن خالد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 9975 لسنة 46 قضائية عليا
ـ التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية ـ شروطه ـ مفهوم المسابقة العامة.
المادة (38) مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
المادة 116 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
المادة 26 من قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية.
اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية قررت أصلاً عاماً مؤداه أن يعين مساعدو النيابة الإدارية (وكانت هذه الوظيفة أولى درجات التعيين) المستوفون للشروط المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية حسب ترتيب درجاتهم فى شهادة الليسانس بحيث يتم تعيين الحاصلين على ممتاز ثم جيد جدًا ثم جيد، واستثناء من هذا الأصل العام أجازت اللائحة تعيين الحاصلين على تقدير مقبول فى وظائف مساعدى النيابة الإدارية عن طريق مسابقة عامة يتحقق فيها التزاحم والتنافس بينهم بحسبانهم من ذوى المراكز المتماثلة ـ يتعين ـ بحسب الأصل أيضاً ـ أن يتوافر فى المرشح لهذه الوظيفة شروط الصلاحية والمتمثلة فى المقومات الشخصية والوسط الاجتماعى والاقتصادي والثقافي الملائم لإفراز إنسان يصلح أن يكون عضو هيئة قضائية ـ المسابقة العامة التى يعنيها نص المادة 26/2 سالف الذكر تعنى مسابقة جادة تفرز من يصلح ومن لا يصلح للالتحاق بالنيابة الإدارية من الحاصلين على تقدير مقبول فى الليسانس ويتساوى إزاءها جميع الذين يدخلونها ـ لا يتحقق ذلك إلا بمنح جميع المتسابقين فرصة متساوية فى إثبات حقيقة كفاءتهم العلمية ـ لا يتم ذلك إلا بإجراء امتحان تحريرى لهم فى المواد القانونية ـ وتكون الدرجات التى يحصل عليها كل منهم هى المعول عليها فى اجتيازهم الامتحان التحريرى ـ لا يكفى أن تجرى لهم مقابلة شخصية ـ أساس ذلك: أنها لا تكشف فى الغالب عن المستوى العلمى الحقيقى للمتسابقين ولا تحقق المساواة بينهم ـ الامتحان التحريرى سالف الذكر هو مقدمة لأن يجرى للناجحين فيه اختبار شخصى تكون نسبه درجاته إلى المجموع الكلى مبينة سلفاً وعناصره محددة مسبقاً ـ من مجموع درجات الامتحان التحريرى والاختبار الشخصى يُعاد ترتيبهم بحسب المجموع الكلى ويتم تعيين العدد المراد منهم بحسب أولوية الترتيب ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 7/8/2000 أودع الأستاذ/ سليمان خالد المحامى نائباً عن الأستاذ الدكتور/ أبو زيد رضوان المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/ مسعد محمد عزب حجاج، والذى كان يدعى/ عبدربه محمد عزب حجاج، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 9975 لسنة 46ق.عليا ضد السادة / 1ـ رئيس الجمهورية . 2ـ وزير العدل،
3ـ رئيس هيئة النيابة الإدارية، طالباً فى ختامه ـ وللأسباب الواردة فيه ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 230/2000 فيما تضمنه من تخطيه فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراَ مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 230/2000 فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية، وما يترتب على ذلك من آثار.
وتحدد لنظر الطعن جلسة 5/1/2002، وتدوول نظره بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت بجلسة 11/5/2002 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام طعنه الماثل ابتغاء الحكم له بطلباته سالفة البيان على سند من القول إنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1992 بتقدير عام جيد، بنسبة مئوية 70% بالإضافة إلى دبلومى القانون العام والشريعة الإسلامية من جامعة القاهرة عامى 1995، 1996، وفى غضون شهر يوليو عام 1998 أعلنت هيئة النيابة الإدارية عن مسابقة للتعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية من خريجى كليات الحقوق، والشريعة الإسلامية، دفعات من عام 1990 حتى عام 1995 وقد تقدم بطلب للتعيين فى تلك الوظيفة لتوافر كافة شروط التعيين بالنسبة له، واجتاز المقابلة الشخصية التى أجريت معه، إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه فى 16/5/2000 بتعيين بعض زملائه فى وظيفة معاون نيابة إدارية ممن هم دونه فى التقدير العام، بل والحاصلين على الليسانس بتقدير مقبول، فتظلم من هذا القرار، إلا أن تظلمه رفض دون إبداء أسباب، ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون، وحكم المادة 26 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 بشأن اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية، فضلاً عن إخلاله بمبدأ المساواة فى تولى الوظائف العامة.
وفى معرض الرد على الطعن أجابت هيئة النيابة الإدارية بأن الطاعن تقدم لمسابقة التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 1992، وحصل فى المقابلة الشخصية التى أجريت للمتقدمين على ثلاث درجات من المجموع الكلى وقدره عشر درجات، وإعمالاً لقرار المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية بأن يكون الحد الأدنى لاجتياز المقابلة الحصول على خمس درجات، فإنه لم يستوف شروط التعيين فى الوظيفة وبالتالى لم يشمله قرار التعيين، وأضافت الجهة الإدارية بأن حساب درجات المقابلة الشخصية روعى فيه مدى قدرة المتقدم على الإجابة على الأسئلة أمام اللجنة مع استظهار قوة شخصيته وسرعة بديهته، وحسن التصرف، ومظهره بما يتناسب مع متطلبات الوظيفة المتقدم إليها، وأودعت صورة ضوئية من محضر المقابلة الشخصية التى أجريت مع الطاعن بتاريخ 2/8/1998، وقد جحد الطاعن الصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية المقدمة من الجهة الإدارية، وما ورد بها من بيانات وطالبها بتقديم أصل هذا المحضر، كما قدم صورة ضوئية من محضر جلسة 13/11/2001، تحضير فى الطعن رقم 11956 لسنة 46 ق.عليا المقام من / ………………. عن ذات القرار رقم 230 لسنة 2000 المطعون فيه، والذى قرر فيه السيد المستشار/ ……………… عضو المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية سابقاً، وأحد أعضاء اللجان التى أجرت المقابلة الشخصية التى صدر على أساسها القرار المطعون فيه ـ وبعد حلف اليمين ـ بأن لجنة المقابلة كانت تقدر مستوى العضو بعبارة لائق، أو غير لائق، ولم تقم بوضع الدرجات المثبتة فى صورة محضر المقابلة المقدم فى ذلك الطعن.
ومن حيث إن المادة 38 مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 12/1989 تنص على أنه “يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب والإعارة، والإجازات والاستقالة، والمعاشات،شأن أعضاء النيابة العامة.
وتنص المادة 116 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أنه “يشترط فيمن يعين مساعداً بالنيابة العامة أن يكون مستكملاً الشروط المبينة فى المادة 38 على ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة.
ويشترط فيمن يعين معاوناً بالنيابة العامة أن يستكمل هذه الشروط على ألا يقل سنه عن تسع عشرة سنة ………….” وقد نصت المادة 38 من ذات القانون على أنه “يشترط فيمن يولى القضاء:
1ـ أن يكون متمتعاً بجنسية جمهورية مصر العربية، وكامل الأهلية المدنية.
2 ـ …………………………………………………….
3 ـ أن يكون حاصلاً على إجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات جمهورية مصر العربية.
4 ـ ألا يكون قد حكم عليه فى المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف، ولو كان قد رد إليه اعتباره.
5 ـ أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
وقد نصت المادة 26 من قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية على أن “يعين مساعدو النيابة الإدارية من بين الحاصلين على درجة ممتاز فى ليسانس الحقوق ثم من بين الحاصلين على درجة جيد
جداً، فمن بين الحاصلين على درجة جيد.
ويجوز تعيينهم ولو لم يكونوا حاصلين على إحدى الدرجات المذكورة عن طريق مسابقة تحدد شروطها بقرار من المدير العام.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المتقدمة أن اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية قررت أصلاً عامًا مؤداه أن يعين مساعدو النيابة الإدارية (وكانت هذه الوظيفة أولى درجات التعيين) المستوفون للشروط المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية،حسب ترتيب درجاتهم فى شهادة الليسانس بحيث يتم تعيين الحاصلين على ممتاز ثم الحاصلين على جيد جدا ثم الحاصلين على جيد، واستثناء من هذا الأصل العام أجازت اللائحة تعيين الحاصلين على تقدير مقبول فى وظائف مساعدى النيابة الإدارية عن طريق مسابقة عامة يتحقق فيها التزاحم والتنافس بينهم بحسبانهم من ذوى المراكز المتماثلة، تمكينًا لكل منهم من إثبات جدارته وتفوقه، ومن ثَمَّ استحقاقه أكثر من غيره من القرناء بالظفر ونيل الوظيفة.
فالأصل طبقاً للمادة 26/1 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية أن يكون تعيين مساعدى النيابة الإدارية من بين الحاصلين فى ليسانس الحقوق على تقدير ممتاز ثم جيد جدًا ثم جيد، فإذا توافر فى المتقدم لشغل هذه الوظيفة شرط الكفاءة العلمية المتمثل فى حصوله على إحدى التقديرات السابقة، تعين كذلك أن يتوافر فيه شرط الصلاحية ـ والمتمثل فى المقومات الشخصية اللازمة ـ والمتطلب فى عضو الهيئة القضائية وفى الوسط الإجتماعى والاقتصادى والثقافى الملائم لإفراز إنسان يصلح أن يكون عضو هيئة قضائية، بحيث إذا تخلف شرط الصلاحية فى المتقدم، تُخطى فى التعيين ليحل محله من يليه فى ترتيب الدرجات وهكذا حتى يتم تعيين العدد المطلوب تعيينه، وفى حالة عدم توافر العدد المطلوب تعيينه من الحاصلين فى الليسانس على التقديرات السابقة فيمكن الالتجاء فى هذه الحالة إلى تعيين الحاصلين على تقدير مقبول وفقًا للمادة 26/2 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية التى تشترط نجاحهم فى مسابقة عامة، ويتحدد بمقتضاها مستوى كفاءتهم العلمية ومدى صلاحيتهم لعضوية النيابة الإدارية .
والمسابقة العامة التى يعنيها نص المادة 26/2 سالف الذكر تعنى مسابقة جادة تفرز من يصلح ومن لا يصلح للالتحاق بالنيابة الإدارية من الحاصلين على تقدير مقبول فى الليسانس ويتساوى إزاءها جميع الذين يدخلونها، ولا يتحقق ذلك إلا بمنح جميع المتسابقين فرصة متساوية فى إثبات حقيقة كفاءتهم العلمية، ولا يتم ذلك إلاَّ بإجراء امتحان تحريرى لهم فى المواد القانونية التى لها صلة بطبيعة العمل فى النيابة الإدارية تكون فيه الأسئلة واحدة، وتكون الدرجات التى يحصل عليها كل منهم هى المعول عليها فى اجتيازهم الامتحان التحريرى، ولا يكفى أن تجرى لهم مقابلة شخصية لأن المقابلة الشخصية لا تكشف فى الغالب عن المستوى العلمى الحقيقى للمتسابقين ولا تحقق المساواة بينهم، فقد يُسأل أحدهم سؤالاً بسيطاً ويُسأل الآخر سؤالاً صعبًا، وقد يُعطى لأحدهم الوقت الكافى للإجابة على الأسئلة التى توجه إليه ولا يعطى الآخر نفس الوقت، وقد يكون الشكل أو الهيئة أو المستوى الاجتماعي أو الاقتصادى دون العلم هو العامل المؤثر فى الدرجة التى يحصل عليها المتسابق، لكن بالامتحان التحريرى تتم عملية مقارنة جادة بينهم ويرتبون حسب درجاتهم الحاصلين عليها على أساس معيار منضبط ومنصف وموضوعى وعادل يساوى بين الجميع ويكفل تكافؤ الفرص بينهم فى شغل الوظائف التى يتزاحمون عليها.
والامتحان التحريرى سالف الذكر يكون مُقدِمةً لأن يُجرى للناجحين فيه اختبار شخصى تقاس فيه مدى صلاحيتهم لعضوية النيابة الإدارية تكون نسبة درجاته إلى المجموع الكلى مبينة سلفاً، وتكون عناصره محددة مسبقاً على نحو يراعى متطلبات الوظيفة من حيث المقومات الشخصية اللازمة فيمن يشغل الوظيفة والوسط الاجتماعى والاقتصادى والثقافى الملائم وغيرها من العناصر التى يجب أن تتوافر فى عضو النيابة الإدارية، ويقدر لكل عنصر من هذه العناصر الدرجة المناسبة التى يوزن بها، ومن مجموع درجات الامتحان التحريرى والاختبار الشخصى التى يحصل عليها المتسابقون يعاد ترتيبهم بحسب المجموع الكلى الذى يحصل عليه كل متسابق، ويتم تعيين العدد المراد تعيينه منهم بحسب أولوية الترتيب.
ومدى ما تتمتع به الجهة الإدارية من حرية التقدير فى التصرف، فهذه الرقابة تضيق فى مجال السلطة التقديرية حين لا يلزم القانون الإدارة بنص يحد من سلطتها أو يقيد من حريتها فى وسيلة التصرف أو التقدير، وتتسع حين يضيق القانون من سلطتها التقديرية هذه بنصوص يوردها، فالسلطة التقديرية فى كل الأحوال ليست سلطة مطلقة تستعصى على الرقابة القضائية، إذ جميع تصرفات الإدارة ـ مقيدة وتقديرية ـ خاضعة للرقابة القضائية التى لا تختلف فى طبيعتها وإن تفاوتت فى مداها.
ومن حيث إن المستقر عليه أن التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية هو مما تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية، وذلك باختيار أفضل العناصر لتولى هذه الوظائف والنهوض بأمانة المسئولية فيها، إلا أن هذا الاختيار ـ مقيد بما نصت عليه المادة 26 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية.
ومن حيث إن الرقابة القضائية على تصرفات الإدارة ليست حقيقة على قدر واحد بالنسبة لجميع التصرفات الإدارية وإنما تختلف درجاتها بحسب المجال الذى تتصرف فيه.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن حصل على ليسانس الحقوق دور مايو سنة 1992 من جامعة الإسكندرية بتقدير عام جيد، بمجموع درجات 140 درجة من المجموع الكلى وقدره 200 درجة، وقد أعلنت هيئة النيابة الإدارية عن حاجتها لتعيين دفعة من معاونى النيابة الإدارية من خريجى كليات الحقوق من عام 1990 حتى عام 1995، وتقدم الطاعن لشغل هذه الوظيفة، غير أن قرار رئيس الجمهورية رقم 230 لسنة 2000 المطعون فيه صدر بتعيين بعض زملائه ممن هم أقل منه فى تقدير إجازة الليسانس دون أن يشمله هو بالتعيين، مما مفاده عدم اعتداد الجهة الإدارية عند المفاضلة بين المرشحين بالتقدير الحاصل عليه المتقدم فى شهادة الليسانس وذلك بالمخالفة لنص المادة 26/1 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية.
ومن حيث إنه فضلاً عما سبق ـ وبغض النظر عن عدم الالتزام بما نصت عليه الماده 26 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية عند التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية واتباع نظام المقابلة الشخصية للتعيين فى الوظيفة المذكورة مع كل المتقدمين لشغل هذه الوظيفة سواء منهم الحاصلون على تقدير ممتاز أو جيد جداً أو جيد أو مقبول فى الليسانس، فإن الجهة الإدارية فى معرض ردها على الطعن قررت أن الطاعن حصل فى المقابلة الشخصية التى أجريت معه على ثلاث درجات من المجموع الكلى وقدره عشر درجات، وإعمالاً لقرار المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية بأن يكون الحد الأدنى لاجتياز المقابلة الحصول على خمس درجات، فإنه لم يستوف شروط التعيين فى الوظيفة، وبالتالى لم يشمله قرار التعيين.
وأضافت الجهة الإدارية بأن حساب درجات المقابلة الشخصية روعى فيه مدى قدرة المتقدم على الإجابة على الأسئلة أمام اللجنة، مع استظهار قوة شخصيته، وسرعة بديهته وحسن التصرف، ومظهره بما يتناسب مع متطلبات الوظيفة المتقدم إليها، إلا أن الثابت أنه صدر قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 108 لسنة 1998 بتاريخ 30/6/1998، مقرراً فى مادته الأولى إجراء مقابلة للمتقدمين لمسابقة التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية من الحاصلين على إجازة الحقوق من خريجى دفعات من عام 1990 حتى عام 1995 وذلك للوقوف على مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل هذه الوظيفة القضائية فى كل منهم، وخلا هذا القرار من ضوابط لاختيار المتقدمين، ومن تحديد العناصر اللازمة لتحقق أهلية شغل الوظيفة القضائية، والمعايير الموضوعية للاختيار بما يكفل مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين غير تحكمية، ولا تخضع لهوى، كما يبين من الاطلاع على الصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية التى أجريت مع الطاعن بجلسة 2/8/1998 أن اللجنة قررت له ثلاث درجات، ولم توضح فى المحضر العناصر التى على أساسها استحق الطاعن ثلاث درجات من المجموع الكلى وقدره عشر درجات، وقد قرر السيد المستشار/ ………………… أحد الأعضاء المشاركين فى اللجان التى أجرت المقابلة الشخصية التى على أساسها صدر القرار المطعون فيه رقم 230 لسنة 2000، فى الطعن رقم 11956 لسنة 46 ق.عليا المقام عن ذات القرار المطعون فيه ـ فى الطعن الماثل ـ بجلسة 13/11/2001 تحضير ـ بعد ـ حلفه اليمين ـ أن لجنة المقابلة الشخصية كانت تقدر مستوى المتقدم بعبارة لائق أو غير لائق، ولم تقم بوضع الدرجات المثبتة فى محضر المقابلة، مما يثير ظلالاً كثيفة من الشك حول مدى صحة ما ورد من بيانات بالصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية المودع بملف الطعن، بمراعاة أن ما قدر للطاعن من درجات بذلك المحضر لا يتناسب عقلاً ومنطقاً مع قدراته التى كشف عنها حصوله على تقدير عام جيد فى شهادة الليسانس، إذا ما قورنت بقدرات بعض زملائه ممن حصلوا على إجازة الليسانس بتقدير عام مقبول ، ونجحوا فى المقابلة الشخصية وعينوا بالقرار المطعون فيه، ذلك أن مرحلة الليسانس وهى مرحلة تستغرق مدة طويلة يمكن من خلالها الكشف عن حقيقة المستوى العلمى والعقلى للمتقدم لشغل الوظيفة، وبحكم تعدد وتنوع المواد التى يؤدى فيها الامتحان والكفيلة بإظهار قدراته العلمية والعقلية الحقيقية وذلك على عكس الاختبار الشفوى الذى قد لا يستغرق سوى دقائق لا تكشف بأى حال من الأحوال عن المستوى العلمى والعقلى الحقيقى للمتقدم. وكل ما سبق يقيم قرينة على أنه لم تجر مفاضلة حقيقية وجادة بين الطاعن وزملائه، وتأكدت هذه القرينة بنكول الجهة الإدارية عن تقديم أصل محضر المقابلة الشخصية التى أجريت مع الطاعن رغم تكليفها بذلك تحت زعم استحالة تقديمه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم تنكر على الطاعن تمتعه بالصلاحية والشخصية والعائلية لشغل وظيفة معاون نيابة إدارية، ومن ثَمَّ فإنه فى ضوء ما تقدم كله كان يتعين عند التعيين ترتيب الطاعن وفقاً لدرجات نجاحه فى الليسانس متقدماً فى ذلك على المعينين ممن يلونه فى ترتيب الدرجات وكذلك على المعينين الحاصلين على تقدير مقبول، وإذ اتضح من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد تضمن تعيين من هم أقل من الطاعن فى تقدير الليسانس، والحاصلين على تقدير عام مقبول، فى حين حصل الطاعن على ليسانس الحقوق عام 1992 بتقدير عام جيد وعليه يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، مما يتعين القضاء بإلغائه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى الوظيفة المشار إليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 230 لسنة 2000 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية مع
ما يترتب على ذلك من آثار”.