جلسة 23 من سبتمبر سنة 2012
الطعن 10378 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة الثانية)
– شئون الأعضاء- التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية- يحق للأفراد تولي الوظيفة القضائية متى توفرت فيهم شروط شغلها، ولا يستبعد من توليها إلا من ثبت عدم أهليته وصلاحيته، سواء في كفايته العلمية أو سمعته وأسرته التي تؤكدها الأوراق من خلال أحكام نهائية تنال من حسن السمعة- لا يكفي التعويل على الاتهام المنسوب إلى والد المترشح مادام قد بُرئت ساحته منه بحكم نهائي، ولا يكفي التعويل على اتهام تم حفظه في حق خال المترشح، أو حكم غيابي صدر في حقه ولم تتم المعارضة فيه مما لا يكون معه هذا الحكم نهائيا.
– شئون الأعضاء- التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية- شرط حسن السمعة- السيرة الحميدة والسمعة الحسنة هي مجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس، وتجنبه قالة السوء، وما يصم الخلق، ومن ثم فهي تلتمس في أخلاق الشخص نفسه؛ إذ هي لصيقة بشخصه ومتعلقة بسيرته وسلوكه ومن مكونات شخصيته، فلا يؤاخذ على صلته بذويه إلا ما ينعكس منها على سلوكه.
– شئون الأعضاء- التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية- المستوى الاجتماعي- ضعف المستوى المادي والاجتماعي للأسرة لا يصلح سببا للاستبعاد من التعيين، وإلا كان ذلك مدعاة إلى قصر مثل هذه الوظائف على الأغنياء (ماديا)، دون غيرهم من طبقات المجتمع (أهل العفة والقناعة).
– المادة رقم (38) مكررا من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المضافة بموجب المادة الرابعة من القانون رقم 96 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية، والمستبدلة بموجب المادة الأولى من القانون رقم 12 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القانون 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية وتعديل جداول الوظائف والمرتبات والبدلات.
– المادتان رقما (38) و(116) من قانون السلطة القضائية، الصادر بالقرار بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
في يوم الثلاثاء الموافق 10/4/2007 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل، طالبا في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 2007 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين في وظيفة (معاون نيابة إدارية)، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحا للطعن أنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة المنصورة دور مايو 2004 بتقدير عام جيد، وقد تقدم للاختبار اللازم للترشيح في وظيفة (معاون نيابة إدارية)، إلا أنه فوجئ بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 2007، ولم يتضمن تعيينه في وظيفة (معاون نيابة إدارية)، فتظلم بتاريخ 17/3/2007 ولكن دون جدوى، فتقدم للجنة فض المنازعات.
ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه بتخطيه في التعيين بوظيفة (معاون نيابة إدارية) مخالفته للقانون، وصدوره مشوبا بعيب الانحراف، وإساءة استعمال السلطة؛ إذ إنه اشتمل على تعيين من هم دونه في تقدير التخرج والدرجة العلمية، وذلك على النحو الوارد تفصيلا بتقرير الطعن، والذي خلص إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق حيث أودع الحاضر عن الدولة إبان تحضير الطعن حافظة مستندات انطوت على مذكرة النيابة الإدارية بالرد على الطعن، وصورة من تقرير المباحث الجنائية عن الطاعن وأسرته. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن.
وقد تدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/1/2011 أودع محامي الدولة مذكرة دفاع طلب فيها رفض الطعن، وبجلسة 23/6/2012 أودع وكيل الطاعن حافظة مستندات طويت على شهادتين من جدول الجنح في الجنحتين المقيدتين ضد كل من والدة الطاعن، وكذا ابن خالته/… والمقضي فيهما بالبراءة عما أسند لكل منهما من اتهام، كما أودع مذكرة دفاع بطلب الحكم بطلباته في عريضة الطعن، وبالجلسة نفسها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم ومذكرات في أسبوعين، ولم يودع شيء، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن المادة رقم (38) مكررا من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المضافة بموجب المادة الرابعة من القانون رقم 96 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية، والمستبدلة بموجب المادة الأولى من القانون رقم 12 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القانون 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية وتعديل جداول الوظائف والمرتبات والبدلات تنص على أن: “يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين… شأن أعضاء النيابة العامة”.
وتنص المادة رقم (38) من قانون السلطة القضائية، الصادر بالقرار بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أنه: “يشترط فيمن يولى القضاء…:
1- أن يكون متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية وكامل الأهلية المدنية.
2- ألا يقل سنه عن…
3- أن يكون حاصلا على إجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات جمهورية مصر العربية…
4- ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره.
5- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة”.
وتنص المادة رقم (116) من هذا القانون على أنه: “… ويشترط فيمن يعين معاونا بالنيابة العامة أن يستكمل هذه الشروط، على ألا تقل سنه عن تسع عشرة سنة”.
وحيث إن الجهة المطعون ضدها قد استندت في تخطيها الطاعن للتعيين في وظيفة (معاون نيابة إدارية) بالقرار المطعون فيه إلى افتقاده شرط حسن السمعة الذي يجب توفره فيمن يعين في تلك الوظيفة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المشرع لم يحدد أسباب فقدان حسن السمعة والسيرة الحميدة على سبيل الحصر، وأطلق المجال في ذلك لجهة الإدارة تحت رقابة القضاء الإداري الذي استقرت أحكامه على أن السيرة الحميدة والسمعة الحسنة هي مجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس، وتجنبه قالة السوء وما يصم الخلق، ومن ثم فهي تلتمس في أخلاق الشخص نفسه؛ إذ هي لصيقة بشخصه ومتعلقة بسيرته وسلوكه ومن مكونات شخصيته، ولا يؤاخذ على صلته بذويه إلا ما ينعكس منها على سلوكه.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن النيابة الإدارية ارتكزت في سبب استبعاد الطاعن من التعيين في وظيفة (معاون نيابة إدارية) إلى ما ورد بالتحريات الجنائية من ضعف المستوى المادي والاجتماعي للأسرة، فضلا عما نسب إلى والدة المرشح في القضية رقم 1313 لسنة 2003 جنح المنصورة بعرض سلعة مجهولة المصدر، بالمخالفة للقرار رقم 113 لسنة 2002، وكذا ما نسب إلى ابن خالة المرشح/… في القضية رقم 47 لسنة 96 جنح السنبلاوين (سلاح أبيض بدون ترخيص)، واتهام خال المرشح/… في القضية رقم 4775 لسنة 97 إداري مركز السنبلاوين (توقيع بالإكراه)، والقضية رقم 23084 لسنة 2004 جنح السنبلاوين (ضرب).
وحيث إن ما استندت إليه النيابة الإدارية من أسباب لاستبعاد الطاعن انسياقا لما ذهبت إليه التحريات الأمنية لا يستقيم مع حق الأفراد في تولي الوظيفة القضائية متى توفرت فيهم شروط شغلها، ولا يستبعد من توليها إلا من ثبت بالأوراق عدم أهليته وصلاحيته سواء في كفاءته العلمية أو سمعته وأسرته التي تؤكدها الأوراق من خلال أحكام نهائية تنطق بالحق والمشروعية وتنال من حسن السمعة.
وحيث إنه لما كانت التحريات الأمنية قد ذهبت إلى ضعف المستوى المادي والاجتماعي لأسرة الطاعن، وسايرتها في ذلك جهة الإدارة كأحد أسباب استبعاد الطاعن، والذي لا يتفق ومنطق المشروعية وحق من قُدِر عليه رزقُه في تولي الوظيفة التي اجتهد في الحصول على مؤهلها العلمي، فلا يتصور قبول ذلك السبب، وإلا كان من يحصل على الكسب المادي ويزيد في مدخراته المالية بطريقة أو أخرى هو صاحب الحق في شغل الوظيفة القضائية، وكان ذلك مدعاة إلى قصر مثل هذه الوظائف على الأغنياء (ماديا) دون غيرهم من طبقات المجتمع (أهل العفة والقناعة).
وغني عن البيان أن هذا المسلك يحتوي في ذاته المستوى الاجتماعي، فالغني ماليا هو ذاته من يتمتع بالقوة اجتماعيا، والضعيف ماليا لا يتمتع بالقوة الاجتماعية، وهو ما يتعارض مع المشروعية في حق تولي الوظيفة.
كما ذهبت جهة الإدارة في أسبابها إلى ما ورد بالتحريات منسوبا إلى والدة المرشح من اتهام في قضية عرض سلعة مجهولة المصدر، ووقفت عند حد الاتهام، ولم تذكر أن المذكورة برئت ساحتها من ذلك رغم إشارة التحريات إلى البراءة، فضلا عن تقديم الطاعن دليلا يؤكد ذلك بحكم نهائي.
وذكرت الإدارة الاتهام المنسوب إلى ابن خالة المرشح، ولم تذكر براءته التي حصل عليها، وكذا ما نسب إلى خال المرشح في قضيتين تم حفظ إحديهما، والأخرى قضية ضرب حكم فيها غيابيا بالحبس شهرا مع الشغل، ولم تتم المعارضة فيه مما لا يكون معه الحكم نهائيا.
يضاف إلى ذلك أن والد المرشح يمتلك منزلا مكونا من خمسة طوابق، وكذا قطعة أرض مساحتها 185م بحي الجامعة أول المنصورة، كما تمتلك والدته سوبر ماركت ومكتبة أمام بوابة الجامعة، وكذا قطعة أرض فضاء مساحتها 600م بمركز المنصورة، كما تمتلك سيارة ملاكي.
وحيث إنه متى كان ذلك فقد بان جليا أن قرار استبعاد الطاعن من شغل الوظيفة محل القرار الطعين قد قام على سبب منهار مفتقد للمشروعية، ولا يعصمه من الإلغاء عاصم.
وحيث إن الطعن معفى من الرسوم.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين في وظيفة (معاون نيابة إدارية)، مع ما يترتب على ذلك من آثار.